المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لن تموت وحيدا



حسام الدين نوالي
16/11/2006, 12:21 AM
لن تموت وحيدا
"لا يصح للمرء الادعاء بشرف وضمير
بأن الموت نقيض الحياة"
راينر ماريا ريلكه



فرش ورقة الجريدة على الأرض، وضع الكيس البلاستيكي قبالته وجلس. أسند ظهره لشجرة الخروب. التفت خلفه. ثمّ عاد يحدق في البنايات المكدسة عبر شريط أفقي طويل..
لشجرة الخروب على التلة الصخرية سحر خاص، ربما لوحدتها الغامضة وسط هذا الفراغ الموحش جوار المقبرة، أو ربما لشكل أغصانها الممتدة مثل يد عجوز جافّة بمئات الأصابع، يبدو فيها الجذع كساعد هرم تهدّل جلده، وبرزت عروقه خطوطا موحشة...
كسرت الصمتَ حوله كوكبة تحمل تابوتا أبيض اللون تتجه لناحية المقبرة.
ـ لا إله إلا الله
ـ محمد رسول الله...
"لا بد أن الفقيد من أقصى الهامش ـ فكّرـ ،عاش محروما وحيدا؛ فالمشيعون بالكاد يتجاوزون الثمانية."
وضع الكيس البلاستيكي على ورقة الجريدة، ووضع عليهما حجرة صغيرة، واتجه عبر منحدر التلة نحو المقبرة؛ بدت عليه ملامح حزن وأسى، كأنما يعرف المتوفى جيدا.
صلى مع الجماعة على الجسد الميت، واروه التراب، ثم رجع إلى شجرة الخروب، وجلس يتأمّل البنايات المكدّسة...
أخرج من الكيس البلاستيكي حبلا أصفر. ربط طرفه حول غصن مرتفع. شكّل عند طرفه المتدلي دائرة المشنقة. تنهد مريحا رئتيه. التفت ناحية المقبرة، كان المشيعون قد ابتعدوا. زمّ شفتيه. وضع يده على جذع الخروبة. نظر حوله.. ثم ابتعد عبر المنحدر واختفى في البنايات المكدّسة...

الشربيني المهندس
17/11/2006, 12:51 AM
قالوا أن أحد مفاتيح الإبداع في أي موضوع هو النظرة التي ينظر بها للموضوع، والتي عادة ما تكون مختلفة عن الآخرين بمقدار ما زاد عنهم في الذوبان بها بانتمائه، مما تجعله يستنبط أشياء لم يستطع الآخرين رؤيتها وتعبيره عنها بطريقة يكون مبدعا بها في نظر الآخرين
وتتساقط الطوابع البريدية كرسائل قصيرة للراوي مع كل فقرة
وتأتي شجرة الخروب بسحرها الخاص كفقرة عمودية ، ربما لوحدتها الغامضة وسط هذا الفراغ الموحش جوار المقبرة، لنفكر في مغزي الفقرات من الوحدة الي المقبرة أو ربما لشكل أغصانها الممتدة مثل يد عجوز جافّة بمئات الأصابع، يبدو فيها الجذع كساعد هرم تهدّل جلده، وبرزت عروقه خطوطا موحشة كفقرة رمزية خاصة ونتابع من خلالها عروق القصـة
وجريدة نصبح مع امام خبر .. وكيس بلاستيكي تري من خلاله ما تحمله
وطريق افقي ممتد لبيوت سكنها البطل في طريق الي هنا
وهنا برزخ القصة بين البيوت والمقبرة
وحدث يكسر الصمت
وعودة الي الكيس ومحتوياته كفقرة دالة متجددة
ويتدلي حبل المشنقة بعد ان وضع يده علي الجذع ونظر وراءه لعدد من اشباح المشيعين ثم غاب وهو يتمتم
لن تموت وحيدا حتي ولو كنت مبدعا

حسام الدين نوالي
17/11/2006, 04:01 PM
الأستاذ الشربيني
أبدأ من حيث انتهيتَ: لن تموت وحيدا حتى لو كنت مبدعا.. وموت الكاتب الذي جاءنا به "بارث" لم يكن غير رحلة جوار المقبرة،.. الشجرة ذات السحر الخاص والغريبة تشبه كثيرا نصوص المبدعين في وطن نصف أهله لا يقرأ.. الشجرة والحبل معا لا يشنقان، ولا يقتلان.. والرجل بعد أن جاور المقبرة ودائرة المشنقة عاد ودخل واختفى في البنايات المكدسة.. هناك بين الناس.. لأنه في النهاية منهم.
ويا "شربيني" أعانقك

