المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الباب الخامس من كتاب تلاش ( بحث ) للأديب الباكستاني ( ممتاز مفتي )



إبراهيم محمد إبراهيم
29/10/2007, 07:57 AM
الباب الخامس
كالماء في العجين ، والبياض في اللبن
تطبيق الإسلام :
في ذلك اليوم جاء لزيارتي رجل مثقف ، وكان على المعاش ، ويسكن في القرية ، وأخذنا نتجاذب أطراف الحديث حول الإسلام . قلت له : يا عمي الفاضل ، هناك أمر لم أفهمه . قال : ما هو ؟ . قلت : لقد أسسنا باكستان حتى نطبق الإسلام ، ونعيش حياتنا طبقاً للنظام الإسلامي ، أليس كذلك ؟ . قال : نعم . قلت : كل فرد ، وكل حزب سياسي عندنا يريد أن يطبق الإسلام ، ولقد مضى حتى الآن على قيام باكستـان ست وأربعون عاماً ، ومع ذلك لم ننجح في تطبيق الإسلام ، أليس هذا أمراً عجيباً ؟!. لا أستطيع أن أفهم لماذا ؟!.
قال الرجل : يا أخي ، إن الإسلام مطبق فعلاً في المنطقة التي أعيش فيها . صحت في حيرة : ماذا تقـول ؟!. قال : أقول الحق . قلت : إنك تمزح . قال : أبداً . قلت كيف هذا ؟!. قال : على سبيل المثال لو أن مجموعة من النساء في قريتنا يعملن في مكان ما ، وهناك طفل يلعب ، وفجأة يتعثر الطفل ، ويسقط على الأرض ، فإن النساء سوف يصحن دفعة واحدة ودون اتفاق مسبق : " بسم الله " ، مع أنه لا علاقة أصلاً بين سقوط الطفل وبين اسم الله (1) .
مثال آخر : بعض الرجال يجلسون في مكان ما ، ويأتي شخص آخر فيعرض عليهم شيئاً جميلاً ، فيصيحون جميعاً دفعة واحدة ، ودون اتفاق مسبق : " سبحان الله " .
والحقيقة أن الشخص لا يثني على الشيء نفسه ، وإنما يثني على صانع الشيء ، والجميع يثنون على الله تعالى . يسأل واحد منهم : يا أخي ، من أين ظهـر الله هكـذا ؟!. ما معنى ذكره " الله " هنا ؟!. لكن الله يذكر ... يظهر ... يقفز دفعة واحدة من أعماق قلوب الناس إلى خارجهم .
إننا عندما نريد أن نجعل الطفل يسكت من بكائه ، أو يخلد إلى نومه نغني له " الله هو ، الله هو " (2) ، فما علاقة قولنا " الله هو " بجعل الطفل يصمت من بكائه ؟!. قلت : إن كان عندك تفسير لهذا فأرجوك أن تريحني به . قال الرجل : في القرية عندنا يقفز " الله " من القلوب إلى الشفاه في كل أمر . نقول : ما شاء الله … إن شاء الله … أستغفر الله … لا حول ولا قوة إلاّ بالله … لا قدّر الله … ندعو الله … وضحك الرجل قائلاً : إن الله يمتزج بقلوب الناس مثلما يمتزج الماء بالعجين . أتعرف من فعل كل هذا وكان سبباً فيه ؟!. إنهم المتصوفة ، لقد أدخلوا الله فيما نقول له بالإنجليزية : " UNCONSCIOUS " ، وسألني الرجل قائلاً : ماذا تقولون لهذا اللفظ باللغة الأردية ؟. قلت : نقول " اللاشعور " .
الشعور واللاشعور " :
قال : نعم ، لقد أدخلوا الله في قفص لا شعورنا ، ونحن دون أن نشعر نظل نحمد الله ونثني عليه ، دون أن نشعر نظل ندعو الله ، دون أن نشعر نبني آمالنا عليه . وتوقف الرجل ، وظل صامتاً لبرهة ، ثم قال : الأمر ليس قاصراً على " اللاشعور " فقط ، بل إن الله لا يفارق شعورنا أيضاً ، فالفلاح ينهض في الصباح ، وينظر إلى السماء . إنه لا ينظر إلى السماء في الحقيقة ، وإنما يشعر بأن الله خلف هذه السماء . إنه لا ينظر إلى السحـاب ، إنه يشعر بأن الله يأتي بالسحاب ، وينزل المطر ، ويرسل الرياح . إنه لا ينظر إلى شيء إلاّ باعتباره من الله ، فالطقس عنده لا يحمل معنى بذاته ، وسوء الطالع ، وحسن الطالع ، والسرور والحزن والرزق ... الله موجود وراء كل هذا . وتوقف الرجل ثانية ، ثم قال : والآن ، قل لي أنت ، ماذا يكون تطبيق الإسلام غير هذا ؟!.
