المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منطق الطير../ 1



حسن سلامة
12/12/2007, 09:43 AM
منطق الطير../ 1

تدهشني الطيور بكافة أنواعها وأحجامها وألوانها..
وأخص منها النوارس التي تحلق في فضائها الفسيح بلا عوائق.. بمطلق حريتها.. يكون وطنها الماء واليابسة.. دفتها الريح ودمعها المطر.
أحب هذه الطيور المهاجرة.. فعندما تعلن الرحيل وتبدأ السفر نراها قد اصطفت في خطوط منتظمة عرضانية إذا كانت المسافة قصيرة وعلى شكل رأس حربة إذا كان الهدف بعيداً.. في المقدمة طائر محل ثقة.. خلفه اثنان عن يمين وشمال.. ثم ثلاثة.. وهكذا حتى تأخذ مجموعة السرب مكانها بمسافات مقدرة مضبوطة..
تبقى هذه الطيور على حالها لا تغلبها المسافة أو تقلب الليل والنهار.. تهاجر إلى ما شاء الله من زمان ومكان..
هي كذلك مجبولة بغريزتها وحب الرجوع إلى الوطن الأول..!

٭٭٭
تدهشني هذه الطيور..
حين تشهد في مسيرتها خطراً بعيداً كصقر جارح أو نسر جائع أو باشق متهور.. نراها تمارس الغريزة ورد الفعل الفوري وكأن إشارة لاسلكية صدرت عن قائد السرب إلى كل فرد في المجموعة ، ان انتبهوا، فتأخذ الصفوف بالتداخل والالتفاف على بعضها البعض في شكل دائري كالدوامة.. بحيث يشكل السرب جمهرة من الطيور المتشابكة.. هنا يحجم الطائر المعادي عن محاولته ويظل فترة يترقب انفلات أحد هذه الطيور عن السرب لينقض عليه.. لكن منطق الطير لا يسمح بالانفلات..
بعد ذلك يبتعد الطائر المعادي باحثا عن طريدة أخرى.. حينها فقط يعود السرب إلى وضعه الطبيعي وانتظامه الأول.. وقيادته الواثقة..!

٭٭٭
تدهشني الطيور بهذه الغريزة..
لذلك أحببت أيضا طائر «الحجل» الذي يقضي معظم وقته على الأرض بين الصخور والأعشاب مرقش اللون كبيئته.. ينام فوق عشه ليمنح بيضه الدفء وحين يرى عدواً أرضياً كان أو جوياً.. يبتعد عن عشه ليس هرباً ولكن تضليلًا للعدو.. فيأخذ في الصراخ والضوضاء ليشد انتباه عدوه بعيداً عن العش..
قد يضحي هذا الطائر بنفسه لكنه يكون قد حفظ البيض.. الجيل الجديد.!

٭٭٭
تدهشني الطيور حين يخترق ذكاء الصقر ذاكرة الحجر.. فيصعد إلى علو شاهق بين مخالبه عظمة كبيرة أبت التكسر على الأرض. وعند علو موثوق.. يلقي بالعظمة على صخرة صماء.. حينها تتكسر فينقض عليها الصقر كالسهم بعد أن حقق الفكرة والنصر..!

٭٭٭
منطق الطير فيه العبرة..
منطق فيه النظام ، القيادة ، التكاتف ، الحيلة ، التضحية.. مؤكدا أن السرب هو الحياة.. المستقبل.. الاستمرار، وقائد السرب هو الثقة ومفتاح الأمن..

ونقلة من سرب الطيور الى سرب الناس ، نقول.. ان البشر بالتأكيد يقبلون أن يكونوا سربا.. لا قطيعا.. وفي هذه الحالة يبرز دور القيادة الواثقة.. وليس الراعي..
وعلى هذا الأساس.. يسلم السرب أموره بمحض اختياره إلى قيادته بكافة اتجاهاتها..إيمانا بصدق الغريزة والعفوية التي تشد السرب إلى الوطن..
السرب يحلق في فضاءاته رغم العقبات المتعددة..
أجمل ما في تحليق هذا السرب عفويته وفاعليته..
منطق السرب يقول..
دعونا نحلق بغريزتنا التي ترشدنا إلى الحقيقة..
دعوا الخفافيش في ليلها ، فهي لا تحب الشمس ..!

حسن سلامة
h_salama_51@yahoo.com

محمد حامد محمد
06/02/2008, 02:26 AM
جميل منطقكم أستاذ حسن ‘ تمامًا كمنطق الطير .. قوى الحجة على بساطته ‘ (السهل الممتنع) تعبير جسدته قدرتكم الهائلة على اختيار ألأسلوب الأروع ‘العاكس فى ذاته ما قصدتم وتنشدون .. !!

دمت مبدعاً وفكراً رصينا
عظيم تقديرى أستاذ

حسن سلامة
06/02/2008, 09:08 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

أخي المهندس الأديب / محمد حامد

أعتد كثيراً برأيك ..
نحن يا صديقي ، لو أعطينا انفسنا فرصة التأمل في مخلوقات الله ، لأشغلنا العقل ، وتعلمنا ما ينفعنا .. هناك دروس وعبر / كما تعلم / من المخلوقات ، وما ورد في القرآن الكريم من قصص ينفع الناس ..
لكننا ، غافلون ، منشغلون ببيت الداء والغرائز ..
ليتك تقرا الحلقة الثانية ..!

لك التقدير والاحترام

حسن