المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما بين كندا والانتماء



هدى الخطيب
01/11/2007, 06:13 AM
ما تصنعه الغربة في النفوس تضيق له و به الصفحات! ...
حقاً لا نعرف قدر الحب إلاّ مع الفراق!!
مع أوّل شمس أشرقت عليّ في كندا، مرّ الكثير من السنوات و لا أنسى ذلك الصباح!
كنت أنظر إلى السماء إلى الأرض إلى كلّ ما حولي بهلع!
برد شديد في الروح و القلب منّي يكاد أن ينخلع من هولها....
فطام الروح عن مدينتي التي عشقت و الهوى العربي الذي ما تنفست من قبل غيره!
أحسست بأنّي أختنق من لوعة الهوى و الفراق و الهواء غريب يصعب تنفسه
كلّ شيء بدا كئيبا من شدّة غربته حتّى الطبيعة بدت لي مخيفة رغم جمالها، كالرضيع الذي أخذوه من حجر أمّه
و وضعوه في حجر غريب.........
مع الزمن تغيّر الحال
أنا الآن أحبّ كندا .. أحبها بصدق .. حبّ التعود و الوفاء لبلدٍ احتضنني و عشت
بخيره سنين طويلة و حملت جنسيته.. و ما الردّ على الجميل بأقلّ من الوفاء...
أخاف من انفصال مقاطعة كيبيك عنها و أخشى على مقاطعة ألبيرتا من المطامع الأميركية بها ....
لكنّ هذا الحب يختلف عن معنى الوطن و الارتباط بالتربة و الإحساس بالانتماء.
لا أحبّ أهلي بقدر ما أحسنوا إلي..
أحبهم في كلّ الأحوال لأنهم أصلي و لأنّي منهم و دماؤهم تجري في عروقي، أحبّ جدّي و أنا لا أعرفه و لا أعرف شكله و لا مشاربه! أحبه لأنّ جذوري تمرّ عبره و لأنّي امتدادٌ له...
لست غربية و لا كنت شرقية و لا حتّى بخصوصية المعنى شرق أوسطية...
أنا الجسر الذي طالما وصل بين هؤلاء و لست منهم
أنا عـربية.. لا أجيد أن أكون إلاَ عـربيـة
عربية الهوى و الأحلام من المحيط إلى الخليج، ما زلت أبكي كالنساء مع محمد (أبو عبد الله) ملكه الذي ضاع في الأندلس
أكثر ما أحبّ بلاد الشام من الاسكندرونة و حتّى جنوبها الحبيب الأسير فلسطين، أنسجم مع تربتي و أفهم حدود وطني من نبض الإرسال بين ذرّات ترابه و بيني بعيداً عن سايكس بيكو و ما قبله و بعده، حتّى حين وقفت على أرض جزيرة قبرص يوماً، لم أفكّر بالتغيير الديمغرافي الذي حلّ بها و لا الدول التي تتنازع عليها، أصغيت لنبض التربة فيها و قرابتها من لحمي و شراييني...
و أحبّ المدن إليّ اثنتان، إحداهما حملتها بين ضلوعي وفي نبض قلبي دون أن أراها، هي المنى و جنّة أحلامي و الثانية ولدت و نشأت في حضنها، هما معاً جذوري من أبي و أميّ،
حيـفـا السليبة و طرابلـس الحبيبة.(1)
و مع هذا أنا إنسانة أدرك أنّ كلّ إنسان في ذاته مميز، أقدّر قيمة الإنسان و أحترمه كائنا من كان...
حين أقرأ التاريخ أو أشاهد فيلما وثائقيا عن الحروب في أي زمان ومكان أتعاطف تلقائياً مع الضعيف و المظلوم و أحسّ بالرأفة و الرحمة التي وضعها الله في نفوسنا و العطف على الإنسان كإنسان....
ولكن حين أتابع أخبار فلسطين الغالية و أرى قتيلا أو جريحا فلسطينيا، لا يكون شعوري مجرّد تعاطف و رحمة ! الطلقة في صدره أحسّ آلامها تخترق صدري و دماؤه التي تجري أشعر أنها تنزف من عروقي، و حين أنهار من الحزن على عراقنا الحبيب و أنا أشاهد في وسائل الإعلام عراقيٌا (في مثل سجن أبو غريب) يهان و تنتهك كرامته العربية الإنسانية أحسّ بالإهانة موجهة لشخصي و الصفعة طعمها على وجهي و كرامتي!...
هذا هو نبض الوطن الفطري و معنى الانتماء
لست غربية و لا شرقية، لا أجيد أن أكون إلاَ عـربيـة
**
1- طرابلس - لبنان

