المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلب الست حفيظه وعريس بعد التسعين لصلاح ابوشنب



صلاح م ع ابوشنب
15/10/2007, 06:52 AM
كلب الست حفيظة وعــريس
بعـــد التسعيــــــــن

تهامس النسوة فى العمارة والشباب فى أزقة الحارة حول نية جارهم الحاج الزواج مرة أخرى ، وهم بين مصدق ومكذب . جاء بعد أن تعدى التسعين من عمره يتأبط ذراع زوجته الجديدة ويصعد بها الى الطابق السادس من العمارة على قدميه ، فاق الشباب بطربوشة الاحمر اللامع ، سمينة جدا تلك الزوجة ذات العينين الواسعتين المكتحلتين ، بينما هو نحيف ، ابيض الوجه أزرق العينين طويل القامه . اشترطت عليه قبل العقد أن يعيش ابنها الوحيد معهما ، فقبل ، سريعا ما نشبت الخلافات بسبب الولد ، الذى كانت امه مهتمه به اكثر من اهتمامها بالزوج الجديد فأصبح لا يطيق وجوده . ذهب الابن ليعيش مع جدته لامه ، تلك العجوزا التى انحنى ظهرها ، كانت تحبه حبا جما . بكت الأم على فراق وحيد ها وضنت على زوجها الجديد بما يريد ، ويوما بعد يوم اصبحت حياتهما صياح يسمعه الجيران فى كل مساء وصباح ، حتى تمنى كل منهما الموت لشريك حياته ، كانت تعيره لأن عينيه زرقاوتين ، فتقول له : يانبته فرنسى ، ولكونها من سكان بحرى ، فكان يحلو له ان يعيرها بقوله يا ماء مالح ووجه كالح وكلام جارح ، فترد : يا من ليس لك ونيس ولا وريث غدا ترحل وينتهى الحديث ، فيقول : ما كان للعيد الكبير أن يأتى قبل الصغير ، ولا قبل الملك الأمير ! كم غسّلت وكفنـّت تلك الأيادى أُناسا ظنوا أن رحيلهم عن الدنيا عسير ! فترد عليه قائلة : عتبى على الزمان الذى الى البخيل الجأنى فأورثنى الضنا حزنا على حزنى . كان سكان العمارة يستمعون الى ذاك الشاعرالعجوز الذى لا يقرأ ولا يكتب وتلك المرأة الأمية كيف يصنعون الكلمات بتلك السهولة وفى وقت الغضب بالذات ؟ ، كان يحلو للجميع الانصات سرا من خلف النوافذ الى مشاجراتهم ، وخاصة النوافذ المطلة على المناور . كان يتميز بنشاط ملحوظ يحسده عليه الشباب ، يهبط درج العمارة المكونة من ستة طوابق كل يوم خمس مرات لكونه مسؤلا عن رفع الأذآن عند كل صلاة فى المسجد المجاور . كانت الست حفيظة تنتهز فرصة نزول الشيخ لصلاة العصر فتستأذنه فى الصعود الى سطوح العمارة لتشميس ساقيها اللتان لم تقويا على حمل ذاك الكم الهائل من اللحم ، وهناك تأخذ فى البكاء على فراق وحيدها ، والنسوة من حولها يبكون لبكائها ، وتقول العين تبكى من تلقاء نفسها لحال عزيز ذله الزمان . كانت حفيظه اجمل بنات زمانها وحيدة أمها وأبيها تزوجت من اغنى رجل فى الحى ، بعد قصة حب كانت حديث الناس . ظلت عشرين عاما دون أن تنجب ، تزوج عليها بأخرى قبيحة ، سوداء كالليل البهيم ، لكنها فصيحة اللسان تعرف كيف تجذب الرجال ، وقع فى غرامها أملا فى أن ينجب ولدا . وجدت الام ان ابنتها على وشك الضياع وان زوجها سوف يطلقها ، دارت على كل الناس وكل المشايخ وكل الاطباء ، انفقت كل مالها لعلاج ابنتها ، لكنها فشلت . تزوج الرجل بالاخرى ، وظل الى جانبها وترك حفيظة فى بيتها وحيدة . أمرأة من الارياف زارتهم فجأة ، علمت بقصة حفيظة ، فقالت لامها أن شاء الله سيكون فك عقدتها على يدى ! صنعت المرأة وليمة ودعت اليها حفيظة وأمها ، وضعت أمام حفيظة سلطانيه شوربة بها أرنب صغير مسلوق ، لم تذق حفيظه طمعا ألـّذ منه من قبل ، طلبت منها أن تعود الى بيتها فتتجمل لزوجها على أحسن ما تصنع الزوجه لزوجها ففعلت . لم يمر الشهر حتى كانت حاملا ووضعت وليدها الوحيد طفل جميل ما رأت مثله العين ! ما أن حملت حفيظة حتى ثاب الزوج الى رشده وطلق الثانيه . ولكن القدر لم يمهل الاب طويلا ومات والطفل لم يتجاوز عامه الاول ، استولى اشقاؤه على تركته عنوه ،باعوا محلاته ،أخذوا أمواله ، ظنوا ان اخاهم قد مات مسموما ، وتوزعت التهمه فيما بين الزوجتين . لم تجد حفيظة مكانا يأويها وابنها سوى بيت أمها العجوز . قبلت حفيظة تلك الزيجة مرغمة كى تجد من ينفق عليها وعلى وحيدها الذى خرجت به من الدنيا ، لكن الزوج الجديد نغص عليها حياتها وطرد وحيدها ، فلما ماتت جدته لامه لم يجد مكانا يأوى اليه سوى ثكنات الجيش ، فتطوع وكان من أوائل شهداء حرب رمضان. قبل أن تموت الجدة قالت لابنتها أن الذى كان فى سلطانيه الشوربة هو جرو صغير وليس أرنبا ، صعقت حفيظة وكاد يغمى عليها . حزنت حفيظة على فلذة كبدها وظلت تبكى حتى ماتت قهرا عليه وحملها العجوز الى مثواها الاخير وصدق حسّه عندما كان يقول لها أن العيد الكبير لا يأتى مطلقا قبل الصغير .