الحقيقة أنني لم أفكر في الأمر من هذه الزاوية أبداً . سألت الرجل فقال : إنك تظن أن الإسلام ينفّـذ بالقانون ، وهذا خطأ منك ، فالإسلام لا ينفّذ بالقانون ، وإنما بالثقافة … بالعواطف … بـ " اللاشعور " .
قلت : لكن هذه المراوغـات السياسيـة ، وهذا البحث عن المصالح الشخصية ، وهذا الشرّ ، و ...
وقاطعني الرجل ضاحكاً : إنك عندما تقوم بخضّ اللبن فإن الزبد يصعد إلى سطحه ، أليس كذلك ؟. لقد تسمّم هذا الزبد بسبب الطمع والجشع ، فإذا ما أزلنا هذا الزبد المسمومة ، وألقينا به بعيداً ، سيبقى اللبن بعد ذلك نقياً خالصاً .
جلس حيث حطّ رحاله :
كلما فكرت في كلام الرجل ازددت عجباً ، لماذا لم أفكر في هذا الأمر من هذه الزاوية من قبل ؟!. لقد كانت الحقيقة أمامي ، فلماذا لم يتجه إليها نظري ؟!. إن الله داخل في كل عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا وكل حياتنا . عندما يولد الطفل يذيقونـه قطـرة من العسل الخالص قائلين : " بسم الله " ، ثم يؤذنون ي أذنيه . سادتي : هذا الأذان الذي يبدو في الظاهر مجرد كلام بسيط يقول : " تعالوا إلى السجود في حضرة الله " ، هو في الحقيقة أمر مؤثر للغاية ، يدخل من الأذن ، ويتسلل إلى القلب ليسكنه ... هذا الأذان يهزّ أعماقنا من الداخل ويخفقه مثل البيضة نخفقها ، بل ويرجّه رجّاً ، وهو لهذا يعدّ أمراً خطيراً للغاية في نظر غير المسلمين ، فالسيخ (3) مأمورون بأن يضعوا أصابعهم في آذانهم عند سماع الأذان ، ويغادرون المكان إلى مكان آخر بعيد لا يصل إليه الأذان .
وهنا في إسلام آباد بعض السفارات الأجنبية تمنع الاستماع إلى الأذان ، وقد سألت أحد السفراء في هذه السفارات : لماذا تخافون من الأذان ؟!. قال : لا أعرف لماذا ، لكني أشعر بنوع ما من الوحشة عند سماع الأذان !!.
والتاريخ شاهد على أن العديد من الملوك غير المسلمين قد حظروا رفع الأذان . على أية حال كان هذا كلاماً عارضاً ، والحقيقة أن الله ممتزج تماماً في كل عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا مثلما يمتزج بيـاض اللبن به ، وأقول لكم شيئاً أيها السادة ، وعليكم أن تعقلوه جيداً ، وهو أن لله خصلة ، وهي أنه يتمكن حيث يحلّ ، ويستحيل بعد ذلك زحزحته مهما استماتت المحاولات .
الأب أو الأم :
الحقيقة أن الذنب كله ذنب أئمتنا ومرشدينا ، فلقد أذاعوا أفكاراً خاطئة عن الله تعالى ، إذ جعلوه " أباً " : FATHER HEAD " (4) ، وللمسيحيين يد طولى في نشر هذه الفكرة ، وربما يكونون هم بدايتها . على أية حال هذه فكرة خاطئـة . والحقيقـة هي أن الله تعالى كمثل " الأم " لنا ، فهو يحب خلقه بقدر ما تحب الأم أطفالها (5) ، ولقد خوّف الله تعالى الناس في مواضع عديدة في القرآن الكريم بأنه أرسل إلى الناس من يخوّفهم وينذرهم (6) ، والأمهات يخوّفن أطفالهن ، وكثيراً ما يؤاخذنهن ، لكن مؤاخذة الأمهات ليست عنيفة ، وغالباً ما يكون غضب الأمهات هذا مجرد كلام وتخويف فقط ، ليس أكثر .
