المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (ميبل وأنا) الباب التاسع من كتاب (مضامين بطرس) للأديب الباكستاني (بطرس بخاري)



إبراهيم محمد إبراهيم
22/11/2007, 08:09 AM
" ميبل " و أنا
كانت " ميبل " تدرس في كلية البنات ، ولكن فيما بعد ، كنت أدرس أنا وهي في تخصص واحد في جامعة " كيمبردج " ، ولذا فقد كنا نلتقي كثيراً في المحاضرات ، كما كنا أصدقاء كذلك ، ولنا هوايات كثيرة مشتركة . كانت هي تحب الموسيقى والرسم ، وكنت أنا أدّعي معرفة كل ذلك ، ولذا فقد كنا نجتمع كثيراً في معارض الرسم وحفلات الموسيقى . كنا ندرس الأدب الإنجليزي ، ونتناقش دائماً حول الكتب ، فإذا وجد أحدنا كتاباً جديداً ، أو مؤلِّفاً حديثاً ، كان لا بدّ أن يحيط الآخر به علماً ، ثم نقرأه سوياً ، ثم نصدر حكمنا ضده ، أو لصالحه !!!.
لكن كان هنا – تأكيداً – شيء ما في اتفاقنا وتناغمنا هذا ، فقد نشـأنا في القرن العشرين ، حيث تؤمن المرأة بالمساواة مع الرجل ، لكننا أحياناً كنا نُكذِّب هذا بتصرفاتنا . فقد كانت " ميبل " في بعض الأحيان تعتبر بعض التسهيلات حقاً مكتسباً لها ، ولا يجب أن يحظى بها سوى أحد أفراد الجنس " الضعيف " . وكنت أنا في بعض الأحيان أتخذ سلوكاً ينمّ عن تحكم وسيطرة ، فحواه أن هذا واجبي باعتباري " رجلاً " . وكان هذا الإحساس يؤلمني بشدة ، خاصة وأن قراءات " ميبل " كانت أكثر اتساعاً مني ، مما كان يجرح وقار " رجولتي " . أحياناً كان دمُ آبائي وأجدادي الأسيويين يفور في عروقي ، ويتمرد قلبي على الحضارة الحديثة قائلاً لي : " إن الرجل هو أشرف المخلوقات " ، وعلى الجانب الآخر كانت " ميبل " تبالغ في التعبير عن مساواة المرأة بالرجل ، حتى كان يبدو أنها تعتبر أن المرأة هي مرشدة الكائنات ، وأن الرجل لا يزيد عن كونه " حشرة " من حشرات الأرض .
لكني كنت أتغاضى عن كل هذا عندما تشتري " ميبل " ذات يوم مجموعة من الكتب ، وبعد أسبوع تُلقي بها في حجرتي وهي تقول :
لقد قرأتها كلها . اقرأها أنت أيضاً ، وسوف نتناقش حولها فيما بعد .
فلقد كان من المستحيل عليّ أن أقرأ كل هذه المجموعة في أسبوع واحد ، ولكن على فرض أنني – إنقاذاً لكرامتي – سأحرم نفسي من النوم ، وأقرأها جميعاً ، فقد كان من بينها بعض الكتب الفلسفية والنقدية أحتاج لفهمها إلى فترات طويلة ، ولذا فقد كنت بعد مُضِيّ أسبوع كامل من العمل المضني أضطر إلى الاعتراف بهزيمتي في هذا السباق أمام امرأة ، وكنت أستمع إلى ما تقول بانكماش طالما كانت جالسة في حجرتي ، بينما كانت هي تتحدث بطريقة العلماء ، رافعة حواجبها إلى أعلى من حين إلى آخر ، وعندما كنت أفتح لها الباب ، أو أشعل لها سيجارتها ، أو حتى أتخلى لها عن أكثر الكراسي راحة لديّ لتجلس هي عليه ، كانت هي لا تعتبر هذه الخدمات مراعاة لكونها " أنثى " ، بل تنظر إليها على أنها حق " الأستاذية " .
وبعد أن تغادر " ميبل " حجرتي ، كان ندمي وأسفي يتحول تدريجياً إلى غضب شديد ، فما أسهل التضحية بالنفس أو المال ، ولكن نظراً لطريقتها ، فإن أكثر الناس طيبة وتقوى كان لا بدّ أن يلجأ ذات مرة إلى استعمال الوسائل غير المشروعة معها . ربما تظن أن هذا انحطاط أخلاقي مني ، ولكن هذا هو موقفي على أية حال . وعندما التقيت بـ " ميبل " في المرة التالية ، عمدت إلى إبداء رأيي حتى في تلك الكتب التي لم أقرأها ، ولكن بحذر شديد فيما أقول ... لم أكن أنبث ببنت شفة فيما يتعلق بالتفاصيل ... أنقد بشكل عام ، وأضفي على رأيي نوعاً ما من " الجدية " باحتياط وحرص شديدين .
