المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوق اللحى



عزيز باكوش
13/12/2007, 12:31 AM
سوق اللحى
عزيز باكوش
على يسار الشارع الرئيسي الملتف سبع التفافات صوب المدينة العتيقة مسجد كبير، وللمسجد فضاء على الجانبين يملؤه المصلون عن آخره كل صلاة جمعة . احتله قبل شهر باعة متجولون من قندهار.
ليس صدفة ،أن يكون معظم هؤلاء الباعة ملتحين ، وأصحاب عادات وممارسات تنسب جميعها الى السنة والكتاب، من الغداء الى الدواء ، لذلك أصبح الفضاء معروفا ، وزبناؤه شرائح واسعة من أصحاب سيكولوجيا البحث عن الخلاص عن طريق تعاويذ الأولياء و سدنة الكرامات ، وعقاقير ممزوجة ، مجهولة المصدر ، لكن ثمة مفارقة عجيبة .
يقول أبو مرودة ، أحد تجار الفضاء الملتحين أن" كثيراً من المسلمين هنا والآن - هدانا الله وإياهم - قد احتقروا الحبة السوداء ، وبخسوا توابل الصين ومنتجاتها الصحية النافعة ، ومقابل ذلك ، رفعوا قيمة ما تعرضه الصيدليات من أدوية مسمومة ومدسوسة ، كما احتقروا اللحية ، هذه الشعيرة العظيمة، وامتهنوها وحلقوها من وجوههم، والذي لم يحلقها كلها، يتابع أبو مرودة كخطيب جمعة ، أخذ يتلاعب بها،انظر الى الشاب أمامنا ، لقد جعلها صغيرة على الذقن، والآخر جانبه أمام محلبة بسم الله ، لقد فضلها خفيفة كأنها خط أسود معقوف ، ومن عباد الله من يربط شاربه مع لحيته ، ويجعلها على شكل دائرة!! أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ...و لا حول ولا قوة إلا بالله ....
السلع التي يعرضها أبو مرودة وزملاؤه الملتحون ، والمفروشة على أرصفة الشارع العام كل جمعة ، باستثناء عربة مثبتة لبيع الحبة السوداء وعقاقير مكافحة العجز الجنسي و السرطان بأنواعه ، نوعان لا ثالث لهما ، فهي أما قادمة من دول جنوب شرق آسيا ، مثل الصين وتايلاند والفيليبين... ، فتنحصر في مستحضرات تجميل رخيصة ، وأدوات ترميم وعقاقير وأجهزة.. ببطاريات وساعات يدوية ومنشفات ذات جودة أقل، او تلك المهربة من أوروبا ، كالملابس المستعملة ، وخردة الغرب وسقط متاع رجاله ونسائه " البال" كما ينعتها العوام . لكن المفارقة تكمن في أن جميع هذه السلع والمنتوجات المعروضة للبيع الحلال ، يوصف أهلها بالكفر والمجوسية من قبل أبو مرودة ورفاقه من الباعة والتابعين له الى يوم الدين .
سماء الجمعة مزدحم بالغيوم ولا مطر، الفضاء سوق ضاج ،شبان وكهول يوحدهم زي مميز ، تمترسوا على الرصيف من الجانبين ، كما لو كانوا قادمين من تورابورا في أفغانستان، في أفواه بعضهم عود الارك ، على مؤخرة رؤوسهم وضعوا طواق نقش حولها عبارات التكبير والشهادة ، لباسهم داكن ، يتمطى حتى الركبتين، ولحاهم لا تطول ، وان طالت ، لا تحلق بمهارة. وكان لافتا، أن احدهم منع شابا لا يسمع ما يجري حوله ، من عرض أشرطة و أقراص ديفيدي لشباب موسيقى الراي ، وبعض مطربي ومطربات الموجة الشبابية بجانبه ، تحت ذريعة انه مشبوه ، وحداثي.
-- اذهب الى حال سبيلك ، مكانك ليس بجانبي ، أتفهم..