ولقد اهتم علماء الدين لدينا بهذا التخويف والترهيب الوارد في القرآن الكريم اهتماماً كبيراً ومفصلاً ، حتى بدا وكأن الله تعالى " قصّاب " (7) ، وما أجمل ما قاله أحد الشعراء عن عواطف الله تجاه خلقه ، وخاصة الإنسان :
· ربيعنا وخريفنا أكثر ألواناً من الحناء ، لقد قبّل البستاني عندنا يده (8).
يقولون إن ربيع وخريف الإنسان متنوّع وملوّن إلى حدّ أن الله تعالى لا تسعه الفرحة سعادة بما صنع !.
أنظر وتمعّن :
وهذا الأمر لا يتوقف على الإنسان فقط ، وإنما ينطبق على المخلوقات كلها ، فكل شيء في هذا العالم جميل ... الورود والأغصان والبراعم والأوراق والأشواك ... كل ذرة في الكون تمتلئ حكمة وجمالاً . لا يحضرني الآن اسم ذلك العالم الذي قال " لو كنت الله لخلقت الدنيا كما هي عليه الآن ، فلا يمكن أن تكون هناك دنيا أجمل من هذه " . وقال فنان عالمي مشهور " أيها الناس ، احمدوا الله أننا بسبب تعودنا على الدنيا وإلفنا لها لا يبدو لنا جمالها ، ولو عرفنا حقاً كم من الحكمة والجمال في كل ورقة وذرة ، لحلّت بنا دهشة وحيرة تعطّل حواسنا ، وتجعلنا غير صالحين للقيام بأي عمل .
ولقد قال الله تعالى مراراً في القرآن الكريم أن انظروا أيها الناس وأمعنوا النظر ، لماذا لا تنظرون ، انظـروا ماذا خلقنا . وعندما يقول القرآن انظروا فإنه لا يعني مجرد النظر وفقط ، وإنما يعني الإمعان ، لا يعني SEE ، وإنما يعني LOOK ، أي لا تنظروا فقط ، وإنما افهموا واعقلوا ، وهـذا منهـج علمي ، وقد استقى العلـم هذا المنهـج من القـرآن . وقد كتب العالم المعروف " ناثينيل شيلر : NATHENAIL SHALER مقالاً بعنوان " كيف علّمني أوجـاســز أن أنظــر " أوضـح فيـه أهميـة النظر . و " أوجاسز " هذا هو أستاذه . يقول " شيلر " :
" عندما دخلت معمل أستاذي " أوجاسز " وجدتـه قد وضع سمكة في صينية من الصفيح ، وقال لي : انظر إليها وتمعن فيها ، ولا تتحدث مع أحد عنها ، ولا تقرأ كتاباً يتعلّق بها ، وعندما أسألك ما الذي رأيته ، عندها فقط أخبرني ، وليس قبل ذلك .
وظللت أنظر إلى السمكة ساعة كاملة ، واعتقدت أنني نظرت إلى السمكة كاملة ، وجلست بعدها أنتظر على أمل أن يسألني " أوجاسز " . كان " أوجاسز " قريباً مني ، لكنه لم يسألني ، ومضي يوم ، ويومان ، ومضى أسبوع كامل ، لكن " أوجاسز " لم يهتم بي ، وإن ظل يبادلني السلام بشكل عادي ، وأحياناً كان ينظر إليّ من طرف عينه ، وظللت أنظر إلى السمكة – مضطراً - مرات عديدة ، إلى أن عرفتها تماماً .
وفي النهاية جاءني " أوجاسز " وسألني : أخبرني ، ماذا رأيت في السمكة ؟. فأخبرته بكل شيء رأيته فيها ، وظل يستمع بإمعان لما أقول ، وعندما انتهيت من حديثي قال : " أف ، لا تزال مشاهداتك غير ناضجة ، أنظر إليها ثانية " ، وبعد أن قال هذا تركني وذهب . وبدأت أنظر إلى السمكة من جديد ، وفي هذه المرة رأيت فيها أشياء لم أرها من قبل ، أشياء أصابتني بحيرة ودهشة .
