المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجز الثاني من الباب الثالث من كتاب (تلاش) للأديب الباكستاني ممتاز مفتي،(ويارب يظهر)



إبراهيم محمد إبراهيم
23/10/2007, 08:54 AM
الجزء الثاني من الباب الثالث
عذاب التهميش والتحقير :
كان هناك ثلاثة آلهة يعيشون على قمة جبل هي آلهة الرياح والأمطار والصواعق ، وكانت هناك قرية في حضن الجبل ، وقد أحالت هذه الآلهة حياة أهل القرية إلى عذاب ، فأحياناً ينزل المطر بشدة ، وتجرف سيوله القرية كلها ، وأحياناً تهب الرياح بشدة حتى تعصف بالحقول ، وأحياناً تنزل الصواعق فتنفق بسببها مواشي أهل القرية ... وضاق أهل القرية بالآلهة غاية الضيق .
اقترح أحد الكهول في القرية على أهلها قائلاً : يا إخوتي ، إن الحياة بهذا الشكل مستحيلة ، فلماذا لا نرسل وفداً منّا إلى الآلهة الثلاثة على قمة الجبل ليتفاوض معهم ، فمن الممكن أن يوافقوا على مهادنتنا . وهكذا تمّ إرسال الوفد ، وهناك قالت الآلهة لأعضاء الوفد : يا إخوتنا ، نحن لسنا أعداءاً لكم ، على العكس ، فنحن مستعدون لخدمتكم ، وإنما المشكلة هي أننا لا نستطيع أن نبقى بغير شيء نفعله ، وسوف نؤدي أي عمل تكلّفوننا به ، لكن إن لم تكلّفونا بعمل فسوف نخرّب قريتكم .
ويبدو لي أن الجيل الجديد لدينا مثل تلك الآلهة الثلاثة ، فهو لا يستطيع أن يبقى بغير شيء يفعله ، ولأننا ابتليناهم بعذاب التهميش والبطالة ، لهذا اتجهوا هم إلى التخريب بحثاً عن المغامرة والمخاطرة . إن الذنب كله ذنبنا نحن .
الجيل المظلوم :
اخوتي : لقد رأيت على مدار ثمانية وثمانين عاماً هي سنيّ عمري عدّة أجيال ، لكني لم أر جيلاً أصابه هذا القدر من الظلم الذي أصاب الجيل الجديد في أيامنا هذه . إنه جيل موهوب ، لكنه مظلوم ، جيل رفضه المجتمع ، واتهمه بأنه عميل للغرب ، عدوّ للإسلام .
لي صديق متعلّم ، مستقيم ، مسلم صادق ، ومن المؤيدين للتبليغ والدعوة . ذات يوم زارني هذا الصديق ، وكان في غاية السعادة ، وكان معه شاب في العشرين من عمره ، أشار إليه قائلاً :
· الحمد لله ، فإن دعوتنا التبليغية تسير على أحسن حال .
ثم أشار إلى الشاب قائلاً :
· انظر إليه ، لقد كان قبل شهر واحد يلبس " الجينز " والقمصان المشجرة ، والآن بفضل الله نجحنا في وضعه على الطريق المستقيم .
نظرت إلى الشاب الذي كانت له لحية صغيرة " سكسوكة " ، وجسده في غاية النحافة والهـزال ، كأنه لا روح فيه ، وعيناه غائرتان ، وقد غطى الضعف والهزال على كل جزء في جسده . عندئذ تذكرت مقطوعة من نظم الشاعرة " بلقيس محمود " :
· يبدو لي يا أمي أنكم جميعاً صيّادون ...
· ترغبون في قصّ أجنحتي ...
· ووضعي في قفص ….
· كببغاء جميل ….
· مجرد ببغاء ….
· كلما أحببتم ناديتموه ….
· تداعبون به ….
· وتسعدون من خلاله …
· شيخوختكم ….
لقد وددت من كل قلبي عندما رأيت هذا " الببغاء " أن أنتحب باكياً ... أبكي حتى يسيل نظري مع دموعي وأفقد بصري ، وعندما يسألني صديقي : لماذا صرت أعمى يا سيد مفتي ؟!. أقول له : لست أعمى ، لكني رأيت كثيراً ، كثيراً جداً ، حتى أنني لم أعد أرغب في رؤية المزيد ، لم تعد لديّ الهمة على ذلك فأغلقت عيني .
