المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الحمل الكاذب



حسين نوح مشامع
01/12/2007, 12:47 PM
الحمل الكاذب
في البدء لم يكن الوضع يؤلمه، أو يؤثر على وضعه النفسي. بل كان يتعاطى معه بكل بساطة وسهولة ورحابة صدر. كان يغض الطرف عن كلام من حوله وتعليقاتهم، ويعتبرها مجرد مزحة عابرة، أو عثرة غير مقصودة. وإذا تعدى الطرف الأخر حدوده، وخرج عن أصول الأدب واللباقة، أجابه بما يناسب المقام، ليوقفه عن الاسترسال في غيه، دون الوصول بعلاقتهما إلى القطيعة.

ولكن مع ارتفاع طموحاته، وتطلعاته إلى المناصب العليا، تغير وضعه وتغيرت نظرته للأمور. فتلك البطيخة التي يحملها أمامه، لا تليق بمنصب مدير عام! وتلك الحبحبة – بطيخ أو جح أحمر - التي تمنعه من النظر إلى قدميه، ليست خليقة بلقب مدير تنفيذي! وليس من اللائق أن يدع صغار الموظفين يستهزئون به، ويأخذون شكله الخارجي ذريعة للتشهير به والضحك عليه؟! فإنهم إذا لم يضحكوا أمامه لخوفهم منه ومن منصبه، فهم سوف يقومون بذلك حتماً في غيابه!

قرر القيام بما ينبغي عليه القيام به منذ زمن طويل، قرر التخلص نهائياً من ذلك النتوء الذي اصبح يؤرقه ليلاً نهاراً! ذلك النتوء الذي يظهره كامرأة حامل، مضى عليها أكثر من تسعة أشهر دون أن تضع أحمالها! وليتبين لها بعد انقضاء المدة، وذهابها مجبرة لاستشارة الطبيب، أن الحمل كان كاذباً! فيحصل لها مالا يحمد عقباه..........

قرر التخلص منها نهائياً وبأقصر الطرق وأسرعها، فليس لديه وقت ليضيعه، فهو في حاجة إلى كل لحظه في حياته القادمة للوصول إلى مراده وأهدافه. فاتبع حمية خاصة، ووصفة معينة. من تلك الوصفات المطروحة على متن الفضائيات، أو على رفوف بعض الصيدليات أو محلات بيع الأعشاب الشعبية. تلك الوصفات التي تؤخذ دون استشارة طبيب مختص، ودون معرفة تامة مسبقة بكيفية استعمالها! ودون إلمام بمخاطرها، وتأثيراتها الجانبية!

أخذ بتطبيق تلك الوصفة وتلك الحمية بحذافيرها، دون أن يحذف أي خطوة، أو ينسى أي عنصر من عناصرها. كانت وجبة فطوره - وغداءه - وعشاءه، معلقة من عسل وأخرى من عصير الليمون. ومع استمراره في تناولها على ذلك المنوال، وفي خلال شهر ونصف استطاع أن يتخلص من خمسة عشر كيلو جراماً من الشحم واللحم. فارتاح نفسياً لهذه النتيجة، ولوصوله إلى تلك الغاية. وأخذ يتباه على من حوله، بالنتيجة التي وصل إليها. يوصفها لهم، وينصحهم باستعمالها، ليحذوا حذوه. ولكن كل من حوله تفاجأ بمنظره ومظهره الجديد، ولم يجرأ أي منهم على قول أي كلمة فيها إطراء أو عتاب!

وتفاجأ هو بوجوده ذات يوم على السرير الأبيض، وبقربه أهله وأصدقاءه، بادياً على محياهم الخوف والوجل. وعندما رأوه يفتح عينيه ببطيء، استبشروا خيراً، وأخذوا يهنئونه على سلامته وعلى تعديه مرحلة الخطر! أخذ يسألهم عن سبب وجودهم حوله، وعن الداعي من وجوده في المستشفى؟! قالوا له وهم يحاولون عدم إبداء أي انزعاج، قد يؤثر على وضعه الصحي وقد ينتهي بانتكاسة: لقد نقلت إلى هنا بعد فقدك وعيك، على أثر ارتفاع مفاجأ وحاد في نسبة السكر لديك!
بقلم: حسين نوح مشامع – محافظة القطيف - السعودية

