المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزء الثالث والأخير من الباب الرابع من تلاش لممتاز مفتي



إبراهيم محمد إبراهيم
25/10/2007, 08:55 AM
الجزء الثالث والأخير من الباب الرابع ( الحكومة العظمى )
أمور شخصية :
نلاحظ في هذه الأيام العديد من الخطابات التي تنشرها الصحف اليومية المختلفة ، والموجهة إلى رؤساء تحرير هذه الصحف ، تقول بعضها : " لماذا لم أصوّت لصالح الأحزاب الإسلامية ، ولماذا لن أفعل في المستقبل ؟. على سبيل المثال نشر خطاب من هذه النوعية في جريدة إنجليزية في الأول من ديسمبر (24) ، أقدّم له هنا ترجمة بألفاظي ، يقول :
" أرجو أن تنشروا خطابي هذا ليعرف القراء لماذا رفضت الإدلاء بصوتي لصالح الأحزاب الإسلامية . لقد فعلت ذلك لأنهم جعلوا من الإسلام قضية انتخابية ، وبالتالي جعلوا منه قضية معروضة للبحث والنقاش ، وأنا لا أعترف بهذا ، فإن الإسلام ليس قضية انتخابية ، ولا قضية معروضة للنقاش ، والإسلام في نظري دستور حياة ، ولدينا فرق دينية عديدة ؛ السنة ، والشيعة ، و " الديوبنديون " (25) ، و " البريلويون " (26) ، ولكل منها نظرية خاصة عن الإسلام ، وأنا أرى أنه لا اختلاف في الإسلام ، فالإسلام واحد ، وهو العلاقة بين الخالق والمخلوق ، ومن حق كل مسلم أن يعيش الإسلام طبقاً لوجهة نظره ، بشرط أن لا يفرض وجهة نظره هذه على الآخرين ، ومن حقه أن يؤدي الفرائض بما يتوافق مع فكره ، وأن يتخيّر الفقه الذي يرتضيه (27) ، وليس من حق أي شيخ أو عالم دين أن يتدخّل في هذا …. لقد أخبروني أنه لو آمن المسلم بمبدأ قطع اليد أو الرجم (28) ، فإنه يصبح مسلماً صحيحاً ، وأنا أقول لهم إنني مسلم لأنّ حبّ الله ورسوله يسكن قلبي ، وليس لأنني أخاف عذاب جهنم ، فأسـاس إسلامي هو الحبّ وليس الخوف ، وإن أراد المشايخ تأسيس إسلامهم على الخوف فليفعلوا هم ..... ( غلام كبريا .... كراتشي ) (29) .
وهذا الفهم الخاطئ بأن الدين أمر شخصي ظهر كنوع من الفرار من الدين أصلاً ، وقد ظللت أنا أيضاً فترة من فترات حياتي أعتقد أن الدين أمر شخصي ، ولم أفكر أبداً في أنه إذا كان الإسلام أمراً شخصياً ، فكيف يكون واحداً لدى الجميع ، إذ أن هذا يعني أن يكون لكل فرد إسلامه الخاص به ، والحقيقة أن هذه الأفكار الخادعة تأتي من الغرب ، وتنبهر بها أنظار شبابنا .
عليك بالشك :
وكان أول مبدأ غربي بهرني هو مبدأ الشك الذي قدمـه " راسل " ، أي أن تشك في كل شيء . وقد أصاب هذا المبدأ شبابي كله بالتخبط وعدم الوضوح ، ومع أن الحقيقة كانت واضحة أمامي ، لكني لم ألحظ أن هذا المبدأ مبدأ سلبي ، والمبادئ السلبية لا تجعل الحياة سلسة واضحة متدفقة ، وربما كان مبدأ الشك هذا مفيداً لطائفة الباحثين ، أما بالنسبة للرجل العادي فإنه من المهم للغاية أن يثق في الآخرين ، وأن يقتنع بكلامهم ، لأن الإنسان مخلوق اجتماعي بطبعه ، وفي حياة كل فرد أمور كثيرة لا تسير حياته بشكل صحيح دون تصديقها والاقتناع بها .
