نورالدين الحارتي
05/11/2007, 09:12 AM
# نورالدين الحارتي:
31 أكتوبر 2007 في الساعة 2:32 م
اللغة العربية الفصحى واللهجات في الفكر النقدي 1/2
31 أكتوبر 2007
المحترم: د.خالد يونس خالد
نسخ:~~ وهي لغة العرب التي تعتبر رمز شخصيتهم وعنوان كرامتهم، كما أصبحت لغة الاسلام التي تعتبر فخر الأمة الاسلامية والمسلمين جمعاء.
+° أيّ لغة؟
ـ هذه التي يتواصل من خلالها 1 في المائة أو في الألف من مجموعة بشرية تقدر ببعض الملايين وتزعم أو على الأقل تعتقد أنها عربفونية؟
ـ هذه المشلولة من الحركات؟
ـ “سيمينار” و “أوبسالا” على سبيل الذكر لا الحصر أسمين سليمين مكتوبين بحروف لغة أردناها عليلة: لاحظ كيف لا يختلف اثنين في قراءة هاتين الكلمتين لكون حروفها الغير الساكنة متحركة وترى بالعين المجردة. من بين الأشياء التي تسلّـيْنا بها أيام “الجد والنشاط” والتي كانت وربما لا تزال “إعجازا لغويا” هي الجملة التالية [ملك ملك ملك ملك] لو أخضعنا هذه الكلمة المنسوخة أربع مراة للقاعدة التي طبقناها سهوا أو عن غير وعي لكتابة “سيمينار” و “أوبسالا” لأصبحت النتيجة [مالاكا ماليكون مولكا ماليكين]… قد تشوش هذه الصيغة على عين تعودت جمالية مغايرة وذهنا لا زال يخضع لقواعد مختلفة، لكن بما أن أغرب الأشياء تصبح عادية عندما نتعود عليها، فماذا نخسر، نحن الدين خسرنا كل شيء، إن عودنا أعيننا وأذهاننا على الكف عن الوهم والاعتماد على الواقع؟
العرب؟ أيّ العرب هم العرب؟
شخصية وكرامة؟ [!!!!]
نسخ:~~~ وعليه ينبغي عدم التسليم بصحة الافتراضات التي طرحها طه حسين والرواة والمستشرقون قبل التدقيق والتحقق منها، وذلك عبر الدراسة والاستقراء لمعرفة كيفية سيطرة لهجة قريش على اللهجات العربية الأخرى لتصبح لغة الشعر الجاهلي ولغة القرآن التي نسميها اليوم، اللغة العربية الفصحى.
+° يروى أن المعلقات سميت كذلك لأنها كانت معلقة على الكعبة. لما أصبح الإسلام سيد الموقف حطمت الأصنام والتماثيل ويُقال حتى الرسوم داخل الكعبة و من حولها… أي نهاية آلت إليها المعلقات وقتها؟
احتمال انتهاء مدة تعليقها على الكعبة قبل الإسلام وارد غير أنه قد يشكك في كونها علقت يوما ما هنا أو هناك، وربما يشكك في وجودها أصلا قبل الإسلام!
ربما كانت وسيلة جبناء لإفراغ مكبوت أو سباحة إلى أبعد مدى الكرامة والشجاعة الخ… خشية بطش سلطة الدين أو الكفر أو الدين الكافر أو الكفر المتدين!!!
نورالدين الحارتي
# د. خالد يونس خالد:
3 نوفمبر 2007 في الساعة 3:12 م
جواب الكاتب خالد يونس خالد على تعليق الأستاذ نور الدين الحارتي
قال أبو حيان التوحيدي “إن الأنسان أشكل عليه الأنسان”. من هذا المنطلق أقول أن الأستاذ الحارتي أشكل عليه الموضوع فأشكل علينا موضوعه في تعليقه. أنا أحترم وجهة نظره ولكنها لا تشكل جوابا واضحا موثقا منهجيا على الموضوع الذي بحثته في معالجة إشكالية اللغة العربية الفصحى من زاوية معينة، وهي المتعلقة بفكر طه حسين النقدي وشكه في الشعر الجاهلي معتبرا اللغة عاملا من عوامل الشك، وهذا ما أوضحه بإيجاز في القسم الثاني من الدراسة لاحقا.
