المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رباطة جأش - حكاية للأطفال - نزار ب. الزين



نزار ب. الزين
20/11/2007, 07:49 PM
رباطة جأش
حكاية للأطفال
نزار ب. الزين*
أنعم الله على تاجر الأقمشة عبد الرحمن ، بخير النساء ( و هو اسمها ) ، زوجة شابة لم تتجاوز الرابعة عشر ، بارعة الجمال ، لطيفة المعشر ، سيدة بيت من الدرجة الأولى رغم صغر سنها ؛ فمنحها كل حبه و غمرها بكرمه و رعايته ، و ظلت أيامهما عسلا ، لولا أن رأى ذات ليلة حلما جعله دائم السرحان ، فقد رأى فيما يراه النائم ، شيخا وقورا بملابس بيضاء ، يأمره بأن يلبي فريضة ربه الخامسة .
قال له الشيخ : " لقد أنعم عليك ربك بالرزق الوفير ، و بالزوجة الصالحة ، فما يقعدك عن طاعة ربك و الحج إلى بيته العتيق ؟" .
أصابته حيرة شديدة ، ما كان يؤرقه ليس فكرة الحج التي لاقت لديه استحسانا كبيرا ، ما أرقه هو زوجته الطفلة ، فهي حامل في أولى أشهرها ، و هي صغيرة على تحمل مشاق السفر الطويل ، و هي أيضا يتيمة ، فقد توفي والداها بعد أن زفت إليه بشهرين إثر جائحة مرضية ، و ليس لديها إخوة أو أخوات أو أعمام و عمات أو أخوال و خالات ، فليس من يودعها عنده من المحارم.
ثم جاءه الفرج على شكل فكرة لمعت في راسه ، فجاره الملقب بالهندي ، جار في السوق و في السكن ، و منزله بجوار منزله و لا يفصل بينهما سوى الجدران ، و هو رجل طيب و متدين و خلوق ، و زوجتاهما متصاحبتان و تتزاوران ؛ إذاً لماذا لا يوصيه بزوجته و يتكل على الله ؟!
و هذا ما كان ..
توكل عبد الرحمن على ربه و التحق بقافلة متوجهة إلى الأراضي المقدسة ، أما زوجة الجار ، فكانت تقضي معظم يومها عند خير النساء ، و لا تتركها إلا مع غياب الشمس ..بينما كان زوجها الهندي يؤمن لها كل لوازمها من السوق .
و ذات مساء ، انصرفت الجارة ، و نسيت خير النساء أن تغلق الباب وراءها بالرتاج ، و بينما كانت تصعد إلى الطابق الثاني حاملة صينية رصت فوقها طعام عشائها ، إذا بها تسمع صوت حركة غريبة مريبة آتية من ناحية باب الدار ، كانت قد وصلت إلى غرفتها فوضعت الصينية على الأرض على عجل ، و هرعت نحو النافذة المطلة على الساحة ، فشاهدت شخصا فارع الطول ، ضخم الجثة ، أسود البشرة ، يقتحم الساحة ، ثم يبدأ بالصعود نحوها .
أصيبت برعب شديد ، و لكنها تمالكت نفسها ، و نادت بأعلى صوتها : " من هناك ؟ " ، فأجابها صوت أجش : " أنا ابن عمك مرجان الجوعان ! " ثم أكمل صعوده الدرج غير هياب ، و ما أن شاهد صينية الطعام حتى دفع خير النساء بعيدا و جلس القرفصاء ، و أخذ يلتهم ما في الصينية بدون استئذان ..
ظلت خير النساء مرتبكة و لا تدري ما تفعل ، حاولت التسلل لغرض الهروب ، فانتتبه إليها و منعها ، ثم أمسك أحد الأطباق و أخذ ينقر عليه : و هو يغني بصوت أشبه بالنهيق ، ثم أمرها بأن ترقص على إيقاع كلمات أخذ يرددها :
" طبق .. طبق
ياعيني على الطبق
أكلنا ما فيه
حتى ما فيه نفق
قُدَّامي منثور و حبق
و بدر بنوره لليل فلق
بنت عمي …
مليانات يديك أساور
مليانات ذانيك حلق
و صدرك بالألماس
عم يبرق برق
و يا الله يامرجان
انفر على الطبق
جاءتك السعادة على طبق "
أحست خير النساء بخطورة ما يقول ، و أنه طامع في ما تملكه من مصاغ ، و أنه لن يتورع عن ذبحها لتحقيق مآربه ، و بصعوبة لملمت شجاعتها ..
ثم …
أخذت ترقص و تغني بأعلى صوتها ، مقتربة من نافذة غرفتها كلما سنحت لها فرصة :
" يا جارنا الهندي
تعال شوف شو عندي
عندي عبيد اسود
رايد يقتلني "
لم ينتبه إلى كلماتها ، بل تابع يردد غناءه القبيح " يا الله يا مرجان … انقر على الطبق .... جاءتك السعادة على طبق ! " ؛ بينما استمرت خير النساء ترقص و تغني :
" يا جارنا الهندي
تعال شوف شو عندي
عندي عبيد اسود
رايد يذبحني "
انتبهت زوجة الجار ، إلى صوت جارتها خير النساء ، اقتربت من نافذتها أكثر ، فتأكدت مما تقوله خير النساء : " يا إلهي إنها تستغيث بنا !" همست في سرها ...
ثم ….
سارعت إلى زوجها تخبره ، الذي اقترب بدوره من النافذة فسمع ما سمعته ..
فما كان منه إلا أن استل سيفه من غمده ..
ثم …..
صعد إلى سطح داره حافي القدمين، و منه قفز إلى سطح جاره عبد الرحمن …
ثم ……
تسلل على رؤوس أصابعه ، حتى بلغ موقع الصخب .
و بينما كان ذلك الوحش الآدمي ، لا زال منهمكا بالقرع على الطبق و هو يغني : " طبق ..طبق .. " ، و قد بلغت به الحماسة و النشوة مبلغها ، عاجله الهندي بضربة من سيفه أخرسته إلى الأبد .
===================

