المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطريقة القندرجية في المقام العراقي / الحلقة 11 Qunderchi style in iraqi maqam



حسين اسماعيل الاعظمي
20/10/2007, 01:10 AM
... سلسة كتاباتي ...
كتاباتي المطبوعة
كتاب الطريقة القندرجية في المقام العراقي واتباعها
دراسة تحليلية فنية نقدية لاحدى طرق الغناء المقامي البارزة في القرن العشرين
تاليف حسين اسماعيل الاعظمي / بغداد 2002
الصادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر / بيروت شباط February 2007
الحلقة (11)
الباب الثاني
الباب الثاني/ الفصل الثاني
- حسقيل قصاب
- رشيد الفضلي
- احمد موسى

احــمد مــــــوسى

- فكرة عن فنه المقامي
- مقام الابراهيمي
- مقام الحسيني
- مقام العريبون عرب


احمـــد موســـى
( 1905- 25/ 8/ 1968 )
فكرة عن فنه المقامي
ما زلنا نجد اسم المطرب القدير احمد موسى يتردد بين الاوساط المقامية بالرغم من هبوط شهرته بعد وفاته عام 1968 فقد بدا احمد موسى سيرته الفنية في نفس الحقبة التي عاصرت ظهور الكثير من المغنين المقاميين الذين كانوا يقيمون الحفلات من دار الاذاعة العراقية على الهواء مباشرة ، والتي لم يوثق معظمها ، وذلك منذ ان تأسست الاذاعة في بغداد مطلع الثلاثينات واستمرت هذه الحفلات دون تسجيل يذكر حتى منتصف الخمسينات .. ولكن في السنوات التي تلت ذلك والى حين وفاته كما يبدو لنا ، قد سجل العديد من المقامات العراقية في استوديوهات الاذاعة .. اما اهم هذه المقامات التي تم الاستماع اليها من قبل الجمهور مسجلة بصوته المعبر من الاذاعة فهي مقامي العريبون ( عريبون عجم وعريبون عرب) مجتمعين في مقام واحد .. ومقام الابراهيمي ومقام الحسيني ، وفي هذه المقامات يتميز اداؤه الغنائي بالتعابير البغدادية الاصيلة ، وتمسكه الدقيق بمباديء الطريقة الرشيدية الذي تلذَّذَ بتعابيرها كما يبدو عند سماعنا لهذه المقامات مستغلا هذه القيم ليعبر بحزن مهذب جميل تميز بالصدق معلنا عن كونه فنانا ذا خبرة وتجربة اضفت على اسلوبه هذه التعابير ...

مقام الابراهيمي
يتجسد الكثير من هذا الكلام في ادائه لمقام الابراهيمي المؤدى بهذا الزهيري المتداول غناء ه لدى بعض المغنين الاخرين وبعضهم بنفس هذا المقام ..

فجر النوى لاح ياعاذل تجــــلى أو طار
جنهم جفوني ولا منهم كضـــيت أو طار
جسمي خوه والعــــكل مني تنحة وطار
من شفت حادي الرجــــايب لاح لولاهن
بضمايري جاورن لحــــــشاي لولاهن
المزعجات الليالي الشـــــــوم لولاهن
ما جان عاف الكطة طيب المنام وطـــار


صورة/مطرب المقام العراقي احمد موسى
قدم احمد موسى للغناء المقامي والثقافة المقامية عامة ، تراثا فنيا وافرا غنيا ، وجاءت مقاماته المسجلة بصوته المؤثر ، علامة واضحة على طريق تطور الطريقة الرشيدية الكلاسيكية ، فقد تأكد ذلك في كل نتاجاته الغنائية الاتجاه الكلاسيكي الذي ميَّز نتاجات المغنين المعاصرين الملتزمين باسسس الطرق القديمة وبالذات من اتباع الطربقة الرشيدية ذات الاتجاه الجمالي الكلاسيكي ، كما جاءت نفس هذه النتاجات في غناء المقام العراقي دلالة على قوة الغناء المقامي في اتجاهه الكلاسيكي تجاه المذهب الرومانسي ، علاوة على ذلك فقد اعطى احمد موسى في مقاماته هذه صورة أخرى جديدة على جمالية الطريقة الرشيدية في تعابيرها الغنائية ..

