المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفصل الرابع عشر من رواية الرجل العقرب



فايزة شرف الدين
27/10/2007, 03:20 PM
الاقتحام :
بينما كانت السيارة تنهب طريق العودة إلي الفيلا ، انتابت "عزيز" الأفكار وبدأ يستعيد شريط ذكرياته منذ طفولته ، حتي رؤيته "لسارة" وحبه وولعه الغامر بها ، وبدأ يدرك أن حبهما سيموت في مهده ، وأن حبه وأنانيته لها جعله لا يقدر الخطر الشديد الذي تتعرض له حبيبته ، فبعد أن راوده الأمل في أنه يستطيع التحكم في ذنبه القاتل عندما تهتاج مشاعره ، والتي قد تودي بها عندما يطوقها دون إرادته .
كان يريد استكمال مشروع دمج الآلة في الإنسان من أجل السيطرة علي هذا الذنب الذي يحوله إلي عقرب مميت ، والآن فهؤلاء الرجال الغامضون لن يتركوهما لحالهما ، فثمة عصابات دولية وراء كل ما حدث اليوم ، فلابد أن الدكتور "عزام" أثار حفيظتهم ضده قبل موته ، وفعل شيئا لم يذكره في مذكراته ، واستغرق في تفكير عميق ، فقد تكون نية الدكتور "عزام" في التقاعد وعدم استكمال ما كان متفقا عليه هو السبب ، أو أنه مطلع علي سر رهيب ، وكان لا يريد البوح به بدليل أنهم حاولوا خطف "سارة" للضغط عليه . وصل "عزيز" إلي الطريق الزراعي الممتد ، ومنه إلي الطريق الفرعي المؤدي إلي الفيلا ، وكان تحوطه الأشجار الضخمة السامقة من الجانبين . كان الطريق كالحا تغمره الظلمة ، فقد تشابكت فروع الأشجار من جانبيه ، ولم تسمح لضوء النجوم الخافت بالنفاذ ليلقي الألفة في قلب المارة بهذا الطريق المخيف .
انتاب "عزيز" شعورغامض بأن هناك من يقبع بين أو فوق فروع هذه الأشجار ، وأن عيونا تراقب سيارته التي تمرق بسرعة جنونية في هذا الطريق الموحش .
وصل إلي الفيلا واخترقت السيارة البوابة الأتوماتيكية ، وسمع بأذنيه المرهفتين صوت تكسر أغصان في الطرف البعيد من سور الفيلا المحاط بالأشجار ، ثم صوت ارتطام جسم بالسور من الخارج ، وتكهن أن ثمة أشخاصا قد اقتحموا الفيلا ، وقد يكون هناك آخرون يترقبون وصوله ، فتحسس المسدس الذي سلبه من العصابة أثناء عراكهم معه ، وواصل سيره عبر الممشى الطويل المؤدي إلي الفيلا ، ثم توقف علي بعد عدة أمتار منها .
أمسك المسدس وقد شهره متحفزا ومترقبا لأقل حركة ، وأخذ يتلفت حوله بحذر حتي وصل إلي السلم الخلفي ، واطمأن أن الخادم الأصم موجود بحجرته التي تركها مفتوحة منتظرا وصول سيده .
عندما لمحه الخادم قفز من مكانه ، وسأله ببساطة كأنه لم ير المسدس المشهر في يد "عزيز" :
ـ هل تريد أن أحضر لك العشاء يا سيدي ؟
