فايزة شرف الدين
27/10/2007, 01:51 PM
الغيرة المميتة :
ــــــــــــــــــــــــــ
أصبح "عزيز" يرقب الدكتور "عزام" طيلة الوقت ، منذ مغادرته الفيلا حتى ذهابه إلي الكلية ، ثم أصبح أكثر جرأة ، وراقب مكتبه عن كثب ، ولمح الدكتور "أسعد" عدة مرات وهو يتردد عليه ، وتيقن أنه مساعده الذي ذكره في مذكراته ، ورآهما وهما يعبران الدهليز الطويل لمبنى الكلية ، وكان يبدو علي ملامحه المتوترة أنه يخشى الدكتور "عزام" ؟، ويرهب جانبه .
تيقن "عزيز" من خلال محاضرات الطلبة ، وأحاديثهم عن الدكتور "عزام" أنه يحظى باهتمام بالغ منهم ، وسمعة طيبة ، فقد أظهر الجانب الحسن من حياته ببراعة ، وأخفى بنفس تلك البراعة الجوانب المثيرة للمشاكل والشبهات .
خفق قلبه وكاد يقفز من بين ضلوعه ، عندما لمح "سارة" بقوامها الرائع المثير وشذا عطرها يسبقها ، ولمح لهيب عينيها الوضاءتين فأخفى وجهه وراء جريدة كان ممسكا بها ، وقاوم رغبة جامحة لمنعها من دخول مكتب الدكتور "عزام" ، عندما أصبحت بمحاذاته ، وبالقرب منه خطت عدة خطوات ، ثم أدارت ظهرها له ، وأصبحت في مواجهة باب مكتب الدكتور "عزام المغلق ، فنقرت عليه بيدها الرقيقة ، لمحها "عزيز" وهي تدخل بركن عينيه فتقدم مسرعا ، واستند علي سور الدهليز المقابل للمكتب مباشرة ، وتلصص النظر داخله فرآها تقترب من الدكتور "عزام" ، وأصاخ السمع ، وتطرق لأذنيه صوت الرجل يهتف بحرارة جياشة :
ـ لقد افتقدتك جدا يا "سارة" ، كأنني لم أرك منذ سنين .
صعد الدم إلى رأسه وشعر بالغضب الشديد عندما ، سمعها تقول ضاحكة :
ـ لقد كنا أمس معا .
عند ذلك خرج فوج من الطلبة من أحد المعامل القريبة من المكتب ، وكانوا يثيرون صخبا ويتجادلون بصوت مرتفع ، وفجأة رأي باب المكتب يغلق دونهما ، فشعر بالغيرة القاتلة ، وأن "سارة" قد خانته مع هذا الرجل ، فهي ملكه دونه ، وداخلته رغبة مجنونة بالفتك بأي شيء يقابله .
شعر بألم في مؤخرته ، ولحسن الحظ كان الدهليز خاليا من الطلبة ، عندما انبعث صوت تمزق سرواله بشكل حاد تحت وطأة الذنب الآخذ في التمدد ، ويكاد يهوي علي من يقابله ويفتك به .
كان "عزيز" يرتدي دائما معطفا طويلا لونه أسود ، فلم يظهر ذنبه الطويل الذي يكاد يمزقه أيضا ، ومشى مسرعا عبر الدهليز ، وهبط السلم إلي الطابق الأول بالكلية ، ومنه إلي الخارج ، وركب سيارته علي عجل وهو محموم .
مرق عبر البوابة الضخمة إلي خارج الجامعة ، وفي طريقه لمح إحدى الطالبات التي تعرف بها مؤخرا تلوح له بكلتى يديها بإلحاح ، فتوقف بسيارته بمحاذاتها ، فاستوت جانبه دون تردد ، وهتفت :
ـ من حسن حظي أنني وجدتك ، فلقد تعطلت سيارتي في الطريق وتركتها عند الميكانيكي .
ابتسم "عزيز" بغموض ، ولم تبصر الفتاة عينيه اللتين تبرقان بلهب مستعر من خلال المرآة التي أمامه ، غمغم بصوت هامس:
ـ هذا من حسن حظي أنا ، لأتمتع بصحبة فتاة رائعة الجمال .
سعدت الفتاة بكلمات الإطراء ، وقالت بدلال :
ـ أنت جنتلمان حقيقي !
مد "عزيز" يده برفق ، واحتوى يدها الصغيرة بين راحته ، فلم يجد مقاومة ، فرفع يدها وقربها من شفتيه وقبلها ، فصاحت الفتاة هامسة ، وهي تقترب منه وأنفاسها تلفح جانب وجهه .
