المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لمحة بسيطة عن البوذية



عبدالسلام زيان
27/10/2007, 05:20 PM
سأسوق لمحة بسيطة عن البوذيّة

تجدر الإشارة إلى أن البحث في البوذيّة يوقعنا في مأزق , ومرد ذلك أن بوذا مثله مثل سقراط وإفلوطين المصري وقرنياد القيرواني ... لم يكتب شيئا ولم يترك كلمة مكتوبة ، وأن كل الكتب المنسوبة إليه تم تحريرها بعد موته ، هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد عدّة أساطير خيالية عن بوذا لن أتوقف عندها كثيرا ، المهم أن البوذيّة قامت في البداية كحركة ضد “الدين” الهندوسي و نظرته الاستغلاليّة للإنسان التي سادت في نظام “الكاست” أي نظام الطبقات .

تنقسم البوذيّة إلى عدّة أقسام مختلفة اختلافا جوهريّا في العديد من النقاط، لذلك سأعتمد على مفهوم بعض الفرق البوذيّة الكبرى محاولا نقل بعض التناقضات التي تشق هذا المذهب .

نجد ما يسمّى بمجموعة القارب الصغير التي تعتبر أنه لا يمكن إلا لشخص واحد الوصول إلى درجة النيرفانا في الكون ، على خلاف هذه الجماعة نجد جماعة القارب الكبير التي ترى بالإمكان لكل شخص الوصول إلى درجة النيرفانا هذه ، في حين تذهب بعض الفرق البوذيّة الأخرى إلى تأويلات مغايرة .

بخصوص حياة بوذا هناك اختلاف ، ففي حين يذكر بعض الباحثين عدم وجود بوذا، يذهب الأكثريّة إلى الإقرار بكونه عاش في القرن الخامس قبل الميلاد وهو الزمن الذي عاش فيه عالم الرياضيات والفيلسوف المصري طاليس والأوترسكي بيتاقوراس .

كلمة بوذا هي كلمة سنسكريتية (اللغة الهندية القديمة) وتعني استيقظ ، و تعوّض هذه الكلمة في اللغات الأخرى في الآسيويّة مثلا بكلمة “بهاجافات” التي تعني الأسمى أو الأعلى ، و بكلمة تاتهجهاتا والتي تعني الكامل .

و يقال إن إسم بوذا الأصلي هو غاوتاما .

تذكر بعض الأساطير أن حياته السابقة التي عاشها قبل آخر مرّة كانت في السماء وأنّه اختار الأرض مكانا ينزل فيه ، فاختار بهذا المكان والأم التي ستلده و العائلة التي سيعيش معها ، فكان اختياره للعائلة الملكية ولمايا زوجة الملك “شودهودوناس” أمّا له ، و يقال إن مايا طلبت من زوجها أن لا يضاجعها أبدا ، وفي ليلة من الليالي حلمت بأن فيلا أبيض اللون قد ضاجعها , وبعد عشرة أشهر وبينما كانت في طريقها لقرية مغايرة أنجبت إبنا ، فحدثت عند الولادة عدّة عجائب طبيعيّة منها أن السماء أشعّت بنور نجم ساطع .. توفيت الأم بعد أسبوع من ولادة بوذا . ترجع الأسطورة أصله إلى إله الشمس “إيكشفاكو” ، ويذكر أنه عاش في البداية حياة كلّها بذخ , محاطا بالخدم و الرّاقصات ، وأنه تزوّج الكثير من النساء ومع ذلك لم يكن يشعر بالسعادة , ومردّ ذلك وعيه بكونه مثله مثل بقية البشر مهدّد بالشيخوخة والمرض والموت .

