المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفصل الثامن من رواية الرجل العقرب



فايزة شرف الدين
27/10/2007, 01:24 PM
الغالية / فاطمة
يحي حقي كان من رواد القصة القصيرة ، وقد أدخل عليها تطويرا كبيرا .. ومن نقده أن الواو لا لزوم لها أصلا .. فيجب الاستغناء عنها لأنها من وجهة نظره زائدة على النص .. وكنت مقتنعة جدا برأية فيما يخص القصة القصيرة .. وايضا نوعا ما في الرواية .. لكن أحيانا التخوف يجعلنا محلك سر .
من النقد الذي قاله أيضا هو استخدام كلمة دلف .. بدلا من دخل .. ولقد بحثت عنها في المعجم ولم أجد لها أصل .. وكان الكتاب يستخدمون هذه الكلمة كثيرا ، ومن ثم تعلمت هذه الكلمة منهم .. وكان هذا خطأ .. وكما قلت لك المصريون عندهم بعض الحروف لا ينطقونها بشكل صحيح سواء عامي أو فصحي ، لذلك كثيرا منا يقع في الخطأ ، وهذا لاحظته عندما قرأت للمبدعين المصريين .. مثل حرف الزاي والذال ، والسين والصاد وأحيانا القاف والكاف .
في قصتنا وفي هذا الفصل تصاعد للمشاعر المعتملة في نفوس شخوص الرواية .. كي يبلغ الصراع ذروته في الفصلين التاليين .
أما بالنسبة لعلاقة الناسخ والمستنسخ فكما أسلفت .. فقد قرر الفقهاء بعد مداولات أنها ليست علاقة أب بابنه ، وهي علاقة غريبة شاذة .. قد نوهت عنها في سياق الرواية بالرجوع إلي مشاعر عزيز نفسه .
وهنا الناسخ والمستسخ مشاعرهما ستكون واحدة .. ولكن ماذا سينجم عن هذا ؟
الإجابة في الفصول التالية غاليتي .


http://www.10neen.com/up/uploads/f855713d07.gif (http://www.10neen.com/up/)

فايزة شرف الدين
27/10/2007, 01:24 PM
اليقين :
راودت "عزيز" نفس الأفكار الجهنمية التي راودت الدكتور "عزام" وتوصل إلي الحل المنطقي والوحيد ؛ كي يحيا حياته ويعيش الدنيا التي حرم منها ، فهو والدكتور "عزام" لا يمكن أن يعيشا معا ، فالحياة ضاقت بكليهما ، فطالما راودته الهواجس والريب عن أصل وجوده في الحياة .. لم يستطع أن يواجه بها أمه ، فهي المخلوق الوحيد الذي عطف عليه طوال حياته المجدبة ، فيها لم يذق طعما من الاهتمام أو الحب من الدكتور "عزام" الذي يجب أن يكون والده ، بل أمعن هذا الرجل في قسوته عليه ، فعامله باحتقار ، وعزله عن الحياة والآخرين .
كان قد تتلمذ علي يد "سكينة" التي لقنته العلوم كلها ، وبدأ في مراحل عمره المبكرة الاهتمام بعلم التشريح ، وعلوم الطب والهندسة الوراثية التي أغرم بها .
قرر "عزيز" أن يعرف ويتيقن من الحقيقة ، فبدأ ذهنه يتفتق عن خطة محكمة ، فقد استطاع أن يحصل علي نسخ من مفاتيح الدكتور "عزام" كلها .. أخذ يستغل الفترات الطويلة التي كان يتغيب فيها عن الفيلا ، فكان يدخل مكتبه ويفتش عن أوراق الدكتور "عزام" وأبحاثه التي ظهرت للوجود ، ولم يعلن عنها ، وكان حريصا علي أن تكون سرا لا يعرفه أحد ، وبين الملفات الكثيرة ، كان هناك ملف مكتوب عليه مشروع الاستنساخ ، فتناوله وهو يشعر شعورا غامضا بالتوتر والانفعال الغامرين .
