المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صراع سندبادين



الحاج بونيف
16/10/2007, 12:42 AM
الحمم تنزل من السماء، والحديد يفتت الطين ويذيبه، تتسربل المدينة وتكتحل بأعمدة دخان منبعث من أغوار آثار البركان المدمر.
الإعصار يبدد السحب القاتمة ويحيلها إلى نار احرقت أسوار المدينة، وأغرقت الاحياء بالطوفان الجارف الذي سحبهم الى اعماق البحر...
رجال البحر يصلون الى شطآن الواديين بحثا عن السندباد البري... الأوحال تعترضهم يغرق البعض في الوادي السحيق... رمال الشاطئ متحركة ... وقوة الاعصار تمنعهم فيحجمون عن البحث.
ابحر السندباد بعكس التيار..الأمواج المتلاطمة تتلاعب بالسفينة، تختفي النوارس عن الأعين، يشتد اضطراب الأمواج ويقاومها السندباد، يحطم عنفوانها بتحديه ولكنها تحطم سفينته وتذره ممسكا بإحدى الألواح متشبثا بالحياة.
في لجة البحر وحيدا يقاوم، يمنعه كبرياؤه من الاستنجاد، تهابه الأمواج فتنكسر على جنبات لوحه، يفر الموت منه بعد ان كان احاط به من كل الجهات.. إرادة الحياة تواجه الموت فتهزمها.
يستسلم البحر لراكبه وتسير اللوحة وفق اشارة موجهها...ينزل على الضفة الاخرى من خليج الخنازير... هنا إذن يبيض طائر العنـقاء... الجزيرة مترامية الأطراف، الهدوء يخيم على المكان... عشب أرضها أسود... مستنقعات هنا وهناك تملؤها تماسيح عملاقة فاتحة افواهها الى السماء.
ملاءات سود تنفصل عن أجساد بضة تنتشر على الشاطئ، البحر يغري بالاستحمام بمياهه الدافئة, والرمال الذهبية كأنها الحرير تستهويك مضاجعتها... وعلى مد البصر تمدد رجال البحر ينهشون ويغرزون أنيابهم في الاجزاء الناتئة من الأجساد البضة التي انتشرت على الشاطئ....
اهتدى السندباد البري الى وكر العنقاء، مر الى بيضته الوحيدة ذات الحجم الكبير وقفل راجعا بها الى شراعه، وراح بشراعه يمخر عباب البحر، ويمزق أمواجه التي ألفته... الظلمة تغطي المكان وتبعث فيه خوفا رهيبا، ظلمة البحر، وظلمة الليل وظلمة المجهول.
قوافل رجال البحر تتدفق على الجزيرة وتعبر الى الواديين، ورجال الجزيرة يفدون الى شلالات نياغارا في رحلة تمتد عبر الفصول الأربعة.
تتوقف عجلة الحياة في المدينة، ويصبح ماؤها غورا، وتضع الحوامل حملهن، وتغير مجرى الماء في النهرين، وفرت الحيتان الى اليابسة هربا من ظلم السندباد البحري، وتدافع الناس صوب البحر لاستقبال رجال البحر طمعا في نسمة هواء وشعاع شمس..... اشرأبّت الأعناق الى الآفاق ترقب صراع السندبادين، البري والبحري، غاب السندباد البري في البحر، واختفى السندباد البحري في البر، وبينهما كان الطوفان يقتلع الأشجار والهمم وياتي على الأخضر واليابس من الزرع والضرع.
أشرقت الشمس يلفها سواد غريب، وأخرجت الحدائق المعلقة زنابق سودا وجفت المحابر وكسرت الاقلام، وأصبح الناس على ابي جهل يجوب المدينة يسألهم عن النادي....
أشعل الناس الفوانيس ونفضوا غبار صحائفهم فبزغ القمر بأشعته من وراء التلال، واستمتعوا بتراتيل بنات النجار.
ورددت الجبال صدى التراتيل، فزلزلت الارض زلزالها, وخسفت بالسندبادين , وإذا شلالات نياغارا براكين ترمي حممها فتحرق مرتاديها، وإذا حمر الوحوش مستنفرة في الخلجان كلها.....ونزلت التماسيح عن مستنقعاتها....وفي وكر العنقاء وضعت حمامة بيضها.... وفي الأفق غرابيب ناعقة تغطي وتحجب بأجنحتها انسياب الأشعة..