إن ما يوقعه " الكبار " و " والدعاة والوعاظ " لدينا من ظلم على الجيل الجديد أنا أيضاً شريك فيه ، فأنا الآخر " كبير " .
لكن المشكلة هي أنني ذو وجهين ، وجعلت مني الطبيعة مثاراً للفرجـة ، فأنا " كبير " و " صغير" في ذات الوقت . سادتي ، يظن الناس أن العمر واحد ، هو العمر الجسماني ، وهذا خطأ ، فالأعمار ثلاثة : " العمر الجسماني " ، و " العمر الذهني " ، و " العمر العاطفي " ، وعمري " الجسماني " ثمانية وثمانون عاماً ، وعمري " الذهني " ما بين الثلاثين والخامسة والثلاثين ، ولم يستطع عمري " العاطفي " أن يتقدم عن سبعة عشر عاماً ، لم يستطع أن يتقدم عن ذلك برغم كل المحاولات .
سمك ، لبن ، تمر هندي (13)
والمثال هو بيتي أنا : سمك ، لبن ، تمر هندي ، فهناك أربع وحدات تعيش في بيتي الآن : أنـا وزوجتي ، عجوزان ، ونتحدث " اللغة البنجابية " (14) ، ونعيش بالطريقة " البنجابية " ، ولي ثلاث بنات ، أعمارهن ما بين الثلاثين والخامسة والثلاثين ، وهنّ يتحدثن " اللغة الأردية " (15) ، ويعيشون بالطريقة " الأردية " ، ولي ابن واحد يبلغ من العمر حوالي خمسين عاماً ، يختلط في شخصيته " الإنجليز " مع " الله " في نفس الوقت ، متحرّر في أفكاره ، لكن الله يتحدث بداخله ، فعندما يتكلم عن العلم يبدو منه وكأن العلم هو الطريق الوحيد الذي يوصلنا إلى الهدف . وعندما يتحدث عن العقل يبدو منه وكأن العقل ليس عائقاً ، وإنما على العكس مرشد ، لكنه عندما يتحدث عن الله ينفجر تحرّره ، ويصبح حديثه عن العلم والعقل كفقاقيع الماء ، تنفجر وتختفي ، وتجرفها جميعاً موجة معرفة دافقة ، وهو هذه الأيام مشغول بتأليف كتاب باللغة الإنجليزية بعنوان " القانون العلمي لله تعالى " .
ولي حفيدان " من ابني " يتحدثان الإنجليزية ، ويفكران بالإنجليزية ، ويعيشان بالإنجليزية ، وأخيراً أطفال بناتي ، وهم نتاج ثقافة " الكوكا كولا " ، يشربون " الكوكا كولا " ، ويأكلون " الشيكولاته " ، ويشاهدون أفلام " الكرتـون " ، وينـادون على والديهم بـ " مام – داد " بدلاً من " أمي – أبي " ، وتحيتهم " هاي " بدلاً من " السلام عليكم " ، وتلبيتـهم " يس " بدلاً من " نعــم " . وبهذا الاعتبار فإن بيتي فعلاً " سمك لبن تمر هندي " .
وبيتي هو بيت مواطن من الطبقات الدنيا ، وعلى حدّ علمي فإن كل بيوت المواطنين من الطبقات الدنيا عبارة عن " سمك لبن تمر هندي " ، والفارق هو أن الشباب في البيوت المحافظة لا يقومون بهذا النّشاز في البيت ، بينما يمارسونه خارج البيت ، إنهم يلتزمون الصمت في البيت ، وهكذا تتباعد حياة الشباب ، فلا ربّ للأسرة في البيت ، ولا حماة ، ولا زوجة ابن ، وانتهى تقليد الحياة ضمن " العائلة " .
أحفادي يدرسون " أو ليفل " و " إي ليفل " (16) ، يشاهدون أكثر مني ، ويسمعون أكثر مني ، وذكاؤهم يفوق ذكائي بأربعة أضعاف على الأقلّ ، ومعلوماتهم تفوق معلوماتي بعشرة أضعاف ، فإذا مرّت سيارة في الشارع أخبروني وهم جلوس في حجرتهم ودون بذل مزيد من التركيز قائلين :
· أبتاه ، هذه السيارة التي مرّت في الشارع حالاً صناعة كذا ، لكن الجزء الفلاني في السيارة ليس مثبّتاً بشكل جيد ، ولهذا لا يعمل بطريقة صحيحة ، وإذا لم يهتم به صاحب السيارة فإنه سينفجر ذات يوم .