مطرب المقام العراقي عباس كمبير الشيخلي وبجانبه هاوي التسجيلات الموسيقية جابر الربيعي صاحب مقهى القبانجي الشهيرة ..

مقام الحسيني
بالاضافة إلى كل ذلك ، فإن احمد موسى يعتبر من اكثر المغنين من اتباع الطريقة الرشيدية الذين اعطوا نتاجا غنائيا وطنيا وقوميا اصيلا ، معبق بكل ما هو عراقي حقا ، فالروح العراقية والطابع المميز للشعب العراقي وحياته وطبيعته ، كل ذلك يبرز بجلاء بين ثنايا التعابير الجميلة لمقاماته الغنائية ولا ادل على ذلك من مقام الحسيني المؤدى بصوته بهذه القصيدة للشاعر ابن مليك الحموي ..
قسما بحفظ عهودكــــم وودادي
لم اقض منكم في الغرام مـرادي
وعليكم حسد العذول اما كفــــى
حتـى العواذل في الهوى حسادي
ولشقوتي في الحب قد عز الرقــى
لما تناء يتم وعز رقـــــادي
ما ذاك الا ان اميال الجـــــفا
طالت وطــرفي كحلت بسهادي
فمروا جفوني بالكرى لتراكــــم
وتبيت من وصل على ميعــاد
احبابنا عودوا وجودوا باللــــقا
فلقد ضــــنيت وملني عوادي
روحي لكم قد قدت طــوع هواكم
هذا زماني دونكم وقــــيادي
يا عاذلي عني اقتصـــر اني لفي
واد وانت عن الهــوى في واد
كم بين من يبغي الصـلاح وبين من
في عذله مني يروم فـــسادي
انا ان سلوت فما يعاودني الــكرى
كلا ولا زار الخيــــال وسادي
بابي نزولا بالحشا قد خــــيموا
واسـتوطنوا عوض الخيام فؤادي
لسوى هواهم لم امل فــــكانهم
خلقوا على حسب الهوى ومرادي

وبوجهة نظر ثابتة ، اكسبت نتاجات احمد موسى في غنائه للمقامات ، غنىً تفتقر اليه بعض التسجيلات المقامية المسجلة باصوات الآخرين من زملائه .. لقد كانت تعابيره ، حزنا شجيا مؤدبا كما يبدو عند سماعنا لها .. عبر فيها باسلوب بغدادي اختلف فيه عن غيره .. ومن مميزاته انه ارتقى إلى الصدق في التعبير وادى مقاماته التي سجلها بصوته باصولها التقليدية المتبعة ، وبهذه الوسائل احتفظ احمد موسى بشهرته وموقعه الفعَّال بين مؤدي المقامات العراقية في القرن العشرين .. ومع ذلك فان احمد موسى يختلف عن بعض معاصريه مثل محمد العاشق واسماعيل عبادة ومجيد رشيد ورشيد الفضلي وعبد الهادي البياتي وحسن خيوكة في ان مقاماته التي سجلها بصوته ، توصف بأنها تحوي جماليات ادائية بيئية خالصة جميلة ..
لقد كان احمد موسى جزء من تيار الاسلوب والاتجاه الكلاسيكي في الغناء المقامي في النصف الاول من القرن العشرين ، ولكن ليس قوة شديدة الوعي خلف ذلك التيار.. ورغم ان اذاعة مقاماته من خلال الاذاعة العراقية باتت منسية للاسف الشديد ، إلا أن تأثيره لم يزل باقيا لدى اكثر مستمعي الوسط المقام ..
صورة في الخمسينات لفرقة الجالغي البغدادي من اليمين عازف الطبلة عبد الرزاق الشبلي وعازف الرق حمودي الوردي وعازف السنطور الحاج هاشم الرجب وعازف الجوزة شعوبي ابراهيم والمطرب مجيد رشيد ..
مقام العريبون عرب
والآن لنستمع إلى مقام العريبون عرب دون مقام العريبون عجم ، رغم ان احمد موسى غناهما معا مرة واحدة ، لكنني لم استطع تتبع مفردات القصيدة المغناة في مقام عريبون العجم .. واستطعت بالمقابل معرفة مفردات الزهيري في مقام العريبون عرب لشهرة هذا الزهيري ولاعتياد الكثير من المغنين اختياره في غناء نفس هذا المقام ..