ذات مرة سألتني " ميبل " عن رأيي في إحدى الروايات ، فأجبتها بغير اكتراث :
* إنها " جيدة " ، لكن ليس إلى هذا " الحد " ، ولم يستطع الكاتب إبـراز " وجهة نظر العصر الحديث " ، ومع ذلك فإن لديه بعض الجوانب " الفريدة " ... ليست سيئة ..... ليست سيئة ......
وجعلت أنظر إلى " ميبل " من طرف عيني ، ولم تنتبه هي مطلقاً إلى اختلاقاتي هذه .... مرة أخرى قلت لها فيما يخص إحدى المسرحيات :
* نعم قرأتها ، لكني لم أستطع إلى الآن أن " أجزم " عما إذا كان ما يحسّه " القارئ للمسرحية يبقى كما هو بعد " مشاهدته " لها على خشبة المسرح أم لا ؟!! . ما رأيك أنت ؟!.
وهكذا كنت أحفظ كرامتي ، وفي نفس الوقت ألقي بالكرة في ملعب " ميبل " . أما فيما يتعلق بكتب النقد فكنت أقول :
* يبدو أن هناك " تأثيراً " لنقاد القرن الثامن عشر على هذا الناقد ، وإن كان " بسيطاً " ، وحديثه عن الشعر " جذاب " .... " جذاب " للغاية ...
وتدريجياً أصبحت ماهراً في هذا الفن ، حتى أنني كنت أندهش كثيراً من مقدرتي على الحديث بانسيابية وتمكُّن عن كتب لم أقراها ... كانت نفسي تستريح لهذا الأمر كثيراً .
والآن لم أعد أخشى " ميبل " ، بل لقد اضطرت هي للاعتراف بعلمي وفضلي ، فإن كانت هي تقرأ عشرة كتب في أسبوع واحد ، فإنني أستطيع أن أبدي رأيي فيها كلها في يومين فقط ... ولم أعد أشعر أمامها بالند وتعذيب الضمير ، وانتاب " رجولتي " شعور ما من الرضا بهذا الانتصار ... والآن عندما أُقدّم لها الكرسي ، أو أشعل لها السيجارة ، يصحب ذلك كله إحساس بالعظمة والتفوق ، كأني شاب قويّ مُحنّك ، يقوم بحماية طفلة صغيرة لا خبرة لها .
وسواء امتدح فعلي هذا المستقيمون من الناس أم استنكروه ، فإنني على الأقل أستحق الثنـاء من جنس " الرجـال " ، ورغم أن اللعنـات ستنزل على رأسي واحـدة تلو الأخرى من " النساء " بسبب تصرفي هذا ، باعتبار أنني أتعامل بدهاء وزيف ، ومن ناحية أخرى لخداعي امرأة من جنسهن ، إلا أني أطمئنهم بأنني حقيقة لمت نفسي أكثر من مرة كلما اختليت بنفسي ، وفي بعض الأحيان كنت أحتقر نفسي بسبب هذا الأمر ، لكن كان من الصعب كذلك أن أنسى أنني كنت أفخر بعلمي دون قراءة أو اطلاع ، فإن " ميبل " كانت – على أية حال – تتفوق عليّ حين تتحدث إليّ بعد قراءة الكتب ، وجهلي ثابت ، إن لم يكن لديها فعلى الأقل لديّ أنا ... لهذا السبب لم يكن قلبي ينعم بالراحة أبداً ، وكنت أبدو لنفسي حقيراً للغاية قياساً بامرأة . في البداية كنت أعتبر " ميبل " سيدة ذات علم فقط ، والآن أصبحت في نظري – قياساً بنفسي – مثالاً للعفة والصدق .
عندما أمرض يصير قلبي أكثر رقة ، فإذا تصادف أن قرأت أثناء مرضي بالحمى رواية ولو هابطة ، فإن الدموع تقفز من عيني في بعض الأحيان ، فإذا استعدت صحتي سخرت من نقطة ضعفي هذه ، لكني لم أكن أشعر بهذا الأمر في ذلك الوقت ، ولسوء حظي فقد أصبت في تلك الأيام بزكام بسيط . لم يكن الأمر خطيراً ، ولا حتى مؤلماً ، إلاّ أن أخطائي السابقة كانت تتجسد أمامي كأنها كبائر الذنوب ... تذكرت " ميبل " ، فأنبني ضميري كثيراً ، وظللت أتململ في فراشي وقتاً طويلاً ، وفي المسـاء حضرت " ميبل " ومعها باقة ورد ، وسألت عن صحتي ، وأعطتني الدواء ، ثم وضعت يدها على جبيني . عندئذ انهمرت دموعي بشدة ... قلت وصوتي تخنقه الدموع :
* أرجوك ، سامحيني يا ميبل .