وبعد أسبوع أخبرت " أوجاسز " بكل مـا رأيت ، ومع ذلك فإنه لم يمتدحني ، وإنما قال : نعم ، ولو ظللت تنظر إليها لتعلمت كيف تنظر !! " .
خافوا أيها الناس ، خافوا :
ولا أدري لماذا لا يرى علماء الدين لدينا هذا الجمال ، لماذا لا يرون تلك العلاقة الحميمة لله مع مخلوقاته ، إنهم يخوّفوننا دائماً من غضب الله وسخطه ، يخوّفوننا من العقاب دائماً ، لا يزرعون في قلوبنا عاطفة حب الله والتّعلق به ، إنما الخوف ، والخوف فقط ، خافوا الله ، فإن عقابه يأتي بغير سابق إنذار (9) ، ويمهل كثيراً (10) ، وانتقامه شديد ، خافوا أيها الناس ، خافوا ، خافوا من نزعات الموت ، خافـوا من عذاب القـبر ، خافـوا من حسـاب الملائكـة الذين يحملـون " المرزبّات " !!.
لقد زرع علماء الدين في قلوب الناس الخوف من الإسلام ، وبسبب هذا الخوف لم يحقّق أي حزب إسلامي نجاحاً في الانتخابات حتى اليوم .
النساء يخشون إن طبّق الإسلام فإنه لن يسمح لهن باستخدام " الماكياج " ، ولن يسمح لهن بالخروج كاشفات الوجه . والمرأة العاملة تخشى إن طبّق الإسلام أن تفقد وظيفتها ، والشباب يخشون إن طبّق الإسلام فلن يسمح لهـم بارتـداء البناطيـل " الجينز " والقمصان " المشجّرة " ، والشباب الصغير المغرم بالموسيقى يخشى أن لا يسمح لهم بالرقص ، وأصحاب المحلات يخشون أن تقل أرباحهم .
الادعاءات الصليبية :
عندما حقّق المسلمون انتصارات باهرة أيام الحروب الصليبية بدأ القساوسة النصارى في إطلاق ادعاءات وشائعات تسيء إلى الإسلام والمسلمين ، منها أن مجاهداً مسلماً يتفوّق على عشرة جنود مسيحيين لأنهم في الحقيقة متوحشون قساة القلوب ظالمون قتلة سفاكون للدماء ، وليسوا من بني الإنسان .
لقد حكم المسلمون " أسبانيا " ردحاً طويلاً من الزمن ، ويؤكد المؤرخون على أن حكم المسلمين لهذه البلاد كان حكماً مثالياً ، لكن قساوسة النصارى ومبشّريهم أغفلوا دائماً هذا الجانب المشرق للحكام المسلمين ، وضخموا الأمور إظهاراً لقسوة المجاهدين وعنفهم ، وبالغوا في وصف ذلك أي مبالغة .

لقد كان قساوسة النصارى ورهبانهم مخالفين للإسلام أشدّ المخالفة ، وذلك لأن النصرانية منحت القساوسة والرهبان مكانة حيوية ، وكانت هذه المكانة على قدر كبير من الأهمية جعلتهم لا يتورّعون عن التصادم مرات عديدة مع ملوك النصارى ، على العكس من ذلك فإن الإسلام لا يؤيّد الرهبانية ، والأكثر من ذلك أنه منعها ، ولم يمنح علماء الدين ومشايخه أيّ امتياز خاص بهم ، وجعل مكانتهم كعامة المسلمين (11) .
ثم أشاع قساوسة النصارى ورهبانهم عن المسلمين دائماً – كذباً – أنهم ضيّقوا الأفق ، محرومون من سعة القلب ، وأنهم لا صبر لهم .