مصطفى ابووافيه
19/10/2007, 02:52 PM
الاخ / صلاح
هل هذه دعوه لكل امرأه عاقر لتناول شوربة جرو مسلوق ؟؟؟؟؟؟
لك تحياتى
مصطفى ابووافيه
الاسكندريه

صلاح م ع ابوشنب
19/10/2007, 07:47 PM
الاخ مصطفى

هى دعوة لتناول الشوربة ولكن مع ارنب مسلوق
ولكن ماذا نقول لافكار العجائز الباليه عندما تصطدم الحلول بجدار اليأس ؟

محمد فؤاد منصور
19/10/2007, 10:37 PM
الأخ العزيز صلاح أبو شنب
قصة لطيفة سريعة الإيقاع متقنة الصنعة فى لغة سلسة وسرد جميل وكأن كاتبها يستقى من مخزون لديه لاينفد، هناك خطأ ربما هو الوحيد سأتركه لك لتصحيحه لعلمى بمقدرتك على ذلك ..تقبل تحياتى.
دكتور/ محمد فؤاد منصور
الأسكندرية :fl:

صلاح م ع ابوشنب
22/10/2007, 02:22 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الاخ العزيز د. محمد فؤاد منصور

اسلوبك رائق ، كلامك سكر ، فاحت منه ريح العنبر ، اشكرك استاذى على اطرائى وكشف اخطائى

مع تحياتى وودى

زاهية بنت البحر
22/10/2007, 05:04 PM
أخي المكرم صلاح م ع أبو شنب
بصراحة أنا أحب قراءة مثل هذه القصص، لأنها تعرفنا على الناس وحقيقتهم البسيطة ..لك شكري وتقديري على إتحافنا أيضًا بالأمثلة التي تناوبا التلاسن بها..
أختك
بنت البحر