كان وقع الصدمة عليه مروعا ، عندما قرأ الملف الرهيب الذي يحوي سر استنساخه ، وفيه ذكر الدكتور "عزام" كيف راودته هذه الفكرة ، والخطوات التي قام بها إنجاح هذه العملية ، وشعر بالحقد والغضب البالغين عن انطباعات الرجل ، عندما أورد كلمة تجربة أكثر من مرة ، والإشارة إليه بالنسخ ، فكأنما كان ينظر إليه علي أنه ليس له روح تتألم ، أو جسد يشعر به كما يشعر هو ، وتنتابه مشاعر الحب والكراهية مثله . غشيته سحابة سوداء ، وأطلت علي وجهه نظرة كلها بغض ، وقرر الانتقام الرهيب من هذا الرجل الذي جعل من حياته مأساة ، فقد جاء إلي هذه الحياة إنسانا ناقصا ، ليس له أب وأم حقيقيان ، فهو نسخ لرجل آخر ، لم يحمل المكونات التي أودعها الله في خلقه ، فأصبح مخلوقا لا يستطيع أن يحدد أو يجد له مكانا في الحياة الإنسانية .
قرر أن يذيقه الكأس التي جعل أمه تتجرعها غصبا ، لتكون مجرد وعاء تحمل جسده في رحمها ، واغتصبها من الحياة ليكونا معا حبيسا جدران هذه الفيلا المنعزلة ، فهما بلا شك ضحيتين لهذا الرجل .
تسلل "عزيز" خارجا من الفيلا وهو متنكر ، وذلك بعد أن تأكد من انصراف الدكتور "عزام" ، واستقل سيارته التي أخفاها في مكانها المعهود .. مرق بها خلال الشوارع المزدحمة بالسيارات والمارة .. كان يشعر بضيق وتوتر بالغين في وسط هذا الزحام الذي لم يألفه طوال حياته المنعزلة عن الناس .
وقف بسيارته لحظات عندما أصبح أمام جامعة القاهرة ، ثم مرق بها خلال البوابة الضخمة ، وابتسم ابتسامة غامضة وهو يرفع رأسه تجاه ساعتها الكبيرة .. كانت تدق برتابة معلنة الوقت .. اجتاحته مرارة لبعده طوال عمره عن عجلة الزمن وحركة الحياة .
وضع سيارته قريبا من مبنى كلية العلوم ، وأخذ يرقب الطلبة وينصت إلي أحاديثهم ، ثم هبط من السيارة وجلس علي أحد الأرائك الخشبية ، وبدأ يرمق الداخلين والخارجين من مبني الكلية ، ولمح الدكتور "عزام" وهو يمشي داخل المبني بعينيه النافذتين .
كرر ما فعله عدة مرات ، حتي أصبح يألف وجوه الطلبة والطالبات ، ثم بدأ بالتعرف علي بعضهن ، وأخبرهن أنه طالب بكلية الحقوق ، ومن خلالهن تعرف علي أصدقائهن من الطلبة ، واستطاع أن يحضر بعض محاضراتهم بصحبتهم متجنبا أن يلمحه الدكتور "عزام" .
في يوم كان بصحبة أحد أصدقائه ، فشاهد الدكتور "عزام" يمشي مع فتاة رائعة الجمال ، كان يتكلم معها باهتمام فائق ، حتى أنه لم ينظر أو يرفع بصره إلي أحد غيرها ، وهما يدخلان مبنى الكلية ، فدق قلب "عزيز" سريعا ، فلقد ملكت هذه الفتاة اهتمامه ، واهتز لرؤيتها وجدانه بشكل غريب لحظة أن وقعت عيناه عليها ، وداخلته غيرة شديدة من الدكتور "عزام" فهو بالتأكيد يهيم بها حبا .
بدأت "سكينة" ترتاب في سلوك "عزيز" ، فلم تعتاده منه قبلا ، فخروجه بالنهار يوميا جعلها تشك في أنه يضمر شيئا في صدره ، وخالجها قلق غامر عليه ، فقد كان قلبها يحدثها أنه في خطر محدق ، وأصبحت تخاف الدكتور "عزام" أكثر من ذي قبل ، ولم تستطع أن تعلل هذا الشعور أو تجد له تفسيرا .
في يوم أقبل عليها "عزيز" وهي في حجرتها ، فنظرت إليه وقد ارتسم علي وجهها رعب هائل ، وتراجعت إلي الوراء عدة خطوات وهي تصرخ بفزع :
ـ الدكتور "عزام" !!
هتف "عزيز" يطمئنها ، وهو يلوح بيديه ليسكن جأشها :
ـ إنني "عزيز" يا أمي .