زاهية بنت البحر
18/11/2006, 12:29 AM
هنا أتعلم من الكبار يالسعادتي لن أبقى بوحدة رغمها
بوركت أخي الكريم حسام الدين نوالي
أختك
بنت البحر

حسام الدين نوالي
18/11/2006, 11:25 PM
العزيزة زاهية..
ليس في مرآة الابداع حدب يضخّم أو قعر يصغّر صورة الرائي، ولكن "عين الرضا عن كل عيب كليلة "كما قال الشاعر العربي..
أشكرك
ودمت زاهية..

حسام الدين نوالي
23/03/2008, 02:43 AM
الفاضلة زاهية..
هو فضاء للتفاعل والتلقي والعطاء والتعلم.. لا كبير فيه ولا صغير..
مع مودتي

حسام الدين نوالي
23/03/2008, 02:43 AM
الفاضلة زاهية..
هو فضاء للتفاعل والتلقي والعطاء والتعلم.. لا كبير فيه ولا صغير..
مع مودتي

غفران طحّان
23/03/2008, 03:13 AM
لكلّ كلمة قصّة
تتوالى الكلمات والقصص لتصنع نصّاً في غاية الروعة
أخي الراقي دوماً حسام
نص عميق الدلالة
وأمام حرفك ربّما سأخذني جمال الصمت
دمت متألقاً...
احترامي وتقديري

غفران طحّان
23/03/2008, 03:13 AM
لكلّ كلمة قصّة
تتوالى الكلمات والقصص لتصنع نصّاً في غاية الروعة
أخي الراقي دوماً حسام
نص عميق الدلالة
وأمام حرفك ربّما سأخذني جمال الصمت
دمت متألقاً...
احترامي وتقديري

نزار ب. الزين
23/03/2008, 08:29 AM
في اللحظة الأخيرة يتراجع و يعود ليندمج مع الحياة بحلوها و مرها
أخي المبدع حسام الدين نوالي
نص مشوق أهنئك عليه راجيا لك مزيدا من التألق
نزار

نزار ب. الزين
23/03/2008, 08:29 AM
في اللحظة الأخيرة يتراجع و يعود ليندمج مع الحياة بحلوها و مرها
أخي المبدع حسام الدين نوالي
نص مشوق أهنئك عليه راجيا لك مزيدا من التألق
نزار

فايزة شرف الدين
24/03/2008, 02:44 AM
الحبل والشجرة كما فهمت بعد تفكير ، هو موت وهمي أو مفترض .. فالبطل رغم أنه من نسيج هذا المشهد وعاد إليه ، إلا أنه يشعر بالاغتراب والوحدة .. إنه كحال هذا الميت .. تسللت روحه إلى بارئها ، في نفس الوقت مات وحيدا .. بطلناهنا تمثل الموت .. لأنه الموت الحقيقي هو موات الروح وهي لم تفارق الجسد بعد .. ربما الفكرة هنا لها أكثر من بعد .. وهذا يثير الفكر والتأمل .
تحياتي
http://www.10neen.com/up/uploads/cc02bfc7cd.jpg (http://www.10neen.com/up/)

فايزة شرف الدين
24/03/2008, 02:44 AM
الحبل والشجرة كما فهمت بعد تفكير ، هو موت وهمي أو مفترض .. فالبطل رغم أنه من نسيج هذا المشهد وعاد إليه ، إلا أنه يشعر بالاغتراب والوحدة .. إنه كحال هذا الميت .. تسللت روحه إلى بارئها ، في نفس الوقت مات وحيدا .. بطلناهنا تمثل الموت .. لأنه الموت الحقيقي هو موات الروح وهي لم تفارق الجسد بعد .. ربما الفكرة هنا لها أكثر من بعد .. وهذا يثير الفكر والتأمل .
تحياتي
http://www.10neen.com/up/uploads/cc02bfc7cd.jpg (http://www.10neen.com/up/)