الإشكالية التي طرحها الأستاذ الحارتي موجودة في جميع لغات العالم بدون استثناء، وهذا الموضوع يتطلب بحثا خاصا، ولكن يمكن للقارىء أن يرجع إلى كتابين كتبهما الدكتور عبد الواحد وافي، الأول بعنوان “علم اللغة” والثاني بعنوان “فقه اللغة”.
أود أن أشير هنا إلى نقطة جوهرية في جوابي فأدخل الموضوع من الزاويتين الفكرية والفلسفية لمعرفة الآراء المتباينة في موضوع اللغة. اللغة وعاء الفكر والثقافة الإنسانية، وهي تؤدي – في المجتمع – وظيفتين متميزتين:
وظيفة آنية باعتبارها أداة للتواصل بين أفراد المجتمع ونقل الدلالات إلى المتلقي، ووظيفة زمانية تاريخية باعتبارها وسيلة لحفظ تراث المجتمع العلمي والفني والثقافي، ونقله إلى الأجيال المتعاقبة. وحظيت اللغة باهتمام الباحثين والعلماء عبر العصور، وأدى هذا الاهتمام إلى ظهور علوم لغوية متعددة ومتنوعة شملت جميع مستويات اللغة، منها علم الأصوات، وعلم النحو والتركيب، وعلم الصرف، وعلم الدلالة… الخ كما ظهرت مدارس متنوعة ونظريات متميزة، ساهمت كلها في إثراء البحث اللساني عبر التاريخ. (ينظر: عمر لحسن، لااللسانيات والترجمة ).
وفي دراسة قيمة قدمها الأستاذ الكلعي في مناظراته الفلسفية عن اللغة من الدلالات إلى الإشكالية واللغة كخاصية إنسانية، فأشار إلى المعنى الخاص، وهي وظيفة التعبير الكلامي عن الفكر داخليا وخارجيا. والمعنى العام، كل نسق من العلامات يمَكن من التواصل.
ووضح أن اللغة ذاتية وموضوعية فردية واجتماعية فطرية ومكتسبة، كما أنها أداة لإنتاج الفكر وتبليغه في نفس الوقت. وأشار إلى إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر، وهذه الأشكالية تحتمل افتراضين؛ إما أن نعتبر أن كلا منهما يوجد باستقلالية عن الآخر وهذا الموقف عند الفلسفة الكلاسيكية وكمثال على ذلك موقف الفيلسوف العقلاني الفرنسي رينيه ديكـارت وبرجسون.
وإما أن نعتبر أن العلاقة بينهما علاقة تلاحم وتداخل بحيث لا يمكن أن نفصل أحدهما عن الآخر، وهذا الموقف نجده لدى الفلاسفة المعاصرين واللسانيات الحديثة. وتتخذ إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر الصيغة التالية: هل للفكر وجود سابق على اللغة؟ أم أن الفكر واللغة متلازمان؟ بحيث لا يمكن أن نفصل أحدهما عن الآخر.
موقف الفلسفة المعـاصرة واللسانيات الحديثة تؤكد على أن الفكر لا وجود له إلا في شكل لغوي، ولا وجود للغة خالية من المعنى و الدلالة. نجد هذا الموقف عند دي سوسير وإيميل بنفنسن ومرولوبوتي وكريستيفا، إلا أن كلا منهم يدافع عن هذا الموقف من زاوية خاصة، فبالنسبة لدي سوسير يعتبر أن العـلاقة بين اللغة والفكر هي علاقة تلاحم و تداخل ويشبه هذه العلاقة بورقة العملة النقدية، بحيث لا يمكن تمزيق الوجه الأول دون أن يتمزق الوجه الثاني. أما مرولوبوتي، فينظر إلى العلاقة بين اللغة والفكر من زاوية أخرى: علاقة اللغة بكل من الفكر والكلام، فلا وجود لفكر قبل اللغة، إنهما متزامنان. ففي الوقت الذي يصنع فيه الفكر اللغة فإن اللغة تحتوي معاني ذلك الفكر. وينتقد الموقف الديكارتي الذي يفصل الفكر عن اللغة، فاللغة في نظره لا يمكن أن تكون أداة للتعبير عن الفكر وما يدل على ذلك هو أن التفكير في صمت هو في الواقع ضجيج من الكلمات، فالتفكير الداخلي هو لغة داخلية.