غشيت وجهها علامات عدم التصديق ، وقالت وهي تضحك بهستريا :
ـ طبعا ، طبعا ، إنك "عزيز" .
هتف "عزيز" وقد أدرك أنها لا تزال تشك في أمره :
ـ إنني حقا "عزيز" فلا تخافي .
وكشف عن معصمه وأراها الساعة التي أهدتها له وهو يقول باسما :
ـ إليك الدليل .
تقدمت إليه بعد أن سكن جأشها واطمأنت ، وهي تنظر إليه مليا :
ـ لقد أصبحت شديد الشبه بوالدك ، حتي التجاعيد التي على جبينه !!
صمتت فجأة ولم تعقب .
أدرك "عزيز" ما قالته "سكينة" عندما نظر في المرآة ، ولم تأخذه الدهشة عندما طالعه وجهه ، وقد ارتسمت عليه علامات الكهولة ، فهو قد أيقن أنه سيحمل عمر الدكتور "عزام" على كاهله ، وأن عمره الآن السابعة والخمسون ، لأن جسمه تكون من خلية عجوز كان عمرها وقت ذاك أربعين سنة ، ولم يكن هذا مفاجأة له فإحساس الشباب لم يراوده أبدا ، وكيف له هذا مع تلك الخلية العجوز ؟!
أمسكت "سكينة" يده ، ثم أدارت وجهه قبالتها ، حتى التقت نظراتهما وهالها عيناه الخابيتان المنطفئتان ، ولمحت ذلك الانكسار المؤلم يغشاهما ، وشعرت بحزن عميق يغلغل قلبها الكسير .
لمح هو أيضا في عينيها الذاويتين اللتين فقدتا بريق الحياة ، ذلك الانكسار المشبوب في أعماقها ، شعر بألم ممض فهما الاثنان مسخان من مسوخ الدكتور "عزام" ، لقد مسخ روحها ، وأدمى قلبها بجفائه واحتقاره لها ، وانتهاك حرمة جسدها بأبشع الصور لتحمل منه ، لكن هو مسخ لا يعرف هويته ، هل هو ينتمي للإنسانية بما تحمله من قيم ومبادئ ؟! أو إلي الحيوانية التي لا تدرك سوي إشباع غرائزها للطعام والتناسل من أجل التكاثر ؟!
أصبح هو بتكوينه هذا لا يدرك ما هو الفرق بين الخير والشر ؟ ، فلقد تملكت روحه وجسده قوة قاهرة من المقت لهذا الرجل وإلي العالم.
أشاح بوجهه عنها ، وجذب يده من يدها ، خرج مسرعا إلى حجرته المظلمة الحالكة ، وقبع في الصوان المظلم ساعات طويلة ساكنا لا يتحرك .

فاطمه بنت السراة
25/07/2008, 03:00 AM
اليقين :
راودت "عزيز" نفس الأفكار الجهنمية التي راودت الدكتور "عزام" وتوصل إلي الحل المنطقي والوحيد ؛ كي يحيا حياته ويعيش الدنيا التي حرم منها ، فهو والدكتور "عزام" لا يمكن أن يعيشا معا ، فالحياة ضاقت بكليهما ، فطالما راودته الهواجس والريب عن أصل وجوده في الحياة ، ولم يستطع أن يواجه بها أمه ، فهي المخلوق الوحيد الذي عطف عليه طوال حياته المجدبة ، فيها لم يذق طعما من الاهتمام أو الحب من الدكتور "عزام" الذي يجب أن يكون والده ، بل أمعن هذا الرجل في قسوته عليه ، فعامله باحتقار ، وعزله عن الحياة والآخرين .
كان قد تتلمذ علي يد "سكينة" التي لقنته العلوم كلها ، وبدأ في مراحل عمره المبكرة الاهتمام بعلم التشريح ، وعلوم الطب والهندسة الوراثية التي أغرم بها .
قرر "عزيز" أن يعرف ويتيقن من الحقيقة ، فبدأ ذهنه يتفتق عن خطة محكمة ، فقد استطاع أن يحصل علي نسخ من مفاتيح الدكتور "عزام" كلها ، وأخذ يستغل الفترات الطويلة التي كان يتغيب فيها عن الفيلا ، فكان يدخل مكتبه ، وجاست يداه تبحثان عن أوراق الدكتور "عزام" وأبحاثه التي ظهرت للوجود ، ولم يعلن عنها ، وكان حريصا علي أن تكون سرا لا يعرفه أحد ، وبين الملفات الكثيرة ، كان هناك ملف مكتوب عليه مشروع الاستنساخ ، فتناوله وهو يشعر شعورا غامضا بالتوتر والانفعال الغامرين .