صباح من كل جمعة ، يتفقد الملتحون بعضهم البعض ، يتبادلون السلام على الطريقة الإسلامية ،ولا يترددون في إبداء انزعاجهم من وافد جديد غير معروف ، ينضدون في فرح سلعهم التي تجرف الطوار، وتتحدى عجلات السيارات التي تمر بالكاد، بين عربات الخضر والفواكه، وجحافل المتسولين الموسميين وذوي العاهات المصنوعة و الزاحفين من الاحواز كل جمعة . ولان السير أشبه بالدبيب ابتداء من العاشرة صباحا ، والعبور الى الضفة الأخرى من الشارع العام ، أصبح صراطا مستقيما يوم الجمعة . فقد نبّه صديق ملتح احدهم، وهو يعمل مدير مدرسة ابتدائية قائلا " كن حذرا في تنقلاتك ، لقد تفاقمت حوادث السير بالمنطقة ، فأجابه المدير على الفور : لا أخاف ، ولن يصيبني مكروه إن شاء الله.
-- لكن الاحتياط واجب يا أخي في الله .
-- لا أخاف ، لأنني كل صباح ،حين أخرج من البيت أقرا سورة ( يس ) .
ولم يجبه صديقه الملتح بأن في القرآن الكريم آية تقول :
"ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" صدق الله العظيم.
توقفت سيارة أجرة صغيرة بصعوبة ، وكما تستل الشعرة في العجين انقذفت شابة في الثلاثينيات ، فهي تبحث منذ أسابيع عن ترياق لبثور جلدية كاسحة نصحتها بها جارتها ، ولم تجد من يرشدها ، لكن شابتان في كامل أناقتهما تحينتا الفرصة ، وعبرتا الى الضفة الأخرى ، قبل ان تنطلق السيارة ببطء شديد ، إلا أن عطرا فاح من جسدهما ، غمر المكان كما لو أن المكان جنة.
قال أبو مرودة متأففا وهو يبرز معطفا شتويا ثقيلا ، أمام أنظار الزبناء
-- أوف لعنة الله عليهم ، رائحة الكفر تكاد تخترق المعطف. يا سبحان الله..
-- عطر سان لوران كفر..يا أخ ؟؟؟؟ يا له من كفر جميل ، قال زبون له بجانبه.
-- أي نعم ...كفر وزيادة .. كل من لا يقول اشهد أن لا الاه إلا الله وان محمد رسول الله ، كافر.
-- صحيح .. التفت الزبون جهة الفتاتين، ومضى يقول " لكن ، لا أحد يعلم حقيقتهما ، إلا الله . فهما مؤمنتان حتى يثبت العكس.
لكن ، قل لي بربك ، كيف عرفت إنهما كافرتان؟؟
رد أبو مرودة على الفور : العياذ بالله ..ومضى يقول "
فراسة المؤمن لا تخطئ أبدا ياأخي في الله. تمتم ، ثم صرخ مصعوقا:
--انظر ، تنسم العطر الذي يفوح من المعطف ، ألوان فساتينهم ...أليست فاتحة ، ومتحجرة ، مثل عقولهم ، حفدة القردة وأبناء الخنازير،لو تدري ما ينتظرهم يوم القيامة...؟؟
مشط لحيته وتابع في توعد "آه...لوتسنح.. لأفرغت وقودا على هذا البال ، واستمتعت بالنار وهي تشوي ضلوع الكفرة وأبناء المجوس ، ولكن. ...
ما لمانع من ذلك؟
--الظروف..ونظام الحكم في البلد..
-- الظروف سانحة ، قال الزبون بمودة ، وتابع في تكلف " حتى ان نظام الحكم في البلد بنى لك مسجدا ،وسمح لك باحتلال فضائه...وقول ماتشاء ..في حق الكفرة وأبناء المجوس...
--بعد أن طردني من المدرسة..وسمح للفتيات بولوجها..
-- هل لديك بنات..اقصد أخوات...؟؟
--دعنا من كل هذا ..
-- لك ما تشاء ، لكن..لست وحدك على هذه الكرة الأرضية ،هناك أناس يصنعون ، وأنت تستهلك ، يبتكرون وأنت تصف ، أن العقل والفكر لهم والحياة.وأنت مجرد متفرج...
-- يبدو انك ممن لخبطت الحداثة والانترنيت عقولهم ، قلت لك رائحة الكفر تكاد تخترقنا، فهي في ثنايا معاطفهم البالية ، رغم ابتعادهم عنا بآلاف الكيلومترات..أتفهم...
صراخ الباعة ،وزعيق السيارات يمزقان الأعصاب. رغم أن صاحبنا لم يفهم شيئا مما سمع ، إلا انه ردد متجاوبا " الآن..فقط فهمت .
اتكأت سيدة في الستينيات على خصرها، قلبت ركام خردة بتأفف ، وحينما تعبت ، استلت بوذي سالت عن ثمنه ، امتص الملتحي حامضا، وقال غير عابئ "20 درهما".
وبينما تقلب شابة أسفل الخردة الى أعلاها ، فاضت ملابس على الأرض ، نهرها شاب ملتح "
--أديك البرهوشة ، هل تبحثين عن كنز،؟؟ إنها نقود ، تلقين بها على الأرض غير مكترثة ؟؟ لست من دفع ثمنها بالعملة الصعبة...
-- لا ..لا.. فقط أريد معطفا لعثمان ، قالت الشابة مرتبكة وأضافت متلعثمة "تركه والده في حضني قبل أن يرحل الى الآخرة منذ خمس سنوات و12 يوما ، أتفهم ... اسكن في الحومة 18 ، ألا تعرفني ؟ قل لهم أحليمة الحناية ، وسيحيلك اصغر بز في الحومة الى بيتي مسكني..وتابعت في تماوت ، اللي خرج من الدنيا ياولدي ، ما خرج من عقايبها ...
لاحول ولا قوة إلا بالله...
---استل الملتحي معطفا سيبيريا ثقيلا بلون الجبال ، وسأل " كم سن الولد؟؟
15 سنة.. نعم..
--وتشترين له معطفا ... ياللعار ..ياللامة التي بدأت من القاع وبقت فيه...حسبي الله ونعم الوكيل ..حسبنا الله ونعم الوكيل. انتظري لحظة أيتها الأخت الكريمة ، سأرضيك بما يرضي الله .
في هذه الأثناء ، يصل شيخ ستيني ، لا لحية له ، يضع عصاه مصليا ، ينتقي مادة ويسأل مبحوحا"
--كم ثمن هذا الكبوط ياولدي؟
150 درهما ، ويضيف أبو مرودة كاسطوانة " منتوج جيد ، وصانعه متمرس ، انه مصنوع في روسيا ،أيها الحاج ، ومصمم لابن رئيسها ، كي يمضي به سبع شتاءات وربيع، إلا انه لأسباب اقتصادية ، لم يلبسه سوى ثلاثة أسابيع ،انه ديال برا ، واش فهمت الوالد...فهمت؟؟؟
نقنق احدهم في في أذن أبي مرودة"
-- هذيك بياسة واعرة في "لافيل" احد أحياء المدينة الراقية ، أبيعها لك ب200د هم..حوالي 20دولارا.
دارت عينا الملتح في محجريهما ، وقفز كما لو اكتشف شيئا عجيبا.
وفي لحظة ..استل معطفا .. بمواصفات محددة ، وقال بفرح :
--- الوالد.. خذ هذا،.. هات 100درهم فقط ...وأمطرني بدعواتك .
امتلأ المسجد ، وفاضت جنباته ، وأصبح من غير الممكن مرور عربة بائع خضر، مما حدا بالشرطي أن يصدر أوامر إغلاق الممر الرئيسي الى حين انتهاء الصلاة ..وعلى الفور شرع سائقو الحافلات والشاحنات وسيارات الأجرة الصغيرة والكبيرة في إيقاف محركاتهم والبقاء محاصرين داخل عجلات القيادة الى حين انتهاء صلاة الجمعة..