وفي الختام أقول بوجود آراء متباينة في اللغة التي تعتبر وعاء الثقافة، حيث هناك تداخل وتباين وتعارض بين الثقافات. ونفس الإشكالية بالنسبة للأدب والشعر والنقد الأدبي طبقا للخلفية الثقافية للشخص. وقد أشار المفكر والناقد الفرنسي هيبوليت تين في كتابه “تاريخ الآداب الأنكليزية History of English literature إلى نقاط مهمة في منهجه التاريخي “الجنس والبيئة أو المحيط والعصر”. واستخدم الراحل طه حسين هذا المنهج في رسالته “ذكرى أبي العلاء المعري”. ويوجد نفس اإشكالية في المنهج: فعرف ديكارت بأنه “عبارة عن القواعد التي تكفل لمن يراعيها بلوغ الحقيقة في العلوم”. بينما عرفه الكاتب المصري عبد الرحمن بدوي، بأنه “فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة، إما من أجل الكشف عن الحقيقة حين نكون بها جاهلين أو البرهنة عليها للآخرين حين نكون بها عارفين” (بدوي، مناهج البحث، ص1-6). وقد أتطرق إلى هذه النقاط لاحقا في دراسة منفصلة لنشرها في دروب إنشاء الله.
وأشير هنا إلى لقاء لي مع سيدة بريطانية، حين أخبرتها بإشكالية فهم بعض المصطلحات التي يستخدمها بعض رعايا دول الكومنويلث في بريطانيا، فقالت بدون تردد، لقد أشكل علينا هؤلاء لغتنا فأصبحت اللغة الأنكليزية التي عرفناها لغة الأقلية.
ملاحظة: وصلتني رسالة من الأستاذ الحارتي عن تعليقه. وهنا أود أن أشير إلى أنني أفضل عدم الدخول في مناقشات ثنائية لأنها قد لاتكون مفيدة للجميع. أفضل أن تكتب التعليقات في رابط دروب دون إرسالها لي شخصيا، حتى يساهم القراء في الحوار وتعود المنفعة للجميع، وحتى نتجنب أيضا المناقشات الفردية التي قد تكون أحيانا غير مجدية. وليس لدي الوقت في الرد إلاّ أيام العطل الرسمية في السويد، وحينذاك أدخل الرابط وأجاوب على التعليقات إذا تطلب الأمر. مع جزيل شكري لاهتمامات الأستاذ نور الدين الحارتي.
# نورالدين الحارتي:
4 نوفمبر 2007 في الساعة 1:35 ص
المحترم د. خالد يونس خالد،
نسخ: “ملاحظة: وصلتني رسالة من الأستاذ الحارتي عن تعليقه. وهنا أود أن أشير إلى أنني أفضل عدم الدخول في مناقشات ثنائية لأنها قد لاتكون مفيدة للجميع. أفضل أن تكتب التعليقات في رابط دروب دون إرسالها لي شخصيا، حتى يساهم القراء في الحوار وتعود المنفعة للجميع، وحتى نتجنب أيضا المناقشات الفردية التي قد تكون أحيانا غير مجدية. وليس لدي الوقت في الرد إلاّ أيام العطل الرسمية في السويد، وحينذاك أدخل الرابط وأجاوب على التعليقات إذا تطلب الأمر. مع جزيل شكري لاهتمامات الأستاذ نور الدين الحارتي.”