مجدي السماك
18/10/2007, 12:21 PM
اخي الحاج بونيف ..تحياتي
انها ارادة الحياة لكن البقاء للاصلح .. الصراع من اجل الحياة غريزيا منذ الابد
القصة جيدة بلغة رزينة وقوية .
تحياتي لك مبدعا

فايزة شرف الدين
18/10/2007, 02:38 PM
الحاج بونيف ، قرأت لك عدة تعليقات ، ولاحظت اهتمامك بأعمال غيرك ، ثم قرأت لك قصتك هذه ، فكرك ثري بالموروث ، لمحات قرآنية توجت إبداعك ، خيال خصب أمتعني .
شكرا لك

خالد ابراهيم
18/10/2007, 03:39 PM
صديقى العزيز الحاج يونيف المبدع الجميل جدا
بلا شك واضح لنا كالشمس مدى القدرة التى منحك الله إياها فى موهبة جميلة أصقلتها بلا شك بحرفية المبدع
فكرة العمل بلا شك جلية جميلة وتناولك لها بطريقة المحترف (الشاطر قوى )جذاب بلا شك
التصوير متتابع بقوة ومتنوع فتأخذنا من صورة إلى أخرى
بلا شك مبدعنا الجميل لديك القدرة على السيطرة على قرائك بما لديك من موهبة وجاذبية وثقافة وموروث ألأرض الطيبة
شكرا لك من القلب وصادق مودتى
خالد ابراهيم

الحاج بونيف
19/10/2007, 09:49 AM
اخي الحاج بونيف ..تحياتي
انها ارادة الحياة لكن البقاء للاصلح .. الصراع من اجل الحياة غريزيا منذ الابد
القصة جيدة بلغة رزينة وقوية .
تحياتي لك مبدعا

أخي الفاضل / مجدي السماك
نعم البقاء للأصلح، ولكننا في زمن البقاء للأقوى.. فهاهي الحمم تنزل على رؤوسنا في العراق، ويحاصر أبناؤنا فيه ولا نقدم لهم شيئا.. هؤلاء المرتزقة الذين جاؤوا للعراق دنسوه، ولم يجدوا منا سوى الاستنكار والشجب، وأحيانا التأييد.. شكرا على القراءة الجميلة وعلى المرور الكريم.

الحاج بونيف
19/10/2007, 09:53 AM
الحاج بونيف ، قرأت لك عدة تعليقات ، ولاحظت اهتمامك بأعمال غيرك ، ثم قرأت لك قصتك هذه ، فكرك ثري بالموروث ، لمحات قرآنية توجت إبداعك ، خيال خصب أمتعني .
شكرا لك

أختي/ فائزة شرف الدين
بخصوص التعليقات على النصوص أراها واجبا علينا جميعا، يجب أن نشجع بعضنا بالقراءة والتعليق وإلا فما الفائدة؟؟
سررت بقراءتك وتعليقك اللطيف الجميل.. مودتي واحترامي.

الحاج بونيف
19/10/2007, 09:57 AM
صديقى العزيز الحاج يونيف المبدع الجميل جدا
بلا شك واضح لنا كالشمس مدى القدرة التى منحك الله إياها فى موهبة جميلة أصقلتها بلا شك بحرفية المبدع
فكرة العمل بلا شك جلية جميلة وتناولك لها بطريقة المحترف (الشاطر قوى )جذاب بلا شك
التصوير متتابع بقوة ومتنوع فتأخذنا من صورة إلى أخرى
بلا شك مبدعنا الجميل لديك القدرة على السيطرة على قرائك بما لديك من موهبة وجاذبية وثقافة وموروث ألأرض الطيبة
شكرا لك من القلب وصادق مودتى
خالد ابراهيم

أخي الرائع الجميل/ خالد إبراهيم
شكرا على الكلمات الرقيقة اللطيفة التي غمرتني بها.. وإنها لكلمات تبقى في ذاكرتي من أخ وصديق كريم.. لن أنسى لك هذا الود وأدام الله صداقتنا.. أيها الرجل الفاضل.. وشكرا على القراءة والمرور الكريم. أخلص التحيات.