وكما تفلي قردة الشامبانزي أبدان صغارها ، كان العجوز يفعل بالمعطف الروسي الثقيل ، وبعد أن أنهى عملية الفحص ، كان المصلون على وشك الانتهاء من الصلاة ، قال أعطيك 20 درهما."2 دولار"
كبر أبو مرودة وهلل ، وقرا المعوذتين. وهو ينظر بشبه حسرة الى وفود المصلين وقد بدؤوا يتلون السلام .
-اصبر ياولدي ، لا تغضب ، يبدو انك تفهم بينك وبين الله ، أنت متق، والله سيرزقك من حيث لا تحتسب ، توكل على الله وخذ 30 درهما. انه ليتيم...وأما اليتيم فلا تقهر...
سكت الستيني لحظة وقال بتهالك :
ياك أوليدي غير زبل النصارى هذا ، كتجمعوهم وتبيعوهوم لينا.
ياك أوليدي هذو مجوس ، والبيع والشرا معهم حرام.
ياك أوليدي كفرة وملعونين ، وتبيعون لنا أوساخهم وبقايا لباسهم. ب200 درهم ، أليس حراما عليكم ....
- جنان اليهودي... تأكلون منه، وتسبون مولاه...يالطيف..ياله من جنس ...
- ليس زبل النصارى هذا الذي أمامك أيها الوالد، انه معطف بفرو متين مصنوع بكفاءة عالية ، وهو ديال برا...رحم الله من عمل شيئا فأتقنه...
سبحان الله...
والدي الحبيب : قل لي بربك ، أين نسيت لحيتك ؟ لحيتك التي أمرك الله بتركها ، يبدو انك اعتدت على حلقها ، تب إلى الله من هذا العمل، واترك لحيتك كما خلقها الله لك، واتبع سنة نبيك الذي أمرك الله بها، ولا تعرض نفسك لسخط الله وعقابه بسببها.
اقتعد الستيني جانبا وقال في تنهد " وأنت أيها الشاب " فكما أنك يا ولدي قد أطعت الله في اللحية والصيام وبعض الواجبات الأخرى ، فما الذي يمنعك من أن تطيعه كذلك في أمر الصلاة مع الجماعة يوم الجمعة ؟ أليس الذي أمرك بكلا الحالتين هو الله جل وعلا؟ لماذا تفرق بين أوامره فتطيعه في أمر، وتعصيه في آخر؟ أين صدق الإيمان؟ لماذا هذا التلاعب ،والاستخفاف بتعاليم الكتاب والسنة النبوية.؟
- وبينما ألقى الستيني المعطف جانبا، أمسكته الحاجة وقربته من انفها ، تنسمته ، وتساءلت عن طبيعة الرائحة ،ولماذا تشبه نسمة نبتة القرفة ؟
-- نعم الحاجة، إننا نعتني به وننظفه ، واش النصارى موسخين بحالنا ، ورآها نظيف بحال مولاه . وصحيح، وباقي يضرب للولد سنوات ....رحم الله عبدا عمل شيئا فأتقنه..
--تمتم رفيق له " لم افهم ..هل تمرغون" البال" في القرفة في غيابنا ؟؟؟
عزيز باكوش