وهكذا قدّم القساوسة صورة مشوّهة للإسلام ، وفي نفس الوقت فإن مشايخنا وأئمتنا يؤكدون بتصرّفاتهم مزاعم هؤلاء ويقوّونها ، حتى وصل الأمر إلى أن تتهمنا أمريكا والدول الغربية بالأصولية (12) ، في حين أن الحقيقة عكس ذلك تماماً ، والتاريخ يشهد على أن قدر التسامح الموجود في الإسلام لا نجد لها مثيلاً في أي دين آخر ، وليتهم يعطون غير المسلمين ذلك القدر من الحرية الموجودة لدى المسلمين ، وأن تحترم أديانهم وأماكن عبادتهم وشعائرهم .
يقولون أنه عندما دخل عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه القدس فاتحاً ، وحان وقت الصلاة ، تبادر إلى الأذهان سؤال وهو : ترى أين يصلي ؟!. وتحدّث المسلمون مع المسيحيين في هذا الأمر ، فقال المسيحيون : تستطيعون يقيناً الصلاة في كنيستنا . لكن سيدنا عمر رضي الله عنه رفض أداء الصلاة في الكنيسة قائلاً : لو فعلت هذا فسيقول الناس إن المسلمين احتلوا كنيسة المسيحيين عنوة ، والإسلام لا يجيز هذا ، ولا بدّ لنا أن نحترم دور العبادة لدى غير المسلمين . وهناك عبارة منقوشة في أماكن متعددة على جدران " قصر الحمراء " في " أسبانيا " تقول :
" لا غالب إلاّ الله "
وكان هذا شعار المسلمين حين فتحوا " أسبانيا " ، وقصة هذا الشعار أنه عندما فتح المسلمون " أسبانيا " ، ودخل الفاتحون مدينة " غرناطة " ، استقبلهم الناس من كل جانب بترحاب كبير ، ولقبوا الحاكم المسلم بلقب " الغالب " ، فردّ عليهم الحاكم المسلم قائلاً : لست فاتحاً ، ولا غالباً ، إنما الفاتح والغالب هو الله .
والتاريخ الإسلامي مليء بمثل هذه الأحداث ، ولا أدري كيف يقال اليوم أنه لا تسامح لدى المسلمين ، وأنهم لا صبر لهم . ما زلت أذكر أن كبار السن في الماضي كانوا يقولون أن الإسلام طريقة بسيطة سهلة ، وهي أن تعيش ، وتدع الآخرين يعيشون ، وأن تريح وتستريح .
والأمر الأول هو أن تقرّ من قلبك بأن الله واحد لا شريك له ، وأنه القادر المطلق ، وأن محمداً خاتم الأنبياء والمرسلين . وكان الكبار يقولون أن هذه هي بوابة الدخول إلى إيوان الإسلام .
والأمر الثاني هو أن تؤدي حقوق العباد ، وأن تخدم الناس ، وأن تعطف عليهم (13) ، وأن تخصص للفقراء جزءاً من دخلك (14) ، وأن تصوم رمضان ، وتمثل بين يدي الله ساجداً خمس مرات في اليوم ، وإن وفقك الله تزور مكة والمدينة ، وتؤدي مناسك الحج .
سألت أحد الكبار قائلاً : يا سيدي ، إن كانت هذه هي الأركان الخمسة للإسلام ، فهو إذاً دين بسيـط وسهل . قال : هذا صحيح . فسألته : وما هو أهمّ ركن بين هذه الأركان الخمسة ؟. قال : إننا نعتقد أن الإسلام يبدأ بخدمة خلق الله ، وينتهي بخدمة خلق الله أيضاً .




هوامش

1 - وهو ميحدث لدينا في القرى وفي غيرها ، إذ يسم الله من يرى شخصاً يتعثر أو يسقط على الأرض ، والبعض يزيد قائلاً : بسم الله حارسك وصايننك ، أو بسم الله حارسك وضامنك ، وهذه الزيادة تفسر العلاقة التي يتعجب منها الكاتب بين سقوط الشخص وبين اسم الله ، فالمقصود أنه محروس من أضرار هذه السقطة باسم الله ، إذ أن هناك تصور فحواه أنه عند سقوط الشخص هكذا قد يؤذيه بعض الجن من حيث لا نراهم إذا كانت سقطته فوق أحدهم .