لوح "عزيز"وهو يلوح بيده نفيا وهو يقول :
ـ أشكرك .
وأضاف وهو يشير إليه :
ـ يمكنك أن تنام الآن .
توجه "عزيز" إلي حجرة المكتب ، ولاحظ بعينيه الثاقبتين أن أشخاصا قد اقتحموها وفتشوها تفتيشا دقيقا ، ويبدو أنهم كانوا يبحثون عن شيء ما ، وتأكد أنهم لم يتوصلوا إلي الباب السري ، ثم تسلل من الحجرة ، وأخذ يجوب الفيلا ، وهو لا يزال مشهرا مسدسه ؛ بحثا عن أشخاص قد يكونون مختبئين للانقضاض عليه ، وعندما اطمأن لخلو الفيلا منهم ، توجه إلي حجرة المكتب مرة ثانية ، وفتح الباب السري ، ثم أقفل الباب وراءه آليا .
بدأ "عزيز" ينقب في الملفات والمخطوطات التي كتبها الدكتور "عزام" بنفسه ، ثم اتجه إلي أحد الأرفف التي كانت تحمل مخطوطات مشروعه الرهيب ، بإدماج الآلة بعقل الإنسان ، بالإضافة إلي المورثات الحيوانية .
لاحت ابتسامة باهتة علي وجه "عزيز" ، فهذه الأوراق الخطيرة هي ما تسعي إليه العصابات الدولية ، ويبدو أن "عزام" قد ساومهم عليها ، وطلب منهم مبالغ طائلة ، ففي آخر كلماته التي سطرها في مذكراته قبل موته ، صرح أنه سيحصل علي مئات الملايين من الدولارات ثم ينهي نشاطه ، ويتقاعد ليحيا حياة سعيدة مع "سارة" .
تكهن "عزيز" أن العصابة رفضت مطالب الدكتور "عزام" ، ووصلوا إلي طريق مسدود ، فلم يكن أمامهم بدا إلا الضغط عليه لمساومته أو سرقة الأبحاث .
تناول "عزيز" هذه المخطوطات ، فلو حصلت عليها العصابة فسوف تكون حياته في خطر ، وسيصفونه جسديا دون شك ، وفي نفس الوقت كان متأكدا أنهم سيمارسون عليه ضغوطا هائلة حتي تكون تلك المخطوطات تحت أيديهم .
استغرق "عزيز" في تفكير عميق ، ثم أخذ هذه الأوراق الخطيرة ، وخرج من القبو ، وألقاها في المدفأة ، وأشعل فيها النار ، ثم تنفس بارتياح مع آخر ورقة كانت تتلوي في النيران ، وقد اختفت معها آخر السطور الرهيبة ، وبذلك تأكد أن أسرار هذا المشروع مودعة في عقله فقط ، ولن يسلبه أي شخص مهما كان هذه المعلومات ، ومن ثم عليه استكمال خطته .
بدأ "عزيز" يضيق ذرعا بسره الخطير ، "فسارة" التي يحبها حتي النخاع لا يستطيع أن يسبب لها الألم والحزن ، لأنها تزوجت مسخا ، ثم أنها أحبت الدكتور "عزام" وليس نسخته ، مؤكد أنه صورة طبق الأصل منه ، ومع هذا فهو يملك روحا غير روحه بالإضافة إلي المورثات العقيمة التي أودعت في تكوينه ، فعليه أن يطلعها علي سره الرهيب ، ويعترف لها بكل شيء حتي يشعر بالراحة ، ولن يلومها عندما تكرهه أو تلفظه بعيدا عنها ، ويكفيه أنه أحبها ، فحبه لها برهان علي مقدرته علي الحب ، وأنه ما زال يحمل روح الإنسان