عبد الحميد الغرباوي
19/10/2007, 12:33 PM
ما إن شرعت في قراءة هذا النص الإبداعي الجميل،حتى تملكني إحساس أني أعيد مشاهدة لقطات من الشريط السينمائي العالمي الرائع:Apocalypse now.
و من شاهد يومها الفيلم بمرجعية المثقف المتابع و الواعي، يعرف أن أحداثه تقع في سنة 1969م غداة المواجهة العنيفة بين الجيش الأمريكي و الجيش الفيتنامي الباسل سنة 1968، و في الفترة التي بات مؤكدا للبيت الأبيض أن الحرب ضد شعب يدافع عن حقه في السيادة و الحرية هي حرب خاسرة بعد أن عم الإحباط و الفساد سائر جنوده...
أخي الحاج،
نص كتب بإتقان، و اللغة أدت دورها التواصلي بحرفية تنم عن تجربة يعتز المنتدى أن يكون محتضنا لها.
مودتي

الحاج بونيف
19/10/2007, 07:51 PM
ما إن شرعت في قراءة هذا النص الإبداعي الجميل،حتى تملكني إحساس أني أعيد مشاهدة لقطات من الشريط السينمائي العالمي الرائع:Apocalypse now.
و من شاهد يومها الفيلم بمرجعية المثقف المتابع و الواعي، يعرف أن أحداثه تقع في سنة 1969م غداة المواجهة العنيفة بين الجيش الأمريكي و الجيش الفيتنامي الباسل سنة 1968، و في الفترة التي بات مؤكدا للبيت الأبيض أن الحرب ضد شعب يدافع عن حقه في السيادة و الحرية هي حرب خاسرة بعد أن عم الإحباط و الفساد سائر جنودها...
أخي الحاج،
نص كتب بإتقان، و اللغة أدت دورها التواصلي بحرفية تنم عن تجربة يعتز المنتدى أن يكون محتضنا لها.
مودتي

أخي عبد الحميد الغرباوي
لا أخفيك أن هذه القصة كتبت على الحرب الدائرة في العراق في أيامها الأولى..وقد كتبتها متأثرا بالذي يحدث وفيها الكثير من الرمزية آثرت أن أستعملها دفعا للحرج.. ولا فرق بين الذي حدث في حرب الفيتنام وهذه الحرب اللعينة القذرة التي يذبح فيها شعب أعزل إلا من إيمانه وحبه لوطنه.. قراءتك وكلماتك الرصينة أسعدتني .. تقبل أصدق تحياتي.

حنين حمودة
20/10/2007, 10:19 PM
قراتها اكثر من مرة. شيء فيها شدني..
حين علقت.. اعدت القراءة... ورأيتها بغداد.
"ملاءات سود تنفصل عن أجساد بضة تنتشر على الشاطئ، البحر يغري بالاستحمام بمياهه الدافئة, والرمال الذهبية كأنها الحرير تستهويك مضاجعتها... وعلى مد البصر تمدد رجال البحر ينهشون ويغرزون أنيابهم في الاجزاء الناتئة من الأجساد البضة التي انتشرت على الشاطئ.."
ورجال البحر المارينز..
ننتظر الحمامة رغم الغرابيب السود..
ننتظر ان تضع بيضها في عشنا
ولعن الله العنقاء
واغنانا عن عشها المسروق.
تقديري