ثم اعترفت لها بخطئي ، وعقاباً لنفسي شرحت لها تفصيلاً ما قمت به معها من مكر وخداع ، وذكرت لها حتى أسماء الكتب التي كنت ألقي عليها الخطب العلمية الطويلة بشأنها دون أن أقرأها ، وقلت :
* ميبل ، كم ناقشتك حول الكتب الثلاثة التي أعطيتني إياها الأسبوع الماضي ، لكني في الحقيقة لم أقرأ لفظاً واحداً منها ، لا بدّ أن بعض الكلمات صدرت مني – أثناء المناقشة – كشفت لك كذبي وزيفي ...
فقالت " ميبل " :
* أبداً .
قلت :
* على سبيل المثال أنا لم أقرأ تلك الرواية أبداً ، كل ما هذيت به عن شخصياتها كان محض اختراع ليس إلاّ .
فقالت :
* لكن ما قلته لم يكن خطئاً كذلك .
قلت :
* لقد قلت عن قصة الرواية أنها ينقصها الحبكة قليلاً ... هل كان صحيحاً أيضاً ؟!.
قالت :
* نعم ، لقد كانت كذلك في بعض المواضع .
وظللت أنا وهي نضحك على افتراءاتي السابقة . وعندما همّت " ميبل " بالرحيل قالت :
* هل آخذ الكتب معي ؟.
قلت :
* امنحي هذا الإنسان التائب فرصةً لإصلاح نفسه ، فأنا لم أقرأ هذه الكتب حتى هذه اللحظة ، لكني مصمم على قراءتها الآن . دعيها هنا فأنتِ قد قرأتِها .
قالت :
* نعم ، لقد قرأتها ، حسن ، سأتركها هنا .
وبعد رحيلها فتحت الكتب لأول مرة ، وفوجئت بأن أوراقها جميعاً لا تزال متلاصقة لم يفتحها أحد ... إن " ميبل " هي الأخرى لم تقرأها حتى الآن ... ولم يعد لديّ شك في أن المرأة والرجل متساويان !!!!!!!.

إبراهيم محمد إبراهيم
22/11/2007, 08:09 AM
" ميبل " و أنا
كانت " ميبل " تدرس في كلية البنات ، ولكن فيما بعد ، كنت أدرس أنا وهي في تخصص واحد في جامعة " كيمبردج " ، ولذا فقد كنا نلتقي كثيراً في المحاضرات ، كما كنا أصدقاء كذلك ، ولنا هوايات كثيرة مشتركة . كانت هي تحب الموسيقى والرسم ، وكنت أنا أدّعي معرفة كل ذلك ، ولذا فقد كنا نجتمع كثيراً في معارض الرسم وحفلات الموسيقى . كنا ندرس الأدب الإنجليزي ، ونتناقش دائماً حول الكتب ، فإذا وجد أحدنا كتاباً جديداً ، أو مؤلِّفاً حديثاً ، كان لا بدّ أن يحيط الآخر به علماً ، ثم نقرأه سوياً ، ثم نصدر حكمنا ضده ، أو لصالحه !!!.
لكن كان هنا – تأكيداً – شيء ما في اتفاقنا وتناغمنا هذا ، فقد نشـأنا في القرن العشرين ، حيث تؤمن المرأة بالمساواة مع الرجل ، لكننا أحياناً كنا نُكذِّب هذا بتصرفاتنا . فقد كانت " ميبل " في بعض الأحيان تعتبر بعض التسهيلات حقاً مكتسباً لها ، ولا يجب أن يحظى بها سوى أحد أفراد الجنس " الضعيف " . وكنت أنا في بعض الأحيان أتخذ سلوكاً ينمّ عن تحكم وسيطرة ، فحواه أن هذا واجبي باعتباري " رجلاً " . وكان هذا الإحساس يؤلمني بشدة ، خاصة وأن قراءات " ميبل " كانت أكثر اتساعاً مني ، مما كان يجرح وقار " رجولتي " . أحياناً كان دمُ آبائي وأجدادي الأسيويين يفور في عروقي ، ويتمرد قلبي على الحضارة الحديثة قائلاً لي : " إن الرجل هو أشرف المخلوقات " ، وعلى الجانب الآخر كانت " ميبل " تبالغ في التعبير عن مساواة المرأة بالرجل ، حتى كان يبدو أنها تعتبر أن المرأة هي مرشدة الكائنات ، وأن الرجل لا يزيد عن كونه " حشرة " من حشرات الأرض .