لذلك بدأ يتساءل عن السبل التي من خلالها يتخلّص من الموت ومن التألم في الحياة ، فكان بحسب بعض الروايات أن التجأ إلى التصوّف وترك القصر(1) وبعد سبع سنوات من العذاب والجوع والحرمان (يذكر أنه كان يعيش طوال هذه الفترة على حبة أرز واحدة في اليوم) (2) ، جلس في يوم من الأيام تحت شجرة حتى بلغ درجة النور “بودي” وتمكن في ليال ثلاث أن يتذكر ما كان يعلمه من قبل ولادته آخر مرّة ، فتذكّر كل :

- المعلومات بخصوص الكائنات جميعها و كيفيّة ولادتها ثانية

- أسرار الحقائق الأربعة النبيلة ، وكيف يمكن القضاء على الأسباب الثلاثة للشر والمتمثلة في :

1) الحواس و شهوانيتها

2) الرغبة في الحياة

3) عدم المعرفة

ما نلاحظه لدى بوذا هو وجود اختلاف في نتائج التذكّر فإذا ما كانت بعض الأساطير ترى أن بوذا ولكي يتخلّص من كل الحقائق كي لا تتسرّب للبشر , قضى قضاء تاما على الولادة حتى لا يبعث من جديد ، ترى بعض الأساطير المغايرة أن بوذا وحينما وصل إلى درجة النور “بودي” أتاه ابليس وطلب منه ألا يدلي بمعلوماته إلى البشر، ونجد خلافا لهاتين الرّوايتين بعض الرّوايات الأخرى إلى كون بوذا بنفسه قال : “سأدخل في النيرفانا (3) (وهي أعلى درجة يصلها الإنسان عندما يصل إلى الكمال وبعدها يموت لآخر مرّة) ولن أمد البشر بالحقائق التي توصلت إليها لأنهم لم يصلوا بعد إلى درجة عليا من الوعي” .

بخصوص سيرته الذاتيّة كان بوذا ضد رجال الدين الهندوس والبراهمنا حيث قال : “إن هدف البراهمنا الوحيد هو جمع المال والتفتيش عن المصالح الماديّة” .

(1) لمزيد التوضيح انظر حياة الأوبانيشادر بالهندوسية

(2) انظر حياة المتصوّف الهندوسي

(3) كلمة نيرفانا والتي هي أعلى درجة يصلها الإنسان تحيل إلى وجود الشيء واللاّ شيء ، وأن الإنسان بعد موتته الأخيرة يبقى جزء منه يعيش تلك الحالتين ، وبحسب ما أفهم فإن كل حلقة زمنيّة تدور كل مدّة تصل في اعتقاد البعض إلى 80 ألف سنة ، وفي اعتقاد البعض الآخر تدوم سنة ضوئيّة حيث يولد فيها الإنسان من جديد إن هو وصل إلى درجة الكمال وتحرّر من الموت .

(4) طبيعي ولا إلهي إذ هو من بدع الإنسان , ونظام الكاست الهندوسي ومن حاشيته المقرّبة راع ، صائد سمك ، منظّف شوارع ، قاطع طريق …

امتدّت حياة بوذا بحسب بعض الرّوايات بين 76 و 86 سنة ، تروي بعض الأساطير أن يوم موته حدث زلزال عنيف ودقّت الطبول في السماء وانطفأت النار بأشعة واحدة من السماء حين أحرق جسمه , ويلخّص بوذا كل معاملات الإنسانيّة في جملة واحدة حين قال “على الإنسان التخلّي عن كل شر والقيام بالأعمال الحسنة وأن يطهّر قلبه وينظّفه من كل غل” .

- طلب بوذا من أتباعه تقديم الصّدقة و مساعدة كل الناس بما في ذلك أعدائه .

- إن حصل لبعض قطّاع الطّرق وبدأوا في تقطيع أجسامكم إربا إربا فلا تغضبوا فإن غضبكم معناه أنكم ستفعلون عكس ما طلبت منكم ، فطريقة تفكيرنا لن تتغيّر، لن ننطق بكلمة بذيئة ، هدفنا التخلّص من إحساس كراهيّة الآخر والتخلّص من الشعور بكونه يؤلمنا ، هدفنا الدّخول إلى عالم الشخص بالهدوء والرّصانة والتسامح فنبدأ بالإنسان وننتهي بالكون بأكمله .

