حسن الرفيع
28/10/2007, 05:33 AM
أنجز الشبان السمر المهمة التي كلفوا بها على مضض، وبإشراف عجوز أنهكه العمر و أضناه المعول زمناً. بزغ الفجر وتسلل الضوء ملقيا بظلال باهتة على الحفرة التي أعدت خصيصا لجسدي الذي طال انتظاره.. فالأرض تعشق أبناءها، وتتلهف لضمهم كأم حنون. أما جسدي الذي أصبح قطعة واحدة لا حياة فيها، ممددا على فراش ليس لي، مسجى بغطاء مرتجع بعد إيداعي حفرتي التي أنجزت وأصبحت مستعدة لاحتوائي ...
جسدي الذي زاد برودته قطع الثلج التي كومها الأهل فوقي خوفا عليّ من التفسخ من شدة الحر.. واحتراما لأنوف لا زالت تشعر بالوخز من رائحة تبعث على الغثيان.. عويل النسوة وضوضاء الأطفال تمزق كبد السماء.. يجتمع سكان الحي أمام الباب.. يتوافد الأقارب من القرى القريبة.. يعانق الأحبة بعضهم معزين أنفسهم فقداني.. تزدحم الآهات بنحيب وتذمر، عيون أنهكها الحزن وأخرى أعياها السهر.. يشتد اللغط وتتزاحم الآراء، ينساق البعض وراء الحلم ويتمسك بعض منهم بالموروث.. لا يمكن أبدا أن تمضي لو كنت بميزان العقل تنادي.. تصطف أمام البيت أعمدة صنعت من معدن، جوفاء ترن يحملها عمال اعتادوا رصفها وتغليفها بقماش تتناسق بالطول لإنجاز اللوحة.. لا هم لهم ولا يعنيهم من فقد.. يهب الشبان على عجل برصف البيت المنصوب على أعمدة جوفاء باردة كجسدي الذي دثر بالثلج ..
تمر الساعات بطيئة بانتظار الموعد الذي حدده العقلاء لعرسي الذي سيحضره رجالات من ورق، والثلج يئن بأطرافي يذوي في كسل وفتور .. تعبت النسوة من النحيب.. وهدأ الأطفال بعد أن أنهكهم التعب.. يمتزج الليل بحلكته بثياب سود تلبسها نساء الحي بانتظار عرس ما.. لراحل ما سيودع دنياهم..
الحفرة تنتظر بشوق أضناها السهر وجوعها للحبيب الذي ستضمه عما قريب.. ساعات فقط.. سيغلقون عليهم أبوابا ويهيلون عليهم أرز المنتصرين وزهور الياسمين.. وحيدين معا في رحلة طويلة.. الحفرة وجسدي الذي سيفنيها وتفنيه.
حسن الرفيع
سورية - الرقة 2005
جسدي الذي زاد برودته قطع الثلج التي كومها الأهل فوقي خوفا عليّ من التفسخ من شدة الحر.. واحتراما لأنوف لا زالت تشعر بالوخز من رائحة تبعث على الغثيان.. عويل النسوة وضوضاء الأطفال تمزق كبد السماء.. يجتمع سكان الحي أمام الباب.. يتوافد الأقارب من القرى القريبة.. يعانق الأحبة بعضهم معزين أنفسهم فقداني.. تزدحم الآهات بنحيب وتذمر، عيون أنهكها الحزن وأخرى أعياها السهر.. يشتد اللغط وتتزاحم الآراء، ينساق البعض وراء الحلم ويتمسك بعض منهم بالموروث.. لا يمكن أبدا أن تمضي لو كنت بميزان العقل تنادي.. تصطف أمام البيت أعمدة صنعت من معدن، جوفاء ترن يحملها عمال اعتادوا رصفها وتغليفها بقماش تتناسق بالطول لإنجاز اللوحة.. لا هم لهم ولا يعنيهم من فقد.. يهب الشبان على عجل برصف البيت المنصوب على أعمدة جوفاء باردة كجسدي الذي دثر بالثلج ..
تمر الساعات بطيئة بانتظار الموعد الذي حدده العقلاء لعرسي الذي سيحضره رجالات من ورق، والثلج يئن بأطرافي يذوي في كسل وفتور .. تعبت النسوة من النحيب.. وهدأ الأطفال بعد أن أنهكهم التعب.. يمتزج الليل بحلكته بثياب سود تلبسها نساء الحي بانتظار عرس ما.. لراحل ما سيودع دنياهم..
الحفرة تنتظر بشوق أضناها السهر وجوعها للحبيب الذي ستضمه عما قريب.. ساعات فقط.. سيغلقون عليهم أبوابا ويهيلون عليهم أرز المنتصرين وزهور الياسمين.. وحيدين معا في رحلة طويلة.. الحفرة وجسدي الذي سيفنيها وتفنيه.
حسن الرفيع
سورية - الرقة 2005