المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منطق العصر / وعودة إلى منطق العصر... واقعنا في رموز



حنين حمودة
07/12/2007, 08:18 PM
منطق العصر
في احدى الليالي السود , حيث لا قمر يلوح
و لا ضوء يجود ,
حدثنا خرافة فقال :

استيقظ دبدوب من سباته الشتوي , و راح يتمطى و ابتسامة السعادة لا تفارق شفتيه , فقد حل الربيع .
قام من فوره و بهمة عالية صار يدفع الصخرة التي أغلق بها باب كهفه. كانت رغبته في النظر الى البساط الأخضر الذي طرزته الأزهار الملونة تمده بقوة جبارة , جعلت
الصخرة بين يديه كالحجر الصغير .
ركن الصخرة جانبا" , و خرج يستنشق عبير الربيع ملء رئتيه , و كانت المفاجأة.
كانت الأشجار كلها مقلوعة . و كانت أزهار الربيع كلها مسحوقة بفعل همجي فظ. بحث عن العصافير , عن صوتها الجميل , ولكنه لم يجد لها أثرا" .
بحث عن الأرانب , عن القردة ........ ولكن ..... لا أثر .
نزل الليل و هو لا يزال في حيرته , فقصد البومة لعلها تعرف شيئا" .
أنزلت البومة نظارتها عن أنفها قليلا" , و لفت رقبتها تمسح الجوار بنظرة ترقب و خوف , و قالت :
لقد نمت طويلا" يا دبدوب .
أجاب : و لماذا ؟ ماذا حصل في شتائي هذا ؟
تنهدت البومة و قالت : لقد دخلت الفيلة ديارنا.
قال بتعجب ظاهر : وما الجديد في الموضوع ؟
ف (( فلة و فلفل )) يعيشان معنا ؟!
قالت : لم أقصدهما , و انما ....و تلفتت من جديد و قالت بصوت منخفض : أقصد قطيع الفيلة الضخم ......المرعب
سألها دبدوب : وما الذي أحضرهم الى هنا ؟
قالت : يقولون بأن جدهم الماموث قد سكن غابتنا قبل ثلاثة الآف سنة.
قال دبدوب و ابتسامة اندهاش تفرض نفسها عليه : رحمه الله.
قالت : اش .. يقولون بأن هذا دليل على أنها ديارهم و أن من حقهم طرد كل من يسكنها الأن .
قال دبدوب : هذه نكته
قالت البومة : احذر و لا تجاهر بهذه التعليقات
قال دبدوب و ماذا فعل الأصحاب ؟
قالت : قرروا أن لا يستسلموا
عرفوا أنهم دون أوطانهم . دون كرامتههم لا شيئ
قالت : اذن , فقد أعلنوا الحرب
قالت : ولكنها حرب غير متكافئة .

تعجب دبدوب , فأكملت : الأرانب تحفر الخنادق كي تقع فيها الفيلة , و القردة ترميها بجوز الهند . بينما تفرغ الفيلة الرصاص من خراطيمها كقطرات الماء التي تحمل
الموت في كل قطرة.
قال دبدوب : و أين الأسد ؟ و النمر و الفهخد ؟
قالت : النمر و الفهد في السجن . أما الأسد فقد هرب.
لقد حلق شعر رأسه الذهبي وحلف أن لا يطلقة يحرر الديا ر
رجع دبدوب الى كهفه و رأسه مصدع بما سمع من أخبار ظل يقلبها في راسه حتى طلع النهار.