للبوذيّة قواعد على كل بوذي الإلتزام بها :

- لا تقتل
- لا تسرق
- لا تكذب
- لاتزني
- لا تسكر

يعتقد بعض البوذيين أن الإنسان بجهده الخاص يمكن له بلوغ مرتبة المعرفة إذ لا نحتاج لوحي إلاهي أو دراسة كتب مقدّسة أو تعليم معلّم .

- يقول بوذا في كتاب “ماهافاجا” “أي معلّم سيكون لي؟ فأنا أحسن معلّم لنفسي” … “إذا كان بالإمكان أن أسمع الفكرة الجيّدة من شخص ما غيري , فإنني أنا هو من سأفكر فيها” .

عند اعتناقك للبوذيّة فإن بوذا ليس بالشخص الذي سيخلّصك من التألّم ولا هو الشخص الذي سيوصلك إلى الخلاص ، هو فقط الشخص الذي يدلّك على الطّريق وبمجهودك الخاص ستصل إلى درجة المعرفة ( DHAMMAPADA 276 ) .

(4) أعتبر أن نظام الكاست الهندوسي من أبشع ما أنتج الإنسان في تاريخه .

بوذا مثله مثل بقيّة البشر يولد ويصير عجوزا ثم يموت ، فهو ليس بإله ولم يتصل بوحي إلهي ولم يتناسخ روح الله .

- يقول بوذا “إن كل شيء يخضع لقانون الكون” .. دارما

لم يتكلّم بوذا كثيرا عن الرّوح والمادّة إلخ . لكن نجده يقول بكونه يخضعه لقانون الكون : الأرض ، الماء ، الهواء ، الألوان ، الأصوات ، قوّة الحياة ، القدرة على السمع والنظر ، دقّات الإرادة ، الوعي ، عدم المعرفة ، الكره ، الرغبة ، الحذر، الجمال ، المال ، العلوم الخاطئة والصّحيحة ، الجنس ، النوم ، الجوع ، المرض ، الشيخوخة ، الموت إلخ .

و يعتبر بوذا أن كل من يؤمن و يعتقد أن الأشياء جميعها تابعة للواحد فقط إنما يعيش في الوهم وعالم الخيال ، لأن قانون الكون جعل من الأجزاء جميعها تتعامل مع بعضها البعض بطريقة حميمية إلى درجة كون الأنسان لا يدرك كونها متحرّرة عن بعضها ، نرى مثلا أن الأعشاب مرتبطة بالأرض وبالفضاء الذي ستزرع فيه ، وبالرطوبة ، وبالهواء إلخ .

الحياة السابقة و الحياة الحالية :

- يقول بوذا إن همزة الوصل بين حياة الإنسان السابقة و الحالية هي دقّات الإرادة “سانسكارا” وباللغة الهنديّة “تريشنا” أي التعطّش للحياة (4)
جماعة القارب الصغير ونظرتهم للزمن يقولون :

- لا توجد بداية أو نهاية للزمن ولا يوجد أي حد للكون (5)

لا يوجد إلاعالم واحد ، هناك العديد ممن تتكرّر بهم الحياة بكيفيات متجدّدة ومتعدّدة وتجدّدها لا يحصى

- كل كون قائم على : الماء ، الرّيح ، الأشعّة ، والعدم

- يقول بوذا “إنه لا يؤمن بشيء لا يراه ولا يسمعه ولا يشمّه (6)


(4) إذا كان الكون يخضع لقانون التغيّر المستمر فإن النيرفانا – التي هي الهدف الأسمى للحياة – تمثّل العدم الهادئ والساكن

(5) نجد نفس هذه الفكرة لدى الفيثاغوريين

(6) يمكن الإشارة إلى ما يوجد في البوذيّة من تناقض إذ إنها تدعو في جانب إلى التخلّي عن الحواس وفي موضع آخر تجعلها أساسيّة في عمليّة المعرفة ، وتقرّ كذلك بكون الأشياء التي تؤمن بها هي أشياء محسوسة في حين أن بوذا تحدّث عن أشياء لا يمكن رؤيتها مثل الكمال ، النور، الآلهة التي ليس لها أجسام ، المعرفة الحقيقيّة التي تحجب في مختلف الأساطير عن الإنسان ..

