محمد سلومه
10/10/2007, 10:58 PM
عبري ويهودي وصهيوني وإسرائيلي
يحاول الصهاينة فرض رؤيتهم الاختزالية العنصرية على واقع الجماعات اليهودية في العالم فيتحدثون عن أعضائها المتباينين عقائدياً وثقافياً باعتبارهم يهوداً فحسب، وكأن هذا الخليط المتنوع بل والمتنافر يشكل وحدةً متجانسةً متماسكة. وفي المقابل يجب ألا يسقط الباحث العربي في هذه الاختزالية وأن يسعى إلى تطوير هيكلٍ من المصطلحات يبرز عدم التجانس، ومن ثم يتسم بمقدرة تفسيرية عالية. وفيما يلي محاولة لتعريف بعض المصطلحات المتداولة في الخطاب الصهيوني بطريقة تبرز عدم التجانس.
عبري: عبري هي أقدم التسميات التي تُطلق على أعضاء الجماعات اليهودية، ويقال أيضاً عبراني وجمعها عبرانيون. والكلمة ذات معان ومدلولات عديدة، فيرى بعض الكتاب أن الكلمة ترادف كلمة عبيرو التي ترد في المدونات المصرية و خابيرو التي ترد في المدونات الأكادية، ولكن البعض الآخر يشكك في هذا الاشتقاق باعتبار أن كلمة عبري صفة تدل على النسب أو الانتماء لوجود ياء النسب في آخرها في حين أن كلمة خابيرو أو حبيرو لا تعني غير المزاملة والمرافقة.
ويُقال أيضاً إن كلمة عبري مشتقة من العبور من عبارة عبر النهر: فهرب هو وكل ما كان له وقام وعبر النهر وجعل وجهه نحو جبل جلعاد (تكوين 31/21). ويرى البعض أنه حين يقول الساميون عبر النهر دون ذكر اسم هذا النهر فإنهم يعنون نهر الفرات، والإشارة هنا إلى عبور يعقوب الفرات هارباً من أصهاره، ويرى بعض الباحثين أن عبور يعقوب النهر هو أساس اسم العبرانيين حيث ينتسبون إلى من قام بهذا العبور أي يعقوب الذي سمي يسرائيل.
وربما كان الاسم إشارة إلى جماعة قبلية كبيرة، ويظهر هذا الاستعمال في العلاقة بين المصطلح عبري واسم عابر حفيد سام (تكوين 10/24-،25 11/15-16) الذي تنتسب إليه مجموعة كبيرة من الأنساب. ولكن أول شخص يشار إليه بأنه عبري هو إبراهيم (تكوين 14، 13) في سياق لا يدل على أن الإشارة إثنية، حيث تدل على الوضع الاجتماعي باعتباره غريباً أو أجنبياً ليست له حقوق، وتشير كلمة عبري في التوراة إلى العبرانيين أيضاً باعتبارهم غرباء.
ويفضل بعض الصهاينة العلمانيين استخدام كلمة عبري أو عبراني على استخدام كلمة يسرائيلي أو يهودي، باعتبار أن الكلمة تشير إلى العبرانيين قبل اعتناقهم اليهودية أي أن مصطلح عبري يؤكد الجانب العِرْقي على حساب الجانب الديني فيما يسمى القومية اليهودية.
يسرائيل: يسرائيل كلمة عبرية غامضة المعنى يمكن تقسيمها إلى يسرا، أي الذي يحارب أو يصارع، و إيل، وهو الأصل السامي لكلمة إله. والكلمة تعني حرفياً الذي يصارع الإله أو جندي الإله إيل. وهما في كل التفسيرات معنيان أساسيان هما معنى الصراع والحرب ومعنى القداسة.
وقد وردت الكلمة في الكتابات المصرية في عهد مرنبتاح في عام 1230ق·م بوصفها اسماً لإحدى المدن أو ربما لبطن من بطون القبائل في جنوبي كنعان، ولعل هذا يدل على أن الكلمة كنعانية الأصل.
وتشير الكلمة أيضاً إلى نسل يعقوب، ثم أصبحت تشير إلى المملكة الشمالية يسرائيل قبل التهجير الآشوري، ثم استخدمت للإشارة إلى سكان المملكة الجنوبية، يهودا بعد سقوط مملكة يسرائيل إلى أن حلت كلمة يهودي محلها.
وللكلمة معنيان أساسيان: فهي تعني اليهود بوصفهم شعباً مقدساً وتعني فلسطين بوصفها أرضا مقدسة، وهي ترد مضافة إلى كلمات أخرى مثل عام يسرائيل أي شعب إسرائيل وكنيست يسرائيل أي مجمع "إسرائيل" أو جماعة يسرائيل. وقد بعثت كلمة يسرائيلي مرة أخرى في عصر الانعتاق في القرن التاسع عشر الميلادي، كما بعثت كلمة عبراني لأن كلمة يهودي كانت تحمل إيحاءات سلبية.