صلاح م ع ابوشنب
23/10/2007, 06:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاخت الكريمة زاهية بنت البحر
اسعدتنى قراءتك وحبك لهذا النوع من القصص اشكرك على مشاركتك ذات الظل
اخوك
صلاح م ع ابوشنب

الحاج بونيف
26/10/2007, 10:16 PM
أخي الفاضل/ صلاح م ع أبو شنب
تحية خالصة
قصة اجتماعية من الأدب الساخر، فيها توظيف للكثيرمن الموروث الثقافي بأسلوب سرد محكم، ولغة راقية..
لك مني أطيب التحيات..

الحاج بونيف
26/10/2007, 10:16 PM
أخي الفاضل/ صلاح م ع أبو شنب
تحية خالصة
قصة اجتماعية من الأدب الساخر، فيها توظيف للكثيرمن الموروث الثقافي بأسلوب سرد محكم، ولغة راقية..
لك مني أطيب التحيات..

صلاح م ع ابوشنب
20/11/2007, 03:57 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
اخى العزيز الاستاذ الحاج بونيف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دائما يسعدنى مرورك بصفحتى لان مرورك ينيرها كما يثريها تعليقك ، تقبل اجمل تحياتى وودى .
اخوك صلاح ابوشنب

ابراهيم عبد المعطى داود
20/11/2007, 09:04 PM
الأستاذ / صلاح بو شنب
فى لغتنا العامية كلام موزون وأمثلة شيقة أبدعت أيها الكاتب فى توظيف ماتتناقله الألسن .
وفى سرد محكم وقلم متمكن , فكان هذا النص الجميل الذى يعتمد على الحكى بدون
تصنًع أو تزويق .
سلمت يداك
ابراهيم عبد المعطى داود

محمود عادل بادنجكي
20/11/2007, 10:05 PM
الأستاذ صلاح
لقد سبحتَ في محيط مليء بقصص عجيبة وغريبة لكنها تكاد تكون وراء كل جدار. فأمسكتَ بسمكة
على الطاير من أسماك التونا اللذيذة صعبة الاصطياد, وضعتـَها في الشوربة إلى جانب الأرنب الجرو, فأتت صورة واقعية مزمنة (ختيارة) كهذا العجوز سمينة كحفيظة مليئة بواقع تعس, بجمال قلم مميز%

طه خضر
20/11/2007, 10:45 PM
قد بتنا نفتقد هذا التراث البسيط على علاته وخزعبلاته، وبالذات بعد تعقيدات الحياة وجمودها التي باتت قاتلة للروح قبل الجسد..

احترامي وتقديري ..

صلاح م ع ابوشنب
21/11/2007, 02:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستاذ طه خضر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعدنى مرورك بصفحتى وقراءتك لسطور قصتى ، شكرى الجزيل اقدمه لك مع خالص تحيتى ،،،

اخوك صلاح ابوشنب

صلاح م ع ابوشنب
21/11/2007, 02:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الاستاذ طه خضر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعدنى مرورك بصفحتى وقراءتك لسطور قصتى ، شكرى الجزيل اقدمه لك مع خالص تحيتى ،،،

اخوك صلاح ابوشنب

صلاح م ع ابوشنب
21/11/2007, 02:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اخى الاستاذ عادل محمود بادنجى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك على تصفحك وقراءتك المتأنيه ، حقا انها حكايات تقبع خلف جدار كل بيت ، وهى تشكل جزءا من تراثنا ، انرت الصفحة بزيارتك الطيبه
لك تحياتى وودى،،،
اخوك صلاح ابوشنب

صلاح م ع ابوشنب
21/11/2007, 02:24 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اخى الاستاذ عادل محمود بادنجى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اشكرك على تصفحك وقراءتك المتأنيه ، حقا انها حكايات تقبع خلف جدار كل بيت ، وهى تشكل جزءا من تراثنا ، انرت الصفحة بزيارتك الطيبه
لك تحياتى وودى،،،
اخوك صلاح ابوشنب