- في أسفل نقطة نجد جهنّم الباردة ثمّ جهنّم الحامية ومن فوقهما نجد الأرض بما فيها من بحار وقارّات حيث يسكن فيها الإنسان والأشباح “بريتا” والشياطين “أسورا” وتوجد حول جبل الـ “ميرو” الشمس والقمر والنجوم , وتسكن ورائهم الآلهة مرتّبة ترتيبا تفاضليّا ، وفوقهم جميعا تسكن الآلهة التي تسبح في الهواء “فيمانا” ، وهناك أيضا مكان مخصّص للعدم ، هذا المكان لا يكتسب أي شكل وبه تسكن الآلهة التي ليس لها أجسام أرابافاكارا
- إن الآلهة بعد آلاف الحلقات الكونيّة تولد من جديد

الرّغبة :

إذا ماتت الغريزة عند الإنسان :
- يهدأ قلبه
- يصير الميت حيّا إلى الأبد
- يصل إلى درجة البراهمنا
4-7 Brhadar up


الأنانيّة :
- فزت بعد عذاب أليم ، فلم أعلّم غيري ما توصّلت إليه ؟
mahav 1-5-3


الحب :

- نحوّل حياتنا إلى مشاكل ونشعر بالخوف عندما نحب ، فلنتحرّر من الحب لنعيش في هدوء وأمان
dhammap 213

ثورة بوذا على البراهمنا أي رجال الدّين بالهندوسيّة

- إن قتل أحد من البراهمنا أمه وأباه ، وإن قتل كل ملوك الكساتريا ، وإن خرّب كل شيء في العالم فإنهم يقولون عنه دوما إنه طاهر ونقي من كل ذنب
dhammapada 294


.................

شكرا للسيد يوسف ليمود على تصحيحه للغلطات النحوية



يتبع

عبدالسلام زيان
27/10/2007, 05:20 PM
سأسوق لمحة بسيطة عن البوذيّة

تجدر الإشارة إلى أن البحث في البوذيّة يوقعنا في مأزق , ومرد ذلك أن بوذا مثله مثل سقراط وإفلوطين المصري وقرنياد القيرواني ... لم يكتب شيئا ولم يترك كلمة مكتوبة ، وأن كل الكتب المنسوبة إليه تم تحريرها بعد موته ، هذا من جهة ومن جهة أخرى نجد عدّة أساطير خيالية عن بوذا لن أتوقف عندها كثيرا ، المهم أن البوذيّة قامت في البداية كحركة ضد “الدين” الهندوسي و نظرته الاستغلاليّة للإنسان التي سادت في نظام “الكاست” أي نظام الطبقات .

تنقسم البوذيّة إلى عدّة أقسام مختلفة اختلافا جوهريّا في العديد من النقاط، لذلك سأعتمد على مفهوم بعض الفرق البوذيّة الكبرى محاولا نقل بعض التناقضات التي تشق هذا المذهب .

نجد ما يسمّى بمجموعة القارب الصغير التي تعتبر أنه لا يمكن إلا لشخص واحد الوصول إلى درجة النيرفانا في الكون ، على خلاف هذه الجماعة نجد جماعة القارب الكبير التي ترى بالإمكان لكل شخص الوصول إلى درجة النيرفانا هذه ، في حين تذهب بعض الفرق البوذيّة الأخرى إلى تأويلات مغايرة .

بخصوص حياة بوذا هناك اختلاف ، ففي حين يذكر بعض الباحثين عدم وجود بوذا، يذهب الأكثريّة إلى الإقرار بكونه عاش في القرن الخامس قبل الميلاد وهو الزمن الذي عاش فيه عالم الرياضيات والفيلسوف المصري طاليس والأوترسكي بيتاقوراس .

