المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معتقل النقب وتاريخ حافل بالقمع والبطولات



عصري فياض
25/10/2007, 04:12 PM
لم تكن هبة معتقل النقب التي حصلت قبل ايام واسفرت عن استشهاد الاسير محمد ساطي الاشقر 23 عاما وجرح 251 اسرا آخر هي الاولى ولن تكون الاخيرة في مسلسل الصراع بين سلطات السجون الاسرائيلية والجسد الاعتقالي الاحتلالي، فتاريخ النقب حافل بالممارسات القمعية الممنهجة والمبرمجة من قبل الحكومات والقيادات الاسرائيلة والاجهزة الامنية والادارية ضد الاسرى والمعتقليين الفلسطينيين منذ بدأ الصراع الفلسطيني والعربي الاسرائيلي ،وكذلك بالحجم ونفسه بل واكبر منه كان الصمود والتضحيات من قبل الاسرى والمعتقليين الفلسطينيين في كافة اماكن وازمنة الاعتقال خاصة في معتقل النقب الصحراوي .
نبذة تاريخية عن معتقل النقب
يقع سجن النقب في الجهة الغربية الوسطى من صحراء النقب المحتل في منطقة عسكرية تسمى فلسطينيا بمنطقة "جورة النقب" لموقها بين مجموعة تلال صغيرة محاذية للحدود المصرية ، حيث تبعد الحدود المصرية عن المعتقل 3 كيلومتر فقط، وقد اختارت حكومة الانتداب البرطاني هذا المكان في بداية الاربعينات لتقيم معسكر يراقب الحدود المصرية الفلسطينية وعندما اقرت حكومة الانتداب البرطاني قانون الطوارىء البغيض جعلت من معسكر النقب مكانا لإعتقال الفلسطينيين واليهود فيه وقد تم اعتقال اسحاق رابين واسحاق شامير إداريا في هذا المعسكر في عام 1945 لمة 3 شهور إداريا بعد عمليات نفذتها العصابات الصهيونية ضد البرطانيين في القدس وغيرها ،وعندما خرجت القوات البرطانية من فلسطين سلمت معسكراتها للعصابات اليهودية التي كان منها معسكر النقب، وقد بقي معسكرا واطلق علية بالعبرية "معسكر كتسيعوت " ، وفي عام 1988 وعندما اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الاولى ، وشرعت حكومة الاحتلال بعمليات قمع واسعة ضد ابناء الشعب الفلسطيني المنتفض قتلا وجرحا واعتقالا ،اوعز وزير الحرب في حكومة العدو رابين وقتها مع رئيسه الاول اسحاق شامير في افتتاح معسكر كبير وبعيد وذو تضاريس صعبة وغير مؤلوفة على الفلسطينيين ليشرك الطبيعة في قنع الفلسطيننين الثائرين ويخمد في نفوسهم جذوة الثورة ضد الاحتلال، فعهد للعقيد دافييد تسيمح قائد احدى تشكيلات سلاح الهندسة في جيش الاحتلال بغقامة هذا المعتقل ، خاصة وان المدعو تسيمح هذا سبق وان اقام معسكر انصار في جنوب لبنان بعد اجتياح 1982، والذي ضم اكثر من خمسة آلاف اسير فلسطيني ولبناني، كما عهد اليه اقامة معسكر قرب غزة عرف بمعسكر انصار 2 عام 1986 لقمع الاحتجاجات الفلسطينية التي سبقت الانتفاضة، اما معسكر ومعتقل النقب فقد اطلق عليه الفلسطينيون انصار 3،ليكون في المفهوم الشعبي استكمالا لمشروع القمعي الذي تمارسه اسرائيل في اكثر من موقع وفي اكثر من زمان .
وقد افتتح المعتقل رسميا بتاريخ 22/3/1988،بالزج ب500 اسير فلسطيني من مدن الضفة والقطاع ليرتفع العدد خلال ثلاثة اسابيع إلى 2200 اسير تم الزج بهم في قسمين يتالف القسم والواحد منها من خمس اجزاء ويستوعب 120 اسير غطائهم خيام بالية وفرشهم بطاطين والواح خشبية وجلد مهترأة، ناهيك عن اقسى ممارسات الاهانة والاذلال في كل مناحي الحياة مع انقطاع كامل وشامل عن الحياة ،فلا وسائل اعلام ولا محامين ولا متابعة صحية ويكفي ان تعرف ان وعاء ماء واحد سعته الف لتر مخصص لكل جزء من القسم يخدم 120 اسير نظافة وغسلا واستحماما وقضاء الحاجات لمدة 24 ساعة واحيانا 48 ساعة،اما العدد فقد كان يقضي ببقاء الاسرى تحت الشمس في عز الصيف لمة 20 دقيقة مكبلي الايدي وسط الساحة وعلى الرمال،واذا همس اسير كان اقل العقابات هي ان ينام في الزنزانة الحديدة الملتهبة مدة ثلاثة ايام إلى سبعة ايام مع وجبات من الرش بالماء الساخن والضرب المبرح، اضافة لارغام بعض الاسرى في العمل في خدمة الجنود من الصباح حتى منتصف الليل دون مقابل ،هذا الوضع دفع بالاسرى للثورة فكانت اول الهبات واعنفها بتاريخ 16 /8 /1988 عندما انتفض الاسرى في وجه جلاديهم فسقط الشهيدن الاسيرين اكرم سمودي من بلدة
اليامون واسعد الشوا من مدينة غزة على يد قائد المعسكر شخصيا المدعو دافييد تسيمحواصابة 27 معتقل بالرصاص الحي والمطاطي واصابة الف معتق بالختناق من فعل الغاز الكثيف والخانق الذي تم القاءه على الاسرى.