يا قلب واشطيحك باحبالــهم وشـــراك
ومن الهضم بان سكمك ونحلك وشـــراك
لي صاحب مارهم وشرة على وشـــراك
وببحر جوده تراه اعلا الوصــال ايجــــود
عنه تنحى بكربه ما علـــــيك ايجـــــود
عاشر اصيل اذا جار الزمـــان ايجـــــود
وان صابتك نايبة باع النفس وشــــراك

كان احمد موسى تلميذا صريحا للطرق الادائية القديمة التي سبقت ظهور المطرب الكبير محمد القبانجي .. فهو احد اتباع الطريقة الرشيدية المخلصين .. وقد كان مثل اقرانه المعاصرين الذين ينتمون لنفس الاتجاه .. واعيا وصريحا ومعبرا عن تلك الطرق القديمة التي صهرها وهذبها المطرب الكبير رشيد القندرجي واسميتها بالطريقة الرشيدية التي اضمحل وجودها بمرور الزمن في نهايات القرن العشرين ، بسبب التأثير العظيم للطريقة القبانجية الموصوفة بالاتجاه الرومانتيكي ذات التوالد الذاتي للابداعات والتجديدات المستمرة إلى يوم الناس هذا وستبقى على هذا المنوال حتى في المستقبل .
لاشك ان الوسط المقامي وممن يهتم بشؤونه ، يسير في مجال النهضة منذ مطلع القرن العشرين .. ان الاساليب القديمة في الغناء قد زال معظمها ولم تبق لها اية سلطة فنية .. فقد انجذب الكثير من مؤدي المقام العراقي خلف طريقة القبانجي وسار عليها معظم اللاحقين له رغم ان طبيعة التطور الحاصل في حياتنا المعاصرة اوجد بعض المغنين المبدعين الذين نحوا المنحى التجديدي والابداعي للطريقة القبانجية مثل حسن خيوكة ويوسف عمر وناظم الغزالي .. وعبدالرحمن العزاوي وهم الذين وضعت لهم كتابا خاصا بفنهم المقامي اسميته (الاربعة الكبار في المقام العراقي) واثبتوا بذلك بأن الابداع لا ينضب وان الحياة في ديناميكية فعَّالة ، مهما كانت عليه هذه الحياة ومهما كان عليه حال الاداء الغنامقامي .. وكتلميذ نشيط ، عرف احمد موسى قيمة الطرق القديمة في الغناقامي فعبَّر عنها بعمق وصراحة ، فضمن بذلك موقعا مرموقا في قائمة مؤدي المقام العراقي منتصف القرن العشرين ..
*************************