وفي العصر الحديث تستخدم عبارة مدينة "إسرائيل" العبرية للإشارة إلى الدولة الصهيونية وكلمة إسرائيليين للإشارة إلى أعضاء التجمع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين. ولكننا إذا أردنا التفرقة فمن المستحسن إطلاق كلمة إسرائيليين على سكان التجمع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين وحدهم، وتسمية اليهود القدامى، من حيث هم تجمع بشري له خصائص إثنية متميزة، العبرانيين أو جماعة يسرائيل أو اليسرائيليين لنصفهم من حيث هم جماعة دينية، على أن تظل كلمة يهودي مصطلحاً يشير إلى كل من يعتنق اليهودية، وهي العقيدة التي اكتسبت ملامحها الرئيسية في القرن الأول قبل الميلاد، أما مصطلح عبري فيستخدم للإشارة إلى الناحيتين اللغوية والأدبية فحسب.
يهودي: كانت كلمة يهودي تشير إلى الشخص الذي يعتنق اليهودية، وقد ظهرت بعد الكلمتين الأخريين عبراني و يسرائيلي أو عضو جماعة يسرائيل. و يهودي كلمة عبرية مشتقة من يهودا، وهو اسم أحد أبناء يعقوب والذي سميت به إحدى قبائل العبرانيين الاثنتي عشرة.
والاسم مشتق من الأصل السامي القديم ودي التي تفيد الاعتراف والإقرار والجزاء مثل كلمة دية عند العرب، واكتسبت هذه المادة معنى الإقرار والاعتراف بالجميل. وقد استوحت ليئة زوجة يعقوب اسم ابنها الرابع من هذا المعنى هذه المرة أحمد الرب لذلك دعت اسمه يهودا (تكوين 29/35). فكلمة يهوه تعني الرب و دي تعني الشكر ومنهما يهودي.
وكانت الكلمة ذات دلالة جغرافية تاريخية في بادئ الأمر، إذ كانت تشير إلى سكان المملكة الجنوبية (يهودا) فحسب، ولكن دلالتها اتسعت لتشمل اليهود كافة خصوصاً بعد انصهار سكان المملكة الشمالية (يسرائيل) بعد التهجير الآشوري، واختفائهم من مسرح التاريخ واستمرار مملكة يهودا قرنين من الزمان.
ويمكن القول إن كلمة يهودي في الوقت الحالي لها معنيان:
1 - يهودي بالمعنى الديني الإثني.
2 - يهودي بالمعنى الإثني المحض.
فالكلمة إذن تشير إلى الكتل اليهودية الثلاث الأساسية، وهي الإشكناز والسفارد ويهود العالم الإسلامي، وإلى الجماعات اليهودية الأخرى التي انفصلت عن الكتل الثلاث الكبرى مثل الفلاشاه ويهود الهند. وهي تشير أيضاً إلى اليهود من شتى الفرق التي نشأت في العالم الغربي، أي الإصلاحيين والمحافظين والأرثوذكس والتجديديين حتى لو كفر أعضاء هذه الفرق بعضهم بعضاً. ويستخدم المصطلح للإشارة إلى المستوطنين الصهاينة مع أن مسألة من هو اليهودي؟ لا تزال دون إجابة داخل الدولة الصهيونية، أي أن الكلمة ذات مجال دلالي مختلط وغير محدد.
صهيوني: الصهيوني هو من يؤمن بالعقيدة الصهيونية (إما في شكلها الاستيطاني أو في صورتها التوطينية). وغني عن البيان أن مصطلح صهيوني لا علاقة له بمصطلح يهودي، فليس كل اليهود صهاينة وليس كل الصهاينة يهوداً، وهناك صهاينة مسلمون وصهاينة مسيحيون وصهاينة بوذيون وصهاينة لا دين لهم ولا ملة.
إسرائيلي: الإسرائيلي هو مواطن الدولة الصهيونية، وهو يختلف عن اليسرائيلي أو عضو جماعة يسرائيل، وهم العبرانيون كجماعة دينية. وليس كل الإسرائيليين صهاينة تماماً، كما أن كل الصهاينة ليسوا بالضرورة إسرائيليين، ولا يوجد أي ترادف بين إسرائيلي ويهودي بل إن هناك إسرائيليين كثيرين يرفضون العقيدة اليهودية.
إن مسألة من هو اليهودي ؟ لا تزال دون إجابة داخل الدولة الصهيونية، أي أن الكلمة ذات مجال دلالي مختلط وغير محدد.