جواب: أي تعليق؟ أكون لك شاكرا إن أدرجت الرسالة ضمن ردك… إن سمح لك وقتك بذلك!
قد تخونني الذاكرة وقد يخرج عن طاعتي بريدي الإليكتروني!!!
أما بخصوص ردك سيدي الكريم، أدعوك إلى التأمل في كون الدراسات والأبحاث والنظريات الخ… تخص اللغة “لغة الأم”. هل تتفق معي بأن هذه التي نتواصل بها ليست لغتنا الأم بل لغتنا الثانية أو التالثة أو أكثر؟
إذا اتفقت معي في هذا الأمر فنحن مدعوون لتطبيق هذه الدراسات والأبحاث والنظريات الخ… على اللغة التي يفكر بها الفرد منا ويوصل أفكاره بها في البيت والشارع أما إذا اختلفنا في الأمر فإن أحدنا يستكثرعلى ماسح الأحدية مثلا أوالأمّــي عموما فطرته في التفكير وإيصال فكره: لن نختلف في كون مستوى إيصال الفكرة قد يوحي بمستوى التفكير الذي يختلف من شخص لآخر، لابعامل الجهل أوالمعرفة بالضرورة، بل ـ على ما أعتقد ـ باختلاف الرصيد اللغوي لكل واحد.
نورالدين الحارتي
# د. خالد يونس خالد:
4 نوفمبر 2007 في الساعة 1:49 ص
نعم عزيزنا نور الدين الحارتي، ” لن نختلف في كون مستوى إيصال الفكرة قد يوحي بمستوى التفكير الذي يختلف من شخص لآخر، لابعامل الجهل أوالمعرفة بالضرورة، بل ـ على ما أعتقد ـ باختلاف الرصيد اللغوي لكل واحد”، فيما يتعلق الأمر بهذا الموضوع على الأقل
خالد يونس خالد
الرابط:
http://www.doroob.com/?p=22342
نورالدين الحارتي
31 أكتوبر 2007 في الساعة 2:32 م
اللغة العربية الفصحى واللهجات في الفكر النقدي 1/2
31 أكتوبر 2007
المحترم: د.خالد يونس خالد
نسخ:~~ وهي لغة العرب التي تعتبر رمز شخصيتهم وعنوان كرامتهم، كما أصبحت لغة الاسلام التي تعتبر فخر الأمة الاسلامية والمسلمين جمعاء.
+° أيّ لغة؟
ـ هذه التي يتواصل من خلالها 1 في المائة أو في الألف من مجموعة بشرية تقدر ببعض الملايين وتزعم أو على الأقل تعتقد أنها عربفونية؟
ـ هذه المشلولة من الحركات؟
ـ “سيمينار” و “أوبسالا” على سبيل الذكر لا الحصر أسمين سليمين مكتوبين بحروف لغة أردناها عليلة: لاحظ كيف لا يختلف اثنين في قراءة هاتين الكلمتين لكون حروفها الغير الساكنة متحركة وترى بالعين المجردة. من بين الأشياء التي تسلّـيْنا بها أيام “الجد والنشاط” والتي كانت وربما لا تزال “إعجازا لغويا” هي الجملة التالية [ملك ملك ملك ملك] لو أخضعنا هذه الكلمة المنسوخة أربع مراة للقاعدة التي طبقناها سهوا أو عن غير وعي لكتابة “سيمينار” و “أوبسالا” لأصبحت النتيجة [مالاكا ماليكون مولكا ماليكين]… قد تشوش هذه الصيغة على عين تعودت جمالية مغايرة وذهنا لا زال يخضع لقواعد مختلفة، لكن بما أن أغرب الأشياء تصبح عادية عندما نتعود عليها، فماذا نخسر، نحن الدين خسرنا كل شيء، إن عودنا أعيننا وأذهاننا على الكف عن الوهم والاعتماد على الواقع؟
العرب؟ أيّ العرب هم العرب؟
شخصية وكرامة؟ [!!!!]