كان وقع الصدمة عليه مروعا ، عندما قرأ الملف الرهيب الذي يحوي سر استنساخه ، وفيه ذكر الدكتور "عزام" كيف راودته هذه الفكرة ، والخطوات التي قام بها إنجاح هذه العملية ، وشعر بالحقد والغضب البالغين عن انطباعات الرجل ، عندما أورد كلمة تجربة أكثر من مرة ، والإشارة إليه بالنسخ ، فكأنما كان ينظر إليه علي أنه ليس له روح تتألم ، أو جسد يشعر به كما يشعر هو ، وتنتابه مشاعر الحب والكراهية مثله . غشيته سحابة سوداء ، وأطلت علي وجهه نظرة كلها بغض ، وقرر الانتقام الرهيب من هذا الرجل الذي جعل من حياته مأساة ، فقد جاء إلي هذه الحياة إنسانا ناقصا ، ليس له أب وأم حقيقيان ، فهو نسخ لرجل آخر ، لم يحمل المكونات التي أودعها الله في خلقه ، فأصبح مخلوقا لا يستطيع أن يحدد أو يجد له مكانا في الحياة الإنسانية .
قرر أن يذيقه الكأس التي جعل أمه تتجرعها غصبا ، لتكون مجرد وعاء تحمل جسده في رحمها ، واغتصبها من الحياة ليكونا معا حبيسا جدران هذه الفيلا المنعزلة ، فهما بلا شك ضحيتين لهذا الرجل .
تسلل "عزيز" خارجا من الفيلا وهو متنكر ، وذلك بعد أن تأكد من انصراف الدكتور "عزام" ، واستقل سيارته التي أخفاها في مكانها المعهود ، ومرق بها خلال الشوارع المزدحمة بالسيارات والمارة ، و (كان فقط بدون واو) كان يشعر بضيق وتوتر بالغين في وسط هذا الزحام الذي لم يألفه طوال حياته المنعزلة عن الناس .
وقف بسيارته لحظات عندما أصبح أمام جامعة القاهرة ، ثم مرق بها خلال البوابة الضخمة ، وابتسم ابتسامة غامضة وهو يرفع رأسه تجاه ساعتها الكبيرة ، و (الواو زائدة) كانت تدق برتابة معلنة الوقت ، و (أفضل بدون واو) اجتاحته مرارة لبعده طوال عمره عن عجلة الزمن وحركة الحياة .
وضع سيارته قريبا من مبني كلية العلوم ، وأخذ يرقب الطلبة وينصت إلي أحاديثهم ، ثم هبط من السيارة وجلس علي أحد الأرائك الخشبية ، وبدأ يرمق الداخلين والخارجين من مبني الكلية ، ولمح الدكتور "عزام" وهو يمشي داخل المبني بعينيه النافذتين .
كرر ما فعله عدة مرات ، حتي أصبح يألف وجوه الطلبة والطالبات ، ثم بدأ بالتعرف علي بعضهن ، وأخبرهن أنه طالب بكلية الحقوق ، ومن خلالهن تعرف علي أصدقائهن من الطلبة ، واستطاع أن يحضر بعض محاضراتهم بصحبتهم متجنبا أن يلمحه الدكتور "عزام" .
وفي يوم كان بصحبة أحد أصدقائه ، فشاهد الدكتور "عزام" يمشي مع فتاة رائعة الجمال ، وكان يتكلم معها باهتمام فائق ، حتي أنه لم ينظر أو يرفع بصره إلي أحد غيرها ، وهما يدخلان مبني الكلية ، فدق قلب "عزيز" سريعا ، فلقد ملكت هذه الفتاة اهتمامه ، واهتز لرؤيتها وجدانه بشكل غريب لحظة أن وقعت عيناه عليها ، وداخلته غيرة شديدة من الدكتور "عزام" فهو بالتأكيد يهيم بها حبا .