في الصباح مرت دورية الفيلة . اقتلعت بعض الأشجار المتبقية و أحرقت بقاياها . جمعت القردة و صارت تضربها باءذلال قاصدة" كسر أذرعها أثناء الضرب.
داست كل البيوت التي في طريقها . و لكن أحد الفيلة داس على خندق حفرته الأرانب فسقط فيه .
مات فيل و كان المقابل العشرات من الجانب الآخر . و في كل صباح كان ينكرر هذا .
قال دبدوب للبومة : و الحل ؟ الى متى ؟
قالت : ستتعب الفيلة. لن تستطيع الأستمرار . هذه الخسائر التي تتكبيدها ترهقها. و لا تنس يا دبدوب أننا أصحاب حق.
حين جاء الشتاء , تأسف دبدوب جدا" للبومة قائلا": أعرف أن وجودي معكم لا يفيد كثيرا" , و لكني أتمنى أن أكون معكم في نضالكم هذا و لكنه فصل الشتاء .
أجابت البومة قائلة" : لا تقلق علينا , دبدوب , مع السلامة , و أحلام سعيدة .
نام دبدوب نومة" قصيرة" لم يشعر خلالها أن شيئا" كان يحصل في الخارج.
و حين أزاح الصخرة عن باب الكهف , كان الربيع هناك. شعر دبدوب بسعادة غامرة , فقد حل السلام اذن !
وجد نفسه يتنقل في الديار من مكان الى آخر . وجد الأسد أمامه و قد أطلق شعر رأسه . قال دبدوب : مبارك , اذن فقد انتصرتم !
أجاب الأسد : طبعا" , انتصرنا بالتسامح .
قال دبدوب : هذا جميل .
جلس دبدوب في حضرة الأسد لحظات يتكلمان فيها عن قوة السلام . و اذا بشبلين يلبسان ثياب الشرطة يجران معهما قردين مكبلين بالأصفاد . قالا : هذان مخربان
كانا ينويان ضرب الفيل بجوز الهند .
قال الأسد : أعدمهما مع النمر اليوم .
نظر دبدوب الى الأسد بتعجب , و الحيرة تربط لسانه .
قال الأسد : انهما من المخربين . ارهابيان يحاولان الأساءة الى حلفائنا .
ثم قال له : تفضل معي يا دبدوب لترى انجازاتنا . سنذهب الى السوق .
و في السوق كانت الثياب المصنوعة من الفراء منتشرة" بشكل غير عادي , فراء الثعالب .... فراء الأرانب ...... فراء دببة ..!!
قال دبدوب بفزع : وهل صنعت هذه الملابس في ديارنا ؟؟
قال الأسد : نعم , أترى تقدمنا ؟
قال دبدوب : و لكن هذا مخالف للميثاق !
قال الأسد : نسيت أنك لا تزال تعيش في الماضي . لقد ألغينا الميثاق
قال دبدوب : لا أصدق أنها صنعت في مصانعنا !
قال الأسد : وما الفرق بيننا و بين حلفائنا ؟؟
قال دبدوب : و هل نسيتم شعارهم ؟
(( ادفع فلسا" تقتل أسدا" )) ؟؟
قال الأسد ضاحكا" : آه يا دبدوب ... لا زلت تذكر .....
انس .
سار دبدوب في الديار , لا يعرف أين يذهب . ووصل منطقة تحرسها الأسود الشرطة بالأشتراك مع الفيلة .
كان الفيل الكبير هناك ,’ استطاع دبدوب أن يراه . كان يجلس على عرش . كان على يمينه قرد يدق جوزة الهند برأس أخيه كي يكسرها ليشرب الفيل ماءها .
و كان على يسلره قرد آخر , يقشر الموز و يلقمه . وكانت الأرانب هناك في الأسفل تلمع أظافر الفيل الضخم بقطعة من الفرو , و عيونها مليئة بالخوف من المستقبل , ومن غضبة مفاجئة تدفع الفيل للدوس على أعناقها .
سار دبدوب بخطى" مهزوزة , مرتبكة. بحث عن البومة فلم يجدها . سار و سار ليجد نفسه في كهفه . دفع الصخرة بكل قوته . كانت ثقيلة , ثقيلة . أغلق باب الكهف و قرر
أن يبدأ سباته (( الصيفشتوي )) . ضحك ضحكة" مؤلمة" و هو يعيد هذا التعبير على نفسه و يقول : منطق غريب .
ثم أردف : ربما كان في الماضي غريبا" ,
أما الآن فهو منطق العصر

حنين حمودة
07/12/2007, 08:26 PM
قالت لي صديقتي: نعرف الرئيس الذي هادن، ونعرف الشرطة التي تعتقل الثوار، نعرف الفيلة..
ولكن من يكون دبدوب؟!
نظرت إليها عبر ابتسامة خبيثة. قلت اسألها: من تظننين؟
قالت بأسى: إنه نحن!