حسين نوح مشامع
01/12/2007, 12:47 PM
الحمل الكاذب
في البدء لم يكن الوضع يؤلمه، أو يؤثر على وضعه النفسي. بل كان يتعاطى معه بكل بساطة وسهولة ورحابة صدر. كان يغض الطرف عن كلام من حوله وتعليقاتهم، ويعتبرها مجرد مزحة عابرة، أو عثرة غير مقصودة. وإذا تعدى الطرف الأخر حدوده، وخرج عن أصول الأدب واللباقة، أجابه بما يناسب المقام، ليوقفه عن الاسترسال في غيه، دون الوصول بعلاقتهما إلى القطيعة.

ولكن مع ارتفاع طموحاته، وتطلعاته إلى المناصب العليا، تغير وضعه وتغيرت نظرته للأمور. فتلك البطيخة التي يحملها أمامه، لا تليق بمنصب مدير عام! وتلك الحبحبة – بطيخ أو جح أحمر - التي تمنعه من النظر إلى قدميه، ليست خليقة بلقب مدير تنفيذي! وليس من اللائق أن يدع صغار الموظفين يستهزئون به، ويأخذون شكله الخارجي ذريعة للتشهير به والضحك عليه؟! فإنهم إذا لم يضحكوا أمامه لخوفهم منه ومن منصبه، فهم سوف يقومون بذلك حتماً في غيابه!

قرر القيام بما ينبغي عليه القيام به منذ زمن طويل، قرر التخلص نهائياً من ذلك النتوء الذي اصبح يؤرقه ليلاً نهاراً! ذلك النتوء الذي يظهره كامرأة حامل، مضى عليها أكثر من تسعة أشهر دون أن تضع أحمالها! وليتبين لها بعد انقضاء المدة، وذهابها مجبرة لاستشارة الطبيب، أن الحمل كان كاذباً! فيحصل لها مالا يحمد عقباه..........

قرر التخلص منها نهائياً وبأقصر الطرق وأسرعها، فليس لديه وقت ليضيعه، فهو في حاجة إلى كل لحظه في حياته القادمة للوصول إلى مراده وأهدافه. فاتبع حمية خاصة، ووصفة معينة. من تلك الوصفات المطروحة على متن الفضائيات، أو على رفوف بعض الصيدليات أو محلات بيع الأعشاب الشعبية. تلك الوصفات التي تؤخذ دون استشارة طبيب مختص، ودون معرفة تامة مسبقة بكيفية استعمالها! ودون إلمام بمخاطرها، وتأثيراتها الجانبية!

أخذ بتطبيق تلك الوصفة وتلك الحمية بحذافيرها، دون أن يحذف أي خطوة، أو ينسى أي عنصر من عناصرها. كانت وجبة فطوره - وغداءه - وعشاءه، معلقة من عسل وأخرى من عصير الليمون. ومع استمراره في تناولها على ذلك المنوال، وفي خلال شهر ونصف استطاع أن يتخلص من خمسة عشر كيلو جراماً من الشحم واللحم. فارتاح نفسياً لهذه النتيجة، ولوصوله إلى تلك الغاية. وأخذ يتباه على من حوله، بالنتيجة التي وصل إليها. يوصفها لهم، وينصحهم باستعمالها، ليحذوا حذوه. ولكن كل من حوله تفاجأ بمنظره ومظهره الجديد، ولم يجرأ أي منهم على قول أي كلمة فيها إطراء أو عتاب!

وتفاجأ هو بوجوده ذات يوم على السرير الأبيض، وبقربه أهله وأصدقاءه، بادياً على محياهم الخوف والوجل. وعندما رأوه يفتح عينيه ببطيء، استبشروا خيراً، وأخذوا يهنئونه على سلامته وعلى تعديه مرحلة الخطر! أخذ يسألهم عن سبب وجودهم حوله، وعن الداعي من وجوده في المستشفى؟! قالوا له وهم يحاولون عدم إبداء أي انزعاج، قد يؤثر على وضعه الصحي وقد ينتهي بانتكاسة: لقد نقلت إلى هنا بعد فقدك وعيك، على أثر ارتفاع مفاجأ وحاد في نسبة السكر لديك!
بقلم: حسين نوح مشامع – محافظة القطيف - السعودية