كلمة بوذا هي كلمة سنسكريتية (اللغة الهندية القديمة) وتعني استيقظ ، و تعوّض هذه الكلمة في اللغات الأخرى في الآسيويّة مثلا بكلمة “بهاجافات” التي تعني الأسمى أو الأعلى ، و بكلمة تاتهجهاتا والتي تعني الكامل .

و يقال إن إسم بوذا الأصلي هو غاوتاما .

تذكر بعض الأساطير أن حياته السابقة التي عاشها قبل آخر مرّة كانت في السماء وأنّه اختار الأرض مكانا ينزل فيه ، فاختار بهذا المكان والأم التي ستلده و العائلة التي سيعيش معها ، فكان اختياره للعائلة الملكية ولمايا زوجة الملك “شودهودوناس” أمّا له ، و يقال إن مايا طلبت من زوجها أن لا يضاجعها أبدا ، وفي ليلة من الليالي حلمت بأن فيلا أبيض اللون قد ضاجعها , وبعد عشرة أشهر وبينما كانت في طريقها لقرية مغايرة أنجبت إبنا ، فحدثت عند الولادة عدّة عجائب طبيعيّة منها أن السماء أشعّت بنور نجم ساطع .. توفيت الأم بعد أسبوع من ولادة بوذا . ترجع الأسطورة أصله إلى إله الشمس “إيكشفاكو” ، ويذكر أنه عاش في البداية حياة كلّها بذخ , محاطا بالخدم و الرّاقصات ، وأنه تزوّج الكثير من النساء ومع ذلك لم يكن يشعر بالسعادة , ومردّ ذلك وعيه بكونه مثله مثل بقية البشر مهدّد بالشيخوخة والمرض والموت .

لذلك بدأ يتساءل عن السبل التي من خلالها يتخلّص من الموت ومن التألم في الحياة ، فكان بحسب بعض الروايات أن التجأ إلى التصوّف وترك القصر(1) وبعد سبع سنوات من العذاب والجوع والحرمان (يذكر أنه كان يعيش طوال هذه الفترة على حبة أرز واحدة في اليوم) (2) ، جلس في يوم من الأيام تحت شجرة حتى بلغ درجة النور “بودي” وتمكن في ليال ثلاث أن يتذكر ما كان يعلمه من قبل ولادته آخر مرّة ، فتذكّر كل :

- المعلومات بخصوص الكائنات جميعها و كيفيّة ولادتها ثانية

- أسرار الحقائق الأربعة النبيلة ، وكيف يمكن القضاء على الأسباب الثلاثة للشر والمتمثلة في :

1) الحواس و شهوانيتها

2) الرغبة في الحياة

3) عدم المعرفة

ما نلاحظه لدى بوذا هو وجود اختلاف في نتائج التذكّر فإذا ما كانت بعض الأساطير ترى أن بوذا ولكي يتخلّص من كل الحقائق كي لا تتسرّب للبشر , قضى قضاء تاما على الولادة حتى لا يبعث من جديد ، ترى بعض الأساطير المغايرة أن بوذا وحينما وصل إلى درجة النور “بودي” أتاه ابليس وطلب منه ألا يدلي بمعلوماته إلى البشر، ونجد خلافا لهاتين الرّوايتين بعض الرّوايات الأخرى إلى كون بوذا بنفسه قال : “سأدخل في النيرفانا (3) (وهي أعلى درجة يصلها الإنسان عندما يصل إلى الكمال وبعدها يموت لآخر مرّة) ولن أمد البشر بالحقائق التي توصلت إليها لأنهم لم يصلوا بعد إلى درجة عليا من الوعي” .

بخصوص سيرته الذاتيّة كان بوذا ضد رجال الدين الهندوس والبراهمنا حيث قال : “إن هدف البراهمنا الوحيد هو جمع المال والتفتيش عن المصالح الماديّة” .

