المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سر السراب



أسماء حسن محمد
02/12/2007, 05:35 PM
سر السراب

في تلك الرمضاء كان يدور في الطرقات وكأن لا أهل له ..يتفرع حول الدروب الضيقة لمنازل مثيرة للضجر..يجر خطواته عبر رمال قاحلة أخذت نصيبها من حرارة الشمس بسخاء منقطع النظير... لم يعبأ أحد حقا لماذا كان السراب يركض في تلك الرميضاء وكأنه كلب ضال انقطع عن اللحاق بأهله وذويه... لماذا كان يبتعد كلما اقترب منه أحد... ما حكايته؟ وما سره؟!

بادرت بالسؤال عنه مرة فجوبهت بشراسة غير معهودة من والدي الذي أمرني بعدم الاقتراب منه..الا أن الفضول كان قد تمكن مني فقررت السعي وراءه وتتبع خطواته لعلي أكشف سره....

أثناء تتبع خطواته مررت بطريق طويلة مظلمة وكأن كل شئ قد تلاشى بطريقة مبهمة ومربكة للعقول.. وبعد دقائق معدودة بدأت تتكشف هذه الظلمة ورأيته يجلس تحت ظل شجرة عجفاء لا روح لها... اقتربت منه ولكنه سرعان ما اختفى وتبدد سريعا.......

كاد قلبي يقع بين قدمي وأنا أراه يتبدد أمامي كما يتبدد الدخان في الهواء... لم تصدق عيناي ما رأت.. ولم اعد قادرا على الكلام. لم أدر أين ذهب.. او لماذا اختفى حين رآني...

غادرت ساهما.. ولم أجرؤ على البوح بهذه الحقيقة الوهم لأحد ...

بعد أن حدث ما حدث لم تعد معرفة سر السراب ممكنة ولا بأي حال من الأحوال..ليس بهذه الطريقة على أية حال ...

وفي اليوم التالي حاولت جاهدا أن أتخلى عن فكرة معرفة سر السراب الا أن محاولاتي باءت بالفشل.. وهكذا احتل السراب كل عقلي..حتى صرت أرابط على الطريق مترصدا كل خطواته التي تفوح منها رائحة الغموض....

ثم حدثت المعجزة..

تمكنت من اللحاق به ولم يهرب مني هذه المرة بل خصني بابتسامة بعثرتني كما تتبعثر الأوراق عن أغصانها...ثم أشار الي بنظرة حنون تحثني على التقدم منه... وما ان فعلت حتى شعرت بزلزال مفاجئ صاحبته أكوام من السواد...كانت حفرة عميقة وكنت أجبن من أن أتحرك....وهكذا تركني في الظلام ككلب يحتضر وانطلق يركض في الرمضاء كعادته معلنا قدرته على لي الأعناق...

إيمان عبد العظيم
12/01/2008, 10:43 AM
الأخت أسماء

السلام عليكم و رحمة الله

وصف دقيق لحقيقة السراب ، فلسفي مختزل ، يبوح بالقليل عن الوهم المتنقل

بين الصحراء و الذي ينتشر في كل مكان كما وصفته ، فلم يعد موطنه الصحراء

فحسب ، إنما آثاره تعدّت اللاحدود ، ينتعش وجوده في حرارة الجو المرتفعة.

نهاية منطقية لكنها مثيرة ، تترك العقل يفكر في من يجري وراء السراب

كيف تكون نهايته المتوقعة في براثن السراب الخادعة.

قصة قصيرة جدا ، ذات مغزى عميق!

أسماء حسن محمد
12/01/2008, 01:02 PM
أستاذة ايمان سعدت بمرورك وسررت بتحليلك الدقيق..

خالص تحياتي وتقديري

أبويزيدأحمدالعزام
07/02/2008, 08:36 PM
ايا ليت السراب كان حقيقة,,انا اشبه السراب بالخيال دائما الذي نبحرمعه بقيادة عقلنا الباطن الى كل ما نشتهي ونتمنى لكن هيهات ان يكون حقيقة فسرعان ما نصطدم بالواقع سواء كان حلوا ام مرا,,اظن ان السيدة اسماء هنا سردت واقع نعيش فيه احيانا نحب اناس نظن انهم يحبوننا وعندما نمر بشدة او ضيق نجدهم اصبحوا سرابا لاوجود لهم مهما جرينا ورائهم لن ندركهم والامثلة كثيرة.
الاستاذة الفاضلة اسماء احسنت سيدتي.

أسماء حسن محمد
08/02/2008, 01:00 PM
د. أبو هاجر سررت بمرورك على محاولتي المتواضعة .. أستاذي الفاضل أرى أنك غصت في عمق النص فأجدت التعبير عما أردت قوله تماما.. شكرا جزيلا لمرورك..

مع خالص تحياتي وتقديري

أسماء حسن محمد
08/02/2008, 01:00 PM
د. أبو هاجر سررت بمرورك على محاولتي المتواضعة .. أستاذي الفاضل أرى أنك غصت في عمق النص فأجدت التعبير عما أردت قوله تماما.. شكرا جزيلا لمرورك..

مع خالص تحياتي وتقديري