أبويزيدأحمدالعزام
12/11/2007, 03:40 AM
الاديبة هدى الخطيب تحية لكِ,بالنسبة لفلسطين فهي تعيش فينا تجري في دمائنا مع كريات الدم ومع كل نبض قلب يقول فلسطين,,اما الغربة فجميل ان يقول الانسان كلمة الحق في البلد الذي استضافه وفتح له ذراعيه,أنا مثلا عشت غالب العمر الى الان في السعودية واحبها جدا حد الموت والان انا في الاردن ايضابدأت أحبها,لكن بالنسبة للولايات المتحدة التي احمل جنسيتها والتي ايضا خدمتني كثيرا لاأنكر, اتمنى ان تزول عن الخارطة بكارثة او بزلزال لأن مساوئها اكثر من مضارها,لكن الحب الحقيقي يا ابنة الاديب نور الدين لو بحثتي في قلبك عنه لوجدتيه محفورا((حيفا_فلسطين)) وبلا منازع.
تحية لك ايتها الاديبة البطلة.

هدى الخطيب
14/11/2007, 01:40 AM
الاديبة هدى الخطيب تحية لكِ,بالنسبة لفلسطين فهي تعيش فينا تجري في دمائنا مع كريات الدم ومع كل نبض قلب يقول فلسطين,,اما الغربة فجميل ان يقول الانسان كلمة الحق في البلد الذي استضافه وفتح له ذراعيه,أنا مثلا عشت غالب العمر الى الان في السعودية واحبها جدا حد الموت والان انا في الاردن ايضابدأت أحبها,لكن بالنسبة للولايات المتحدة التي احمل جنسيتها والتي ايضا خدمتني كثيرا لاأنكر, اتمنى ان تزول عن الخارطة بكارثة او بزلزال لأن مساوئها اكثر من مضارها,لكن الحب الحقيقي يا ابنة الاديب نور الدين لو بحثتي في قلبك عنه لوجدتيه محفورا((حيفا_فلسطين)) وبلا منازع.
تحية لك ايتها الاديبة البطلة.

الغالي الأستاذ أحمد.. تحياتي
الوطن معنى عميق لا يستطيع فهمه كيان محتل مكون من مجموعات بشرية مختلفة.. مجموعات لقيطة ينقصها نقاء وطهارة النسب للتعرف على حقيقة جذورها..
أرض الوطن و أشجاره التي تشكلت و تراكمت من أجساد الأجداد سماداًَ و تربة لا يمكن أبداً لمن يفهم معنى هذه الصلة و يصغي لها أن يفرط بحبة تراب واحدة منها.. هذه التربة هي أبي و جدي و جدّ جدي.. أصلي و فصلي و جذوري....
هل نحن فقط نشتاق لفلسطين و نناديها ؟ فلسطين نحن منها ومن جذورها و تربتها هي أمنا التي تعرفنا و تنادينا كما نناديها وتشتاق لخطانا فوق أرضها و لضمّ رفاتنا ذات يوم بين ضلوعها..
صدقني أشياء كثيرة في هذا الكون لا يحسن بعضنا فهمها و مع هذا فهي موجودة و أكيدة و نبض الوطن الفطري شيء مؤكد ، أي معنى و مشاعر وطنية حقيقية لا بدّ لها من عامل جاذب من الأرض نفسها ولو لم تعرفنا و تشتاق لنا لما شعرنا بالارتباط بها..
قد يقرأ البعض ما أكتبه و يعتبره نوعا من الخلط الخيالي، لكني بالفعل أفهم نبض التربة و أحس بها ، ربما لو لم أعش نصف عمري فوق أرض غريبة تماماً ليس لي فيها جذور ما استطعت أن أفهم نبض التربة بهذا العمق..
فرق كبير في أن نتعود على مكان و بين أن ننصهر بمكان و يعيش فينا مهما نأت المسافات ..
حيفا- فلسطين في الدم و الروح و في النبض نبضي وفي القلب قلبي

أستاذ أحمد
أود أن أقول لك: " فخورة جداً بك و بوطنيتك الصادقة الشامخة ..."
أحييك.. من كل قلبي أحييك
دمت و سلمت