طه خضر
13/12/2007, 12:54 AM
لقد حللنا جميع مشاكلنا ابتداء من الغزو الثقافي والتغريب الذي لم ينشر الحداثة بمزاياها بقدر نشره للإيدز ورذيل الأخلاق وسقم الأفكار، ومرورا بالفقر والجوع الذي بات يحصد آلاف الأرواح بسبب تجبـّر أصحاب الكروش على العروش ومهادنة أراذل آخر الزمان لهم، وانتهاء بالهجمة الشرسة لأعداء الإسلام والعروبة التي لم ترحم بشرا ولا شجرا ولا حجرا، حللناها جميعها وأخذ منا الترف الفكري كل مأخذ؛ فوجهنا سلاحنا لأصحاب اللحى ومن شاكلهم وسار سيرهم!!

هذه والله قسمة ضيزى..!!

نزار ب. الزين
13/12/2007, 09:04 AM
الأخ الفاضل الأستاذ عزيز باكوش
نص يعبر عن تناقضاتنا ، عندما نضمر غير ما نظهر ...
و هو تصوير متقن لأحد الأسواق ، بين باعة احتلوا رصيف المسجد و زبائن فقراء يسعون إلى البضاعة الرخيصة
و تلميح جريء إلى مسألة هامة تعاني منها مجتمعاتنا الإسلامية هذه الأيام ، و هي مسألة التكفير .
و على العموم فهو إبداع خطته أنامل مبدعة.
سلمت يداك و دمت متألقا
نزار