أحفادي يلبسون " الجينز " تتناثر فوقه " رقعات " كثيرة ، " رقعات " أصلية ، وليست نوعاً من التظاهر ، إنهم يقطعون القماش بحرفية ومهارة حتى تبدو هذه " الرقعات " أصلية .
الموسيقى المرئية :
أحفادي يلبسون " القمصان المشجرة " ، ويعشقـون الموسيـقى ، ويشـاهدون قنوات " الدّش " . إنهم ليسوا مغرمين بالموسيقى " المسموعة " ، وإنما " الموسيقى المرئية " ، يهزّون سيقانهم على دقّات الطبول ، ويعزفون " الجيتار الكهربائي " ، ولا يعترفون باللحن والتناغم ، المهم لديهم الإيقاع ، ويجب أن تكـون هذا الإيقـاع بشكل يـؤدي إلى نوع ما من " الهستيريا " بدلاً من الطرب . يحبون في التلفزيون الموسيقى الصاخبة التي تجعل الوجه مخيفاً من شدة الرغبة ، وتتلاشى ملامحه وتقاطيعه ، وتطرأ عليه حاله من النشوة ، ويحبون أن تكون المناظر " فاقعة " ، أن تكون هناك حدّة ... مرارة ... قلق ، أن يهدر اللحن مثل الطوفان ، ومع أنني من المعجبين بالجيل الجديد في بيتي ، إلاّ أنني لا أستطيع تحمّله في موضوع الموسيقى هذا ، عندئذ يخرج " مفتي " الكبير من داخلي مثل المارد الذي يخرج من " القمقم " . سادتي ، أنا أنتمي إلى ذلك الجيل الذي كانت الموسيقى في زمنه تعمل عمل المرهم على الجروح ، تربّت على الآلام وتريحها ، كانت الموسيقى شيئاً يسمع ولا يرى ، كان اللحن والطرب سيد الموسيقى ، مثل هذه التقاسيم الموسيقية تؤثر في القلب مباشرة ، وتلمس الآلام ، وتداعب مشاعر الحب والوصال والفراق ، بينما الطبلة والتصفيق والإيقاع الصاخب على العكس من ذلك لا يحرك إلاّ السيقان ، ويخلق نشوة هستيرية ، نشوة تنتج عن الوصال ، وهذا الوصال ليس وصالاً عاطفياً ، ولا وصالاً روحياً ، وإنما جسمياً ، وجنسياً .
العري :
ولقد كلّف رقص " السيقان " هذا البشرية غالياً ، مثلما كلّف العري المرأة الأوروبية أيضاً غالياً ، ولتتأمل ما هو الحال الذي يؤول إليه الرجل في الغرب . لي صديق اضطرته الظروف إلى العيش في أمريكا لعدة شهور ، ولما عاد قال لي :
· صديقي مفتي ، لقد ضعت يا مفتي .
سألته :
· ماذا حدث ؟!.
قال :
· خسرت كل شيء .
· كيف ؟!.
قال :
· كنت قد وصلت حديثاً إلى أمريكا ، وهناك صعقت عندما رأيت السيدات العرايا على أحد الشواطئ ، طار عقلي ، وبدأت أذهب إلى الشاطئ كل يوم ، وهناك أظلّ أتمشّى وأحملق فيما أرى ... والآن لم أعد الآن أثار " جنسيّاً " ، فماذا أفعل ؟!!.
سادتي : إن الدعاة والوعاظ لدينا صنعوا من الفحش والعري قضية دينية بغير داع ، مع أنها مسألة " فيزيائية " بحتة ، إذ أن الشيء الذي تراه دائماً يفقد جاذبيته بالنسبة لك ، وهذا الأمر الذي تحدّث عنه الصديق صار عاماً لدرجة أنه أصبح لا يثير .
عندما انتقلت إلى مدينة " إسلام آباد " كنت مشدوهاً بجمالها ، فهي جميلة لدرجة لم أتحمّلها . قلت لنفسي : يا إلهي ، كيف سأعيش في هذه المدينة . أما اليوم فلم يعد جمال " إسلام آباد " يلفت نظري ، بل على العكس تقع أنظاري على الأماكن غير النظيفة بها ، فيصيبني حزن شديد .