د. عبد الوهاب المسيري
صحيفة الاتحاد الإماراتية 18/10/2003
يحاول الصهاينة فرض رؤيتهم الاختزالية العنصرية على واقع الجماعات اليهودية في العالم فيتحدثون عن أعضائها المتباينين عقائدياً وثقافياً باعتبارهم يهوداً فحسب، وكأن هذا الخليط المتنوع بل والمتنافر يشكل وحدةً متجانسةً متماسكة. وفي المقابل يجب ألا يسقط الباحث العربي في هذه الاختزالية وأن يسعى إلى تطوير هيكلٍ من المصطلحات يبرز عدم التجانس، ومن ثم يتسم بمقدرة تفسيرية عالية. وفيما يلي محاولة لتعريف بعض المصطلحات المتداولة في الخطاب الصهيوني بطريقة تبرز عدم التجانس.
عبري: عبري هي أقدم التسميات التي تُطلق على أعضاء الجماعات اليهودية، ويقال أيضاً عبراني وجمعها عبرانيون. والكلمة ذات معان ومدلولات عديدة، فيرى بعض الكتاب أن الكلمة ترادف كلمة عبيرو التي ترد في المدونات المصرية و خابيرو التي ترد في المدونات الأكادية، ولكن البعض الآخر يشكك في هذا الاشتقاق باعتبار أن كلمة عبري صفة تدل على النسب أو الانتماء لوجود ياء النسب في آخرها في حين أن كلمة خابيرو أو حبيرو لا تعني غير المزاملة والمرافقة.
ويُقال أيضاً إن كلمة عبري مشتقة من العبور من عبارة عبر النهر: فهرب هو وكل ما كان له وقام وعبر النهر وجعل وجهه نحو جبل جلعاد (تكوين 31/21). ويرى البعض أنه حين يقول الساميون عبر النهر دون ذكر اسم هذا النهر فإنهم يعنون نهر الفرات، والإشارة هنا إلى عبور يعقوب الفرات هارباً من أصهاره، ويرى بعض الباحثين أن عبور يعقوب النهر هو أساس اسم العبرانيين حيث ينتسبون إلى من قام بهذا العبور أي يعقوب الذي سمي يسرائيل.
وربما كان الاسم إشارة إلى جماعة قبلية كبيرة، ويظهر هذا الاستعمال في العلاقة بين المصطلح عبري واسم عابر حفيد سام (تكوين 10/24-،25 11/15-16) الذي تنتسب إليه مجموعة كبيرة من الأنساب. ولكن أول شخص يشار إليه بأنه عبري هو إبراهيم (تكوين 14، 13) في سياق لا يدل على أن الإشارة إثنية، حيث تدل على الوضع الاجتماعي باعتباره غريباً أو أجنبياً ليست له حقوق، وتشير كلمة عبري في التوراة إلى العبرانيين أيضاً باعتبارهم غرباء.
ويفضل بعض الصهاينة العلمانيين استخدام كلمة عبري أو عبراني على استخدام كلمة يسرائيلي أو يهودي، باعتبار أن الكلمة تشير إلى العبرانيين قبل اعتناقهم اليهودية أي أن مصطلح عبري يؤكد الجانب العِرْقي على حساب الجانب الديني فيما يسمى القومية اليهودية.
يسرائيل: يسرائيل كلمة عبرية غامضة المعنى يمكن تقسيمها إلى يسرا، أي الذي يحارب أو يصارع، و إيل، وهو الأصل السامي لكلمة إله. والكلمة تعني حرفياً الذي يصارع الإله أو جندي الإله إيل. وهما في كل التفسيرات معنيان أساسيان هما معنى الصراع والحرب ومعنى القداسة.
وقد وردت الكلمة في الكتابات المصرية في عهد مرنبتاح في عام 1230ق·م بوصفها اسماً لإحدى المدن أو ربما لبطن من بطون القبائل في جنوبي كنعان، ولعل هذا يدل على أن الكلمة كنعانية الأصل.
وتشير الكلمة أيضاً إلى نسل يعقوب، ثم أصبحت تشير إلى المملكة الشمالية يسرائيل قبل التهجير الآشوري، ثم استخدمت للإشارة إلى سكان المملكة الجنوبية، يهودا بعد سقوط مملكة يسرائيل إلى أن حلت كلمة يهودي محلها.
وللكلمة معنيان أساسيان: فهي تعني اليهود بوصفهم شعباً مقدساً وتعني فلسطين بوصفها أرضا مقدسة، وهي ترد مضافة إلى كلمات أخرى مثل عام يسرائيل أي شعب إسرائيل وكنيست يسرائيل أي مجمع "إسرائيل" أو جماعة يسرائيل. وقد بعثت كلمة يسرائيلي مرة أخرى في عصر الانعتاق في القرن التاسع عشر الميلادي، كما بعثت كلمة عبراني لأن كلمة يهودي كانت تحمل إيحاءات سلبية.