حسام الدين مصطفى
13/12/2007, 12:16 PM
القاص المبدع عزيز باكوش ...
حياك الله على براعتك الصياغية التي تقطر من خلال ما أوردت في قصتك القصيرة ... ورغم قلة أسطرها إلا أنها تذهب بنا إلى معان كثيرة بعيدة ...
إننا لو وضعنا هذه القصة فوق ميزان النقد الأدبي لوجدناها تتسم بكثير من سمات القصة القصيرة وتتوافر فيها العديد من عناصرها رغم أنه قد شابها الخروج عن قيود الصياغة والتركيز في بعض مواضعها فباتت تسهب في الكثير من التفاصيل التي أثقلت النص وربما يرجع ذلك إلى رغبتك في تسليط الضوء على بقاع شعورية و وصفية بعينها ...
لكن ذلك وبأي صورة من الصور لا يجعلنا نتحامل على ما احتواه هذا العمل من إبداع وما عكسه من فن ...
وإننا إذ نتحدث عن الفن فإن هذا النص يقفز بنا إلى إشكالية جمال الفن وما يعكسه من قيم وما يستخدمه من أدوات لرسم هذا النوع من الجمال ...
وإذا طبقنا ذلك على العمل الذي تفضلت بتقديمه فإننا نجد أن أجمل ما فيه التصوير التفصيلي للسوق وحالته –حتى وإن أثقلته فرشاة اللفظ بمسهب التعبير- ولكن إذا عدنا إلى المحتوى لوجدنا أن القصة قد أغرقت في تكثيف وتسليط الأضواء سواء بالتناول أو الإشارة أو الرمز أو حتى اللفظ على "اللحى" مما جعل القارئ يغرق في تصويرات وتشبيهات وكلمات تراكمت فوق بعضها حتى صارت تلاً من "الشَعر"
وفي هذا أخذ بناصية اللاوعي عند القارئ وتوجيهه نحو منحنى قوامه الاستنكار لهذه "اللحى" وأصحابها...
وأراك أغرقت في تكرار مادة كلمة "لحى" لما يزيد عن عشر مرات نثرت عبر النص من رأسه وتكثفت عند جذوره .... وكأنك تريد أن لا تبرح مخيلة القارئ هذا الشعور المضاد " للحى وأصحابها" وأنا هنا لا أغمطك حقك في التعبير أو التصوير بل ألفت انتباهك إلى نقطة هامة في الفن وهي ما تندرج تحت " جمال الفن، والقيم الجمالية والأخلاقية" التي يصورها ويعكسها ويدفع المتلقي إلى التفاعل معها..
لذلك كان من الإنصاف أن أتناول نقطة هامة وهي أن النص جاء ليستخدم الشكل المظهري الذي سيرتبط بعد ذلك عند القارئ بتشخيص يعيب أصحاب "اللحى" خاصة مع التركيز الشديد في رسم صورة قاتمة تربط بين المعتقد الديني والمظهر الخارجي وهذا يأتي مخالفاً ومعاكساً لقواعد المنطق التي تفترض أن يصطبغ المظهر بما يفرزه الجوهر ... وإن كان قصدك تحقيق هذا المنطق فهنا أراك قد وقعت في لجة التحامل...
كذلك فإن أمانة الإبداع لا يجب أن تتسم بتحيز غير مشروط بل أقصى ما ينبغي أن تذهب إليه هو إبراز مأثر أو إظهار عيب دون تعميم وإجمال...
وما يصل إلى القارئ هنا أنا "كل" أصحاب "اللحى" هم على شاكلة من صورتهم
وهذا ما يدفعني إلى تساؤل قد يبدو ساذجاً ولكن إن تخطينا كلماته البسيطة سنجدنا نغوص في بحر بالغ العمق ... وسؤالي هنا ... هل تعيب "اللحية"؟ أم تنتقد "المعتقد الفكري" ؟؟؟ أم أن الأمر كله لا يعدو مجرد تصوير لموقف تزامن أن شخوصه و خلفياتهم هي حسب ما أوردته ؟؟؟
وهذا يعود بنا إلى "إنتقاد" الربط بين المعتقد، والشكل المظهري من ناحية ... والسعي إلى "تعميم" الفكرة من ناحية أخرى، واستخدام النموذج الحياتي السلبي لرسم صورة شمولية من ناحية ثالثة ...................