* نزار بهاء الدين الزين
سوري مغترب
عضو إتحاد كتاب الأنترنيت العرب
عضو الجمعية الدولية للمترجمين و اللغويين العرب ArabWata
الموقع : www.FreeArabi.com
البريد : nizar_zain@yahoo.com

خليل الصمادي
22/11/2007, 10:12 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك استاذ نزار على هذه القصة الجميلة لقد أعادتنا عشرات السنين للوراء يوم كنا نسمع مثل هذه القصص والأغاني من أفواه جداتنا ولابأس بصياغتها اليوم بطريقة تتلائم مع لغة وتفكير الطفل
حياك الله أستاذنا الكريم وبارك الله فيك

خليل الصمادي
22/11/2007, 10:12 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك استاذ نزار على هذه القصة الجميلة لقد أعادتنا عشرات السنين للوراء يوم كنا نسمع مثل هذه القصص والأغاني من أفواه جداتنا ولابأس بصياغتها اليوم بطريقة تتلائم مع لغة وتفكير الطفل
حياك الله أستاذنا الكريم وبارك الله فيك

هيمى المفتي
05/09/2008, 03:29 PM
تحية طيبة،
قصة تعيدنا إلى الماضي.. إلى قصص الجدات الجميلة ذات النكهة الخاصة الممزوجة بالعطف والمحبة..

هذه القصص كانت ممتعة في الماضي ومن أفواه الأمهات والجدات.. أما أن تعرض على طفل اليوم دون أي تطوير فهو أمر آخر..
طفل اليوم يشاهد التلفزيون ويمارس الألعاب المعقدة على الكومبيوتر ويدخل الانترنت ويقرأ الأخبار.. لا أظن أن هذه القصص مناسبة للطفل في هذا العصر..