لكني كنت أتغاضى عن كل هذا عندما تشتري " ميبل " ذات يوم مجموعة من الكتب ، وبعد أسبوع تُلقي بها في حجرتي وهي تقول :
لقد قرأتها كلها . اقرأها أنت أيضاً ، وسوف نتناقش حولها فيما بعد .
فلقد كان من المستحيل عليّ أن أقرأ كل هذه المجموعة في أسبوع واحد ، ولكن على فرض أنني – إنقاذاً لكرامتي – سأحرم نفسي من النوم ، وأقرأها جميعاً ، فقد كان من بينها بعض الكتب الفلسفية والنقدية أحتاج لفهمها إلى فترات طويلة ، ولذا فقد كنت بعد مُضِيّ أسبوع كامل من العمل المضني أضطر إلى الاعتراف بهزيمتي في هذا السباق أمام امرأة ، وكنت أستمع إلى ما تقول بانكماش طالما كانت جالسة في حجرتي ، بينما كانت هي تتحدث بطريقة العلماء ، رافعة حواجبها إلى أعلى من حين إلى آخر ، وعندما كنت أفتح لها الباب ، أو أشعل لها سيجارتها ، أو حتى أتخلى لها عن أكثر الكراسي راحة لديّ لتجلس هي عليه ، كانت هي لا تعتبر هذه الخدمات مراعاة لكونها " أنثى " ، بل تنظر إليها على أنها حق " الأستاذية " .
وبعد أن تغادر " ميبل " حجرتي ، كان ندمي وأسفي يتحول تدريجياً إلى غضب شديد ، فما أسهل التضحية بالنفس أو المال ، ولكن نظراً لطريقتها ، فإن أكثر الناس طيبة وتقوى كان لا بدّ أن يلجأ ذات مرة إلى استعمال الوسائل غير المشروعة معها . ربما تظن أن هذا انحطاط أخلاقي مني ، ولكن هذا هو موقفي على أية حال . وعندما التقيت بـ " ميبل " في المرة التالية ، عمدت إلى إبداء رأيي حتى في تلك الكتب التي لم أقرأها ، ولكن بحذر شديد فيما أقول ... لم أكن أنبث ببنت شفة فيما يتعلق بالتفاصيل ... أنقد بشكل عام ، وأضفي على رأيي نوعاً ما من " الجدية " باحتياط وحرص شديدين .
ذات مرة سألتني " ميبل " عن رأيي في إحدى الروايات ، فأجبتها بغير اكتراث :
* إنها " جيدة " ، لكن ليس إلى هذا " الحد " ، ولم يستطع الكاتب إبـراز " وجهة نظر العصر الحديث " ، ومع ذلك فإن لديه بعض الجوانب " الفريدة " ... ليست سيئة ..... ليست سيئة ......
وجعلت أنظر إلى " ميبل " من طرف عيني ، ولم تنتبه هي مطلقاً إلى اختلاقاتي هذه .... مرة أخرى قلت لها فيما يخص إحدى المسرحيات :
* نعم قرأتها ، لكني لم أستطع إلى الآن أن " أجزم " عما إذا كان ما يحسّه " القارئ للمسرحية يبقى كما هو بعد " مشاهدته " لها على خشبة المسرح أم لا ؟!! . ما رأيك أنت ؟!.
وهكذا كنت أحفظ كرامتي ، وفي نفس الوقت ألقي بالكرة في ملعب " ميبل " . أما فيما يتعلق بكتب النقد فكنت أقول :
* يبدو أن هناك " تأثيراً " لنقاد القرن الثامن عشر على هذا الناقد ، وإن كان " بسيطاً " ، وحديثه عن الشعر " جذاب " .... " جذاب " للغاية ...
وتدريجياً أصبحت ماهراً في هذا الفن ، حتى أنني كنت أندهش كثيراً من مقدرتي على الحديث بانسيابية وتمكُّن عن كتب لم أقراها ... كانت نفسي تستريح لهذا الأمر كثيراً .
والآن لم أعد أخشى " ميبل " ، بل لقد اضطرت هي للاعتراف بعلمي وفضلي ، فإن كانت هي تقرأ عشرة كتب في أسبوع واحد ، فإنني أستطيع أن أبدي رأيي فيها كلها في يومين فقط ... ولم أعد أشعر أمامها بالند وتعذيب الضمير ، وانتاب " رجولتي " شعور ما من الرضا بهذا الانتصار ... والآن عندما أُقدّم لها الكرسي ، أو أشعل لها السيجارة ، يصحب ذلك كله إحساس بالعظمة والتفوق ، كأني شاب قويّ مُحنّك ، يقوم بحماية طفلة صغيرة لا خبرة لها .
