المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأنظمة السياسية من خلال المشهد العالمي بلطجة منظمة



مروة كريدية
16/10/2007, 10:44 AM
الثلاثاء,تشرين الأول 16, 2007

المشهد العالمي من خلال الأنظمة - بقلم : مروة كريدية - أخبار العرب





المشهد العالمي من خلال الأنظمة السياسية السائدة



مروة كريدية / كاتبة لبنانية



لطالما حاولت أن أتجرد عن انتماءاتي عند النظر الى المشهد الثقافي والسياسي والاقتصادي في العالم ، ولست من هواة جلد الذات " المجتمعية "، ولا مؤسساتها وإداراتها، ولا ممن يَتحرَّى الأخطاء بهدف عرضِها لمجرد الانتقاد....


ولكن إذا حاولنا استعراض بانوراما الثقافة السياسية ،على امتداد العقود الأربعة المنصرمة نجد أن فكر "التخوين " يطغى على الخطاب السياسي ، حيث يمنح الإنسان "القرن الواحد والعشرين " نفسه حق محاكمة "الآخر" ونفيه وتشريده ، وهذا ينسحب على كافة الشرائح المجتمعية دون استثناء.....

فغالبًا يجد من هم في موقع " السلطة "مهما كانت، المسوغات لمحاكمة من هو في الموقع "الآخر", بحيث يوضع هذا "الآخر "في قاعة تدريس أو محكمة أو زنزانة سجن، بهدف التأديب والمحاكمة والتربية .....


والسبب الرئيسي الذي يكمن وراء هذه الخطابات "التخوينية " والسجالات "الاتهامية"، هو إحلال الأشخاص محلَّ العلاقات، وإبدال المسؤوليات محلَّ الأسباب، والأغراض محلَّ الشروط والإمكانيات المتاحة للفاعلين. ومن هنا انتشار "نظرية المؤامرة" في الثقافة السياسية الحديثة .


"فنظرية المؤامرة" هي إضفاء نزعة شخصانية بحيث يكون هناك "أشخاص معنويين " في المُخيِّلة يُتَصوَّر من خلالهم أنَّهم أعداء ، يُهددون "الأنا المجتمعي ", وبالتالي تعمل هذه الأنوية على الاستنفار والمواجهة.


فالعالم العربي يحفل بالمصطلحات والرموز التي تُصوّره على انه مُستهدف ، لذلك نجد انتشار مصطلحات ذات دلالات : "الهوية القومية"، "الغرب " ، وعودة "الحروب الصليبية "....


وبالطرف المقابل نجد أن الإدارة الغربية بمجملها طرحت العديد من المصطلحات منها "الإرهاب " و"محور الشر " و"الديموقراطية " و"السيادة " ....




هذه المصطلحات في الغالب يتمّ إضفاء الطابع "الشخصي" و"النفسي" عليها، والخطورة الحقيقية تكمن في إضفاء الطابع "الإيديولوجي " والعقائدي عليها بحيث تُصبح "دوغمائية مؤدلجة ", ذلك أن الخاصية الرئيسية لثقافة المحاكمة هي "التصنيم" من جهة وتأليه "الإيديولوجية " من جهة أخرى.




فالإدارة الاميريكية جعلت من "الإرهاب " صَنَمًا يَجِب أن يُرجم وأَلَّهَتْ ما سَمَّته "مكافحة الإرهاب" و"الديموقراطية على طريقتها طبعًا .....وأعطت لنفسها الحق في محاكمة من تُسول له نفسه أن يقف في وجه "مشروعها الخيري الكبير" .....


فهي تنظر الى بعض "الدول " على أنها "مُصَدّرة للإرهاب ", وأنها "محورًا "للشرور " وتنظر الى أن هناك "مؤامرة" يحيكها "إرهابيون " ضدَّ "الإنسانية " بزعمها، وتُقدم نفسها أنّها هي الوحيدة والفريدة "الواهبة للحرية " المانحة "للسلام".....

وأنها هي المثال الذي على بقية شعوب الكون أن تحتذيه إن لم يكن باللين فلا بأس من خوض الحروب تحت "شعارات فاضلة " ضد عدو "مُتَخَيَّل " من أجل هذا "المشروع الخيري الضخم "....