من الناحية الفنية بدأت القصة عن الزوج ولم تعد إليه!!.. لقد ضاع البطل (الزوج أم الزوجة؟) في القصة التي تركت فراغات كثيرة في فكر المتابع..
أي لص ذلك الذي يأكل ويغني، ألا يخشى أن يشعر به احد؟.. ومن ذلك الذي يخطط للقتل ويقول للضحية بوضوح أنه طامع بما لديها بل ويسمع غناءها ويشاهد رقصها؟.. الزوجة مقطوعة من شجرة لكن أليس للزوج أهل أو أقرباء؟.. من ذلك الذي يترك امرأة في الرابعة عشرة وحدها في منزل كبير؟.. ومنذ متى يكون قرار الحج بسبب حلم، ولا يستطيع الزوج تأجيله حتى عام واحد؟.. إلخ.. إلخ..

صدقني طفل اليوم يسأل هذا النوع من الأسئلة بينه وبين نفسه حتى إن لم يعرف كيف يعبر عنها بالكلمات.. الطفل يستمع إلى هذه القصة وهو يقول لنفسه: "هذه مجرد قصة لا تحدث في الحقيقة".. ولهذا لا تترك في نفسه الأثر المطلوب..

يبقى هذا رأيي الشخصي الذي يحتمل الخطأ والصواب

كل الشكر لك

هَيْمى المفتي

نزار ب. الزين
13/09/2008, 02:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكرك استاذ نزار على هذه القصة الجميلة لقد أعادتنا عشرات السنين للوراء يوم كنا نسمع مثل هذه القصص والأغاني من أفواه جداتنا ولابأس بصياغتها اليوم بطريقة تتلائم مع لغة وتفكير الطفل
حياك الله أستاذنا الكريم وبارك الله فيك


********
أخي العزيز خليل
شكرا لإعجابك بالنص
أحييك بدوري
مع خالص المودة و التقدير
نزار

نزار ب. الزين
13/09/2008, 02:29 AM
تحية طيبة،
قصة تعيدنا إلى الماضي.. إلى قصص الجدات الجميلة ذات النكهة الخاصة الممزوجة بالعطف والمحبة..

هذه القصص كانت ممتعة في الماضي ومن أفواه الأمهات والجدات.. أما أن تعرض على طفل اليوم دون أي تطوير فهو أمر آخر..
طفل اليوم يشاهد التلفزيون ويمارس الألعاب المعقدة على الكومبيوتر ويدخل الانترنت ويقرأ الأخبار.. لا أظن أن هذه القصص مناسبة للطفل في هذا العصر..

من الناحية الفنية بدأت القصة عن الزوج ولم تعد إليه!!.. لقد ضاع البطل (الزوج أم الزوجة؟) في القصة التي تركت فراغات كثيرة في فكر المتابع..
أي لص ذلك الذي يأكل ويغني، ألا يخشى أن يشعر به احد؟.. ومن ذلك الذي يخطط للقتل ويقول للضحية بوضوح أنه طامع بما لديها بل ويسمع غناءها ويشاهد رقصها؟.. الزوجة مقطوعة من شجرة لكن أليس للزوج أهل أو أقرباء؟.. من ذلك الذي يترك امرأة في الرابعة عشرة وحدها في منزل كبير؟.. ومنذ متى يكون قرار الحج بسبب حلم، ولا يستطيع الزوج تأجيله حتى عام واحد؟.. إلخ.. إلخ..

صدقني طفل اليوم يسأل هذا النوع من الأسئلة بينه وبين نفسه حتى إن لم يعرف كيف يعبر عنها بالكلمات.. الطفل يستمع إلى هذه القصة وهو يقول لنفسه: "هذه مجرد قصة لا تحدث في الحقيقة".. ولهذا لا تترك في نفسه الأثر المطلوب..

يبقى هذا رأيي الشخصي الذي يحتمل الخطأ والصواب

كل الشكر لك

هَيْمى المفتي


********
أختي الفاضلة هيمى المفتي
الشكر الجزيل لمشاركتك التفاعلية
و اهتمامك بالنص
أختي الكريمة
حكايات الجن و السحر
و القصص الجارية على لسان الحيوانات
كلها لا تمت إلى المنطق بصلة
و قد حكيت هذه القصة لأحفادي
و أدركوا عدم تناغمها مع العقل
و مع ذلك أعجبتهم ،
و هللوا لشجاعة الفتاة
و صفقوا لنجدة الجار في الوقت المناسب
***
شكرا لزيارتك التفاعلية
و دمت بخير و عافية
نزار