ـ عزيز .. عزيز .
لم تلمح الفتاة الذنب القاتل ، وهو يتلوى في الجانب الآخر من السيارة كثعبان يتربص بفريسته .
قال "عزيز" ، وهو يضغط علي يدها بقوة :
ـ سنذهب إلي مكان سوف تحبينه كثيرا .
أومأت الفتاة برأسها موافقة ، وهي تشعر بنشوة عارمة لم تستطع مقاومتها ، اخترقت السيارة شوارع القاهرة المزدحمة ، ثم بدأت تمرق في شوارع أكثر هدوءا متجهة إلي الصحراء .
أثار غموض "عزيز" وجو الصحراء روح المغامرة في كيان الفتاة ، فصرخت وهي تشير إلي الرمال الصفراء اللامعة تحت أشعة الشمس المشرقة :
ـ هذه مفاجأة مذهلة يا "عزيز" !
عندما هبطا من السيارة هبت رياح لطيفة داعبت شعر الفتاة وتطاير مع الهواء ، فغمرتها بهجة عابثة ، واتكأت برأسها علي جسد "عزيز" القوي .
أشار إلى تل بعيد تطاول بين الرمال ، وصاح بها :
ـ هيا نذهب إلي هناك .
تواثبت الفتاة بخفة علي الرمال في بادئ الأمر ، وهو خلفها بخطوات ، ثم هبت ريح قوية انتزعت الرمال الناعمة ، فتناثرت حباتها في الهواء ، فأغمضت عينيها لحظات ، فكانت فرصة سانحة ليتخلص "عزيز" من معطفه الذي يشعره بالضيق . وتلقفها بين ذراعيه وجرى بها بخفة ، بينما كان ذيله يتدله خلفه ، ويتلوى هبوطا وصعودا ، وقد انفرجت ذوائبه التي تشبه الفكين بشكل مخيف ، لفت الفتاة ذراعيها حول رقبته ، وصدى صوت ضحكاتها العالية يتردد في الفضاء الفسيح .
وصلا عند التل ، ودخل بها إلي فجوة منحوتة فيه تشبه الكهف إلي حد كبير ، وأنزلها من بين ذراعيه ، اندهش "عزيز" بشدة عندما صاحت الفتاة مازحة ، وهي تشير إلي ذيله بسخرية عندما وقعت عيناها عليه للمرة الأولي :
ـ يبدو أنك متأثر بأفلام الرعب والحكايات السخيفة التي تقال هذه الأيام عن العقارب .
كان "عزيز" يجد لذة في لدغ ضحاياه ؛ عندما يمتلأ الرعب قلوبهم ، وتموت الكلمات في جوفهم ، وقبل أن تصل إلي حلوقهم ، ويرتسم الفزع علي وجوههم .
أما هذه الفتاة فقد كان وجهها خاليا من التعبير المفزع ، وارتسم عليه الرغبة المجنونة في أن يحتويها بين ذراعيه ، فأطبق بشفتيه علي شفتيها وتداعي جسديهما على الأرض الصلبة ، وهو يعتصرها بين ذراعيه القويتين ، وفتحت عينيها نشوانة وأدركت بغتة كل شيء .
كان وجهه مظلما مثل قطع الليل حالك السواد ، وعيناه تقذفان اللهب ، فبدا كالوحش الكاسر ، بينما كان ذيله الطويل يتحرك في ضوء الشمس الغاربة ، وهي تلقي ضوءها الخافت عليه ، ولمحت ظله الممتد على جدران الكهف الخشنة كثعبان الكوبرا الرهيب ، وهو يتراقص لينقض علي فريسته ، فاتسعت حدقتا عينيها اتساعا مخيفا ، وارتسم الرعب على وجهها ، عند ذلك امتد الذنب المميت ، والتف حول عنقها فشهقت شهقة واحدة ، وأخذت تنتفض ، لتخمد أنفاسها .
في اليوم التالي كان رجال البوليس يبحثون عن الفتاة الغائبة ، وقاموا بعمل تحقيقات واسعة للبحث عن سر اختفائها ، وأسفرت الجهود المضنية عن أن سر اختفائها مجهول !!
أخذ "عزيز" يتعقب لقاءات الدكتور "عزام" و"سارة" ، وكانا يلتقيان في أماكن مختلفة ، فبعد أن ينتهي الدكتور "عزام" من يومه في الكلية يتجه بسيارته إلي المكان الموعود ، وتكون "سارة" قد سبقته بسيارتها ، وكانا أحيانا يفعلان العكس .