وحين فاضت غضبتي، وأدماني صمت المتفرجين جاءت
"عودة إلى منطق العصر"..


ناموا ولا تستيقطوا ..
( عودة إلى .. منطق العصر )

.. في عز الصيف، ورغم الحرارة المتزايدة، ظل دبدوب يحبس نفسه في كهفه في محاولة جدية منه للإسترسال في سباته "الصيفشتوي" الذي قرر أن يمارسه كمنطق يمليه عليه العصر الجديد.
كان دبدوب قد سد باب الكهف بصخرة كبيرة عظيمة، كانت قادرة على صد خيوط الشمس ومنعها من ازعاجه، بحيث يواصل نومه في ليل مستمر لا يكدره أي طارئ خارجي، إلا أنها لم تكن لتمنع تلك الكوابيس التي تلاحقه بضراوة.
كان مشهد الفيل وهو يدوس بيوت الأرانب، ويقتلع الأشجار بصخب في الغابة يتكرر مع كل إغماضة عين. كان تاريخ الغابة يدور في أحلامه كشريط سينمائي طويل .." الغابة الخضراء الجميلة وأهلها الطيبون .. القتل والدمار .. سجن الفهد والنمر .. حلق الأسد لحيته على أن لا يطلقها حتى يحرر الديار .. اتفاق الأسد مع قطيع الفيلة .. القردة وهي تطعم الفيل .. الأرانب وهي تمسح أقدامه التي قد تدوسها في أية لحظة ..
ويستمر الشريط مع أحداث يخترعها خياله، لم يرها أبدا :" تكاثر الفيلة بشكل كبير كالأرانب أو أقل قليلا .. قلع المزيد والمزيد من الأشجار ..الدوس على كل بيت على الأرض .. اجتماعات أمنية مشتركة بين الفيل والأسد ..
ثم فجأة يتطور الموقف بشكل خطير. كان سكان الغابة يصلون يوم الجمعة حين أمطرتهم الفيلة بالرصاص من خراطيمها، وامتلأت الساحة بالدم. دم .. دم ..
أعادت صدمة المشهد الوعي لدبدوب. استيقظ من سباته، لكنه لم يفتح عينيه.
كان يشد جفنيه إلى أسفل بقوة. كان يخاف اكتشاف أن حلمه حقيقة !
شعر بجفاف في حلقه, إلا أنه لم يرفع رأسه, ولم يحاول القيام , فأي حركة قد يقوم بها, قد تطرد النوم إلى غير رجعة.
عاد الشريط ليعرض ما لم ير, وما لا يعرف إن كان أحلام منام أم يقظة :
" حجارة من كل مكان .. الغابة تلقي الحجارة .. الجبل يدفع الحجارة إلى أسفل .. النهر يجري بقوة ويدفع الحجارة إلى الجانبين .. الطير تلقي الحجارة من السماء .. وقاذفات الفيلة تقصف كل بيت, كل حجر، كل شجرة لم يتم تحطيمها بالأقدام سابقا.
صوت القصف يعلو .. ويعلو .. وقوة الضربة تهز جدران المغارة. تتساقط بعض الحجارة فيها. يغلق دبدوب عينيه أكثر .. يشد أكثر.
يسقط حجر صغير دقيق. يتدحرج مسافة كبيرة تزيد من سرعة اندفاعه. يضرب الأرض، ثم يعود لينطلق .. إلى هدفه تماما، بين العينين.
قام دبدوب مرعوبا وهو يصرخ. وارتفع صوته الذي لم يسمعه أحد أكثر وهو يرى الدماء تسيل من حول الصخرة إلى داخل الكهف, ثم دفع الصخرة وخرج وهو يقول : يا أهل الغابة، أيها الفيلة, اسمعوا العرض الذي ألهمته.
نظر الجميع اليه، ذاك الذي انتظر نزول الوحي مدة ما كان ليحتملها بشر.
قال: أوقفوا هذه الضجة .. كفى. نظر إليه القردة لسماع ما لديه، فانتهزت الفيلة الفرصة وقتلت من كان على مرمى نيرانها.
صاح بأعلى صوته : أيها الفيلة, اسمحوا لأهل الغابة بالنوم في بيوت ترضونها، وأنا أبايعكم ملوكا للغابة.
عندها فتح طير في السماء فمه استنكارا وتعجبا، فسقط حجر السجيل، من ذلك الإرتفاع الشاهق، وشج جمجمة دبدوب، وأراحه من الضجيج .. والى الأبد.