(1) لمزيد التوضيح انظر حياة الأوبانيشادر بالهندوسية

(2) انظر حياة المتصوّف الهندوسي

(3) كلمة نيرفانا والتي هي أعلى درجة يصلها الإنسان تحيل إلى وجود الشيء واللاّ شيء ، وأن الإنسان بعد موتته الأخيرة يبقى جزء منه يعيش تلك الحالتين ، وبحسب ما أفهم فإن كل حلقة زمنيّة تدور كل مدّة تصل في اعتقاد البعض إلى 80 ألف سنة ، وفي اعتقاد البعض الآخر تدوم سنة ضوئيّة حيث يولد فيها الإنسان من جديد إن هو وصل إلى درجة الكمال وتحرّر من الموت .

(4) طبيعي ولا إلهي إذ هو من بدع الإنسان , ونظام الكاست الهندوسي ومن حاشيته المقرّبة راع ، صائد سمك ، منظّف شوارع ، قاطع طريق …

امتدّت حياة بوذا بحسب بعض الرّوايات بين 76 و 86 سنة ، تروي بعض الأساطير أن يوم موته حدث زلزال عنيف ودقّت الطبول في السماء وانطفأت النار بأشعة واحدة من السماء حين أحرق جسمه , ويلخّص بوذا كل معاملات الإنسانيّة في جملة واحدة حين قال “على الإنسان التخلّي عن كل شر والقيام بالأعمال الحسنة وأن يطهّر قلبه وينظّفه من كل غل” .

- طلب بوذا من أتباعه تقديم الصّدقة و مساعدة كل الناس بما في ذلك أعدائه .

- إن حصل لبعض قطّاع الطّرق وبدأوا في تقطيع أجسامكم إربا إربا فلا تغضبوا فإن غضبكم معناه أنكم ستفعلون عكس ما طلبت منكم ، فطريقة تفكيرنا لن تتغيّر، لن ننطق بكلمة بذيئة ، هدفنا التخلّص من إحساس كراهيّة الآخر والتخلّص من الشعور بكونه يؤلمنا ، هدفنا الدّخول إلى عالم الشخص بالهدوء والرّصانة والتسامح فنبدأ بالإنسان وننتهي بالكون بأكمله .

للبوذيّة قواعد على كل بوذي الإلتزام بها :

- لا تقتل
- لا تسرق
- لا تكذب
- لاتزني
- لا تسكر

يعتقد بعض البوذيين أن الإنسان بجهده الخاص يمكن له بلوغ مرتبة المعرفة إذ لا نحتاج لوحي إلاهي أو دراسة كتب مقدّسة أو تعليم معلّم .

- يقول بوذا في كتاب “ماهافاجا” “أي معلّم سيكون لي؟ فأنا أحسن معلّم لنفسي” … “إذا كان بالإمكان أن أسمع الفكرة الجيّدة من شخص ما غيري , فإنني أنا هو من سأفكر فيها” .

عند اعتناقك للبوذيّة فإن بوذا ليس بالشخص الذي سيخلّصك من التألّم ولا هو الشخص الذي سيوصلك إلى الخلاص ، هو فقط الشخص الذي يدلّك على الطّريق وبمجهودك الخاص ستصل إلى درجة المعرفة ( DHAMMAPADA 276 ) .

(4) أعتبر أن نظام الكاست الهندوسي من أبشع ما أنتج الإنسان في تاريخه .

بوذا مثله مثل بقيّة البشر يولد ويصير عجوزا ثم يموت ، فهو ليس بإله ولم يتصل بوحي إلهي ولم يتناسخ روح الله .

- يقول بوذا “إن كل شيء يخضع لقانون الكون” .. دارما

لم يتكلّم بوذا كثيرا عن الرّوح والمادّة إلخ . لكن نجده يقول بكونه يخضعه لقانون الكون : الأرض ، الماء ، الهواء ، الألوان ، الأصوات ، قوّة الحياة ، القدرة على السمع والنظر ، دقّات الإرادة ، الوعي ، عدم المعرفة ، الكره ، الرغبة ، الحذر، الجمال ، المال ، العلوم الخاطئة والصّحيحة ، الجنس ، النوم ، الجوع ، المرض ، الشيخوخة ، الموت إلخ .