في أحد اللقاءات جلسا تحت ظل شجرة وارفة أمام النيل في أحد الكازينوهات ، واستطاع "عزيز" أن يجد له مكانا في الجهة الأخرى من جذع الشجرة الضخم ، دون أن يلمحاه أو يشعرا بوجوده ، أخذ يصيخ السمع لما يقولانه ، سمع الدكتور "عزام" وهو يهتف بشوق :
ـ سوف أقابل والدك يا"سارة" ، وسأطلب يدك .
هتفت "سارة" بقلق :
ـ يجب أن أمهد الطريق وأهيئ أبي لقبول الفكرة ، فإنني أخشى رفضه .
أطلت مسحة حزن علي وجه الدكتور "عزام" ، وقال وهو ينقر علي المائدة بتوتر كبير :
ـ إنني أدرك سبب ترددك لمفاتحة والدك في الموضوع .
ثم أضاف بحسرة :
ـ لو كنت أصغر خمسة وعشرين عاما .
ثم استطرد قائلا قبل أن تتفوه بكلمة ..
ـ علي الرغم من ذلك فإنني علي يقين بأنني سوف أعوض فارق السن بيني وبينك ، وسأجعلك تعيشين في سعادة دائمة .
هتفت "سارة" بانفعال حار :
ـ إنني أدرك هذا تماما ، وتأكد أنني لم أنظر لفارق السن بيني وبينك في أي لحظة ، ويكفيني أن أكون بجانب رجل عظيم وأكون وراءه في كل لحظة من لحظات حياته . انتابت "عزيز" غيرة مميتة من هذه الكلمات المتدفقة حرارة ، وعاودته الرغبة المجنونة لقتل هذا الرجل في أسرع وقت ممكن الذي سلبه حياته ، وأيضا معشوقته .
جري من الكازينو حتي لا يسمع المزيد من هذه العبارات المتدفقة حرارة ، وتجعل قلبه يدمي ويقطر حقدا ، وبدأ "عزيز" يضع اللمسات النهائية للقضاء علي الدكتور "عزام" ، دون أن يترك أثرا يدل علي موته ، أو يثير الشكوك حوله ، عند ذلك سوف ينتحل شخصيته ويصبح الدكتور "عزام" .
ــــــــــــــــــــــــــ
أصبح "عزيز" يرقب الدكتور "عزام" طيلة الوقت ، منذ مغادرته الفيلا حتى ذهابه إلي الكلية ، ثم أصبح أكثر جرأة ، وراقب مكتبه عن كثب ، ولمح الدكتور "أسعد" عدة مرات وهو يتردد عليه ، وتيقن أنه مساعده الذي ذكره في مذكراته ، ورآهما وهما يعبران الدهليز الطويل لمبنى الكلية ، وكان يبدو علي ملامحه المتوترة أنه يخشى الدكتور "عزام" ؟، ويرهب جانبه .
تيقن "عزيز" من خلال محاضرات الطلبة ، وأحاديثهم عن الدكتور "عزام" أنه يحظى باهتمام بالغ منهم ، وسمعة طيبة ، فقد أظهر الجانب الحسن من حياته ببراعة ، وأخفى بنفس تلك البراعة الجوانب المثيرة للمشاكل والشبهات .
خفق قلبه وكاد يقفز من بين ضلوعه ، عندما لمح "سارة" بقوامها الرائع المثير وشذا عطرها يسبقها ، ولمح لهيب عينيها الوضاءتين فأخفى وجهه وراء جريدة كان ممسكا بها ، وقاوم رغبة جامحة لمنعها من دخول مكتب الدكتور "عزام" ، عندما أصبحت بمحاذاته ، وبالقرب منه خطت عدة خطوات ، ثم أدارت ظهرها له ، وأصبحت في مواجهة باب مكتب الدكتور "عزام المغلق ، فنقرت عليه بيدها الرقيقة ، لمحها "عزيز" وهي تدخل بركن عينيه فتقدم مسرعا ، واستند علي سور الدهليز المقابل للمكتب مباشرة ، وتلصص النظر داخله فرآها تقترب من الدكتور "عزام" ، وأصاخ السمع ، وتطرق لأذنيه صوت الرجل يهتف بحرارة جياشة :
ـ لقد افتقدتك جدا يا "سارة" ، كأنني لم أرك منذ سنين .
صعد الدم إلى رأسه وشعر بالغضب الشديد عندما ، سمعها تقول ضاحكة :
ـ لقد كنا أمس معا .