فايزة شرف الدين
27/10/2007, 03:20 PM
الاقتحام :
بينما كانت السيارة تنهب طريق العودة إلي الفيلا ، انتابت "عزيز" الأفكار وبدأ يستعيد شريط ذكرياته منذ طفولته ، حتي رؤيته "لسارة" وحبه وولعه الغامر بها ، وبدأ يدرك أن حبهما سيموت في مهده ، وأن حبه وأنانيته لها جعله لا يقدر الخطر الشديد الذي تتعرض له حبيبته ، فبعد أن راوده الأمل في أنه يستطيع التحكم في ذنبه القاتل عندما تهتاج مشاعره ، والتي قد تودي بها عندما يطوقها دون إرادته .
كان يريد استكمال مشروع دمج الآلة في الإنسان من أجل السيطرة علي هذا الذنب الذي يحوله إلي عقرب مميت ، والآن فهؤلاء الرجال الغامضون لن يتركوهما لحالهما ، فثمة عصابات دولية وراء كل ما حدث اليوم ، فلابد أن الدكتور "عزام" أثار حفيظتهم ضده قبل موته ، وفعل شيئا لم يذكره في مذكراته ، واستغرق في تفكير عميق ، فقد تكون نية الدكتور "عزام" في التقاعد وعدم استكمال ما كان متفقا عليه هو السبب ، أو أنه مطلع علي سر رهيب ، وكان لا يريد البوح به بدليل أنهم حاولوا خطف "سارة" للضغط عليه . وصل "عزيز" إلي الطريق الزراعي الممتد ، ومنه إلي الطريق الفرعي المؤدي إلي الفيلا ، وكان تحوطه الأشجار الضخمة السامقة من الجانبين . كان الطريق كالحا تغمره الظلمة ، فقد تشابكت فروع الأشجار من جانبيه ، ولم تسمح لضوء النجوم الخافت بالنفاذ ليلقي الألفة في قلب المارة بهذا الطريق المخيف .
انتاب "عزيز" شعورغامض بأن هناك من يقبع بين أو فوق فروع هذه الأشجار ، وأن عيونا تراقب سيارته التي تمرق بسرعة جنونية في هذا الطريق الموحش .
وصل إلي الفيلا واخترقت السيارة البوابة الأتوماتيكية ، وسمع بأذنيه المرهفتين صوت تكسر أغصان في الطرف البعيد من سور الفيلا المحاط بالأشجار ، ثم صوت ارتطام جسم بالسور من الخارج ، وتكهن أن ثمة أشخاصا قد اقتحموا الفيلا ، وقد يكون هناك آخرون يترقبون وصوله ، فتحسس المسدس الذي سلبه من العصابة أثناء عراكهم معه ، وواصل سيره عبر الممشى الطويل المؤدي إلي الفيلا ، ثم توقف علي بعد عدة أمتار منها .
أمسك المسدس وقد شهره متحفزا ومترقبا لأقل حركة ، وأخذ يتلفت حوله بحذر حتي وصل إلي السلم الخلفي ، واطمأن أن الخادم الأصم موجود بحجرته التي تركها مفتوحة منتظرا وصول سيده .
عندما لمحه الخادم قفز من مكانه ، وسأله ببساطة كأنه لم ير المسدس المشهر في يد "عزيز" :
ـ هل تريد أن أحضر لك العشاء يا سيدي ؟
لوح "عزيز"وهو يلوح بيده نفيا وهو يقول :
ـ أشكرك .
وأضاف وهو يشير إليه :
ـ يمكنك أن تنام الآن .
توجه "عزيز" إلي حجرة المكتب ، ولاحظ بعينيه الثاقبتين أن أشخاصا قد اقتحموها وفتشوها تفتيشا دقيقا ، ويبدو أنهم كانوا يبحثون عن شيء ما ، وتأكد أنهم لم يتوصلوا إلي الباب السري ، ثم تسلل من الحجرة ، وأخذ يجوب الفيلا ، وهو لا يزال مشهرا مسدسه ؛ بحثا عن أشخاص قد يكونون مختبئين للانقضاض عليه ، وعندما اطمأن لخلو الفيلا منهم ، توجه إلي حجرة المكتب مرة ثانية ، وفتح الباب السري ، ثم أقفل الباب وراءه آليا .
بدأ "عزيز" ينقب في الملفات والمخطوطات التي كتبها الدكتور "عزام" بنفسه ، ثم اتجه إلي أحد الأرفف التي كانت تحمل مخطوطات مشروعه الرهيب ، بإدماج الآلة بعقل الإنسان ، بالإضافة إلي المورثات الحيوانية .
لاحت ابتسامة باهتة علي وجه "عزيز" ، فهذه الأوراق الخطيرة هي ما تسعي إليه العصابات الدولية ، ويبدو أن "عزام" قد ساومهم عليها ، وطلب منهم مبالغ طائلة ، ففي آخر كلماته التي سطرها في مذكراته قبل موته ، صرح أنه سيحصل علي مئات الملايين من الدولارات ثم ينهي نشاطه ، ويتقاعد ليحيا حياة سعيدة مع "سارة" .
تكهن "عزيز" أن العصابة رفضت مطالب الدكتور "عزام" ، ووصلوا إلي طريق مسدود ، فلم يكن أمامهم بدا إلا الضغط عليه لمساومته أو سرقة الأبحاث .
تناول "عزيز" هذه المخطوطات ، فلو حصلت عليها العصابة فسوف تكون حياته في خطر ، وسيصفونه جسديا دون شك ، وفي نفس الوقت كان متأكدا أنهم سيمارسون عليه ضغوطا هائلة حتي تكون تلك المخطوطات تحت أيديهم .
استغرق "عزيز" في تفكير عميق ، ثم أخذ هذه الأوراق الخطيرة ، وخرج من القبو ، وألقاها في المدفأة ، وأشعل فيها النار ، ثم تنفس بارتياح مع آخر ورقة كانت تتلوي في النيران ، وقد اختفت معها آخر السطور الرهيبة ، وبذلك تأكد أن أسرار هذا المشروع مودعة في عقله فقط ، ولن يسلبه أي شخص مهما كان هذه المعلومات ، ومن ثم عليه استكمال خطته .
بدأ "عزيز" يضيق ذرعا بسره الخطير ، "فسارة" التي يحبها حتي النخاع لا يستطيع أن يسبب لها الألم والحزن ، لأنها تزوجت مسخا ، ثم أنها أحبت الدكتور "عزام" وليس نسخته ، مؤكد أنه صورة طبق الأصل منه ، ومع هذا فهو يملك روحا غير روحه بالإضافة إلي المورثات العقيمة التي أودعت في تكوينه ، فعليه أن يطلعها علي سره الرهيب ، ويعترف لها بكل شيء حتي يشعر بالراحة ، ولن يلومها عندما تكرهه أو تلفظه بعيدا عنها ، ويكفيه أنه أحبها ، فحبه لها برهان علي مقدرته علي الحب ، وأنه ما زال يحمل روح الإنسان