وسواء امتدح فعلي هذا المستقيمون من الناس أم استنكروه ، فإنني على الأقل أستحق الثنـاء من جنس " الرجـال " ، ورغم أن اللعنـات ستنزل على رأسي واحـدة تلو الأخرى من " النساء " بسبب تصرفي هذا ، باعتبار أنني أتعامل بدهاء وزيف ، ومن ناحية أخرى لخداعي امرأة من جنسهن ، إلا أني أطمئنهم بأنني حقيقة لمت نفسي أكثر من مرة كلما اختليت بنفسي ، وفي بعض الأحيان كنت أحتقر نفسي بسبب هذا الأمر ، لكن كان من الصعب كذلك أن أنسى أنني كنت أفخر بعلمي دون قراءة أو اطلاع ، فإن " ميبل " كانت – على أية حال – تتفوق عليّ حين تتحدث إليّ بعد قراءة الكتب ، وجهلي ثابت ، إن لم يكن لديها فعلى الأقل لديّ أنا ... لهذا السبب لم يكن قلبي ينعم بالراحة أبداً ، وكنت أبدو لنفسي حقيراً للغاية قياساً بامرأة . في البداية كنت أعتبر " ميبل " سيدة ذات علم فقط ، والآن أصبحت في نظري – قياساً بنفسي – مثالاً للعفة والصدق .
عندما أمرض يصير قلبي أكثر رقة ، فإذا تصادف أن قرأت أثناء مرضي بالحمى رواية ولو هابطة ، فإن الدموع تقفز من عيني في بعض الأحيان ، فإذا استعدت صحتي سخرت من نقطة ضعفي هذه ، لكني لم أكن أشعر بهذا الأمر في ذلك الوقت ، ولسوء حظي فقد أصبت في تلك الأيام بزكام بسيط . لم يكن الأمر خطيراً ، ولا حتى مؤلماً ، إلاّ أن أخطائي السابقة كانت تتجسد أمامي كأنها كبائر الذنوب ... تذكرت " ميبل " ، فأنبني ضميري كثيراً ، وظللت أتململ في فراشي وقتاً طويلاً ، وفي المسـاء حضرت " ميبل " ومعها باقة ورد ، وسألت عن صحتي ، وأعطتني الدواء ، ثم وضعت يدها على جبيني . عندئذ انهمرت دموعي بشدة ... قلت وصوتي تخنقه الدموع :
* أرجوك ، سامحيني يا ميبل .
ثم اعترفت لها بخطئي ، وعقاباً لنفسي شرحت لها تفصيلاً ما قمت به معها من مكر وخداع ، وذكرت لها حتى أسماء الكتب التي كنت ألقي عليها الخطب العلمية الطويلة بشأنها دون أن أقرأها ، وقلت :
* ميبل ، كم ناقشتك حول الكتب الثلاثة التي أعطيتني إياها الأسبوع الماضي ، لكني في الحقيقة لم أقرأ لفظاً واحداً منها ، لا بدّ أن بعض الكلمات صدرت مني – أثناء المناقشة – كشفت لك كذبي وزيفي ...
فقالت " ميبل " :
* أبداً .
قلت :
* على سبيل المثال أنا لم أقرأ تلك الرواية أبداً ، كل ما هذيت به عن شخصياتها كان محض اختراع ليس إلاّ .
فقالت :
* لكن ما قلته لم يكن خطئاً كذلك .
قلت :
* لقد قلت عن قصة الرواية أنها ينقصها الحبكة قليلاً ... هل كان صحيحاً أيضاً ؟!.
قالت :
* نعم ، لقد كانت كذلك في بعض المواضع .
وظللت أنا وهي نضحك على افتراءاتي السابقة . وعندما همّت " ميبل " بالرحيل قالت :
* هل آخذ الكتب معي ؟.
قلت :
* امنحي هذا الإنسان التائب فرصةً لإصلاح نفسه ، فأنا لم أقرأ هذه الكتب حتى هذه اللحظة ، لكني مصمم على قراءتها الآن . دعيها هنا فأنتِ قد قرأتِها .
قالت :
* نعم ، لقد قرأتها ، حسن ، سأتركها هنا .
وبعد رحيلها فتحت الكتب لأول مرة ، وفوجئت بأن أوراقها جميعاً لا تزال متلاصقة لم يفتحها أحد ... إن " ميبل " هي الأخرى لم تقرأها حتى الآن ... ولم يعد لديّ شك في أن المرأة والرجل متساويان !!!!!!!.