عند ذلك خرج فوج من الطلبة من أحد المعامل القريبة من المكتب ، وكانوا يثيرون صخبا ويتجادلون بصوت مرتفع ، وفجأة رأي باب المكتب يغلق دونهما ، فشعر بالغيرة القاتلة ، وأن "سارة" قد خانته مع هذا الرجل ، فهي ملكه دونه ، وداخلته رغبة مجنونة بالفتك بأي شيء يقابله .
شعر بألم في مؤخرته ، ولحسن الحظ كان الدهليز خاليا من الطلبة ، عندما انبعث صوت تمزق سرواله بشكل حاد تحت وطأة الذنب الآخذ في التمدد ، ويكاد يهوي علي من يقابله ويفتك به .
كان "عزيز" يرتدي دائما معطفا طويلا لونه أسود ، فلم يظهر ذنبه الطويل الذي يكاد يمزقه أيضا ، ومشى مسرعا عبر الدهليز ، وهبط السلم إلي الطابق الأول بالكلية ، ومنه إلي الخارج ، وركب سيارته علي عجل وهو محموم .
مرق عبر البوابة الضخمة إلي خارج الجامعة ، وفي طريقه لمح إحدى الطالبات التي تعرف بها مؤخرا تلوح له بكلتى يديها بإلحاح ، فتوقف بسيارته بمحاذاتها ، فاستوت جانبه دون تردد ، وهتفت :
ـ من حسن حظي أنني وجدتك ، فلقد تعطلت سيارتي في الطريق وتركتها عند الميكانيكي .
ابتسم "عزيز" بغموض ، ولم تبصر الفتاة عينيه اللتين تبرقان بلهب مستعر من خلال المرآة التي أمامه ، غمغم بصوت هامس:
ـ هذا من حسن حظي أنا ، لأتمتع بصحبة فتاة رائعة الجمال .
سعدت الفتاة بكلمات الإطراء ، وقالت بدلال :
ـ أنت جنتلمان حقيقي !
مد "عزيز" يده برفق ، واحتوى يدها الصغيرة بين راحته ، فلم يجد مقاومة ، فرفع يدها وقربها من شفتيه وقبلها ، فصاحت الفتاة هامسة ، وهي تقترب منه وأنفاسها تلفح جانب وجهه .
ـ عزيز .. عزيز .
لم تلمح الفتاة الذنب القاتل ، وهو يتلوى في الجانب الآخر من السيارة كثعبان يتربص بفريسته .
قال "عزيز" ، وهو يضغط علي يدها بقوة :
ـ سنذهب إلي مكان سوف تحبينه كثيرا .
أومأت الفتاة برأسها موافقة ، وهي تشعر بنشوة عارمة لم تستطع مقاومتها ، اخترقت السيارة شوارع القاهرة المزدحمة ، ثم بدأت تمرق في شوارع أكثر هدوءا متجهة إلي الصحراء .
أثار غموض "عزيز" وجو الصحراء روح المغامرة في كيان الفتاة ، فصرخت وهي تشير إلي الرمال الصفراء اللامعة تحت أشعة الشمس المشرقة :
ـ هذه مفاجأة مذهلة يا "عزيز" !
عندما هبطا من السيارة هبت رياح لطيفة داعبت شعر الفتاة وتطاير مع الهواء ، فغمرتها بهجة عابثة ، واتكأت برأسها علي جسد "عزيز" القوي .
أشار إلى تل بعيد تطاول بين الرمال ، وصاح بها :
ـ هيا نذهب إلي هناك .
تواثبت الفتاة بخفة علي الرمال في بادئ الأمر ، وهو خلفها بخطوات ، ثم هبت ريح قوية انتزعت الرمال الناعمة ، فتناثرت حباتها في الهواء ، فأغمضت عينيها لحظات ، فكانت فرصة سانحة ليتخلص "عزيز" من معطفه الذي يشعره بالضيق . وتلقفها بين ذراعيه وجرى بها بخفة ، بينما كان ذيله يتدله خلفه ، ويتلوى هبوطا وصعودا ، وقد انفرجت ذوائبه التي تشبه الفكين بشكل مخيف ، لفت الفتاة ذراعيها حول رقبته ، وصدى صوت ضحكاتها العالية يتردد في الفضاء الفسيح .