وفي العصر الحديث تستخدم عبارة مدينة "إسرائيل" العبرية للإشارة إلى الدولة الصهيونية وكلمة إسرائيليين للإشارة إلى أعضاء التجمع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين. ولكننا إذا أردنا التفرقة فمن المستحسن إطلاق كلمة إسرائيليين على سكان التجمع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين وحدهم، وتسمية اليهود القدامى، من حيث هم تجمع بشري له خصائص إثنية متميزة، العبرانيين أو جماعة يسرائيل أو اليسرائيليين لنصفهم من حيث هم جماعة دينية، على أن تظل كلمة يهودي مصطلحاً يشير إلى كل من يعتنق اليهودية، وهي العقيدة التي اكتسبت ملامحها الرئيسية في القرن الأول قبل الميلاد، أما مصطلح عبري فيستخدم للإشارة إلى الناحيتين اللغوية والأدبية فحسب.
يهودي: كانت كلمة يهودي تشير إلى الشخص الذي يعتنق اليهودية، وقد ظهرت بعد الكلمتين الأخريين عبراني و يسرائيلي أو عضو جماعة يسرائيل. و يهودي كلمة عبرية مشتقة من يهودا، وهو اسم أحد أبناء يعقوب والذي سميت به إحدى قبائل العبرانيين الاثنتي عشرة.
والاسم مشتق من الأصل السامي القديم ودي التي تفيد الاعتراف والإقرار والجزاء مثل كلمة دية عند العرب، واكتسبت هذه المادة معنى الإقرار والاعتراف بالجميل. وقد استوحت ليئة زوجة يعقوب اسم ابنها الرابع من هذا المعنى هذه المرة أحمد الرب لذلك دعت اسمه يهودا (تكوين 29/35). فكلمة يهوه تعني الرب و دي تعني الشكر ومنهما يهودي.
وكانت الكلمة ذات دلالة جغرافية تاريخية في بادئ الأمر، إذ كانت تشير إلى سكان المملكة الجنوبية (يهودا) فحسب، ولكن دلالتها اتسعت لتشمل اليهود كافة خصوصاً بعد انصهار سكان المملكة الشمالية (يسرائيل) بعد التهجير الآشوري، واختفائهم من مسرح التاريخ واستمرار مملكة يهودا قرنين من الزمان.
ويمكن القول إن كلمة يهودي في الوقت الحالي لها معنيان:
1 - يهودي بالمعنى الديني الإثني.
2 - يهودي بالمعنى الإثني المحض.
فالكلمة إذن تشير إلى الكتل اليهودية الثلاث الأساسية، وهي الإشكناز والسفارد ويهود العالم الإسلامي، وإلى الجماعات اليهودية الأخرى التي انفصلت عن الكتل الثلاث الكبرى مثل الفلاشاه ويهود الهند. وهي تشير أيضاً إلى اليهود من شتى الفرق التي نشأت في العالم الغربي، أي الإصلاحيين والمحافظين والأرثوذكس والتجديديين حتى لو كفر أعضاء هذه الفرق بعضهم بعضاً. ويستخدم المصطلح للإشارة إلى المستوطنين الصهاينة مع أن مسألة من هو اليهودي؟ لا تزال دون إجابة داخل الدولة الصهيونية، أي أن الكلمة ذات مجال دلالي مختلط وغير محدد.
صهيوني: الصهيوني هو من يؤمن بالعقيدة الصهيونية (إما في شكلها الاستيطاني أو في صورتها التوطينية). وغني عن البيان أن مصطلح صهيوني لا علاقة له بمصطلح يهودي، فليس كل اليهود صهاينة وليس كل الصهاينة يهوداً، وهناك صهاينة مسلمون وصهاينة مسيحيون وصهاينة بوذيون وصهاينة لا دين لهم ولا ملة.
إسرائيلي: الإسرائيلي هو مواطن الدولة الصهيونية، وهو يختلف عن اليسرائيلي أو عضو جماعة يسرائيل، وهم العبرانيون كجماعة دينية. وليس كل الإسرائيليين صهاينة تماماً، كما أن كل الصهاينة ليسوا بالضرورة إسرائيليين، ولا يوجد أي ترادف بين إسرائيلي ويهودي بل إن هناك إسرائيليين كثيرين يرفضون العقيدة اليهودية.
إن مسألة من هو اليهودي ؟ لا تزال دون إجابة داخل الدولة الصهيونية، أي أن الكلمة ذات مجال دلالي مختلط وغير محدد.
د. عبد الوهاب المسيري
صحيفة الاتحاد الإماراتية 18/10/2003