حنين حمودة
25/03/2008, 10:22 PM
أستاذي نوالي،
دائما تفرض علي المزيد من التفكير، والاستمتاع دون أدنى شك.
ليس الموت نقيض الحياة، وهل حين نصب المشنقة مات في الحياة؟
هل مضى مخلفا روحه عند الخروبة؟ أم أنه نفض ثقلا كان على كتفيه ومضى بخفة نحو الحياة؟
كما دائما.. تترك الأسئلة وتمضي.
تقديري

حنين حمودة
25/03/2008, 10:22 PM
أستاذي نوالي،
دائما تفرض علي المزيد من التفكير، والاستمتاع دون أدنى شك.
ليس الموت نقيض الحياة، وهل حين نصب المشنقة مات في الحياة؟
هل مضى مخلفا روحه عند الخروبة؟ أم أنه نفض ثقلا كان على كتفيه ومضى بخفة نحو الحياة؟
كما دائما.. تترك الأسئلة وتمضي.
تقديري

بديعة بنمراح
26/03/2008, 01:33 AM
الأخ المبدع حسام
نص عميق الدلالات، غني بالرقي الفكري الرائع
.دام لك التألق و العطاء.
ودي و تقديري

بديعة بنمراح
26/03/2008, 01:33 AM
الأخ المبدع حسام
نص عميق الدلالات، غني بالرقي الفكري الرائع
.دام لك التألق و العطاء.
ودي و تقديري

حسام الدين نوالي
22/10/2008, 02:47 PM
لكلّ كلمة قصّة
تتوالى الكلمات والقصص لتصنع نصّاً في غاية الروعة
أخي الراقي دوماً حسام
نص عميق الدلالة
وأمام حرفك ربّما سأخذني جمال الصمت
دمت متألقاً...
احترامي وتقديري

الفاضلة غفران
يسعدني تعليقك..
ورأيك حول النص تاج أضعه على رأسي..
لك كل المودة..
مع احترامي

حسام الدين نوالي
22/10/2008, 02:48 PM
في اللحظة الأخيرة يتراجع و يعود ليندمج مع الحياة بحلوها و مرها
أخي المبدع حسام الدين نوالي
نص مشوق أهنئك عليه راجيا لك مزيدا من التألق
نزار

الفاضل نزار..
أشكر تواصلك مع النص
وأملي أن أوفق..
لك مودتي

حسام الدين نوالي
22/10/2008, 02:53 PM
الحبل والشجرة كما فهمت بعد تفكير ، هو موت وهمي أو مفترض .. فالبطل رغم أنه من نسيج هذا المشهد وعاد إليه ، إلا أنه يشعر بالاغتراب والوحدة .. إنه كحال هذا الميت .. تسللت روحه إلى بارئها ، في نفس الوقت مات وحيدا .. بطلناهنا تمثل الموت .. لأنه الموت الحقيقي هو موات الروح وهي لم تفارق الجسد بعد .. ربما الفكرة هنا لها أكثر من بعد .. وهذا يثير الفكر والتأمل .
تحياتي
http://www.arabswata.org/forums/imgcache/595.imgcache.jpg (http://www.10neen.com/up/)

الفاضلة فايزة شرف الدين
قراءتك وتأويلاتك وافتراضاتك تنم عن تواصل جيد مع النص..
أشكر توقفك للقراءة..
مع مودتي

حسام الدين نوالي
22/10/2008, 02:55 PM
أستاذي نوالي،
دائما تفرض علي المزيد من التفكير، والاستمتاع دون أدنى شك.
ليس الموت نقيض الحياة، وهل حين نصب المشنقة مات في الحياة؟
هل مضى مخلفا روحه عند الخروبة؟ أم أنه نفض ثقلا كان على كتفيه ومضى بخفة نحو الحياة؟
كما دائما.. تترك الأسئلة وتمضي.
تقديري

العزيزة حنين..
حين يثر أحد نصوصي أسئلة ما، أقول:
ها شيء تحقق.
أشكر تواصلك الجميل

حسام الدين نوالي
22/10/2008, 02:56 PM
الأخ المبدع حسام
نص عميق الدلالات، غني بالرقي الفكري الرائع
.دام لك التألق و العطاء.
ودي و تقديري

الفاضلة المبدعة بديعة..
شهادتك أعتز بها كثيرا..
مودتي