فاطمه بنت السراة
02/08/2008, 11:43 PM
:
هو الحب من يغير الإنسان من حال الى حال .. تسقط الحواجز, وتقصر المسافات عند الحب.

عزيز بسره الرهيب يريد أن يعترف لسارة حبيبته بكل شيء حتى يتطهر.
هل يعترف؟
هل تقبل سارة اعترافه وتعيش معه بوضعه الشاذ؟
أعتقد أمامي فصل حتى أفهم, وأعتقد أنني سأنهيه اليوم لأريح فضولي :mad:

متابعة يا غالية

عبد العزيز غوردو
03/08/2008, 12:10 AM
نفـَسك الروائي رائع، أختي الفاضلة فايزة...

تابعت الفصول السابقة، وهذا طبعا بعدها، وأعجبتني مخيلتك الفذة،

صدقا، لم أكن أميل كثيرا لروايات الخيال العلمي،

لكن الأمر معك اختلف...

دام إشراقك..

وعظيم مودتي..

" "

فايزة شرف الدين
04/08/2008, 12:16 AM
نعم الحب له فعل السحر .. مع أن هذه الرواية من الخيال العلمي .. إلا أني أقول أن قصة الحب بين سارة وعزيز كانت قمة الرومانسية .
الحمد لله أن الراوية لم تنكشف للقارئ ، ومازال الفضول يعتريك للبقية .
لك حبي



http://www.10neen.com/up/uploads/904f7a8b57.gif (http://www.10neen.com/up/)

فايزة شرف الدين
04/08/2008, 01:00 AM
أهلا .. أهلا بك أخي الكريم عبد العزيز غوردو
من دواعي سعادتي أن يرتاد القاص البهي عبد العزيز منتدى الرواية .. فهذه أول مرة أرى اسمك يتلألأ في الرواية .
ربما لا تميل إلى هذا اللون لأسباب منها أن أدبنا العربي يفتقد لعنصر التشويق وأيضا إلى نقص المعلومة العلمية وتوظيفها بشكل صحيح .
فمؤلف الخيال العلمي عليه يقع العبء مضاعف .. لأنه يجب ان يقرأ المادة العلمية .. أيضا عليه أن يكون قارئا جيدا جدا للأدب .. كي يحيل خياله إلي أدب يقرأ .
فعلا ودون مبالغة .. دار في خلدي أنك يجب .. ولن أتراجع على كلمة يجب .. تقرأ هذا العمل وذلك ليلة أمس .. لا أعرف هل هذا هاجس أم هو اتصال روحي .. لأجدك قد عقبت على الرواية .

لقد زاد إشراق هذا التصفح بوجودك


http://www.10neen.com/up/uploads/3e8f61259c.gif (http://www.10neen.com/up/) http://www.10neen.com/up/uploads/3e8f61259c.gif (http://www.10neen.com/up/)