نسخ:~~~ وعليه ينبغي عدم التسليم بصحة الافتراضات التي طرحها طه حسين والرواة والمستشرقون قبل التدقيق والتحقق منها، وذلك عبر الدراسة والاستقراء لمعرفة كيفية سيطرة لهجة قريش على اللهجات العربية الأخرى لتصبح لغة الشعر الجاهلي ولغة القرآن التي نسميها اليوم، اللغة العربية الفصحى.
+° يروى أن المعلقات سميت كذلك لأنها كانت معلقة على الكعبة. لما أصبح الإسلام سيد الموقف حطمت الأصنام والتماثيل ويُقال حتى الرسوم داخل الكعبة و من حولها… أي نهاية آلت إليها المعلقات وقتها؟
احتمال انتهاء مدة تعليقها على الكعبة قبل الإسلام وارد غير أنه قد يشكك في كونها علقت يوما ما هنا أو هناك، وربما يشكك في وجودها أصلا قبل الإسلام!
ربما كانت وسيلة جبناء لإفراغ مكبوت أو سباحة إلى أبعد مدى الكرامة والشجاعة الخ… خشية بطش سلطة الدين أو الكفر أو الدين الكافر أو الكفر المتدين!!!
نورالدين الحارتي
# د. خالد يونس خالد:
3 نوفمبر 2007 في الساعة 3:12 م
جواب الكاتب خالد يونس خالد على تعليق الأستاذ نور الدين الحارتي
قال أبو حيان التوحيدي “إن الأنسان أشكل عليه الأنسان”. من هذا المنطلق أقول أن الأستاذ الحارتي أشكل عليه الموضوع فأشكل علينا موضوعه في تعليقه. أنا أحترم وجهة نظره ولكنها لا تشكل جوابا واضحا موثقا منهجيا على الموضوع الذي بحثته في معالجة إشكالية اللغة العربية الفصحى من زاوية معينة، وهي المتعلقة بفكر طه حسين النقدي وشكه في الشعر الجاهلي معتبرا اللغة عاملا من عوامل الشك، وهذا ما أوضحه بإيجاز في القسم الثاني من الدراسة لاحقا.
الإشكالية التي طرحها الأستاذ الحارتي موجودة في جميع لغات العالم بدون استثناء، وهذا الموضوع يتطلب بحثا خاصا، ولكن يمكن للقارىء أن يرجع إلى كتابين كتبهما الدكتور عبد الواحد وافي، الأول بعنوان “علم اللغة” والثاني بعنوان “فقه اللغة”.
أود أن أشير هنا إلى نقطة جوهرية في جوابي فأدخل الموضوع من الزاويتين الفكرية والفلسفية لمعرفة الآراء المتباينة في موضوع اللغة. اللغة وعاء الفكر والثقافة الإنسانية، وهي تؤدي – في المجتمع – وظيفتين متميزتين:
وظيفة آنية باعتبارها أداة للتواصل بين أفراد المجتمع ونقل الدلالات إلى المتلقي، ووظيفة زمانية تاريخية باعتبارها وسيلة لحفظ تراث المجتمع العلمي والفني والثقافي، ونقله إلى الأجيال المتعاقبة. وحظيت اللغة باهتمام الباحثين والعلماء عبر العصور، وأدى هذا الاهتمام إلى ظهور علوم لغوية متعددة ومتنوعة شملت جميع مستويات اللغة، منها علم الأصوات، وعلم النحو والتركيب، وعلم الصرف، وعلم الدلالة… الخ كما ظهرت مدارس متنوعة ونظريات متميزة، ساهمت كلها في إثراء البحث اللساني عبر التاريخ. (ينظر: عمر لحسن، لااللسانيات والترجمة ).
وفي دراسة قيمة قدمها الأستاذ الكلعي في مناظراته الفلسفية عن اللغة من الدلالات إلى الإشكالية واللغة كخاصية إنسانية، فأشار إلى المعنى الخاص، وهي وظيفة التعبير الكلامي عن الفكر داخليا وخارجيا. والمعنى العام، كل نسق من العلامات يمَكن من التواصل.
ووضح أن اللغة ذاتية وموضوعية فردية واجتماعية فطرية ومكتسبة، كما أنها أداة لإنتاج الفكر وتبليغه في نفس الوقت. وأشار إلى إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر، وهذه الأشكالية تحتمل افتراضين؛ إما أن نعتبر أن كلا منهما يوجد باستقلالية عن الآخر وهذا الموقف عند الفلسفة الكلاسيكية وكمثال على ذلك موقف الفيلسوف العقلاني الفرنسي رينيه ديكـارت وبرجسون.
وإما أن نعتبر أن العلاقة بينهما علاقة تلاحم وتداخل بحيث لا يمكن أن نفصل أحدهما عن الآخر، وهذا الموقف نجده لدى الفلاسفة المعاصرين واللسانيات الحديثة. وتتخذ إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر الصيغة التالية: هل للفكر وجود سابق على اللغة؟ أم أن الفكر واللغة متلازمان؟ بحيث لا يمكن أن نفصل أحدهما عن الآخر.
موقف الفلسفة المعـاصرة واللسانيات الحديثة تؤكد على أن الفكر لا وجود له إلا في شكل لغوي، ولا وجود للغة خالية من المعنى و الدلالة. نجد هذا الموقف عند دي سوسير وإيميل بنفنسن ومرولوبوتي وكريستيفا، إلا أن كلا منهم يدافع عن هذا الموقف من زاوية خاصة، فبالنسبة لدي سوسير يعتبر أن العـلاقة بين اللغة والفكر هي علاقة تلاحم و تداخل ويشبه هذه العلاقة بورقة العملة النقدية، بحيث لا يمكن تمزيق الوجه الأول دون أن يتمزق الوجه الثاني. أما مرولوبوتي، فينظر إلى العلاقة بين اللغة والفكر من زاوية أخرى: علاقة اللغة بكل من الفكر والكلام، فلا وجود لفكر قبل اللغة، إنهما متزامنان. ففي الوقت الذي يصنع فيه الفكر اللغة فإن اللغة تحتوي معاني ذلك الفكر. وينتقد الموقف الديكارتي الذي يفصل الفكر عن اللغة، فاللغة في نظره لا يمكن أن تكون أداة للتعبير عن الفكر وما يدل على ذلك هو أن التفكير في صمت هو في الواقع ضجيج من الكلمات، فالتفكير الداخلي هو لغة داخلية.
وفي الختام أقول بوجود آراء متباينة في اللغة التي تعتبر وعاء الثقافة، حيث هناك تداخل وتباين وتعارض بين الثقافات. ونفس الإشكالية بالنسبة للأدب والشعر والنقد الأدبي طبقا للخلفية الثقافية للشخص. وقد أشار المفكر والناقد الفرنسي هيبوليت تين في كتابه “تاريخ الآداب الأنكليزية History of English literature إلى نقاط مهمة في منهجه التاريخي “الجنس والبيئة أو المحيط والعصر”. واستخدم الراحل طه حسين هذا المنهج في رسالته “ذكرى أبي العلاء المعري”. ويوجد نفس اإشكالية في المنهج: فعرف ديكارت بأنه “عبارة عن القواعد التي تكفل لمن يراعيها بلوغ الحقيقة في العلوم”. بينما عرفه الكاتب المصري عبد الرحمن بدوي، بأنه “فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة، إما من أجل الكشف عن الحقيقة حين نكون بها جاهلين أو البرهنة عليها للآخرين حين نكون بها عارفين” (بدوي، مناهج البحث، ص1-6). وقد أتطرق إلى هذه النقاط لاحقا في دراسة منفصلة لنشرها في دروب إنشاء الله.