الحاج بونيف
20/10/2007, 11:54 PM
الأخت الفاضلة/ حنين حموده
وضعت إصبعك على لب الموضوع.. أعترف لك قارئة ماهرة، تتابعين تمفصلات النص بقدرة فائقة.. تحيتي وتقديري..وشكرا شكرا على القراءة الواعية.. سعدت وابتهجت بمرورك الموفق السعيد..تحيتي الخالصة

الحاج بونيف
20/10/2007, 11:54 PM
الأخت الفاضلة/ حنين حموده
وضعت إصبعك على لب الموضوع.. أعترف لك قارئة ماهرة، تتابعين تمفصلات النص بقدرة فائقة.. تحيتي وتقديري..وشكرا شكرا على القراءة الواعية.. سعدت وابتهجت بمرورك الموفق السعيد..تحيتي الخالصة

صلاح م ع ابوشنب
27/10/2007, 02:49 AM
امر على بستانك مرورا حين اشتاق الى استنشاق النسيم
اغادره وانا افكر فى الرجوع اليه
ولى عودة باذن الله

صلاح م ع ابوشنب
27/10/2007, 02:49 AM
امر على بستانك مرورا حين اشتاق الى استنشاق النسيم
اغادره وانا افكر فى الرجوع اليه
ولى عودة باذن الله

الحاج بونيف
27/10/2007, 05:39 PM
أخي صلاح أبو شنب
تحيتي الخالصة وسعدت بتعليقك الجميل.. كل الشكر والتقدير.

الحاج بونيف
27/10/2007, 05:39 PM
أخي صلاح أبو شنب
تحيتي الخالصة وسعدت بتعليقك الجميل.. كل الشكر والتقدير.

بديعة بنمراح
29/10/2007, 08:15 PM
المبدع القدير الحاج بونيف
قرأت القصة اكثر من مرة ، و تمعنت في معانيها العميقة ، و قدرتك الفائقة في نقل مأساة العراق الشقيق ، و معاناة شعبه تحت نير الاضطهاد .
" وإذا شلالات نياغارا براكين ترمي حممها فتحرق مرتاديها، وإذا حمر الوحوش مستنفرة في الخلجان كلها.....ونزلت التماسيح عن مستنقعاتها....وفي وكر العنقاء وضعت حمامة بيضها.... وفي الأفق غرابيب ناعقة تغطي وتحجب بأجنحتها انسياب الأشعة.."
صدقا أخي المبدع ، غربان العراق لم تجد من يردها ، و أطفال العراق ينامون و يفيقون على النار و الدمار ، و لا من منقذ.
أحييك أيها المبدع المتألق و أشد على يدك بحرارة على هذا الفكر الذي تحمله .
مع كل الود و التقدير العميق

الحاج بونيف
31/10/2007, 08:39 AM
المبدع القدير الحاج بونيف
قرأت القصة اكثر من مرة ، و تمعنت في معانيها العميقة ، و قدرتك الفائقة في نقل مأساة العراق الشقيق ، و معاناة شعبه تحت نير الاضطهاد .
" وإذا شلالات نياغارا براكين ترمي حممها فتحرق مرتاديها، وإذا حمر الوحوش مستنفرة في الخلجان كلها.....ونزلت التماسيح عن مستنقعاتها....وفي وكر العنقاء وضعت حمامة بيضها.... وفي الأفق غرابيب ناعقة تغطي وتحجب بأجنحتها انسياب الأشعة.."
صدقا أخي المبدع ، غربان العراق لم تجد من يردها ، و أطفال العراق ينامون و يفيقون على النار و الدمار ، و لا من منقذ.
أحييك أيها المبدع المتألق و أشد على يدك بحرارة على هذا الفكر الذي تحمله .
مع كل الود و التقدير العميق

أختي الفاضلة/ بديعة بنمراح
سرتني قراءتك المتمعنة التي استطعت من خلالها الغوص في أعماق النص.. بحق أشكرك على ملامسة أهم أفكاره.. تقبلي أصدق تحياتي أيتها الأخت الجميلة.