2 - هكذا تفعل نساء المسلمين في باكستان ورجالها ، وينطقون " الله " بسكون " الهاء " بعد مدّ ألف " الله " مدّاً طويلاً ، أما ؛رف " الواو " في " هو " فهو ممدود مدّاً طويلاً أيضاً ولا تنطق " الواو " مفتوحة ، وهو ما يقابل قول نسائنا ، خاصة في الأرياف " ننّا هوو ، ننّا هوو " عند غعداد الطفل للنوم ، أو لإسكاته من البكاء .
3 - هم فرقة في الهند تسمى " السيخ " ، وهم أتباع " جورو نانكـ " عام 1469م ، وهي فرقة تنادي بالوحدانية ( طبقاً لتصورها ) والتقارب بين الأديان ، كما عارضت هذه الفرقة نظام الطبقات والنظام الكهنوتي في الهندوسية ، ولهم معابد مقدسة أشهرها المعبد الذهبي في مدينة ( أمرتسر ) ، ولهذه الفرقة تاريخ طويل من الصراع مع مسلمي شبه القارة الهندية خاصة قبل التقسيم عام 1947م .
4 - في قول المسيحيين " باسم الآب والابن والروح القدس " .
5 - حب الله يقيناً أعظم وأكبر ، ولا أعتقد أن الكاتب موفق في اختيار هذا التشبيه ، وإن كان يقصد مجرد تقريب الفكرة ، لكن التشبيه بهذا الشكل يقود إلى نوع ما من التجسيد ، وهو ما لا يتناسب مع تصور الله في الإسلام ، وقد جاء في الأثر أن الله تعالى أرحم بعباده من الأم بولدها .
6 - ويبشرهم كذلك . قال تعالى " إنا أرسلناك بالحق بشيراً ونذيراً ولا تسأل عن أصحاب الجحيم " البقرة 119
7 - تشبيه قاس ولا يليق ، وإن كان ذا معنى مناسباً للحال .
8 - البيت بالفارسية : رنكين تر از حنا ست بهار وخزان ما ** بر دست خويش بوسه زند باغبان ما
9 - في الأصل مثل بالأردية يقول " الله كي لاتهي مين آواز نهين : ليس لعصا الله صوت " ، أنظر : فيروز اللغات اردو جامع – ص 118 . ويسير على ألسنة الناس ( الله كي لاتهي بـ آواز هـ " بدلاً من الله كي لاتهي مين آواز نهين " وفي القرآن " أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون " – الأعراف – آية رقم 97 – 98 .
10 - في الأصل " وحباله طويله " .، وهو تعبير عام على ألسنة الناس ، يقولـون " الله كي رسي دراز هـ " ، وهي تعني ما ذكرناه في الترجمة من أن الله يمهل ولا يهمل .
11 - يقصد أن الإسلام لم يميز رجال الدين بسبب كونهم رجال الدين ، وإنما ساوى بين المسلمين جميعاً ، وجعل مقياس التفاضل بينهم التقوى والعمل الصالح : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ، الحجرات : 13 .
12 - إتهام أمريكا والدول الغربية للمسلمين بالأصولية لا يثبت فساد رجال الدين وأئمة المساجد لدينا ، واتهام أمريكا والدول الغربيـة هذا باطل من أساسه ، واتهام الكاتب لرجال الدين هكذا على الإطلاق والعموم أيضاً باطل ، والحق أن النماذج موجودة في كل زمان ومكان بطبيعة الفطرة ، وإنما يكون المعوّل على الأكثرية ، ونعتقد أن الأكثرية لا تزال على خير ، وأن الفساد كالبقعة في الثوب الأبيض تكون أكثر ظهوراً مع أنها لا تحتل مساحة تذكر فيه .
13 - في الأصل " تشاركهم طعامك " ، وهو تعبير في الأردية مفهومه كما ترجمناه ، ولكن قد يحدث نوعاً من اللبس في الفهم لو ترجمت كما هي في الأصل الأردي .
14 - أي للزكاة والصدقات وغيرها .

راسخ كشميري
14/11/2007, 12:17 AM
بورك فيك دكتورنا الفاضل استمتعت بما ترجمت، رعاك الباري ووفقك لكل خير

صراحة منبهر بالمنتدى

ولم أفكر أبدا أن تخدم الأردية هكذا


الله يبارك فيكم

إبراهيم محمد إبراهيم
14/11/2007, 09:19 AM
الأستاذ راسخ كشميري حفظه الله
أشكركم على اهتمامكم وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم.