المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حرب الادراك .... الجزء الأول



حسام الدين مصطفى
11/11/2007, 03:40 PM
http://www.bendib.com/newones/2004/august/small/8-14-Brain-Wash-Coop.jpg
إن الدارس لفنون حرب المعلومات يجد أن "الإدراك" يعتبر هو العنصر الأساسي و العامل المحوري لإحراز النجاح. وما سنعرضه الآن سيتناول مناقشة العلاقة بين المعلومات و مفهوم الحرب، فمعظم ما سبق من دراسات و مراجع تناولت ما يتعلق بمعلومات الحرب والقتال و لم يعرض سوى القليل النادر منها إلى تناول مفهوم الحرب. ومن خلال النص الذي نعرضه هنا سنفترض أن هناك ما يمكن تسميته "مغزى الحرب" أو "مفهوم الحرب" و سنسعى إلى توصيف هذا المغزى وذلك المفهوم، ولابد أن نقر بداية بأن "مفهوم أو مغزى الحرب" ليس مصطلحاً مستحدثاُ أو جديداً و إنما هو أمر تعرضت له العديد من المناقشات ضمناً عند معرض الحديث عن المفاهيم الأخرى المتعلقة بالحرب والقتال بوصفه جزءاً من هذه المفاهيم. ومن خلال تحويلنا لمفهوم الحرب –بصورته المعنوية- إلى شئ مادي يمكننا إدراكه بالحواس وإخضاعه للقياس المرئي فإننا نصبوا إلى زيادة الانجذاب إلى فهم وإدراك هذا المفهوم. وربما يكون من المنطق أن نسعى لإدراك ما يتعلق بالهجوم و لكن ما الذي يجعلنا نطلق على ذلك مفهوم أو مغزى الحرب؟ إننا لا بد وان ننظر لهذه الدراسة التي بين أيدينا بوصفها أول حصر للمشكلات والقضايا التى تتناول جزئية لابد وأن تمتد لها يد البحث بالفحص والدرس.
http://lumen.nd.edu/2005_07/images/self_deception_lumen.gif
من المتعارف عليه أن الحرب هي أمر ينطوي على قدر عالٍ من المخاطرة التي قد تقتضي أن يضحي فيها المرء بحياته في سبيل تحقيق ما يسعى إليه من أهداف من خلال صراع قتالي. و قد نجد أن رجل الدولة -السياسي- أو القائد الذي بيده أمر قد ينظر لمسألة تحقيق هذه الأهداف من منظور إنساني يجعله دائما في سعي دؤوب لتحقيق تلك الهداف دون أن يلجأ إلى إدارة عجلة الآلة الحربية. وقد علمنا "كلوزويتز" أن الهدف من القتال لا يقتصر دائماً على تدمير ودحر قوات العدو، فقد يمكن تحقيق الهدف دون اللجوء إلي النزال والقتال مطلقاً.
ومعظم أشكال الحرب والصراع تخلق نوعاً من الخداع الذي لا يجعلنا على بصيرة أكيدة من النصر أو الهزيمة، إلا أن أي من الأطراف المشاركة في الصراع لا يرغب في أن يكون هو الخاسر المهزوم. إن السؤال هنا هو كيف يمكن لهذه الأطراف المتحاربة إدراك حقيقة موقفها بدقة وصورة جلية. إن إدراك وفهم حقيقة الحرب هو السبيل إلى الوصول إلى تقييم دقيق وإزالة اللبس والغموض الذي يكتنف الطريقة التي اتبعها المنتصرون، أي أن الأمر لا يعدو أن يكون نزال بين عقول القادة.
إننا من خلال هذا الطرح سنتناول ما كان عليه القتال في الماضي و ما سيكون عليه في المستقبل ونخلص إلى أن كلاهما نظير و مماثل للآخر . إننا إذا نظرنا إلى الدول المتقدمة لوجدنا أن اللجوء إلى العنف المادي واستخدام القوة لم يعد أمراً مقبولا و أن المجتمع سيسعى لمنع اللجوء إلى العنف والقوة بكل السبل الممكنة، ومن هنا فان حالة من انعدام الثقة قد تنشب إذا ما حاولت إحدى يدينا أن تئد العنف بينما اليد الأخرى تعمل جاهدة على تكوين القوات القتالية للاستعانة بها في المهام القتالية والصراعات. إن هناك الكثير من الذي ينبغي علينا فعله قبل أن نحلم بعالم خالٍ تماماً من العنف، وحتى إن نجحنا في ذلك فلابد لنا وان ندرك أن مفهوم الحرب والصراع إنما هو جزء متمم ومكمل لمفهوم القتال والنزال، وإذا ما افترضنا أن صانعي القرار و القادة العسكريين سيسعون -إذا ما تيسر لهم -إلى تفادي اللجوء للعنف الاستعانة بأساليب وسبل أخرى لتحقيق ذات الأهداف التي يربون إليها فانهم بذلك إنما يحققون واحد من أحلام الإنسانية و أمنياتها. ولكن ربما يثير افتراضنا هذا تساؤل عن مدى عدم أخلاقية الهجوم على عقول الآخرين، مثلما يحدث في عمليات "غسيل المخ Brain Wash" فهذا الأمر يعتبر نوعاً من الهجوم الذي يتم في الخفاء و تحت ستار من السرية والحيطة دونما أدنى إشارة إليها و إعلان عنه من بعيد أو قريب. إن كلا الأمرين لهما ما يبررهما ويؤيدهما ولا يمكننا أن ننكر ما بينهما من ارتباط، إلا أننا لن نعرض في حديثنا إلى بحث المسائل الأخلاقية و إنما سنركز اهتمامنا على توضيح وتوصيف مفهوم الحرب والصراع.
http://www.nma.gov.au/shared/libraries/images/temporary_exhibitions/behind_the_lines_2006/large/david_hicks_large/files/16420/David_Hicks_h400.jpg
النظرة التقليدية للحرب و حرب المعلومات:
يمكن النظر إلى الحرب على أنها صراع ونزال بين كيانات و أطراف متنافسة أو أنها عمليات عسكرية تدور رحاها بين أعداء متناحرين، وهدف كل طرف هو إضعاف أو تدمير الطرف الأخر- أو الأطراف الأخرى- . إنه بإمكاننا أن نصف الحرب بطرق عدة و مختلفة، مثل حرب تدخلية، وحرب الرأي أو الحرب القومية (جوميني 1992)، ومعظم الاهتمام ينصب على الحرب التدخلية تلك التي تندرج تحتها الحرب الجوية والبيولوجية والكيميائية المعلوماتية. وقد أوضح هاندل (1996) أن تعريف الحرب إنما يعتمد على مستوى التحليل المتبع، فهناك الكثير من الخلط و الاختلاف الذي قد يشوب هذا التعريف عندما يتم تناوله من خلال أطر تحليلية مختلفة. ولكن أقرب هذه التعريفات وأكثرها عموماً هو أن الحرب إنما تعني استخدام القوة لتحيق هدف معين.
إن حرب الإدراك ليست كحرب المعلومات، إلا أن هناك العديد من أوجه الشبه التي تجمع بينهما. فمنذ سنوات قليلة ماضية انتوينا وضع دراسة غرضها توضيح الفوارق المتعلقة بالمفاهيم المختلفة لحرب المعلومات (فريمان ، سجوستيد، وييك 1996) ، وقد انتهت هذه الدراسة إلى أن جوهر مفهوم الحرب المعلوماتية ليس بالأمر الجديد إلا أن توافر التكنولوجيا الحديثة هو ما عمل على توفير الكثير من الإمكانيات والاحتمالات. فقد يتم الأمر على سبيل المثال من خلال مهاجمة مصدر المعلومات باستخدام المعلومات وهنا تصبح المعلومات سلاحاً. و الجدل الذي لا يزال مستمراً حتى يومنا هذا حول يومنا هذا يركز على الحلول التكنولوجية التي تستعين بها الحرب المعلوماتية لتبسط سيطرتها وتحكم قبضتها على التدفق المستمر للمعلومات حول أزمة أو قضية ما. إن المفاهيم والمصطلحات من أمثلة حرب السيطرة و الحرب التي تعتمد على المخابرات –الحرب الاستخبارية- و الحرب الإليكترونية و حرب القرصنة و حرب المعلومات الاقتصادية و حرب الإنترنت إنما جاءت نتاجاً لظهور العديد من التطبيقات المتعلقة بحرب المعلومات (ليبيكي 1995)، وهناك مفاهيم أخرى مثل الدعاية الإعلامية و حرب الخداع و التشويش المعلوماتي. و الهدف من جميع هذه المفاهيم يكمن في تحقيق السيطرة المعلوماتية عن طريق النزال و الاستعانة بالمعلومات لتشكيل نتائج وقرارات دولية عالمية.
وقد أوضحت الخبرة التي تمخضت عنها التجارب الميدانية و التدريبية أنه من العسير جداً أن تتحكم في النتائج الفعلية عن طريق أنشطة الحرب المعلوماتية. فنفس الأفراد قد تتباين ردود أفعالهم تجاه نفس المعلومات فى أحوال ومواقف متباينة، وهذا يوضح لنا أن المعلومات المتاحة لا تنبئ بالضرورة عن النتائج المتوقعة أو تقود إليها.

http://www.bizspirit.com/images/sysimage_publishing/Books/Ending%20the%20Deception.jpg

إن الفروض التي يتم الاعتماد عليها في الحرب المعلوماتية إنما تبني على أساس من الدلالات الإحصائية بنفس الطريقة المتبعة في طرق التسويق التجاري العام، حيث يتم قياس الناتج من خلال عينة لكن هذه العينة الإجمالية لا تضمن بأي صورة أن جميع الأفراد سيتصرفون بذات الطريقة أو أنهم يقومون بنفس الأنشطة. وفي الدراسات الإحصائية ينصب الاهتمام على التنبؤ بالناتج من خلال عينة إجمالية، لكن من الصعب أن نتكهن بالطريقة التي يتصرف بها فرد واحد. ومن منظور علم النفس فان هناك بعض التصرفات التي يقوم بها أفراد اصطلح على تسميتهم باسم القادة -الموجهين- Leaders، وهؤلاء هم الذين يوجهون تصرفات وردود أفعال الآخرين والذين نسميهم التابعين followers. وكي يمكنك القيام بنشاط معلوماتي مؤثر وفعال فلابد وان تركز على أولئك القادة الموجهين وبالتالي يمتد تأثيرك بصورة غير مباشرة إلى تابعيهم. وهذا يشبه إلى حد بعيد أسلوب التسويق التجاري المباشر الذي يفوق في تأثيره أسلوب التسويق التجاري العام، ففي التسويق المباشر نجد أن القيم الإحصائية تمثل أهمية تقل عن الاهتمام بجودة البيانات الخاصة بالأفراد.
أننا على يقين من أن القائد -العسكري- commander و صانع القرار -السياسي- decision maker هما الأكثر تعرضا للأنشطة المعلوماتية. وهناك مثال يؤكد قولنا هذا وهو المعنى الكامن في المبدأ الأمريكي القائل: "إن هدفنا الجوهري هو الإنسان صانع القرار". وقد أشارت الدراسات السويدية حول الحرب المعلوماتية إلى : "إن الهدف الحتمي الجوهري –للحرب المعلوماتية- هو التأثير على قدرة الأطراف المشاركة على اتخاذ قرار عقلي منطقي.." ، وتعتبر عملية تكوين صورة حول الموقف أمراً جوهريا بالنسبة للمجموعات أو المنظمات والتي على أساسها تتحدد الإجراءات المستقبلية، وفي واقع الأمر فان حرب المعلومات تعتبر ضرباً من حرب الإدراك لتشويه هذه الصورة. والرأي العام يتأثر بتصريحات وبيانات القادة الموجهون وبصورة غير مباشرة يؤثر على قرارات القائد -العسكري- ومعتقداته. إن هذا الأمر أشبه ما يكون بالدعاية الإعلامية إلا أن الفارق هو اختلاف الهدف، ففي حرب الإدراك يكون الهدف هو الشخص الأساسي الذي بيده مقاليد المر أما في الدعاية الإعلامية فان الهدف هو العامة والرأي العام. وذات مرة أورد "ماو تسي تونج" في كتابه "حول الحرب المطولة -المؤجلة-" (1938): ".. لكي يمكننا إحراز النصر فلابد لنا من بذل أقصى ما بوسعنا لنختم على أعين وآذان العدو فيصبح أعمى و أصم و أن نزرع التخبط والارتباك بعقول قادة العدو و نجعلهم بلا وعي أو بصيرة". إن هذه العبارة تتناول ما يمكن تسميته حرب الإدراك.
http://www.jonco48.com/blog/cool_20illusion.jpg
إن هناك القليل من المقالات والدراسات التي تطرقت إلى الحديث عن حرب الإدراك، و من أول هذه الدراسات التي تناولت هذه المسألة ما قام به "جليين ، بيترسون 1995" حيث أشارا إلى حرب الإدراك ضمن معرض حديثهما عن علم النفس والحرب المعلوماتية تحت ما أسمياه "الحرب النفسية PSYWAR" مستخدمين تعبير إدارة الإدراك Perception Management . إننا نجزم بان مسألة الإدراك هي مسألة حيوية لتحيق النصر بصورة عامة وليس الأمر قاصراً على الحرب المعلوماتية أو النفسية، لذا فلابد وان يصبح مصطلح حرب الإدراك قائما بذاته وان لا يقتصر الأمر على أن يعدو جزءاً من مفهوم أخر. و كما كان الحال عند ظهور الحرب المعلوماتية فربما يأتي يوم تنشب فيه حرب إدراك و ساعتها سيزداد اهتمامنا بهذا المفهوم و تكثر الدراسات التي تتناوله.
إن مفاهيم حرب الإدراك ليست أمراً مستحدثاً إلا أن التكنولوجيا المستخدمة في هذا النوع من الحروب قد حظيت باهتمام بالغ فى وقتنا هذا، علاوة على ذلك فان ثمن ومخاطر و مدى تأثير حرب الإدراك قد ذاد من الاهتمام بها. لكننا لازلنا في حاجة إلى نظرة أعمق نسبر بها غور مفهوم حرب الإدراك و الحدس حتى يمكننا فهم ما يتعلق بهذه الحرب من مفاهيم و مصطلحات.
العنصر الأساسي في حرب الإدراك:
لقد رأى "بيبر" (1967) أن الأفعال الإدراكية هي أنشطة مرتبطة بالوعي والإدراك تربط بين ما يتم تلقيه من بيانات حسية و البيئة التي يتم فيها هذا التلقي. و بمعنى أبسط فان الإدراك يتطلب وجود هدف أو شئ يمكن إدراكه و شخص يمكنه أن يدرك هذا الهدف أو الشيء. فعندما تقول: "إنني أرى مقعداً." ، يصبح المقعد هو الشيء المادي أو الهدف و تصبح "أنت" الشخص المدرك الملاحظ لهذا الهدف. و من منظور فلسفي يمكننا القول أن الإدراك إنما يعني إذا ما كان بمقدورنا تحديد وجود شيء ما من خلال الاستعانة بالبيانات الحسية التي نتلقاها، و المثاليين من الفلاسفة قد اهتموا كثيراً بالبيانات المحسوسة أما الفلاسفة الواقعيين فقد ركزوا على استقلالية الشخص المدرك الملاحظ و أسباب الفعل الإدراكي الذي يقوم به. و طبقاً للأسس الفلسفية التي أوردناها فإننا نجد أن "بيبر" بوصفه فيلسوف إدراكي قد مزج بين رؤية المثاليين والواقعيين، وقد جاء ذلك نتيجة من تركيزه على المدرك الملاحظ بوصفه مشارك نشط في العملية الإدراكية، وهذا ما يقودنا إلى التركيز على طبيعة الإدراك.
" يتبع بالجزء الثاني"

د. محمد اسحق الريفي
11/11/2007, 10:03 PM
الأخ الفاضل الأستاذ/ حسام الدين مصطفى،

يطيب لي أن أتقدم منك بالشكر الجزيل على هذا الموضوع القيم، فنحن في أمس الحاجة لمثل هذه المواضيع التي تتعلق بحرب نفسية فكرية وجدانية إدراكية. وهنا أسجل حضوري ومتابعتي لهذا الموضوع القيم، وأسأل الله أن يجزيك عنا خير الجزاء.

تحية ودية وردية

حسن المعيني
12/11/2007, 01:08 AM
حربٌ وأي حربٍ هي حرب الإدراك
ياليت قومي يعلمون
يا ليتهم يقرأون
يا ليتهم يفكرون
يا ليتهم يدركون

الفاضل / حسام الدين مصطفى
كم نحن بحاجةٍ إلى مثل هذه الثقافة الإدراكية
حتى ندرك من نحن ؟ وماذا نريد ؟ وإلى أين نسير ؟
وحتى يحدد كل واحدٍ موقعه جيدا
أفي الميمنة هو أو الميسرة أو المؤخرة أو القلب أو المقدمة
أو يدرك أنه مع الخوالف والقواعد

متابعون يا سيدي بشغفٍ
وباقي الأجزاء نرقبها هنا وننتظرها

ولك التحية والسلام


نديم السها / حسن المعيني

رحاب حسين الصائغ
12/11/2007, 11:56 AM
الزميل الموقر حسام الدين مصطفى
فعلاً الموضوع شيق ومهم وعليتا ادراك الوضع العربي ، من خلال تفهم هذه الحرب الرعناء علينا
شكرا والف شكر على طرحك مثل هذا الموضوع
سأكون متابعة له ومعك في كل ما طرحته
كل التقدير
لك ومودتي

سليمان
12/11/2007, 10:14 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل الإحترام للسيد حسام الدين مصطفى ونقدر كثيرا التفاتته إلى مثل هذه المواضيع، التي يوظفها الغربيين والعديد من المستغربين من أبناء أمتنا ، بصفة يومية في الإعلام عبر قنوات التلفزيون بالدرجة الأولى. إن كل ما نعبّر عنه من احساس أوشعور او نقوم به من سلوكات أغلبها تتكون من المدركات السابقة ، والتي تتمثل منها الصور الذهنية الحالية.
الأمر يخص قادتنا أكثر مما يخص شعوبنا في قضية حرب الإدراك وهي أصلا "حرب نفسية" كون الإدراك هو الوظيفة النفسية الرئيسية وهي القائمة اصطلاحا على عملية التعرف على ماهية الشيء الحسي أو الذي قيد عملية التذكّر و التفكير فيه .
ان عدم ثبات واستقرار العديد من المتطلبات النفسية-الإجتماعية( قيادة حكيمة أو مرجعية، معايير ، قيم، أهداف...) لدى أغلب أفراد مجتمعاتا يجعلها عرضة لتقبل الإدراكات المنحرفة و بالتالي تسيطر على تصوراتهم الذهنية للأوضاع. هذه القابلية ناتجة عن غياب المدركات التي يسعى هو ومجتمعه لتحقيقها لكن لم يتحقق اي منها، أو أنها لا ترقى لمستوى طموحاتهم.
دراسة نقاط القوة والضعف فينا من طرف عدونا مستمرة ومتجددة وفقا لتطور مستوانا الإدراكي للمواقف التي تعترض أمتنا، بالتالي فان اصلاح وتقويم محتوى المدركات يتطلب تحديث وتقويم المعطيات الأساسية لبناء مدركات صحيحة، القائمون على تحقيق الإتزان النفسي-الإجتماعي في الأمة هم قادتها ومفكروها، ليحافظوا على هذا التوازن وفق الأحداث المستجدة على المستويين الوطني والعالمي.
وأشكر مرة أخرى السيد حسام الدين، ونحن متابعين لموضوعك الهام والمفيد جدا.
كل المودة والإحترام
د.سليمان جارالله

حسام الدين مصطفى
13/11/2007, 04:40 PM
الفاضل الدكتور محمد الريفي
الفاضل حسن المعيني
الفاضلة رحاب حسين الصائغ
الفاضل الدكتور سليمان جارالله
الإخوة والأخوات الكرام
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته
أرحب بكم وأشكر لحضراتكم تعليقاتكم الطيبة
في ترجمتي لكتاب فن الحرب لـ" صن تزو" وقفت عند الفصل الخاص بدور الخداع في الحرب وآلياته وتقنياته وأهدافه .... وربما يمكنني أن أختصر لحضراتكم رأيه في هذا الموضوع بأن:
" الطريق الأول للنصر هو خداع العدو: "فكل الحروب تقوم على أساس الخداع ولذا على القائد الناجح حين يكون قادراً على الهجوم تظاهر بعدم القدرة، وحين تقوم بتحريك القوات تظاهر بانك لا تقوم بأي فعل" ويحتل منع العدو من سبر مقاصد المرء المرتبة الأولى في الأهمية وبخداع العدو فأنه لن يعرف متى يُهاجم أو يدافع وما إذا كان عليه أن يهاجم أو يدافع، وهكذا فإنه سيستعد على كل الجبهات وستكون قوات هكذا عدو منتشرة وضعيفة لذلك في كل مكان وستندحر بالتأكيد"
وأرجو أن تلاحظوا معي هذه العبارة جيداً: (وبخداع العدو فأنه لن يعرف متى يُهاجم أو يدافع وما إذا كان عليه أن يهاجم أو يدافع) تلك هي حرب الخداع
أما حرب الادراك فتتخطى ذلك بأن يكون أحد الخصمين هو المحرك والفاعل والمخطط لكل شئون الحرب وذلك بأن يخلق عالماً وهمياً يجعل خصمه يعيش فيه ويظن أنه الواقع الحقيقي ... فيبات يتحرك وفقاً لما نظمته يداه (الخصم الأول) ... فيصحو (الخصم الثاني) ساعة تسلط أضواء النهار الكاذب على ناظريه وينام حين تسدل أستار الظلام على عينيه
إن حرب الادراك إخوتي الأفاضل هي أحدث نهج مطور للحروب عرفته البشرية و هو أعقدها وأطولها يعتمد في أسسه على تغيير بيئة العدو ليس تغييراً مادياً فحسب وإنما تغيير قدرته على إدراك ما حوله من أشياء وماديات و تشكيل قناعاته بحيث تضحى هذه القناعات جميعها هي ما تمليه عليه أنت
صحيح أن هناك ثمة ترابط بين حرب الخداع و حرب الادراك
لكن وحتى تتضح لنا الصورة فلنعطي مثالاً مبسطاً
فلفترض خصمين (س) ، (ص)
في حرب الخداع
يتراخى (س) ويمرر إلى (ص) هذا التراخي فينخدع به .... ثم ينقض (س) على (ص).
في حرب الادراك
يتسلل (س) إلى عالم (ص) ويبدأ في التلاعب به من خلال الوصول إلى مفاتيح تشكيل قناعاته وإدراكه والسيطرة على مقاليد المنطق والفكر لديه
يبدأ العالم الواقعي الخاص بالطرف (ص) في أخذ صورة جديدة ...
ويبدأ (ص) في التفاعل مع هذه الصورة والعيش فيها
كل هذا ونجد أن (س) يقف عاقداً يديه.... ويكتفي بالنظر إلى (ص) وهو يتحرك داخل المتاهة التي رسمها له
فيستمر (ص) في خداع نفسه وفقاً لما أقنعه (س) بأنه الواقع ...
وهنا يصبح ( ص) هو عدو (ص)!!! أي يصبح الخصم عدو نفسه
ويكون دور (س) هو البحث عن ( ص) آخر وهكذا ......

إن حرب الادراك هي حرب دائمة مستمرة .... تدوم معاركها ويدوم الانتصار فيها ...
وليست فيها جولات ولا سجالات
فالحرب بمفهومها الاعتيادي ...قد يهزم فيها أحد الخصمين خصمة ... ثم يلملم المهزوم شتاته و ما بقي من عتاده ويعيد الكرة وقد ينتصر
أما حرب الادراك .... فإذا ما تحقق النصر لخصم فيها فلن ولا تقوم للمهزوم قائمة
وحتى مع الافراط في التفاؤل إن كان للمهزوم بعض حظ فقد يحتاج الأمر لقرون كاملة على الأقل كي يبدأ في استعادة حقيقته ويدرك حقيقة عدوه ثم يبدأ في محاربته

حسام الدين مصطفى
13/11/2007, 04:53 PM
وتوضيحا لما أوردناه أنفاً حول ما عنيناه بحرب الإدراك فقد عهدنا إلى طرح مثال نظري حول الهجوم والدفاع الإدراكي، فإذا ما افترضنا أن لدينا الطرف (أ) وان هذا الطرف لديه مصدر يجعله متفوقاً ومتميزاً عن طرف أخر هو (ب)، فإذا ما سعى الطرف (ب) إلى التغلب على تفوق (أ) و ما لديه من امتيازات فانه يمكن للطرف (ب) تدمير أثر مصدر الطرف (أ)، أو يمكن للطرف (ب) التلاعب بادراك الطرف (أ) لمدى أهمية مصدره مقارنة بعناصر أخرى. والطريقة الأخيرة يمكن القيام بها من خلال وسائل عديدة ولكنها في مجملها تكمن في التلاعب بالطريقة التي ينظر بها الطرف (أ) لمصدره. إن هذا الأمر يمكن القيام به إذا ما عرفنا الطريقة التي تسير بها العملية الإدراكية للطرف (أ)، فلابد وأن نعي السبل التي يتكون بها وعي وإدراك الطرف (أ) و طبيعة إدراكه.
وفيما يبدو فان البشر قد لا تكون لديهم سوى قدرات محدودة لاستيعاب وإدراك موقف ما (ميللر 1956). وقد أوضح (سيمون 1987)أن الفارق بين المبتدئين و الأساتذة في لعبة الشطرنج هو القدرة على رؤية أنماط متعددة وتقييمات متنوعة للموقف والحركة حسب بنية معينة، ولكن مع غياب هذه البنية المتسقة فان يد الأستاذ المحترف تصبح مغلولة ولا يمتاز عن غريمه بشيء.
و بالمثل فان الهجوم على القدرة الإدراكية إنما يعد هجوماً على قدرة القائد -العسكري- حيث يفقد القدرة على تحديد البنية التي يعكسها الموقف أو الحدث. وعندما يفقد هذا القائد قدرته على تحديد البناء والهيكل، لا يمكنه أن يحدد الأنماط المنطقية لرد الفعل. و على العكس من ذلك فان الهجوم قد يؤدي إلى تكوين بنيويات معينة تطرح سبل محددة تجرف القائد للتصرف بطرق معينة.
إن المشكلة تكمن في أنه لا يمكن التكهن بسلوكيات وردود أفعال البشر، و من العسير بل أنها ربما تكون مهمة معقدة أن تحاول التنبؤ بما يسفر عنه الهجوم الإدراكي. ومع تعمقنا في دراسة حرب الإدراك فإنها تقودنا إلى تحديد ما ينبغي علينا حمايته كما أنها قد تجعلنا نقع فريسة للخداع والتلاعب الإدراكي. إن حجر الزاوية في هذا الأمر هو الطريقة التي يكون بها القائد وعيه وإدراكه للموقف و ما هو الفهم الأولي الذي يتبادر إلى ذهنه. فالعمليات المتعلقة بادراك القائد ووعيه بالموقف و توجهاته حيال ذلك هي الأهداف الأساسية عندما يتم بالهجوم الإدراكي عليه كما أنها أولى المصادر بالحماية. وقد قال "صن تزو": "إن المرء الذي يفهم ويدرك كيف يستخدم القوات الكبيرة والصغيرة هو المنتصر." (جريفث 1971، ص 82) وربما قصد "صن تزو" من قوله هذا أنه ينبغي علينا النظر إلى مختلف القضايا والمكونات التي يمكن أن تقودنا للتوفيق وأن نعني بها. وقد أوضح "صن تزو" أن الجيش المتخبط الذي تستشري فيه الفوضى يؤدي إلى انتصار الطرف الأخر. و مفهم "صن تزو" حول التخبط والارتباك هنا قد يعني فقدان السيطرة على الموقف أو عدم التيقن من أبعاده.
الحقيقة أول ضحية للحرب:
لقد أوضحت التقارير الواردة بأحدث الدراسات التي تناولت الحرب الحديثة أن تكوين وعي حول الموقف وإدراكه هو العامل الجوهري للسيطرة على الموقف و الانتصار في الحرب. ويمكننا أن نصف الحروب الحديثة بأنها معركة ثقة Battle of confidence. وفي معركة الثقة هذه فإننا لا نسعى خلف الحقيقة و كأننا نسعى للحصول على الكأس المقدسة the Holly Grail فحسب بل نصبو إلى بسط سيطرتنا على تلك الحقيقة.
إن هناك سؤال فلسفي تقليدي –كثيراً ما يطرح- دون أن يجد له إجابة واقعية دقيقة وهو "ما هي الحقيقة؟". فغالبا ما ينتهي جدل الإجابة على هذا السؤال بقولنا إن ذلك يعتمد على الموقف ذاته. و قصدنا من هذا هو عرض مفهوم أن الحقيقة هي تكوين اجتماعي يقوم على ما تم الاتفاق عليه من معتقدات. إن هذا معناه أن ما يبدو حقيقة بالنسبة لي قد لا يمثل بالضرورة الحقيقة بالنسبة لك، إلا أنه في غالب الأحيان يكون هناك ثمة اتفاق ضمني حول ما يمثل واقعاً عاماً أو ما يظنه الناس حقيقة. إن التأثير على النظام المنطقي الإدراكي هو عملية تتطلب وقتاً طويلاً وهي في ذلك تختلف عن ما ألفناه من قواعد الحرب المعلوماتية. فحرف المعلومات تهدف إلى تحقيق أهداف معينة خلال فترة زمنية قصيرة (كوديفيللا 1992).
إن الحرب أمر محير مربك يكتنفها قدر كبير من الغموض، وأول شئ نفقده في الحرب هو قدرتنا على تكوين رؤية بشأن ما يبدو لنا حقيقياً. وساعتها يبدأ الاهتمام والتساؤل عن الملاحظ المدرك و النسق الإدراكي، فالإشاعات و المعلومات الخاطئة قد تجعل تحديد مدى صحة المعلومات المتاحة وحقيقتها أمراً بالغ الصعوبة و حينئذ نجد أنه لابد لنا من التصرف في ضوء معلومات مبتورة غير مكتملة. وحتى في مثل هذه الظروف فانه يتبقى لدينا بعضاً من القدرة على تحديد ما يمكننا تصديقه أو إنكاره وهذا يكمن في الطريقة التي نتبعها عند قيامنا بادراك وتقييم الموقف. إن تحديد ما يبدو حقيقة أو كذباً إنما يعتمد – عندئذ- على البنيويات التي يؤمن بها الفرد والتي يمكن لها أن تتغير مع مرور الوقت. إن الإحساس بان أمر ما جدير بالثقة إنما يبنى على محتوى التكوين الاجتماعي وهذا التكوين يمكن توسيعه و تغييره والتلاعب به. وحرب الإدراك ليس المقصود منها تخريب الحقيقة و إنما هو خلق وتكوين حقيقة، وفي جميع الأحوال نجد أن الحقيقة هي الضحية.
الصورة التي يكونها القائد للموقف:
لكي يمكننا فهم السبيل إلى إرباك و تشويه الصورة التي يكونها القائد حول الموقف فلابد لنا أن نعي ونفهم ما الذي يقوم به هذا القائد، و افضل توصيف لدور القائد انه يعمل من خلال نظام انضباطي قوامه الأوامر التي يتم الاعتماد عليها عند التقييم والتخطيط … الخ وهي تنبع من رؤيته للموقف والصورة التي يكونها بشأنه، و مع كل فعل وتصرف ينبثق ناتج جديد يؤدي إلى تغيير هذه الصورة وهذا بالتالي يتطلب تصرفاً و فعلاً جديداً.
ويمكننا أن نصف الصورة التي يكونها القائد حول الموقف بأنها وعي القائد وإدراكه للموقف انطلاقاً من ملاحظاته فهمه المسبق للموقف، وهذا الفهم المبدئي عملية متفردة تختلف من قائد لأخر ولعل هذا هو ما يوضح لنا السبب في أن نفس المعلومات قد تؤدي إلى نتائج و تصرفات مختلفة.
إن الوعي بالموقف يقوم على عوامل عقلانية منطقية وعاطفية شعورية، و تتجمع أجزاء الصورة بشكل منطقي أما تلك الأجزاء التي قد تبدو غير عقلانية تكون من نسج و تأثير العاطفة والشعور، وقد يمكننا توصيف و تحديد الأجزاء المنطقية العقلانية بشكل يعيننا على الاستنباط والتكهن ولكن ما بالنا بالأجزاء التي تشكلها المشاعر والعواطف فهي الأجزاء التي لا يمكننا التنبؤ بها.
إن الطريق سقوط القائد بيد الأعداء إنما يكمن في عقله و الطريقة التي يستوعب بها الموقف. "فلتأسر عقولهم .. فتتبعها أفئدتهم وأرواحهم.. ". إن الحالة المزاجية لعقل القائد هي التي ستكون الصورة حول الموقف، وليس بالضرورة أن تكون هذه الصورة حقيقية إلا أنها التي تحكم وتقود تصرفات القائد، فالقائد سيظل دوماً على يقين من أنه يبسط يد السيطرة على الموقف حتى وإن اعتراه بعض الريبة وعدم اليقين. وهذه السيطرة تقوم على التفسير المنطقي للموقف إضافة إلى ما يرد إليه من معلومات وكلما تزايد سعي القائد للحصول على قدر أكبر من المعلومات كلما انقشعت سحابة الريبة والشك التي تغطي الموقف.
و من هنا يمكننا القول أن حرب الإدراك هي القدرة على تشويه وإرباك الصورة التي يكونها القائد على أن يتم ذلك بصورة محكمة، إن حرب الإدراك هي فن التأثير على اتخاذ القرارات. ولابد أن تتم عملية الإرباك والتشويه بصورة محكمة يمكن التحكم فيها وآلا بدرت من القائد تصرفات وردود فعل غير مرغوبة..
وهناك ملاحظة هامة تجدر الإشارة إليها وهي أن القائد لا يرغب في أن يبدو مهزوماً أو خاسراً، وفي الهجوم الناجح في حرب الإدراك يغشى جميع الأطراف وهم أنهم هم وحدهم-دون غيرهم- المنتصرون. إن الهدف من هذه الحرب هو أن تخلق حالة من الإدراك لدى جميع الأطراف بحيث تجعلهم يتخيلون أنهم هم الغالبون، فالمسألة لا تقتصر على أن إحراز أحد الأطراف للنصر يعني هزيمة الطرف الأخر و إنما أن هناك من يفوق غيره نصراً و يتعداه غلبة. وإدراك الموقف و استيعابه هو المفتاح الجوهري لمعرفة ما قد يقدم عليه القائد من تصرفات.
عقلك… هو عدوك الحقيقي..
عندما يواجه الأفراد أنشطة الحرب الإدراكية، يصبح العقل هو مركز الجاذبية للهجوم. و تصبح قدرة القائد على تكوين صورة جيدة للموقف متوقفة على ما سيحدث مستقبلاً، وعندئذ يكون العدو اللدود للقائد في حرب الإدراك هو عقله وليس نده الذي يناصبه الحرب. فهذا الند سيسعى جاهداً إلى تكوين صورة تتفق مع أهدافه أمام عين الملاحظ المدرك مستخدماً في ذلك كل السبل. وهذه الصورة هي التي تحتل عقل القائد و كأنها الصورة الحقيقية للموقف.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا… كيف يمكننا أن نحمي عقولنا؟؟
إن الأمر يبدو هنا وكأننا نتحدث عن فيروسات الحاسوب أو حصان طروادة إلا أن الحل يختلف عندما نحتاج إلى معالجة العقول والدفاع عنها. ففي عالم الكمبيوتر يكون الحل الأمثل لحمايته هو أن نعزله عن البيئة المحيطة والتي تصدر منها هذه الفيروسات من خلال ما يسمى بأسلوب الآلة المستقلة stand alone machine و استخدام شفرات المرور والحماية، وهذه الطريقة لا تناسب الأفراد الذين يحتاجون للتواصل مع من حولهم من خلال الأنشطة الاجتماعية، لذا فلابد لنا من إيجاد طرق يمكننا من خلالها اكتشاف الهجمات الإدراكية.
إن الاتسام بعقلية متفتحة هو السبيل إلى حل المشكلات ذات الطبيعة الابتكارية ، إلا أن ذلك سلاح ذو حدين إذ أن العقل المتفتح قد يقع تحت تأثير خارجي. إن الحرب الإدراكية هي نزال على المستوى الفردي يكون القائد هو الهدف في هذا النزال. والهدف الأساسي هنا هو خلق حالة من عدم اليقين حول القضايا التي يسعى القائد إلى تقييمها ويشعر بأهميتها. ويقود عدم اليقين إلى فقدان السيطرة، وعندما نفقد السيطرة نفقد معها القدرة على تكوين التصور المستقبلي على المدى البعيد، وعندئذ يصبح الغريم هو موجهنا و اليد التي تحرك مقود أفعالنا. و كما سبق فقد أوضحنا أن القادة -الموجهين- يكونون اكثر تأثراً من اتباعهم. وإذا ما رغبنا في بسط السيطرة و الإمساك بزمام الأمور فلابد أن ندرك طبيعة القائد بوصفه "ملاحظ مدرك" و تحديد النتائج التي تهمه والطريقة التي يعتمد عليها في تقييم العوامل. فعلى سبيل المثال، إذا ما كان القائد يرى أن التحرك في الوقت المناسب عامل هام فانه يمكننا الضغط عليه من خلال تأخير و إرجاء وصول المعلومات إليه، إلا أن هذا لا يكفي. فالمشكلة هنا هي كيف نؤخر ورود المعلومات مع الإبقاء على ظنه بأنها وردت في وقتها دونما أي تأخير. إن الإدراك مسالة توجه يعتمد على الأسس التي نستخدمها لتقييم الموقف.
إن الهدف النهائي من حرب الإدراك هو تغيير التركيب العقلي وتغيير الملامح و النسق وبالتالي تغيير الرغبة والإرادة. وخلافاً لما درجت عليه الحرب التقليدية فان كلا الطرفين قد يغشاهما وهم الانتصار ويشعر كلا الجانبين أنه الغالب المنتصر.

احمد ربيع
17/11/2007, 10:00 PM
كلامك سليم
وياريت كل الناس يعرفوه
شكرا لك
مع تحياتى

احمد ربيع
17/11/2007, 10:00 PM
كلامك سليم
وياريت كل الناس يعرفوه
شكرا لك
مع تحياتى