لقد ظللت فترة طويلة متبنياً لمبدأ " راسل " الخادع هذا ، ثم عرفت بعدها أن الحياة تحتاج إلى الإيمان وليس إلى الشك ، لا بد أن يؤمن الإنسان بأن النار تحرق دون الحاجة إلى أن يحرق أصبعه ، ولا بد أن يؤمن بأن هناك نظاماً شمسيـاً داخـل كل ذرة دون الحاجـة إلى تجربة نظرية " آينشتاين " ، أليس كل واحد منا جميعاً مقتنعاً - وبغير بحث أو تمحيص - أن فلاناً هذا هو أبوه ..... سادتي : إن في الاقتناع والإيمان راحة كبرى .
الدكتور إبدال بيلا :
ذات يوم سألت الدكتور " إبدال بيلا " قائلاً : قل لي يا دكتور ، هل علمت بشكل قاطع كيف يعمل جسم الإنسان ؟!.
والدكتور " إبدال بيلا " صديقي ، وهو طبيب ، وقصاص أيضاً ، كما أنه محب للحقائق باعتباره طبيباً ، وباعتباره أديباً فإنه يحلم ، وهو من حيث الشكل " جسميّ خالص " !! .. طويل ، عريض ، ممتلئ ، شواربه كثّة … إنه من خارجه " جسم خالص " ، ومن داخلـه " فكـر خالص " ... داخله يكذّب خارجه ، وخارجه يكذّب داخله ... عصري خالص في أفكاره ، وتقليدي خالص في عواطفه وانفعالاته .
لعبة عجيبة
سألته : قل لي يا دكتور ، هل عرفت تماماً كيف يعمل جسم الإنسان ؟. فهزّ رأسه بالنفي وهو يقول : أبداً . قلت : هل يعرف الأطباء جميعاً أنهم لا يعرفون ؟!. فأطلق ضحكة عالية . قلت : يا " بيلا " ، يقول الحكماء أن الناس في هذه الدنيا باعتبار المعرفة أربعة أقسام :
· القسم الأول : أولئك الذين يعرفون ، ويعرفون أنهم يعرفون .
· القسم الثاني : أولئك الذين يعرفون ، ولا يعرفون أنهم يعرفون .
· القسم الثالث : أولئك الذين لا يعرفون ، ويعرفون أنهم لا يعرفون .
· القسم الرابع : أولئك الذين لا يعرفون ، ولا يعرفون أنهم لا يعرفون .
فقل لي يا " بيلا " ، إلى أي قسم تنتمون أنتم يا معشر الأطباء ؟!. قال " بيلا " : لا أعرف . فقلت : إنني أعرف شيئاً واحداً ، وهو لو أن الأمر بيدي لأصدرت أمراً بأن يطبع على كل صفحة من صفحات كتب الطب ، وبحروف واضحة " إننا إلى الآن لم نعرف على وجه اليقين أسرار ورموز جسم الإنسان " ، ولأمرت كل طبيب أن يكتب هذه الجملة بحروف جلية ، ويعلقها على جدار حجرته ، حتى تظل هذه الحقيقة ماثلة في ذهنه دائماً .
قلت : إذاً قل لي كيف تعالج الأجسام إذا لم تكن تعرف أسرارها ورموزها ؟!. قال : نحن نخمّن ونستنتج ، وقد كان الحكماء والأطباء القدامى أيضاً يخمنّون ويستنتجون . قلت : هناك فرق كبير بين تخمينك وتخمينهم ، واستنتاجك واستنتاجهم . قال : كيف ؟.
الإلهام :
قلت : لقد كانت استنتاجاتهم مبنية على الإلهام ، بينما استنتاجاتكم أنتم مبنية على التحاليل المعملية .
