المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عام - منتديات واتا الحضارية



أحمد الشملان
25/10/2007, 02:35 AM
حديث الوسن
**********
أنا با عصفورة الشجن
مثل عينيك بلا وطن
بي كما بالطفل تأخذه
أول الليل يد الوسن
أول الليل كان حديث وسن . . آخر الليل لم يأت بعد . . جاء من " اللا وطن " ليرتحل - مثلنا - ومثل البرتقال - يحاول الوصول إلى الوطن . . لكن متى وصلنا
الى الوطن ؟؟
المبعدون عن فلسطين - ما أسعدهم قال !! . . إبعادهم يجلب زفّة ما بعدها زفة !! ضجيج المجتمع الدولي . . وكالات الانباء . . الخ . . ونحن . . كم مرة تبعد و تبعد !!
لا حس ولا خبر !!
ليل عربي طويل . . يشبه إلى هذا الحد أو ذاك الشتاء الفلسطيني بلياليه الطوال . . مع فارق المواجهة !
يمتزج البرتقال بالنخيل . . وتأتي نكهة الزعتر في " الهيل " وحين تأكل الزعتر وتشرب بعده قهوة مرة !! ماذا يحدث ؟
حدثني الوسن . . . عندما أخذتني يده بذلك . .
قال ذات ليل شتائي :
من يصدق أن الخليج هو الضفة الشرقية لفلسطين ؟؟
استغربت كلامه وسألته :
هل تتمنى تفاولا كهذا ؟
قال : أنا لا أتمنى ولا أتخيل ، لكن الخليج هو الضفة الشرقية ليس للوطن العربي ، وإنما لفلسطين بالذات !
عندما رأيت طوابير المبعدين من فلسطين على أيدي قوات الاحتلال . . رأيت معهم آلاف المبعدين من العرب . .
و ألاف المبعدين من بلاد العرب إلى بلاد العرب !!
الجرح واحد يا وسن ! ! والنهر العربي ولايبخس أجراَ من عطاياه " الرهيبة " . . .
كان الوسن يبحر مبتعدا كي لا يثير . . تلح له الأيادي وتبعه آخرون . . وآخرون . . أول الليل تأخذني يد الوسن . . وليس في الغياب يد . .
لكن مالذي أفعله إن كنت " أنا من الجناح الذي يلهو به السفر " !
عندما رأيت آلاف المبعدين من فاسطين . . رأيت " وسني " بينهم يرتحل ويأخذني معه . . ويحدثني . . لم يكن يسمع أسئلتي . . كان يسمع صوته في الأسئلة ويلتفت
بين وقت وآخر .
أنت يابقايا بدوي تائه . . ماالذي تفعله في المنافي ؟ ! اصابتني الحيرة . . فهو لأول مرة يسأل ، لكني أنا نفسي لم أكن أعرف ما الذي أفعله في المنافى !!
لكن كيف خطر له هذا السؤال ؟ اهتديت أخيرا الى جواب غريب أقنعني .
وفاجأته به :
أكتبُ الشعر !!
وجاء جوابه :
أنت تخذع نفسك . . فأنت لا تكتب شعراَ . . بل تكتب وثائق نفيك الجديد !!
وجدت نفسي مبعدا . . مبعدا في أقاصي الأرض . . ورأيت الجنة . . وعشت فيها . . حتى أكتشفت بأنها ليست " الوطن " !! خرجت منها أبحث عن وطني . .
فأخذتني يد الوسن . . رفعتني عاليا . . عاليا . . وحلقت بي فوق الوهاد والوديان والجبال . .
وكلما سألته : أما وصلنا الوطن !
قال : لا . . لم تزل أمامنا جبال في شقوقها النسيان وفي سفوحها جداول تحاور الوطن . . و تشبه الوطن !
وكان الحرس اليومي يراقب طيراننا . . وينتهز " وسن " كلما حاول أن يحط بجناحيه على الأرض ليوقظني . .
وأخيرا . . بعد أن طال السفر . . وطال السهر . . وصلنا . . وصلنا الوطن . . ولكن لم نصل !!
ما معنى أن تصل إلى وطنك ولا تصل !
لكننا في الوطن على أية حال يا وسن . . ! سكت عني طوبلا ثم أجاب . .
- تمنى أن تكون قد وصلت فعلا إلى الوطن !
كنت جالسا تحت صنوبرة تبكي ، وتنادي سلحفاة . . وكان " وسن " يلقي بكفيه على عيني . . فشاهدت طوابير تسير . . وجدتني أسير معها . . واوغل في المسير
. . كنت واحدا من هؤلاء .
وحين بحثت عن " الوسن " فاجأتي الحارس الليلي مقهقها :
- لقد رحل !
- لماذا لم تتركوه ؟
- وما الفرق ياجاهل ؟ ألسنا وطنا واحدا ؟ وشعبا واحدا ؟ ما الفرق بين أن يبعد عن هنا . . وأن يبعد عن " الهناك " واستمر بقهقه . . وأنا أنظر اليه ذاهلا
. . . واصل مؤكدا على كلامه :
- لماذا لاتريد أن تفهم ؟ ها ؟ السنا في وطن واحد وشعب واحد ؟ !!!!
اكتشف اخيرا بأنني طفل يأخذه أول الليل الوسن ، لكنني اكتشفت أيضا بأنني الآن بلا وسن !! فقد أبعدوه . . أو أبعدها . . عني !!!!

********************************
" أجراس الأمل "
أحمد الشملان