وقد كانت هذه الحادثة انطلاقة لثورة الاسرى في هذا المعتقل البغيض فخاض الاسرى اول اضراب جماعي عن الطعام لمدة 3 ايام متواصلة بعد الحادث مباشرة، ثم حصل صدام آخر في شهر 12/1988 عندما تصدى الاسرى لمحاولات اقتحام المعتقل بالحجارة وإقتلاع الاسلاك الشائكة ، وفي شهر 3 /1989 خاض الاسرى اضرابا مفتوحا عن الطعام مطالبين بحقوقهم الاساسية من زيارة الاهل وتوفير ادنى شروط الحياة وقد استمر الاضراب لمدة 7 ايام....
وفي شهر حزيران من نفس السنة اشتعل الوضع في سجن النقب عندما فتح احد الجنود الحاقدين النار على الاسرى وقت العدد مما ادى لإصابة 3 اسرى بالرصاص فإندلعت التظاهرات والاعمال الاحتجاجية من قبل الاسرى استمرت من الثامنة مساء حتى الرابعة صباحا، تم خلالها احراق الخيام في خطوة احتجاجية، وقد استمرت الصدامات من حين لاآخر بين إدارة المعتقل وبين المعتقليين حتى اغلق المعسكر مؤقتا بعد اتفاقيات اوسلو عام 1995.
معتقل النقب في انتفاضة الاقصى
بعد اندلاع انتفاضة الاقصى واجتياح المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية ، عمدت حكومة الاحتلال لإعادة فتح المعتقل من جديد للزج بآلاف الاسرى فيه،حيث افتتتح من جديد في شهر نيسان من العام 2002،حيثعاد الاسرى لنقطة الصفر مع ادارة المعتقل التي رفضت في البداية منحهم اقل الحقوق المنصوص عليها دوليا خاصة وأنهم هذه المرة من شعب اعترفت حكومة العدو به عبر اتفاقيات او سلو، فخاض الاسرى مواجهات مفتوحة كان اعنفها استنفار شهر 11 /2003 والذي استمر لاكثر من سبع ساعات،عجزت كل آلية القمع الصهيونية من كسر شوكة الاسرى الذين خرجوا للممرات بعد ان اقتلعوا الاسلاك ،فهددت ادراة المعتقل بفتح النمار على الاسرى دون تمييز مما انذر بوقوع مجزرة ، تم تفاديها بتدخل مسؤولي التنظيمات بعد وعد بمنح الاسرى حققوقا مسلوبة، وقد تعرض المعتقل لثلاث عمليات احتراق اوقعت عدد من الجرحى، وكادت ان توقع كوارث كبيرة بين الاسرة وقد كانت في التواريخ التالية :
الحريق الاول بتاريخ 22 /12/2004، عندما احترق القسم ج1 وادى لاصابة 3 معتقليين
الحريق الثاني بتاريخ 24 /7 /2005 ،وقد التهم الحريق اربع اقسام تعرف بأقسام القفص ،ولوا اقدام المعتقليين العاملين في المطبخ على كسر الاقفال بالقوة ورغما عن السجانين لإلتهمت النيران جميع الاسرى في القفص والبلغ عددهم 240 اسيرا.
الحريق الثالث الذي حصل نتيجة الصدام الاخير في العشرين من الشهر الجاري اكتوبر والذي نتج عن اقتحام قوات القمع التابعة لما يسمى مصلحة السجون والذي ادى لإستشهاد المعتقل محمد ساطي الاشقروجرح 251 اسير ومعتقلا فلسطينيا، وقد اتى الحريق على قسمين بالكامل من حيث الخيم وممتلكات واغراض ومقتنيات الاسرى
وكان معتقل النقب قد تم نقل ادارته من قيادة المنطقة العسكرية في جيش العدو إلى مصلحة السجون المعلروفة بإسم (الشاباس) في بداية شهر آذار من العام 2006 لتقوم هذه الادارة بعملية قمع واسعة ضد الاسرى شارك بها اكثر من خمسة آلاف جندي من الوحدات الخاصة حيث تم اقتحام اربع اقسام وهي ب1 وب2 وب4 وقسم 7 ونقل المعتقليين فيها إلى كافة السجون تحت وضأة القمع الشديددون ان يسمح لاحد من الاسرى من نقل اي من اغراضهم الخاصة.......
لقد اطلق الاسرى قديما على سجن النقب عدة مسميات احداها هو "اوشفيتس" وهو اسم المعتقل النازي المشهور الذي بناه النازيون في الحرب العالمية الثانية ،وقد تكون لهذا المسمى دلالاته واسقاطاته على واقع القمع الوحشي المستمر ضد الاسرى الفلسطينيين في سجن النقب وباقي السجون الفلسطينية.