وأمام هذا المشهد ، يبدو العالم مكوَّنًا من ذوات "متنافرة " مُغرِضَة، لا من علاقات وتقاطعات عارضة, وتُنَصْبِ حواجز وسياج عالي بين الذوات في العالم.



فنظرية المؤامرة هي المفهوم الشخصاني للعالم: فالغرب شخص يقابله الشرق شخص، أمريكا شخص، اليهود شخص، الأصولية شخص والإسلام شخص .....

من هنا كذلك انتشار نمط عقلية "الضد ", والتفكير "ضد" فلان ، بدلاً من التفكير في أنَّ الموضوع كذا والفعل "ضد" بدلاً من الفعل المُتروَّى فيه؛ أي في بساطة، شيوع سلوك ردِّ الفعل.



هذا كله على صعيد العلاقات الخارجية، أما على الصعيد الداخلي، فبعض السلطات في الأنظمة الشمولية ، تنظر الى مواطنيها المعارضون لها على أنَّهم فئة خارجة عن القانون والنظام يجب تأديبهم، وهي استمدت سلطتها من انتخابات" شكلية" بنتائج "خيالية"، تحت أنظمة طوارئ الدائمة ، هذه النُّظُم السياسية تُعاقب شعوبَها وتقمعها كثيرًا وتهينها ،و تعمل على ان تَحُول بين الشعوب وبين النضج والوعي وتُبقيها في طور الطفولة الحضارية .

كما أن الفرد في هذا الشارع المقموع ، ينظر الى رؤسائه على أنهم "خَوَنَة " لقضياه " وهمومه ومشاكله ، وأنهم عملاء لِشَخص معنوي "هو "الغرب " وان هم من يُشَّرعُون "المشروع " الاميركي ويسوقونه "

ويصبح الخطاب السياسي" سلطوي " داخليّا على الشعوب "ضعيف "خارجيًّا و ممتثل لأوامر "سياسات "الإدارات الكبرى ".


هذا هو المشهد في تكنولوجيا السلطة الرعوية حيث يطغى "مفهوم الراعي والقطيع"، واعتماد الدولة الرعوية على علاقة فردية أخلاقية لا علاقة قانونية ، ويتحول الخطاب الإيديولوجي، الى راية حرب ، وتكون العلاقة بين المُخَاطِب والمُخَاطَََب علاقة أمر ونهي والجواب الوحيد المقبول هو الامتثال والقبول و انتشار " العنف" الذي يترعرع في أحضان التسلط و"البلطجة ".....



وتصبح المعادلة للأنظمة الُمتعددة على الشكل التالي :

أنظمة تمارس "التسامح " مع رعاياها ومواطنيها فقط وتمارس " البلطجة " خارجيًّا بحق " الدول الأخرى فتفرض ما تفرض بالعصا....

أنظمة تمارس "القمع " و"البلطجة " بحق مواطنيها "الاكارم " بالمقابل فهي تطيع و تمتثل لإرادة "السياسات الخارجية " التي تفرضها القوى " الأقوى "في العالم....

أنظمة تمارس البلطجة داخليا على شعوبها وخارجيًّا على الدول المجاورة الضعيفة ....

أنظمة إنسانية حقيقية متسامحة داخليًّا وخارجيا, تنظر للإنسان على انَّه فَرد محترم له "حقوق ", تحترم اختياره ورأيه وترتكز تربية الفرد فيها على حريّة الاختيار وعملية صنع القرار, كما تنطلق في علاقتها الدولية من رؤية عالمية كونية فترحب بالحضارات والإبداع والجمال أينما كان ..

مروة كريدية



Marwa_kreidieh@yahoo.fr

أحمد المدهون
14/02/2013, 10:35 PM
مقالة أعجبتني، برغم مضي أكثر من أربع سنوات، إلا أننا -للأسف- ما زلنا نشهد أنظمة مستبدّة تمارس البلطجة على شعوبها، والإقصاء لمعارضيها. وما زالت لغة "التخوين" سائدة في المشهد السياسي، تمارسه الأنظمة ضد معارضيها، والمعارضة ضد أنظمتها، حتى ما يطلق عليه "النخبة" تمارس عملية التخوين بالجملة ضد شعوب لفظتها عند اللجوء إلى صناديق الإقتراع.