لقد كان العصر الذي عشت فيه هو عصر الفصل بين الجنسين والتمييز بينهما ، الرجال في مكان ، والنساء في مكان آخر ، وكانت فرص اللقاء بين الرجال والنساء قليلة ، ولهذا كان من المثير للغاية وقتئذ أن ينحدر النقاب قليلاً عن وجه المرأة ، وأن يبدو جزء من هذا النقاب مع جزء من الخد وإحدى العينين ، وربما أدّى ذلك في بعض الأحيان إلى الوقوع في الحب .
وكنا في ذلك الوقت نعترض على هذا " الفصل " ، وكانت أوروبا تسخر من هذا التقليد لدينا . كانوا يقولون أن هذا " الفصل " ينطوي على نتائج ضارة وسلبية . وقادت أوروبا حركة تحرير ضد هذا السلوك غير الفطري من الفصل بين الرجال والنساء ، حتى وصل الحال بالمرأة الأوروبية اليوم إلى حدّ " العري " ، وكانت النتيجة أن المرأة في الغرب لم تعد قادرة على إثارة الرجل وجذبه ، ولهذا يبحث الرجل هناك عن طرق غير فطرية " لا رأس لها ولا قدم " من أجل الحصول على اللذة ، وانتشرت الانحرافات الجنسية في المجتمعات الأوروبية ، وحصلت هذه السلوكيات غير الفطرية على تصريح قانوني بممارستها .
الحدّ والاعتدال :
ومما يدعو إلى الحيرة أن النساء لم يفهمن إلى الآن أن السفور والحرية الجنسية بمثابة الانتحار بالنسبـة إليهن ، والحكماء يقولون أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يعارض تخطي الحدود وتعدّيها ، ويضع درجة " البشرية " في أعلى المراتب .
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم هو المصلح (17) الوحيد الذي تقول تعاليمه للناس عليكم بالوسطية والاعتدال ، ولا تتعدوا الحدود ، ولا تغرقوا أنفسكم في الدنيا لدرجة تنسيكم أحكام الله ، ولا تنهمكوا في العبادات لدرجة تعزلكم عن الدنيا .
يقول الحكماء إن الإسلام هو الاعتدال ، هو التوازن ، هو التناغم والتوافق ، ولا أدري لماذا لا يستوعب قادتنا ودعاتنا هذا الأمر ، فلم يلتزموا الاعتدال ، وإنما تعدّوا الحدود . وهناك غلظة في دعاتنا ووعاظنا ، وسيطرت عليهم الـ " أنا " ، وانقسموا إلى فرق وجماعات ، وكل فرقة أو جماعة تعتقد أن الطريق الذي تسير عليه هي هو فقط الطريق المستقيم ، وكل هذه الفرق والجماعات ترى في جيل الشباب لدينا جيلاً حاد عن الطريق ، إنهم يعتقدون أن أهل أوروبا أعداء للإسلام ، وأن الحضارة الغربية في الأصل مؤامرة ضد الإسلام .
لقد كتبت قصة منذ عدة سنوات ، وكان عنوانها " المرشد كرو " ، حاولت فيها أن أقول أنه في الماضي كان هناك من يرغبون في السير خلـف " المرشـد " واتباعـه ، ولهذا كان عمل " المرشد " هو أن يسير أمام الناس ويدلّهم على الطريق ، أما جيلنا الجديد فإنه ليس مستعداً للسير خلف أحد ، إنه يعترف " بذاته ونفسه " فقط ، ولذا فإنه يجب على " المرشد " في أيامنا هذه أن يخلق في نفسه روح المرشد " داس " (18) ، فيسير هو خلف الناس ، ويوجّههم وهو خلفهم ، إذ ما أسهل التوجيه حال السير في الأمام ، لكن الإنجاز الحقيقي هو التوجيه حال السير خلف الجموع ، وقادتنا لا يعرفون سوى السير في الأمام ، ولم يعتادوا إلاّ على توجيه الأوامر .
