المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفردية !



مجاهد محمد
23/10/2007, 01:02 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليست الفردية دائما أمرا مرذولا ، ففى مجال الإبداع والابتكار ، نجد أن العمل كلما كان " متفردا " كلما كان " أصيلا " . وفى التعليم الحديث ، هناك سعى نحو ما يسمى ب" تفريد " التعليم ، بمعنى ألا يتم التعليم بهذا الشكل التقليدى " جماعيا " داخل قاعات الدروس ، فالطلاب مختلفون فى القدرات والاستعدادات والميول ، ولابد من وسيلة ما بحيث نقلل من " الجماعية " ونتيح الفرصة لكل فرد أن يتعلم وفق قدراته واستعداداته وظروفه .
وفى الرأسمالية ، تبرز الفردية عاملا من عوامل النجاح ، والشعار هنا " الزبون على حق " ، وقد جربت بلدان كثيرة فكرة القطاع العام ، فثبت أنه أقل كفاءة إنتاجية ، وأن الإنسان كلما شعر بأن القرش سوف يدخل جيبه هو وأن الخسارة سوف تخرج من جيبه هو ، كان هناك حرص أكثر على مزيد من الإنتاجية وحرص أكثر على ترشيد الإنفاق وتجنب الخسارة .
والمسئولية فى المحاسبة يوم القيامة سوف تكون " فردية " :
( ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ) سورة مريم ، الآية 8.
( وكلهم آتيه يوم القيامة فردا ) ، سورة مريم ، الآية 95
( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ) سورة الأنعام ، الآية 94
تلك صور ومجالات ، نقدر فيها الفردية ونرفع من شأنها ...
لكن الفردية التى نقصدها هنا هى تلك التى تنضح بالأنانية والاعتماد على الحل الفردى ، والتمحور حول الذات ، التى تعبر عنها العبارة الشهيرة " يا أرض ما عليك قدى " !! ، و " ياللا نفسى " !!
فى تشبيه مشهور ، أنك إذا أردت أن تعرف أخلاق شعب وطبيعته ، انظر إلى حالة المرور فى شوارعه ، فسوف تجدها تمثل نموذجا جامعا شاملا مجسدا ينطق بالصدق والصراحة !
ومن هنا انظر إلى حالة سائقى السيارات ، وكأن كل واحد يرى الشارع وقد شق ورصف من أجله هو ، لا يريد أحدا أن يسبقه ، يمكن عند إشارة أن يجئ من أقصى اليمين ليدخل شمالا ، معطلا عشرات غيره ، ويعجب إذا احتج غيره ، ولم لا ؟ فهو لابد أن يكون مقدما على غيره !
وانظر إلى هذا الذى لا يلتزم مسارا موحدا وإنما هو يسير بالتواءات بين السيارات ، لا من أجل كسب وقت ، وحرص على الزمن ، وإنما لأنه يرى أن الكل يجب أن يخلى له الطريق حتى يتقدم هو ، وربما يخطئ المراقب من غير أهلنا فيتصور أنه يريد أن يكسب وقتا ، مثل سيارات الإسعاف والنجدة ، كلا ، إذ ربما نراه بعد ذلك ، يجلس على مقهى يلعب الكوتشينة أو الطاولة ، ويشرب الشيشة ، أو مسترخيا فى بيته يقزقز لبا ويشاهد مسلسلا !!

ما رأيك؟

(جزء من مقال أ.د سعيد إسماعيل علي)