سادتي : إننا إلى اليوم لم نعترف بحقيقة أن كل ما لدينا اليوم من علم وحكمة إنما هو من الإلهام ، وما هو هذا " الإلهام " ؟. إنه قطرات العلم والحكمة التي يظل الله تعالى يقذف بها في عقل الإنسان ، ويقول الحكماء إن هذا الإلهام وراء كل الاكتشافات والاختراعات ، إذ أن الاكتشافات تأتي أولاً عن طريق الشعراء ، ثم يتناولها الباحثون ، والإلهام في الحقيقة وحي ، فعندما تتجمع هذه القطرات تصير إلهاماً ، وعندما تتحوّل القطرات إلى أمواج تصير وحياً ، وإذا ما كان إنزال هذه القطرات بطريق غير مباشر كان ذلك إلهاماً ، وإذا كان إنزالها مباشراً كان ذلك وحياً ، وإذا ما تدفقت تدفق البحر كانت قرآناً .
يقولون أنه كانت هناك في الزمن القديم قبيلة تعيش على مسافة بعيدة جداًَ من البحر ، ولم ير أحد من أفرادها بحراً أبداً ، وكان هؤلاء الناس يطلقون على الماء اسم " أنتاو " ، وذات مرة خرج أحد أفراد هذه القبيلة في سفر ، فتصادف في سفره هذا مع البحر ، ولما عاد إلى قبيلته حاول أن يشرح لهم ما هو البحر فقال : إنه " أنتاو ... أنتاااااااااااو " (30) ، بمعنى " ماء كثــير كثــير كثــير " ، وهكذا القرآن أيضاً ، " بحر كبيــــــر من العلم والمعرفة " ، والقرآن الكريم لا ينشر المبادئ السلبية ولا يؤيدها ، إنه لا يقول بأن تشك في كل شيء ، وإنما يقول : انظروا ، وتدبروا ، وحاولوا أن تفهموا ، ثم حاولوا ، ثم حاولوا ، فإن لم تفهموا بعد ذلك فاسألوا الذين يعرفون ، فإن لم تفهموا بالرغم من ذلك فلا تقيموا رأياً ، أي لا ترفضوا ، ولا تصدقوا ، وإنما أجّلوا رأيكم لما بعد .
ولقد قال القرآن الكريم قبل ألف وأربعمائة عام أن الحياة بدأت من الماء (31) ، فقال العلماء الطبيعيون حينذاك : وكيف يكون هذا ؟!. وسخروا مما قاله الله !!!. وبعد ألف ومائتي عام اختـرع أحـد العلمــاء " الميكـروسكــوب " ، وأصبـح من الممكن بعد اختراع هذا " الميكروسكوب " النظر داخل الماء ومكوناته ، ولشد ما كان عجب العلماء حين نظروا إلى داخل الماء ، إذ وجدوها ممتلئة بجراثيم الحياة .
العلم الجامح :
الحقيقة أن سوء فهمنا هو الذي روّج لفكرة الصراع فيما يتعلق بالعلم ، فلقد اعتقدنا أن " التجريب " علم كامل ...... في حين أن هذا " التجريب " في أيامنا ما هو إلاّ محاولة عشوائية غير مكتملة لفهم حكمة الله تعالى ، وليس له هدف بعينه .
لقد بدأ المسلمون البحث التجريبي هذا ، وكان ذلك في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تعيش عصراً من الجهالة ، وكان المحرك لهذا البحث التجريبي لدى المسلمين هو خالق الكائنات ، ولم يكن هناك هذا النوع من الانتشار المضطرب غير المنظم للبحث التجريبي الموجود الآن ، وكان للكائنات هدف واحد ، ونظام واحد ، وخطة واحدة ، ومقصد واحد ، ولهذا فإننا نجد إشارات القرآن الكريم في كتابات علماء المسلمين التجريبيين . ثم كان من سوء الطالع أن ابتعد اهتمام المسلمين عن التفكير في الكائنات ، واقتصر على المشاغل الدينية فقط ، وهكذا انتقل البحث التجريبي إلى أيدي الباحثين الأوروبيين الذين اتسموا بالإخلاص والكفاءة والأمانة والاجتهاد ، وكل ما يتعلق بهذا الخصوص ، إلاّ شيئاً واحداً ، وهو أنهم لا ينظرون إلى الكائنات كما يريد الخالق ، وإنما ينظرون إليها كما يريد المخلوق فقط ، وإن لم تنظر إلى الكائنات كما يريد الخالق تحوّلت هذه الكائنات إلى غابة ، ولم يبق لها هدف أو مقصد ، ولا خطة أو نظام ، ومن هنا يضطرب البحث العلمي .