نواف البيضاني
05/08/2008, 11:14 AM
صراحة أنا معجب بنشاطك يا دكتور ، وقدد سعدت حينما وجدت هذه الترجمات لخيرة ما كتب من أدب الأردية، و أنا مجرد هاو يحاول تعلمها بنفسه ، و قد وجدت نص المقال بالأردية فآليت على نفسي إلا ان انقله لكي يستفيد منه الإخوان ، فأستميحكم العذر في ذلك:

میبل اور میں




میبل لڑکیوں کے کالج میں تھی، لیکن ہم دونوں کیمبرج یونیورسٹی میں ایک ہی مضمون پڑھتے تھے۔ اس ليے اکثر لیکچروں میں ملاقات ہوجاتی تھی۔ اس کےعلاوہ ہم دوست بھی تھے۔ کئی دلچسپیوں میں ایک دوسرے کے شریک ہوتے تھے۔ تصویروں اور موسیقی کا شوق اسے بھی تھا، میں بھی ہمہ دانی کا دعویدار اکثر گیلریوں یا کانسرٹوں میں اکھٹے جایا کرتے تھے۔ دونوں انگریزی ادب کے طالب علم تھے۔ کتابوں کے متعلق باہم بحث ومباحثے رہتے۔ ہم میں سے اگر کوئی نئی کتاب یا نیا "مصنف" دریافت کرتا تو دوسرے کو ضرور اس سے آگاہ کردیتا۔ اور پھر دونوں مل کر اس پر اچھے برے کا حکم صادر کرتے۔
لیکن اس تمام یک جہتی اور ہم آہنگی میں ایک خلش ضرور تھی۔ ہم دونوں نے بیسوی صدی میں پرورش پائی تھی۔ عورت اور مرد کی مساوات کے قائل تو ضرور تھے تاہم اپنے خیالات میں اور بعض اوقات اپنے رویئے میں ہم کبھی نہ کبھی اس کی تکذیب ضرور کردیتے تھے۔ بعض حالات کے ماتحت میبل ایسی رعایات کو اپنا حق سمجھتی جو صرف صنف ضعیف ہی کے ایک فرد کو ملنی چاہئیں اور بعض اوقات میں تحکم اور رہنمائی کا رویہ اختیار کرلیتا۔ جس کا مطلب یہ تھا کہ گویا ایک مرد ہونے کی حیثیت سے میرا فرض یہی ہے۔ خصوصاً مجھے یہ احساس بہت زیادہ تکلیف دیتا تھا کہ میبل کا مطالعہ مجھ سے بہت وسیع ہے۔ اس سے میرے مردانہ وقار کو صدمہ پہنچتا تھا۔ کبھی کبھی میرے جسم کے اندر میرے ایشیائی آباؤاجداد کا خون جوش مارتا اور میرا دل جدید تہذیب سے باغی ہو کر مجھ سے کہتا کہ مرد اشرف المخلوقات ہے۔ اس طرح میبل عورت مرد کی مساوات کا اظہار مبالغہ کے ساتھ کرتی تھی۔ یہاں تک کہ بعض اوقات ایسا معلوم ہوتا کہ وہ عورتوں کو کائنات کی رہبر اور مردوں کو حشرات الارض سمجھتی ہے۔
لیکن اس بات کو میں کیونکر نظرانداز کرتا کہ میبل ایک دن دس بارہ کتابیں خریدتی، اور ہفتہ بھر کے بعد انہیں میرے کمرے میں پھینک کر چلی جاتی اور ساتھ ہی کہہ جاتی کہ میں انہیں پڑھ چکی ہوں۔ تم بھی پڑھ چکو گے تو ان کے متعلق باتیں کریں گے۔
اول تو میرے ليے ایک ہفتہ میں دس بارہ کتابیں ختم کرنا محال تھا، لیکن فرض کیجیئے مردوں کی لاج رکھنے کے ليے راتوں کی نیند حرام کرکے ان سب کو پڑھ ڈالنا ممکن بھی ہوتا تو بھی ان میں دو یا تین کتابیں فلسفے یا تنقید کی ضروری ایسی ہوتیں کہ ان کو سمجھنے کے ليے مجھے کافی عرصہ درکار ہوتا۔ چنانچہ ہفتے بھر کی جانفشانی کے بعد ایک عورت کے سامنے اس بات کا اعتراف کرنا پڑتا کہ میں اس دوڑ میں پیچھے رہ گیا ہوں۔ جب تک وہ میرے کمرے میں بیٹھی رہتی، میں کچھ کھسیانا سا ہو کر اس کی باتیں سنتا رہتا، اور وہ نہایت عالمانہ انداز میں بھویں اوپر کو چڑھا چڑھا کر باتیں کرتی۔ جب میں اس کے ليے دروازہ کھولتا یا اس کے سگریٹ کے ليے دیا سلائی جلاتا یا اپنی سب سے زیادہ آرام دہ کرسی اس کے ليے خالی کردیتا تو وہ میری خدمات کو حق نسوانیت نہیں بلکہ حق استادی سمجھ کر قبول کرتی۔