طه خضر
08/12/2007, 02:26 PM
الدكتورة الفاضلة حنين حمودة ..

للأسف هذا هو الحال السائد في عصرنا هذا، حيث بات الشاذ هو من يتكلم بعكس هذا المنطق، وبات استمراء الذل عادة ملازمة لا يجد فيها الكثير من الناس أي حرج أو غضاضة، ودائما بحجة السياسة أو التكتيك أو المصالح العليا والخروج بحد ٍ أدنى من الخسائر، وما إلى ذلك من مسميات أقل ما يقال عنها أنها دخيلة!!

طرح منطقي أرجو من خلاله أن نفتح مجالا لوجه ٍ آخر من وجوه مقاومة التطبيع التي بات البعض يعتبرها ضربا من ضروب التخلف والرجعية، وهذا كله لا يعني أن نستكين ونساير منطق العصر حتى وإن سار ورائه الناس بمجامعهم !!

احترامي وتقديري ..

سيف الحق أحمد
08/07/2008, 01:33 AM
الأخت الكريمة حنين
دام قلمك مبدعا لبراعمنا الأشبال
وهذه هدية أقدمها لك ، لتمرريها لأشبالنا بتوجيهك الكريم

أَشْبالٌ وَأُسُودٌ


بِكُمْ يَا شَبابُ = قَرِيباً نَسُودْ
نُنِيرُ الظَّلامَ = وَنُعْلِيْ الْبُنُودْ
وَنُهْدِيْ الْبَرايا = بِهَدْيِ الْجُدُودْ
نُذِيبُ الْجُمُودَ = وَنُحْيِ الصُّمُودْ

هَدِيَّةَ فَخْرٍ = لِهَذِيْ الْجُنُودْ
حَدِيقَةَ زَهْرٍ = وَطِيبِ الْوُرُودْ
بِشِعْرٍ وَنَثْرٍ = عَلَيْهِمْ نَجُودْ
فَهُبُّواْ بِفِكْرٍ = لنَيْلِ الْوُعُودْ

حَماكُمْ رَحِيمٌ = قَوِيٌّ وَدُودْ
وَأَكْثَرَ مِنْكُمْ = شَباباً أُسُودْ
مَناراً وَنُوراً = يُضِيءُ الْوُجُودْ
وَعَيْنُ الْحَسُودِ = رَماها بِعُودْ



من عمكم المحب.. سيف الحق

سيف الحق أحمد
08/07/2008, 01:33 AM
الأخت الكريمة حنين
دام قلمك مبدعا لبراعمنا الأشبال
وهذه هدية أقدمها لك ، لتمرريها لأشبالنا بتوجيهك الكريم

أَشْبالٌ وَأُسُودٌ


بِكُمْ يَا شَبابُ = قَرِيباً نَسُودْ
نُنِيرُ الظَّلامَ = وَنُعْلِيْ الْبُنُودْ
وَنُهْدِيْ الْبَرايا = بِهَدْيِ الْجُدُودْ
نُذِيبُ الْجُمُودَ = وَنُحْيِ الصُّمُودْ

هَدِيَّةَ فَخْرٍ = لِهَذِيْ الْجُنُودْ
حَدِيقَةَ زَهْرٍ = وَطِيبِ الْوُرُودْ
بِشِعْرٍ وَنَثْرٍ = عَلَيْهِمْ نَجُودْ
فَهُبُّواْ بِفِكْرٍ = لنَيْلِ الْوُعُودْ

حَماكُمْ رَحِيمٌ = قَوِيٌّ وَدُودْ
وَأَكْثَرَ مِنْكُمْ = شَباباً أُسُودْ
مَناراً وَنُوراً = يُضِيءُ الْوُجُودْ
وَعَيْنُ الْحَسُودِ = رَماها بِعُودْ



من عمكم المحب.. سيف الحق