نيوتن والتفاحة :
لقد رأى " نيوتن " التفاحة وهي تسقط من الشجرة ، واكتشف بهذا سرّ الجاذبية الأرضية . نظر " نيوتن " إلى مسألة سقوط التفاحة ، ظلّ ينظر إليها ، فرأى أن هذه الثمرة الصغيرة تحمل بداخل بذورها الصغيرة شجرة وجذوعاً وفروعاً وثماراً . نظر إلى التفاحة ، فرأى أنه طالما كانت ثمرة التفاح غير ناضجة على شجرتها فإن لونها يكون أخضراً ، وتظل مختفية بين الأوراق الخضراء ، وعندما تنضج الثمرة ، وتصبح صالحة لتناولها طعاماً ، يتغير لونها ، وتصبح حمراء حتى تبدو لمن يراها ، وهكذا تلفت نظر المارّة إليها ، كأن لسان حالها يقول : هيا ، تعال واقطفني ، فإن غايتي أن تأكلني ، لقد خلقت لأكون طعاماً للإنسان .
يقول القرآن الكريم : يا أيها الناس ، لقد خلقنا لكم كل القوى والنعم حتى تسخروها وتستخدموها ، هذه الكائنات لكم ، وأنتم أشرف المخلوقات (32) . سبحان الله ، ما هذا المقام الذي أنعم الله به على الإنسان !!!.
ولم يحدث أبداً أن خاطبنا أئمتنا قائلين : أيها الناس ، اعقلوا الأمور ، ماذا تفعلون ؟ . راعوا ذلك الشرف الذي أنعم الله به عليكم . سادتي ، إن كل إمام قابلته يقول إنكم نجس مذنبون آثمون غاية في القذارة .
يأتي إلى مسجد الحي مرة كل عام بعض " المشايخ " ، ويطرقون باب بيتي (33) ، فإذا ما خرجت إليهم قالوا " يا أخي الفاضل ، نرجو أن تصلي " ، فأجيبهم : حسن ، صدقتم فيما تقولون ، إن فرضية الصلاة على العين والرأس ، لكني أتمنى أن تأتوا إلينا أحياناً وتقولون : نرجو أن تحسّن علاقاتك مع جارك ، وأن تخدم أهل الحيّ ، أو تقولون : أطعموا الجائع مما تأكلون ، فإن الطعام حينئذ يكون له مذاق آخر (34) . يا سادتي ، اسألوا " أصحاب اللحى " ممن تطرقون أبوابهم عن اللحية التي أطلقوها ، هل يؤدون حقها ؟. وبهذا تكون دعوتكم عنواناً على مضمون تحتويه ، وليس مجرد كلام لا طائل من ورائه .
علماء الدين :
سادتي ، إنني أحترم علماء الدين وأجلّهم ، وأعتبرهم أصحاب مكانة رفيعة ، ولأنهم قادتنا ومرشدونا ، فإن مسئولية كبرى تقع على عاتقهم ، وأنا عاتب عليهم أيضاً ، والعتاب يكون على " الكبار " المسئولين الذين نعلّق نحن عليهم آمالنا . أنا عاتب عليهم أنهم إلى اليوم لم يفكروا بجدية في الوجهة التي ينبغي أن تتجه إليها دعوتهم ، ولم يحاولوا بجدية فهم الماضي واستيعاب دروسه . إنهم يعتقدون أن العصر الحديث عصر ضال عن الطريق الصحيح بعيد عنه ، عصر ملحد رجيم ، ولهذا فهو لا يستحق الاهتمام ، في حين أن هذا هو الوقت الذي يحتاج إلى جهود الدعوة . إنهم لم يفكروا أبداً في الطريقة التي يجب أن يخاطبوا بها العصر الحديث ليؤثروا فيه . إنهم لم يعرفوا أبداً أنهم يواجهون وسائل الإعلام وأطباق الدش والعلم المضطرب الجامح الذي لا هدف له ولا مقصد .