وصلا عند التل ، ودخل بها إلي فجوة منحوتة فيه تشبه الكهف إلي حد كبير ، وأنزلها من بين ذراعيه ، اندهش "عزيز" بشدة عندما صاحت الفتاة مازحة ، وهي تشير إلي ذيله بسخرية عندما وقعت عيناها عليه للمرة الأولي :
ـ يبدو أنك متأثر بأفلام الرعب والحكايات السخيفة التي تقال هذه الأيام عن العقارب .
كان "عزيز" يجد لذة في لدغ ضحاياه ؛ عندما يمتلأ الرعب قلوبهم ، وتموت الكلمات في جوفهم ، وقبل أن تصل إلي حلوقهم ، ويرتسم الفزع علي وجوههم .
أما هذه الفتاة فقد كان وجهها خاليا من التعبير المفزع ، وارتسم عليه الرغبة المجنونة في أن يحتويها بين ذراعيه ، فأطبق بشفتيه علي شفتيها وتداعي جسديهما على الأرض الصلبة ، وهو يعتصرها بين ذراعيه القويتين ، وفتحت عينيها نشوانة وأدركت بغتة كل شيء .
كان وجهه مظلما مثل قطع الليل حالك السواد ، وعيناه تقذفان اللهب ، فبدا كالوحش الكاسر ، بينما كان ذيله الطويل يتحرك في ضوء الشمس الغاربة ، وهي تلقي ضوءها الخافت عليه ، ولمحت ظله الممتد على جدران الكهف الخشنة كثعبان الكوبرا الرهيب ، وهو يتراقص لينقض علي فريسته ، فاتسعت حدقتا عينيها اتساعا مخيفا ، وارتسم الرعب على وجهها ، عند ذلك امتد الذنب المميت ، والتف حول عنقها فشهقت شهقة واحدة ، وأخذت تنتفض ، لتخمد أنفاسها .
في اليوم التالي كان رجال البوليس يبحثون عن الفتاة الغائبة ، وقاموا بعمل تحقيقات واسعة للبحث عن سر اختفائها ، وأسفرت الجهود المضنية عن أن سر اختفائها مجهول !!
أخذ "عزيز" يتعقب لقاءات الدكتور "عزام" و"سارة" ، وكانا يلتقيان في أماكن مختلفة ، فبعد أن ينتهي الدكتور "عزام" من يومه في الكلية يتجه بسيارته إلي المكان الموعود ، وتكون "سارة" قد سبقته بسيارتها ، وكانا أحيانا يفعلان العكس .
في أحد اللقاءات جلسا تحت ظل شجرة وارفة أمام النيل في أحد الكازينوهات ، واستطاع "عزيز" أن يجد له مكانا في الجهة الأخرى من جذع الشجرة الضخم ، دون أن يلمحاه أو يشعرا بوجوده ، أخذ يصيخ السمع لما يقولانه ، سمع الدكتور "عزام" وهو يهتف بشوق :
ـ سوف أقابل والدك يا"سارة" ، وسأطلب يدك .
هتفت "سارة" بقلق :
ـ يجب أن أمهد الطريق وأهيئ أبي لقبول الفكرة ، فإنني أخشى رفضه .
أطلت مسحة حزن علي وجه الدكتور "عزام" ، وقال وهو ينقر علي المائدة بتوتر كبير :
ـ إنني أدرك سبب ترددك لمفاتحة والدك في الموضوع .
ثم أضاف بحسرة :
ـ لو كنت أصغر خمسة وعشرين عاما .
ثم استطرد قائلا قبل أن تتفوه بكلمة ..
ـ علي الرغم من ذلك فإنني علي يقين بأنني سوف أعوض فارق السن بيني وبينك ، وسأجعلك تعيشين في سعادة دائمة .
هتفت "سارة" بانفعال حار :
ـ إنني أدرك هذا تماما ، وتأكد أنني لم أنظر لفارق السن بيني وبينك في أي لحظة ، ويكفيني أن أكون بجانب رجل عظيم وأكون وراءه في كل لحظة من لحظات حياته . انتابت "عزيز" غيرة مميتة من هذه الكلمات المتدفقة حرارة ، وعاودته الرغبة المجنونة لقتل هذا الرجل في أسرع وقت ممكن الذي سلبه حياته ، وأيضا معشوقته .
جري من الكازينو حتي لا يسمع المزيد من هذه العبارات المتدفقة حرارة ، وتجعل قلبه يدمي ويقطر حقدا ، وبدأ "عزيز" يضع اللمسات النهائية للقضاء علي الدكتور "عزام" ، دون أن يترك أثرا يدل علي موته ، أو يثير الشكوك حوله ، عند ذلك سوف ينتحل شخصيته ويصبح الدكتور "عزام" .