وأشير هنا إلى لقاء لي مع سيدة بريطانية، حين أخبرتها بإشكالية فهم بعض المصطلحات التي يستخدمها بعض رعايا دول الكومنويلث في بريطانيا، فقالت بدون تردد، لقد أشكل علينا هؤلاء لغتنا فأصبحت اللغة الأنكليزية التي عرفناها لغة الأقلية.
ملاحظة: وصلتني رسالة من الأستاذ الحارتي عن تعليقه. وهنا أود أن أشير إلى أنني أفضل عدم الدخول في مناقشات ثنائية لأنها قد لاتكون مفيدة للجميع. أفضل أن تكتب التعليقات في رابط دروب دون إرسالها لي شخصيا، حتى يساهم القراء في الحوار وتعود المنفعة للجميع، وحتى نتجنب أيضا المناقشات الفردية التي قد تكون أحيانا غير مجدية. وليس لدي الوقت في الرد إلاّ أيام العطل الرسمية في السويد، وحينذاك أدخل الرابط وأجاوب على التعليقات إذا تطلب الأمر. مع جزيل شكري لاهتمامات الأستاذ نور الدين الحارتي.
# نورالدين الحارتي:
4 نوفمبر 2007 في الساعة 1:35 ص
المحترم د. خالد يونس خالد،
نسخ: “ملاحظة: وصلتني رسالة من الأستاذ الحارتي عن تعليقه. وهنا أود أن أشير إلى أنني أفضل عدم الدخول في مناقشات ثنائية لأنها قد لاتكون مفيدة للجميع. أفضل أن تكتب التعليقات في رابط دروب دون إرسالها لي شخصيا، حتى يساهم القراء في الحوار وتعود المنفعة للجميع، وحتى نتجنب أيضا المناقشات الفردية التي قد تكون أحيانا غير مجدية. وليس لدي الوقت في الرد إلاّ أيام العطل الرسمية في السويد، وحينذاك أدخل الرابط وأجاوب على التعليقات إذا تطلب الأمر. مع جزيل شكري لاهتمامات الأستاذ نور الدين الحارتي.”
جواب: أي تعليق؟ أكون لك شاكرا إن أدرجت الرسالة ضمن ردك… إن سمح لك وقتك بذلك!
قد تخونني الذاكرة وقد يخرج عن طاعتي بريدي الإليكتروني!!!
أما بخصوص ردك سيدي الكريم، أدعوك إلى التأمل في كون الدراسات والأبحاث والنظريات الخ… تخص اللغة “لغة الأم”. هل تتفق معي بأن هذه التي نتواصل بها ليست لغتنا الأم بل لغتنا الثانية أو التالثة أو أكثر؟
إذا اتفقت معي في هذا الأمر فنحن مدعوون لتطبيق هذه الدراسات والأبحاث والنظريات الخ… على اللغة التي يفكر بها الفرد منا ويوصل أفكاره بها في البيت والشارع أما إذا اختلفنا في الأمر فإن أحدنا يستكثرعلى ماسح الأحدية مثلا أوالأمّــي عموما فطرته في التفكير وإيصال فكره: لن نختلف في كون مستوى إيصال الفكرة قد يوحي بمستوى التفكير الذي يختلف من شخص لآخر، لابعامل الجهل أوالمعرفة بالضرورة، بل ـ على ما أعتقد ـ باختلاف الرصيد اللغوي لكل واحد.
نورالدين الحارتي
# د. خالد يونس خالد:
4 نوفمبر 2007 في الساعة 1:49 ص
نعم عزيزنا نور الدين الحارتي، ” لن نختلف في كون مستوى إيصال الفكرة قد يوحي بمستوى التفكير الذي يختلف من شخص لآخر، لابعامل الجهل أوالمعرفة بالضرورة، بل ـ على ما أعتقد ـ باختلاف الرصيد اللغوي لكل واحد”، فيما يتعلق الأمر بهذا الموضوع على الأقل
خالد يونس خالد
الرابط:
http://www.doroob.com/?p=22342
نورالدين الحارتي