يقول صديقي " إشفاق أحمد " (35) : " إن المشايخ يستحقون الاحترام ، لأنهم خدموا الدين كثيراً ، فهم دائماً الذين يعمرون المساجد ، وهم دائماً الذين يرفعون الأذان ، ويذكرّون الناس بوقت السجود بين يدي الله تعالى " .
يقول " إشفـاق أحمــد " إن المشايـخ هـم الذين يحافظـون على الإسلام ، وكلام " إشفاق أحمد " صحيح إلى حد ما . ولكن للإسلام وجهين ، أحدهما هو القالب ، والثاني هو الروح ، ولا شك أن المشايخ خدموا قالب الدين وشكله ، وفي حدود الصلاة فقط ، فلقد قصروا الدين على الصلاة ، والدعاة اليوم يقصرون دعوتهم على الصلاة فقط ، ويلقون بالسلوك الإسلامي وراء ظهـورهم ، وكانت النتيجـة أن أصبح الإسلام اليوم محدوداً بالشكل والقالب فقط ... عليكم بالصلاة ... لا تدعوا ما تلبسون من بناطيل وسراويل يصل إلى كعوبكم . وأصبحت السنّة اليوم مقصورة على الجسم فقط ، يقولون أنه عليكم عند دخول الحجرة أن تدخلوها بالرجل اليمنى ، وأن تشربوا باليد اليمنى ، وحفّوا شواربكم ، لكن لا يقول أحد عليكم بالصدقة فإنها سنة ، وعليكم بإطعام الجـائع فإنه سنّة ، وعليكم بأداء حقوق العباد فإنه سنّة (36) .

لم يعمر المشايخ وأئمة المساجد والخطباء والوعاظ المساجد بغرض الخدمة ، وإنما من أجل الحفاظ على إمامتهم ، والواعظ أو إمام المسجد يرفع علم الصلاة لأن مكانته وأهميته مرتبطة بإقامة الصلاة وإمامته للناس (37) ، والمشايخ حتى اليوم يحكمون الناس بهذه الطريقة .

لم يحافظ المشايخ على الإسلام حيّاً ، وإنما جعلوا من هذا البحر الزّخّار مستنقعاً ، أما الذين حافظوا على الإسلام وأبقوه حيّاً فهم المتصوفة وأولياء الله الكرام ، وقبل هؤلاء جميعاً تلك الذات العليّة التي تعهدت بحفظ القرآن (38) .

الحكم والمصلحة :

يقول الدعاة إذا صليتم انصلح حالكم واستقام سلوككم ، وربما يكون هذا صحيحاً مع بعض المصلين ، لكن أكثر المصلين لا يتحقق هذا معهم . ويقول دعاتنا أن الصلاة فرضت لكي تنقذنا من العيوب والمساوئ (39) ، وتحافظ على صحتنا ، وأنا أعتقد أن تأويل و " منطقة " حكم الله ، والبحث فيه عن المصلحة مرادف لإهانة لفظ " حكم " ، فإننا نصلي لأن الله حكم بهذا وأمر به وفقط ، ثم بعد ذلك يمكن أن يكون هناك مجال لحديث .
كانت السيدة الدكتورة " عفت " حرم السيد " قدرت الله شهاب " تجلس ذات مرة في أحد فنادق " لندن " ، وعلى نفس المنضدة كان يجلس أحد العسكريين الإنجليز بزيّه العسكري . سأل هذا الرجل الدكتورة " عفت " قائلاً : هل أنت مسلمة يا سيدتي ؟. فأجابته الدكتورة " عفت " : الحمد لله . فقال الرجل : هل تسمحين لي بسؤال ؟. قالت تفضل . قال : لماذا لا تأكلون لحم الخنزير ؟!. قالت : لأن الله أمرنا أن لا نأكله ، ولهذا لا نأكله . قال الرجل : ما الدليل على هذا " الأمر " ؟! (40) . قالت الدكتورة " عفت " : أنك رجل عسكري ، ومع ذلك لا تفهم معنى " الأمر " ، لا تعرف معنى " الحكم " . يا سيدي إن " الحكم " لا يرتبط بدليل أو مصلحة ، ولا يتوقف صدوره عليهما .