لا يمكن لمجتمعاتنا العربية أن تستقرّ، وأن تنهض، وتنمو وتتقدّم، ما لم يحدث تغيير ثقافي، رسمي ونخبوي وشعبي، يرتكز على احترام الحوار، والتعددية، وحق الإنسان في الحرية والكرامة، والعيش الكريم. وأن تتأسس العلاقات على أساس ذلك، ليحصل التدافع بشكل حضاري، وتداول السلطة بشكل سلمي ... دون إراقة نقطة دم واحدة، ولا تكفير، ولا تخوين.

أشكر الأستاذة مروة كريدية صاحبة المقال الواعي،
راجياً أن تكون بخير.

تحياتي.

نايف ذوابه
15/02/2013, 01:27 AM
فالإدارة الاميريكية جعلت من "الإرهاب " صَنَمًا يَجِب أن يُرجم وأَلَّهَتْ ما سَمَّته "مكافحة الإرهاب" و"الديموقراطية على طريقتها طبعًا .....وأعطت لنفسها الحق في محاكمة من تُسول له نفسه أن يقف في وجه "مشروعها الخيري الكبير" .....


فهي تنظر الى بعض "الدول " على أنها "مُصَدّرة للإرهاب ", وأنها "محورًا "للشرور " وتنظر الى أن هناك "مؤامرة" يحيكها "إرهابيون " ضدَّ "الإنسانية " بزعمها، وتُقدم نفسها أنّها هي الوحيدة والفريدة "الواهبة للحرية " المانحة "للسلام".....

وأنها هي المثال الذي على بقية شعوب الكون أن تحتذيه إن لم يكن باللين فلا بأس من خوض الحروب تحت "شعارات فاضلة " ضد عدو "مُتَخَيَّل " من أجل هذا "المشروع الخيري الضخم "....


وأمام هذا المشهد ، يبدو العالم مكوَّنًا من ذوات "متنافرة " مُغرِضَة، لا من علاقات وتقاطعات عارضة, وتُنَصْبِ حواجز وسياج عالي بين الذوات في العالم.



فنظرية المؤامرة هي المفهوم الشخصاني للعالم: فالغرب شخص يقابله الشرق شخص، أمريكا شخص، اليهود شخص، الأصولية شخص والإسلام شخص .....

من هنا كذلك انتشار نمط عقلية "الضد ", والتفكير "ضد" فلان ، بدلاً من التفكير في أنَّ الموضوع كذا والفعل "ضد" بدلاً من الفعل المُتروَّى فيه؛ أي في بساطة، شيوع سلوك ردِّ الفعل.



هذا كله على صعيد العلاقات الخارجية، أما على الصعيد الداخلي، فبعض السلطات في الأنظمة الشمولية ، تنظر الى مواطنيها المعارضون لها على أنَّهم فئة خارجة عن القانون والنظام يجب تأديبهم، وهي استمدت سلطتها من انتخابات" شكلية" بنتائج "خيالية"، تحت أنظمة طوارئ الدائمة ، هذه النُّظُم السياسية تُعاقب شعوبَها وتقمعها كثيرًا وتهينها ،و تعمل على ان تَحُول بين الشعوب وبين النضج والوعي وتُبقيها في طور الطفولة الحضارية .

كما أن الفرد في هذا الشارع المقموع ، ينظر الى رؤسائه على أنهم "خَوَنَة " لقضياه " وهمومه ومشاكله ، وأنهم عملاء لِشَخص معنوي "هو "الغرب " وان هم من يُشَّرعُون "المشروع " الاميركي ويسوقونه "

ويصبح الخطاب السياسي" سلطوي " داخليّا على الشعوب "ضعيف "خارجيًّا و ممتثل لأوامر "سياسات "الإدارات الكبرى ".


