المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشبيــــــــــه



Saber Mahmoud
02/11/2007, 07:22 PM
الشبيــــــــــــــــه
كانت الساعة تقترب من الثالثة صباحًا حينما وجدت نفسي في سريري، أتساءل هل سأستيقظ في الساعة السادسة وأنا في كامل نشاطي وعنفواني؛ لألحق بقطار السابعة الذي قلما يكون خاليًا من الزحام الشديد. التقطت كعادتي رواية لأقرأها حتى يحل بي النوم ضيفًا كريما.

ها هي المحطة مكتظة بالمسافرين الذين وقفوا فجأة يترقبون القطار القادم من بعيد. وقف القطار، وقفزت إليه وسط الكثيرين. جعلت أبحث عن مكان أجلس فيه، وبينما أنا كذلك تنبهت إلي شخص كان يحدق في طويلا. لم أفهم لنظراته معنى، دنوت منه، أشار إليَّ بالجلوس فجلست.

بدأ يذكرني بأنه قد صادفني في أحد أسفاره، وأنه تحدث إليًّ. ظننت في بادئ الأمر أن ما قاله قد حدث بالفعل وأني قد نسيته، لكنه عندما أكد لي أنِّي نزلت بالقاهرة أخذتني الدهشة؛ لأني لم أذهب إلي هناك قط. واصل حديثه مؤكدًا لي أني ذلك الشخص الذي قابله، فهو قلما ينسى من يتعرف عليهم أو ينسى شخصًا تحدث إليه. وحقيقة – حتى أقي نفسي من نظراته المتفحصة – قلت له إنني كثير النسيان.

وبعد أن غادرني بدأت كلماته تجول في خاطري؛ فلم تكن هذه هي المرة الأولي التي يحدثني فيها أحد أنه قد رآني أو رأي شخصًا يشبهني. فقد أخبرني أحد زملائي القاهريين أنه رأي شخصًا حسبه في بادئ الأمر أنا، لكنه عندما اقترب منه وتحدث إليه فطن إلي أنه غيري. وصديق آخر أكد لي أنه رآني في القطار، ظل ينظر إليَّ كثيرًا وأنا لا أعيره اهتمامًا، ولم يستطع أن يصل إلي وسط الزحام الشديد.

شغلتني أفكار كثيرة جعلتني أتوق لرؤية ذلك الشخص. قررت أن أعود وأكمل سفري حتى القاهرة متمنيًا رؤيته. وبالفعل نزلت بالمحطة، وانتظرت قرابة الساعتين أدقق في الوجوه، أنظر إلي الماشي والجالس والقادم إلي المحطة والراحل عنها. وبالطبع فقد استرعي ذلك انتباه شرطي المحطة الذي جاء ليسألني عن هويتي. ناهيك عمًّا دار بيننا من حوار قررت بعده أن آخذ قطار الصعيد.

ركبت القطار وأنا أتفرس الوجوه فما رأيته. أطرقت حينًا داخل القطار أنظر من نافذته المطلة على باب المحطة حتى لمحت عيناي شخصًا يخرج من المحطة، يا إلهي! إن خطوته تشبه خطوتي! وقامته كقامتي... أخذ القطار يسرع واستدار لذلك وجه ذلك الشخص. عجبًا! إنه أنا. أردت أن أصيح به، لكن ماذا سأقول؟ وماذا سيقول من حولي الذين تعجبوا لحالتي. أطرقت مليًا أفكر وقررت أن أعود ثانية في الميعاد نفسه لأنتظره.

ظل ذلك الشخص يشغل فكري، وازداد إلي رؤيته شوقي. جعلت أتخيل أن له نفس طباعي وسلوكي، بل تخيلت أن له اسما كاسمي وربما نفس تاريخ ميلادي.

جاء الميعاد المرتقب وكنت موجودًا بالمحطة أنتظره، لكني قضيت اليوم ولم أجده. عدت مكتئبًا منقبض الصدر، وقررت أن أترك ذلك لمحض الصدفة. لكن صديقًا روى أنه رأي ذلك الشخص، قد تكون طباعه مختلفة، لكنه يشبهني تماما. قلت لنفسي: سأذهب هذه المرة ولتكن الأخيرة.

وبينما أنا جالس في المحطة، إذا بشخص يلوح لي من بعيد، ثم يدنو مني ويصافحني معتذرًا عن تأخره. انفرجت أسارير وجهي! وأدركت أني قد وجدت ضالتي، فقد حسبني صديقه الذي أبحث عنه. أجلسته إلي جواري وعرَّفته بنفسي وعن سبب مجيئي. فعجب أشد العجب لا لقصتي في البحث عن صديقه وإنما لأنه لم يفطن إلي أني لست صديقه المعهود، ثم أخبرني أنه علي موعد معه ولا يدري سببًا لتأخره. لكن صديقه لم يحضر، تشتت فكري وتتابعت دقات قلبي. فوعدني صديقه أنه سيتحدث إليه وسينزلان بي ضيوفًا في أقرب وقت ممكن.

التمست القطار القادم فركبته، وإذا بصوت يناديني وإذا بي أري شبيهي. أخذ القطار يسرع وأنا متردد في أن أقفز منه. وبينما أنا كذلك تزحلقت قدمي وسقطت علي الأرض. ولمَّا أفقت، وجدت أني من فوق سريري قد سقطت، وأن الساعة السادسة تدق، وإلي جواري رواية "دكتور جيكل ومستر هايد".

فيصل الزوايدي
02/11/2007, 08:13 PM
أخي صابر محمود ينبغي ان اشيد بهذا المستوى الراقي في الكتابة في مستوى الفكرة و اللغة و البناء القصصي .. تصاعد الحدث نحو القمة في الفقرة الاخيرة ثم الانكشاف عن الحلم و الوهم و هو ذو صلة ما بالواقع .. تلتقي قصتك " الشبيه " بقصتي " دنيا " تماما مثلما ارجو ان نلتقي في اعمال كثيرة
دمت متالقا
مع مودتي

Saber Mahmoud
08/11/2007, 01:01 PM
أخي فيصل الزوايدي
إن مجرد مرورك يسعدني، فما بالك وأنت تشيد بإسلوبي المتواضع في الكتابة!
أدام الله تلاقينا وتواصلنا!