هوامش
24 - عام 1993م .
25 - من مدارس الفقه الحنفي في شبه القارة الهندو باكستانية ، وتنسب إلى مدينة " ديوبند " بالهند ، ولها معاهد علمية شهيرة منها " دار العلوم " بديوبند ، و " مظاهر العلوم " بسهارنبور ، و " ندوة العلماء " بلكهنو ، ومن أشهر علمائها " رشيد أحمد كنكوهي " و " محمد قاسم ناتنوي " و " أشرف علي تهانوي " وغيرهم .
26 - من مدارس الفقه الحنفي بشبه القارة الهندو باكستانية ، ومؤسسها " أحمد رضا خان بريلوي : متوفى 1921م " ، وتنسب إلى مدينة " بريلي " بالهند ، ولها معاهد علمية معروفة منها " منظر الإسلام " بالهند .
27 - يقصد الفقه الذي تقدمه الفرق المختلفـة للدين مثل فقه السنة ، والفقه الجعفري عند الشيعة ، وما شابه ذلك .
28 - تطبيقاً لحدّ من الحدود الإسلامية .
29 - هذا اسم صاحب الخطاب المنشور .
30 - يريد أن يقول أنه رأى ماءاً كثيراً جداً جداً جداً ، فتكرار المقطع الأخير من الكلمة هنا للتعبير عن الكثرة ، مثلما نمدّ حرف العلّة " الياء " في قولنا " رجل طويـــــــــــل " للتعبير عن شدة طوله ، ولما لم يكن الرجل يعرف مسمى " بحر " ، فقد أراد التعبير عنه بما يعرفه من الماء ، غير أنه ماء كثيــــــــــــــــر .
31 - قال تعالى : أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيئ حي أفلا يؤمنون " . الأنبياء - 30 .
32 - الإشارة إلى قوله تعالى : " ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً " – سورة الإسراء – آية رقم : 70 .
33 - الإشارة إلى جماعة التبليغ والدعوة ( مؤسسها محمد إلياس الدهلوي ) ، والذين يأتون إلى المساجد ، ويدورون على البيوت يدعون الناس إلى الصلاة والخروج في سبيل الله .
34 - في الأصل " فإن الطعام حينئذ يكون حلالاً " ، وهو تعبير في الأردية يتناسب مع الترجمة التي قدمناها " فإن الطعام حينئذ يكون له طعم آخر " ، إذ قد يكون الطعام حلالاً حتى وإن لم توزع منه على الفقراء وانفردت أنت بتناوله .
35 - إشفاق أحمد من كبار كتاب وأدباء اللغة الأردية في باكستان في القرن العشرين ، وزوجته هي الأديبة القصصية المعروفة بانو قدسية .
36 - لا شك أن هناك تحاملاً من الكاتب على الخطباء والوعاظ ، إذ أن هذه الأمور كلها وغيرها تكون موضوعات خطب الجمع والدروس الدينية عندنا ، ولا أظن أن خطباء ووعاظ باكستان يقصرون في دعوتهم إلى هذا الحدّ ، ولكن المهم دائماً هو النتيجـة ، لماذا لا تؤتي هذه الدعوة ثمارها المرجوة ؟. هذا ما كان ينبغي أن يبحث فيه الكاتب .
37 - أي يجمعون الناس خلفهم ويؤمونهم فيشعرون بمدى أهميتهم في المجتمع ، وهم بهذا طبقاً لما يقول الكاتب يخدمون أنفسهم وليس الإسلام .
38 - الإشارة إلى قوله تعالى " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " سورة الحجر – آية رقم : 9 .
39 - قال تعالى : " أتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون " – العنكبوت – 45 .
40 - يقصد ما الدليل على أنه مضر حتى يأمر الله المسلمين بعدم تناوله ؟.