بدأت "سكينة" ترتاب في سلوك "عزيز" ، فلم تعتاده منه قبلا ، فخروجه بالنهار يوميا جعلها تشك في أنه يضمر شيئا في صدره ، وخالجها قلق غامر عليه ، فقد كان قلبها يحدثها أنه في خطر محدق ، وأصبحت تخاف الدكتور "عزام" أكثر من ذي قبل ، ولم تستطع أن تعلل هذا الشعور أو تجد له تفسيرا .
في يوم أقبل عليها "عزيز" وهي في حجرتها ، فنظرت إليه وقد ارتسم علي وجهها رعب هائل ، وتراجعت إلي الوراء عدة خطوات وهي تصرخ بفزع :
ـ الدكتور "عزام" !!
هتف "عزيز" يطمئنها ، وهو يلوح بيديه ليسكن جأشها :
ـ إنني "عزيز" يا أمي .
غشيت وجهها علامات عدم التصديق ، وقالت وهي تضحك بهستريا :
ـ طبعا ، طبعا ، إنك "عزيز" .
هتف "عزيز" وقد أدرك أنها لا تزال تشك في أمره :
ـ إنني حقا "عزيز" فلا تخافي .
وكشف عن معصمه وأراها الساعة التي أهدتها له وهو يقول باسما :
ـ إليك الدليل .
تقدمت إليه بعد أن سكن جأشها واطمأنت ، وهي تنظر إليه مليا :
ـ لقد أصبحت شديد الشبه بوالدك ، حتي التجاعيد التي علي جبينه !!
صمتت فجأة ولم تعقب .
أدرك "عزيز" ما قالته "سكينة" عندما نظر في المرآة ، ولم تأخذه الدهشة عندما طالعه وجهه ، وقد ارتسمت عليه علامات الكهولة ، فهو قد أيقن أنه سيحمل عمر الدكتور "عزام" علي كاهله ، وأن عمره الآن السابعة والخمسون ، لأن جسمه تكون من خلية عجوز كان عمرها وقت ذاك أربعين سنة ، ولم يكن هذا مفاجأة له فإحساس الشباب لم يراوده أبدا ، وكيف له هذا مع تلك الخلية العجوز ؟!
أمسكت "سكينة" يده ، ثم أدارت وجهه قبالتها ، حتي التقت نظراتهما وهالها عيناه الخابيتان المنطفئتان ، ولمحت ذلك الانكسار المؤلم يغشاهما ، وشعرت بحزن عميق يغلغل قلبها الكسير .
لمح هو أيضا في عينيها الزاويتين (بالذال) اللتين فقدتا بريق الحياة ، ذلك الانكسار المشبوب في أعماقها ، شعر بألم ممض فهما الاثنان مسخان من مسوخ الدكتور "عزام" ، لقد مسخ روحها ، وأدمي قلبها بجفائه واحتقاره لها ، وانتهاك حرمة جسدها بأبشع الصور لتحمل منه ، لكن هو مسخ لا يعرف هويته ، هل هو ينتمي للإنسانية بما تحمله من قيم ومبادئ ؟! أو إلي الحيوانية التي لا تدرك سوي إشباع غرائزها للطعام والتناسل من أجل التكاثر ؟!
أصبح هو بتكوينه هذا لا يدرك ما هو الفرق بين الخير والشر ؟ ، فلقد تملكت روحه وجسده قوة قاهرة من المقت لهذا الرجل وإلي العالم.
أشاح بوجهه عنها ، وجذب يده من يدها ، خرج مسرعا إلي حجرته المظلمة الحالكة ، وقبع في الصوان المظلم ساعات طويلة ساكنا لا يتحرك .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(من شابه أباه)
حتى القلب يدق لنفس المرأة التي اختارها أباه, ما دام أنه (نسخا) منه.
(الخلية المستنسخ منها عجوز) وبما أن (المستنسخ) لا يعيش طويلا, لذلك عزيز في نمو مذهل وسريع.
تطور جميل في هذا الفصل
غاليتي ..
(فكان يدخل مكتبه ، وجاست يداه تبحثان عن أوراق) أعيدي النظر في جاسا لتنسجم مع ما قبلها (يدخل).
بالنسبة للواو أحيانا تكون زائدة هنا كما أشرت. وأحيانا تكون طبيعية أو لازمة وهي كثيرة هنا.
الياء بدل الألف المقصورة (تغيير فقط).

دمت في حفظ الله

فايزة شرف الدين
26/07/2008, 03:07 PM
عذرا الفصل الثامن بعد التعليق مباشرة