و يعتبر بوذا أن كل من يؤمن و يعتقد أن الأشياء جميعها تابعة للواحد فقط إنما يعيش في الوهم وعالم الخيال ، لأن قانون الكون جعل من الأجزاء جميعها تتعامل مع بعضها البعض بطريقة حميمية إلى درجة كون الأنسان لا يدرك كونها متحرّرة عن بعضها ، نرى مثلا أن الأعشاب مرتبطة بالأرض وبالفضاء الذي ستزرع فيه ، وبالرطوبة ، وبالهواء إلخ .

الحياة السابقة و الحياة الحالية :

- يقول بوذا إن همزة الوصل بين حياة الإنسان السابقة و الحالية هي دقّات الإرادة “سانسكارا” وباللغة الهنديّة “تريشنا” أي التعطّش للحياة (4)
جماعة القارب الصغير ونظرتهم للزمن يقولون :

- لا توجد بداية أو نهاية للزمن ولا يوجد أي حد للكون (5)

لا يوجد إلاعالم واحد ، هناك العديد ممن تتكرّر بهم الحياة بكيفيات متجدّدة ومتعدّدة وتجدّدها لا يحصى

- كل كون قائم على : الماء ، الرّيح ، الأشعّة ، والعدم

- يقول بوذا “إنه لا يؤمن بشيء لا يراه ولا يسمعه ولا يشمّه (6)


(4) إذا كان الكون يخضع لقانون التغيّر المستمر فإن النيرفانا – التي هي الهدف الأسمى للحياة – تمثّل العدم الهادئ والساكن

(5) نجد نفس هذه الفكرة لدى الفيثاغوريين

(6) يمكن الإشارة إلى ما يوجد في البوذيّة من تناقض إذ إنها تدعو في جانب إلى التخلّي عن الحواس وفي موضع آخر تجعلها أساسيّة في عمليّة المعرفة ، وتقرّ كذلك بكون الأشياء التي تؤمن بها هي أشياء محسوسة في حين أن بوذا تحدّث عن أشياء لا يمكن رؤيتها مثل الكمال ، النور، الآلهة التي ليس لها أجسام ، المعرفة الحقيقيّة التي تحجب في مختلف الأساطير عن الإنسان ..

- في أسفل نقطة نجد جهنّم الباردة ثمّ جهنّم الحامية ومن فوقهما نجد الأرض بما فيها من بحار وقارّات حيث يسكن فيها الإنسان والأشباح “بريتا” والشياطين “أسورا” وتوجد حول جبل الـ “ميرو” الشمس والقمر والنجوم , وتسكن ورائهم الآلهة مرتّبة ترتيبا تفاضليّا ، وفوقهم جميعا تسكن الآلهة التي تسبح في الهواء “فيمانا” ، وهناك أيضا مكان مخصّص للعدم ، هذا المكان لا يكتسب أي شكل وبه تسكن الآلهة التي ليس لها أجسام أرابافاكارا
- إن الآلهة بعد آلاف الحلقات الكونيّة تولد من جديد

الرّغبة :

إذا ماتت الغريزة عند الإنسان :
- يهدأ قلبه
- يصير الميت حيّا إلى الأبد
- يصل إلى درجة البراهمنا
4-7 Brhadar up


الأنانيّة :
- فزت بعد عذاب أليم ، فلم أعلّم غيري ما توصّلت إليه ؟
mahav 1-5-3


الحب :

- نحوّل حياتنا إلى مشاكل ونشعر بالخوف عندما نحب ، فلنتحرّر من الحب لنعيش في هدوء وأمان
dhammap 213

ثورة بوذا على البراهمنا أي رجال الدّين بالهندوسيّة

- إن قتل أحد من البراهمنا أمه وأباه ، وإن قتل كل ملوك الكساتريا ، وإن خرّب كل شيء في العالم فإنهم يقولون عنه دوما إنه طاهر ونقي من كل ذنب
dhammapada 294


.................

شكرا للسيد يوسف ليمود على تصحيحه للغلطات النحوية



يتبع