هذا هو المشهد في تكنولوجيا السلطة الرعوية حيث يطغى "مفهوم الراعي والقطيع"، واعتماد الدولة الرعوية على علاقة فردية أخلاقية لا علاقة قانونية ، ويتحول الخطاب الإيديولوجي، الى راية حرب ، وتكون العلاقة بين المُخَاطِب والمُخَاطَََب علاقة أمر ونهي والجواب الوحيد المقبول هو الامتثال والقبول و انتشار " العنف" الذي يترعرع في أحضان التسلط و"البلطجة ".....



وتصبح المعادلة للأنظمة الُمتعددة على الشكل التالي :

أنظمة تمارس "التسامح " مع رعاياها ومواطنيها فقط وتمارس " البلطجة " خارجيًّا بحق " الدول الأخرى فتفرض ما تفرض بالعصا....

أنظمة تمارس "القمع " و"البلطجة " بحق مواطنيها "الاكارم " بالمقابل فهي تطيع و تمتثل لإرادة "السياسات الخارجية " التي تفرضها القوى " الأقوى "في العالم....

أنظمة تمارس البلطجة داخليا على شعوبها وخارجيًّا على الدول المجاورة الضعيفة ....

أنظمة إنسانية حقيقية متسامحة داخليًّا وخارجيا, تنظر للإنسان على انَّه فَرد محترم له "حقوق ", تحترم اختياره ورأيه وترتكز تربية الفرد فيها على حريّة الاختيار وعملية صنع القرار, كما تنطلق في علاقتها الدولية من رؤية عالمية كونية فترحب بالحضارات والإبداع والجمال أينما كان ..

مروة كريدية


كما تفضل الأستاذ أحمد المدهون .. مقال قيم وهام وسرني أن كاتبته أستاذة .. فالخوض في السياسة ودهاليزها ومكائدها ليس حكرا على الرجال .. وإن كان يغلب على الاهتمام بالشؤون السياسية الرجال وهذا من الفطرة لأن طبيعة المرأة العاطفية والوجدانية تميل إلى الموضوعات التي تستجيب لفطرتها بشكل عام ..

نظرية المؤامرة حقيقة موجودة .. ويؤكد ذلك أن الغرب حين فرغ من هزيمة الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفييتي صرح بملء الفم أنه يبحث عن عدو ووجد ضالته في الإسلام ليتخذه عدوا ويشب عليه حروبا استباقية من خلال الحرب على الإرهاب .. وما سماه الصدمة والترويع لتركيع الشعوب .. وما كتبه كسينجر حديثا من أن الغرب استطاع السيطرة على الحكومات من خلال السيطرة على الثروات في العالم وحان وقت السيطرة على الشعوب بالسيطرة على الغذاء وهكذا تتم السيطرة للغرب على العالم .. هكذا يتآمرون ولا يخجلون ..

علينا أن نخطط ونبادر ونصل الليل بالنهار سهرا على مصالح أمتنا ونهضتها .. وهكذا نعي على مؤامرات الكافر المستعمر في وقت مبكر ونرد كيده إلى نحره بدل أن نتجرع كاسات الأسى والحزن حين تدهمنا أعاصير المستعمر من خلال حروبه .. علينا أن نستقبل الريح لا أن نستدبرها .. ونتصرف بحكمة تليق بنا كأمة قائدة شاهدة على الناس .. لا أمة شهيدة يبكى عليها .. أمة تصنع الحدث لا تكون ملعبًا لصناعة الأحداث وعلينا أن ننتقل إلى ملعب الخصم لنشغله بنفسه لا أن تبقى تصرفاتنا محْض ردود فعل ..

أما حكامنا الذين ينفذون خطط المستعمر ويشاركون في حروبه على أمتهم فهم بالقطع خونة ولا ينبغي أن نهون من جسامة الخطب؛ فنصف الخيانة بأنها وجهة نظر ورأي آخر .. فهؤلاء الحكام جاء بهم المستعمر وسلطهم على رقابنا .. وهو الذي صنعهم .. الغرب صانع الطغاة ..

مرور سريع أرجو أن يفي ببعض الغرض .. شكرا يا أستاذة مروة .. مع فائق الاحترام والتقدير