میبل کے چلے جانے کے بعد ندامت بتدریج غصے میں تبدیل ہوجاتی۔ جان یا مال ایثار سہل ہے، لیکن آن کی خاطر نیک سے نیک انسان بھی ایک نہ ایک دفعہ تو ضرور ناجائز ذرائع کے استعمال پر اتر آتا ہے۔ اسے میری اخلاقی پستی سمجھئے۔ لیکن یہی حالت میری بھی ہو گئی۔ اگلی دفعہ جب میبل سے ملاقات ہوئی تو جو کتابیں میں نےنہیں پڑھی تھیں، ان پر بھی میں نے رائے زنی شروع کردی۔ لیکن جو کچھ کہتا سنبھل سنبھل کر کہتا تھا تفصیلات کے متعلق کوئی بات منہ سے نہ نکالتا تھا، سرسری طور پر تنقید کرتا تھا اور بڑی ہوشیاری اور دانائی کے ساتھ اپنی رائے کو جدت کا رنگ دیتا تھا۔
کسی ناول کے متعلق میبل نے مجھ سے پوچھا تو جواب میں نہایت لاابالیانہ کہا:
"ہاں اچھی ہے، لیکن ایسی بھی نہیں۔ مصنف سے دور جدید کا نقطہ نظر کچھ نبھ نہ سکا، لیکن پھر بھی بعض نکتے نرالے ہیں، بری نہیں، بری نہیں۔"
کنکھیوں سے میبل کی طرف دیکھتا گیا لیکن اسے میری ریاکاری بالکل معلوم نہ ہونے پائی۔ ڈرامے کے متعلق کہا کرتا تھا:
"ہاں پڑھا تو ہے لیکن ابھی تک میں یہ فیصلہ نہیں کرسکا کہ جو کچھ پڑھنے والے کو محسوس ہوتا ہے وہ اسٹیج پر جا کر بھی باقی رہے گا یا نہیں؟ تمہارا کیا خیال ہے؟"
اور اس طرح سے اپنی آن بھی قائم رہتی اور گفتگو کا بار بھی میبل کے کندھوں پر ڈال دیتا۔
تنقید کی کتابوں کے بارے میں فرماتا:
"اس نقاد پر اٹھارہویں صدی کے نقادوں کا کچھ کچھ اثر معلوم ہوتا ہے۔ لیکن یوں ہی نامعلوم سا کہیں کہیں۔ بالکل ہلکا سا اور شاعری کے متعلق اس کا رویہ دلچسپ ہے، بہت دلچسپ، بہت دلچسپ۔"
رفتہ رفتہ مجھے اس فن پر کمال حاصل ہوگیا۔ جس روانی اور نفاست کے ساتھ میں ناخواندہ کتابوں پر گفتگو کرسکتا تھا اور اس پر میں خود حیران رہ جاتا تھا، اس سے جذبات کو ایک آسودگی نصیب ہوئی۔
اب میں میبل سے نہ دبتا تھا، اسے بھی میرے علم وفضل کا متعارف ہونا پڑا۔ وہ اگر ہفتہ میں دس کتابیں پڑھتی تھی، تو میں صرف دو دن کے بعد ان سب کتابوں کی رائے زنی کرسکتا تھا۔ اب اس کے سامنے ندامت کا کوئی موقع نہ تھا۔ میری مردانہ روح میں اس احسان فتح مندی سے بالیدگی سی آگئی تھی۔ اب میں اس کے ليے کرسی خالی کرتا یا دیا سلائی جلاتا تو عظمت وبرتری کے احساس کے ساتھ جیسے ایک تجربہ کار تنومند نوجوان ایک نادان کمزور بچی کی حفاظت کر رہا ہو۔
صراط مستقیم پر چلنے والے انسان میرے اس فریب کو نہ سراہیں تو نہ سراہیں، لیکن میں کم از کم مردوں کے طبقے سے اس کی داد ضرور چاہتا ہوں۔ خواتین میری اس حرکت کے ليے مجھ پر دہری دہری لعنتیں بھیجیں گی کہ ایک تو میں نے مکاری اور جھوٹ سے کام لیا اور دوسرے ایک عورت کو دھوکہ دیا۔ ان کی تسلی کے ليے میں یہ کہنا چاہتا ہوں کہ آپ یقین مانئے کئی دفعہ تنہائی میں، میں نے اپنے آپ کو برا بھلا کہا۔ بعض اوقات اپنے آپ سے نفرت ہونے لگتی۔ ساتھ ہی اس بات کا بھلانا بھی مشکل ہوگیا کہ میں بغیر پڑھے ہی علمیت جتاتا رہتا ہوں، میبل تو یہ سب کتابیں پڑھ چکنے کے بعد گفتگو کرتی ہے تو بہرحال اس کو مجھ پر تفوق تو ضرور حاصل ہے، میں اپنی کم علمی ظاہر نہیں ہونے دیتا۔ لیکن حقیقت تو یہی نا کہ میں وہ کتابیں نہیں پڑھتا، میری جہالت اس کے نزدیک نہ سہی، میرے اپنے نزدیک تو مسلَم ہے۔ اس خیال سے اطمینان قلب پھر مفقود ہوجاتا اور اپنا آپ ایک عورت کے مقابلے میں پھر حقیر نظر آنے لگتا۔ پہلے تو میبل کو صرف ذی علم سمجھتا تھا۔ اب وہ اپنے مقابلے میں پاکیزگی اور راست بازی کی دیوی بھی معلوم ہونے لگی۔
علالت کے دوران میرا دل زیادہ نرم ہوجاتا ہے۔ بخار کی حالت میں کوئی بازاری سال ناول پڑھتے وقت بھی بعض اوقات میری آنکھوں سےآنسو جاری ہوجاتے ہیں۔ صحت یاب ہو کر مجھے اپنی اس کمزوری پر ہنسی آتی ہے لیکن اُس وقت اپنی کمزوری کا احساس نہیں ہوتا۔ میری بدقسمتی کہ ان ہی دنوں مجھے خفیف سا انفلوئنزا ہوا، مہلک نہ تھا، بہت تکلیف دہ بھی نہ تھا، تاہم گزشتہ زندگی کے تمام چھوٹے چھوٹے گناہ کبیرہ بن کر نظر آنے لگے۔ میبل کا خیال آیا تو ضمیر نے سخت ملامت کی، اور میں بہت دیر تک بستر پر پیچ وتاب کھاتا رہا۔ شام کے وقت میبل کچھ پھول لے کر آئی۔ خیریت پوچھی، دوا پلائی، ماتھے پر ہاتھ رکھا، میرے آنسو ٹپ ٹپ گرنے لگے۔ میں نے کہا، (میری آواز بھرائی ہوئی تھی) "میبل مجھے خدا کے ليے معاف کر دو۔" اس کے بعد میں نے اپنے گناہ کا اعتراف کیا اور اپنے آپ کو سزا دینے کے ليے میں نے اپنی مکاری کی ہر ایک تفصیل بیان کردی۔ ہر اس کتاب کا نام لیا، جس پر میں نے بغیر پڑھے لمبی لمبی فاضلانہ تقریریں کی تھیں۔ میں نے کہا "میبل، پچھلے ہفتے جو تین کتابیں تم مجھے دے گئی تھیں، ان کے متعلق میں تم سے کتنی بحث کرتا رہا ہوں۔ لیکن میں نے ان کا ایک لفظ بھی نہیں پڑھا، میں نے کوئی نہ کوئی بات ایسی ضرور کہی ہوگی، جس سے میرا پول تم پر کھل گیا ہوگا۔"
کہنے لگی۔ "نہیں تو"۔
میں نے کہا۔ "مثلاً ناول تو میں نے پڑھا ہی نہ تھا، کریکٹروں کے متعلق جو کچھ بک رہا تھا وہ سب من گھڑت تھا۔"
کہنے لگی۔ "کچھ ایسا غلط بھی نہ تھا۔"
میں نے کہا۔ "پلاٹ کے متعلق میں نے یہ خیال ظاہر کیا تھا کہ ذرا ڈھیلا ہے۔ یہ بھی ٹھیک تھا؟"
کہنے لگی۔ "ہاں، پلاٹ کہیں کہیں ڈھیلا ضرور ہے۔"
اس کے بعد میری گزشتہ فریب کاری پر وہ اور میں دونوں ہنستے رہے۔ میبل رخصت ہونے لگی تو بولی۔ "تو وہ کتابیں میں لیتی جاؤں؟"
میں نے کہا۔ "ایک تائب انسان کو اپنی اصلاح کا موقع تو دو، میں نے ان کتابوں کو اب تک نہیں پڑھا لیکن اب انہیں پڑھنے کا ارادہ رکھتا ہوں۔ انہیں یہیں رہنے دو۔ تم تو انہیں پڑھ چکی ہو۔"
کہنے لگی۔ "ہاں میں تو پڑھ چکی ہوں۔ اچھا میں یہیں چھوڑ جاتی ہوں۔"
اس کے چلے جانے کے بعد میں ان کتابوں کو پہلی دفعہ کھولا، تینوں میں سے کسی کے ورق تک نہ کٹے تھے۔ میبل نے بھی انہیں ابھی تک نہ پڑھا تھا!
مجھے مرد اور عورت دونوں کی برابری میں کوئی شک باقی نہ رہا۔

* * *

إبراهيم محمد إبراهيم
27/08/2008, 06:25 AM
أخي العزيز نواف البيضاني .
جزاكم الله خيراً على رفعكم لمعنوياتي بهذه الجملة البسيطة ، أحييكم .