قصص :
لقد فشلت قصتي هذه في التأثير ، فأنا كاتب لا خبرة له ، وفوق ذلك ما هي قيمة القصص في عالم اليوم ، فالناس يقرأون القصص للترفيه عن أنفسهم ، ولا يتأثرون منها . ولقد قدّم كبار كتّاب القصص حقائق كبيرة من وراء ستار القصص وفي ثناياها .
كان هناك قصّاص كبير يدعى " اسكوب " ، وقد كتب " اسكوب " هذا قصة عن ذلك العصر الذي يسمى عصر " البطولة " أو " عصر الملاحم " ، كان عصر الأبطال ، عصر عزّة النفس وتعظيمها ، وكانت عزّة النفس هذه تجرح لأتفه الأسباب ، فتخرج السيوف من أغمادها ، ويبدأ النزال بين الطرفين ، وتلوح السيوف وتتحرك يمنة ويسرة إلى أن تصيب طعنة واحداً من الطرفين ، ولم يكن هذا النّزال ممنوعاً قانوناً . يقول " اسكوب " :
" كانت الشوارع تسير ، والفوارس المسلحون يقبلون ، وكانت هناك لافتة ذات وجهين مثبتة على الطريق ، وفجأة توقف أحد الأبطال عند جانب من هذه اللافتة قائلاً : ما أجمل هذه اللافتة بلونها الأزرق . وعلى الجانب الآخر للافتة جاء بطل آخر وقال : هذا صحيح ، إنها لافتة جميلة ، ولكن لونها أحمر . فقال البطل الأول : أقول لك إن لونها أزرق . وقال البطل الثاني : وأنا أقول لك إن لونها أحمر . قال الأول : إنك بهذا تهينني ، جرّد سيفك إذاً . وجرّد البطلان سيفيهما واستعدّا للنّزال ، وفي تلك الأثناء حضر حكيم كهل إلى الساحة وقال : يا إخوتي ، علام النزال . فقال البطل الأول : لقد أهانني هذا الشخص . فسأله الكهل : وكيف هذا ؟!. قال : أنا أقول أن هذه اللافتة المثبتة على الطريق لونها أزرق . وقال البطل الثاني : وأنا أقول لك أن لون هذه اللافتة أحمر . فقال الكهل : تعالوا بنا لننظر ونعرف ما هو لون اللافتة . ولما نظروا رأوا أن أحد جانبي اللافتة باللون الأزرق ، والجانب الآخر باللون الأحمر " .
وأكثر النزاعات في عالمنا اليوم تحدث بنفس الطريقة : واحد يقول : " اللافتة زرقاء " . والثاني يقول : " كلا ، إنها حمراء " . ولم يحاول واحد من الاثنين أن ينظر إلى الجانب الآخر من اللافتة . يقولون إن في الإسلام اثنتين وسبعين فرقة ، وعلى اللافتة كذلك اثنان وسبعون لوناً ، ولم يكلّف أحد القادة نفسه ذات مرة مشقة النظر إلى الجانب الآخر من اللافتة . لم يقل أحد القادة أن هذه الاختلافات ما هي إلاّ اختلافات فرعية ، أما الروح فواحدة ، والهدف واحد .
الهوامش
13 - في الأصل محاورة بالأرية تقول " جون جون كا مربه " ، وتعني خليطاً غير متجانس من المربات ، ويقصد به اجتماع خليط غير متجانس في مكان واحد ، سواء كان هذا الخليط من البشر أو من الأفكار أو من الأمزجة والطباع ، أو من العادات والتقاليد ، وهو ما يقابل لدينا في العربية التعبير الذي يقول " سمك لبن تمر هندي " ، ولهذا استعنا به في متن الترجمة ، والمقصود هو الإشارة إلى طمس الهوية التي تعاني منه طبقات الشعب الباكستاني المختلفة ، وربما على مستوى العالم الإسلامي كله أيضاً .
14 - لغة إقليم " البنجاب " بباكستان .
15 - اللغة القومية لباكستان .
16 - O Level – A Level " المستوى المبتدئ والمستوى المتقدم " ، والمقصود الدراسة في المدارس الأجنبية ومدارس اللغات ، وأن تجارب هؤلاء الأطفال وخبراتهم ومشاهداتهم كثيرة ومتعددة .
17 - نفضّل أن نقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي تقول... ، والرسول أولاً وأخيراً رسول وليس مصلحاً .
18 - المرشد الذي تناوله في قصته التي أشار إليها .