طــــوفان بغــــــــــداد
1954
رائعة الاديب
محمد بهجت الاثري

يا (نـُوحُ) ..! قـُمْ , دارت بنا الازمــــــــــــان ُ
عـُبـِدَ الهوى , وتجـــــــــــــــــــدَّد الطـُوفانُ
قد غبتَ عنه , فأين منك سفـــــــــــــــــينة ٌ
يا نوح ُ.. يفــــــــــــــــزعُ نحوها الإنسان؟
كانت ملاذ َاللاجئين , وما لــــــــــــــــــــنا
يا نوح ُما ينجـــــــــــــــــــــــو به الحـَيـْران
قد كنت َأحْزَم َمن (شخوص)عنــــــــــــدنا
زعمـــــــــــــوا الرُّقيَّ , وما درَوْه , ومانوا
البرُّ عاد َ به عـُبابا ثائـــــــــــــــــــــــــــــرا
كالشَّعـــــــــــــــــــــبِ حرق غيظَه الطغيان
غطَّى الاديم َ, فليس إلا مـــــــــــــــــــــاؤه
أرايت بحـــــــــــــــــــــــــرا مالـَه شُطْان؟
فاذا سجا خرق القلوب َتفـــــــــــــــــــزُّعا
واذا تحــــــــــــــــــــــــــرك زاغت ِالاذهان
غرثان ُوهو يكاد يبتلع الــــــــــــــــــــد ُّنا
وكانما امواجُه الحيـــــــــــــــــــــــــــــتان
هو والسماء كلاهما متـَغـَضـََّــــــــــــــــــب ٌ
متفجـــــــــــــــــر , وكلاهـــــــــما هــَتــَّان
باتا على وعد فليس بمنقـــــــــــــــــــض ٍ
يوم ٌاذا مالم يكـــــــــــــــــــــــــن حـَد َثان
والنـَّوْء ُيأتي بالصواعق مـــــــــــــــــنذرا
ومن العواصـــــــــــــــــــــف مارج ودخان
وكانما (بغداد) في أثـْبـــــــــــــــــــــــاجه
فـُلـْك ٌ, ولكــــــــــــــــــــــــــــن ما له رُبـّان !
قامت على فم ِ(ماردٍ) متلمـــــــــــــــــــظ ٍ
أرأيت كيف تلمــــَّـــــــــــــــــــــــظ الثعبان؟
انشق َّ(قـُمقـُمه) , فهام على الثــــــــــــرى
وبه على (سجـــــّـــــــــــــــــــــانه) غليان
* * *
قدستُ برَّ المحسنين وجهــــــــــــــــد َهم
وقـَــــــــــــــــــــــــوام ُهذا العالم الاحسان!
وذكرت مأسدة ًكأن لـُيــــــــــــــــــــــوثـَها
في (السد) ممـــــــــــــــــــــــا ربـَّه (خفان)
لله درّ ُ الجيش ِمن متحــــــــــــــــــــمس ٍ
قامت على اخلاصـــــــــــــــــــــــه الاوطان
نضد َالتـّـُلول َعلى التــّـُلول ِمجالــــــــــــــــدا
الله ... ماذا تفعـــــــــــــــــــــــل الـَـُشجعان!
صانته عين الله !لم يهــــــــــــــــــــدأ له
بال , ولم تغمــــــــــــــــــــــــض له اجفان
يا كاليءَ الاوطان في أزَمــــــــــــــــــاتـِها
هل ينقــــــــــــــــــــضي منها لك الـّـُشكران؟
وقفت ْوراءَك , والحياة تعـــــــــــــــــــاون ٌ
والنــــــــــــــــــــــــاس في تـَبـِعاتـِها إخوان
كلٌ يقدم قـِسطـَه من جهـــــــــــــــــــــــــــده
ضل َّالمقــــــــــــــصّــِرُ واهتدى المـِعوان
* * *
حيّ الشباب المرخصــــــــــــــــين نفوسَهم
ونفوسُهـُم تـُغـــــــــــــــــــــلى بها الاوطان
المانعين اذ البلية ُأحدقـــــــــــــــــــــــــــــــت
والحافــــــــــــــــــــــــظين وليس ثم َّأمان
قاموا وراء عرينهم يحـــــــــــــــــــــــــــمونه
فعل الضـــــــــــــــــــــياغم هاجها العدوان
تحدوهم النخوات لم يعصــــــــــــــــــــف بها
جبن , ولا ألــــــــــــــــــــــــوى بها سلوان
وأخـْصُصْ كواعبَ كالازاهر نضــــــــــــــــرة ً
نوراً حرائر حـَلـْيـُها العـــــــــــــــــــــرفان**
غالبن كالـَّلبوات ِما اجــــــــــــــــــتاح القـُرى
والمـــُــــــــــــــــــــد ْنَ واستعلى له السلطان
وفديـْن بالمهج الغوالي موطنـــــــــــــــــــــــا
كـَرُمتْ لهـــــــــــــــــــــــــــن بظله الازمان
بالله لا تـَصِموا الشّـُبـــــــــــــــــــــول بوصمة ٍ
هم عــــــُـــــــــــــــــــد َّة ٌوذخيـــــرة ٌوحنان
اكبادنا ... صان الاله حيــــــــــــــــــــــــاتـُهم
لقــــــــــــــــــــــــــــــــلوبنا بودادهم خفقان
قامت سواعدهم على إخلاصـــــــــــــــــــــهم
كالصبـــــــــــــــــــــــح قام بنوره الاعلان
**************

هامش
من (كتاب , بغداد في الشعر العربي , تصنيف جمال الدين الالوسي , مط المجمع العلمي العراقي , 1407هج1987م , ص225 و 226 و 227 و 228 )





**************