*************
نقطة خارج دائرة التعليق ولكن لها عميق الصلة ....
لماذا صار هناك رابط بين الشكل المظهري متمثلاً في "اللحية" وبين القناعات أو السلكوكيات السلبية ذات المرجعية الدينية خاصة فيما يتعلق بالدين الإسلامي ...
أليس غريباً أن " تشي جيفارا" كان ذا لحية ولم ينتقد لحيته أحد ولم يربطها بقناعاته الفكرية أو العقائدية أحد وكذا "كاسترو"، وكذا أليس حاخامات اليهود ذوي لحى ورغم ذلك لا يعيب عليهم أحد ذلك، وكذا كثير من قساوة الدين المسيحي، وحتى الكهنة، والمتأنقين و و و .............
لماذا يصير كل شكل مظهري يتخذه المسلم " سُبة" و "وصمة" يوسم بها ؟؟
لماذا صرنا نعمد إلى التعميم سواء في الشكل المظهري أو المعتقد الخفي؟
لماذا بتنا نحترم حرية الآخر ونقلده بينما ننقم على أنفسنا أن خرجت قناعاتنا لتكسو مظهرنا ؟؟؟
وحتى وإن اصطبغ البعض بذات المظهر، وخرجوا عن صحيح المعتقد والسلوك فهل يعطينا هذا الحق أن "نخلع" على كل من يحذوا حذوهم نفس الصفات؟ !!!!!
إن الأدب إن لم يكن منصفاً جميلاً داعياً للقيم والمثل فلا خير فيه
حسام الدين مصطفى

عزيز باكوش
14/12/2007, 10:52 PM
المبدع العربي الكبير نزار
اجدد مودتي واجدك رائعا في الكثير من تلميحاتك بخصوص القصة وارتياداتها الصعبة
دمتم للتنوير قلعة وللادب لبنة
عزيز باكوش يمجدك

عزيز باكوش
14/12/2007, 10:57 PM
الفاضل طه خضر
قد اشاطرك تصورك للمعضلة ...ولتفاصيل التخلف واسباب نزولها
قد اتماهى مع عمق خطابك

لكنني وددت لو اقول

ما يحدث هنا والان ، صورة عنا ، وعن المستقبل الذي نريد، ولعلك تتفق معي بان اقوى الضربات ، بل والاكثر ايلاما ، تاتي من اصحاب اللحى انفسهم ، لاخوانهم من ذوي اللحى ايضا . ولعل الاقتتال بين الاخوة الاعداء في كل مناطق التوتر بالعالمين العربي وزالاسلامي صورة جلية عن عمق المشكل ..هل نخفي الغابة بالشجرة؟؟؟
"
"الهجمة الشرسة لأعداء الإسلام والعروبة التي لم ترحم بشرا ولا شجرا ولا حجرا، حللناها جميعها وأخذ منا الترف الفكري كل مأخذ؛ فوجهنا سلاحنا لأصحاب اللحى ومن شاكلهم وسار سيرهم!!"
لا يسعني الا ان اتماها مع جوهر كلامك.... والى ان اقرا لك دمت متواصلا وعزيزا.

عزيز باكوش
14/12/2007, 11:00 PM
الفاضل حسام الدين مصطفى.
تحية عربية خالصة.
وددت لو قرات ردك قبل التفكير في انجاز عملي المتواضع هذا، هل تصدق بالله؟؟
عندما قرات ردك ، انتابني شعور غريب. لقد اصاب حسام كبد الحقيقة، فالسرد كان سيكون لو.....
خاطبت نفسي بشكل مسموع ، ما يقوله حسام عين العقل. وهو يشكل قيمة مضافة دون شك ، اعدك ايها الفاضل باستحضار ملاحظاتك في العمق ، الى ذلك الحين مودتي ستظل جامحة
فشكرا لحضورك ورزانتك ، ودمت للتنوير قلعة حصينة
عزيز باكوش / المغرب الاقصى

محمود عادل بادنجكي
14/12/2007, 11:36 PM
عندما تصبح القشور أكثر أهميّة من الّلب
نشمّ رائحة القرفة القشريّة... وننسى دفء المعطف
قصّة تلفحنا بمستقبل نضع عقولنا فيه على الرفوف
ونبيع ونشتري مبادئنا بلحية ومسواك... لاهين عن مخّ المبادىء.
أمسكت بمخّ المشكلة أيّها العزيز

حسام الدين مصطفى
16/12/2007, 02:56 PM
الفاضل حسام الدين مصطفى.
تحية عربية خالصة.
وددت لو قرات ردك قبل التفكير في انجاز عملي المتواضع هذا، هل تصدق بالله؟؟
عندما قرات ردك ، انتابني شعور غريب. لقد اصاب حسام كبد الحقيقة، فالسرد كان سيكون لو.....
خاطبت نفسي بشكل مسموع ، ما يقوله حسام عين العقل. وهو يشكل قيمة مضافة دون شك ، اعدك ايها الفاضل باستحضار ملاحظاتك في العمق ، الى ذلك الحين مودتي ستظل جامحة
فشكرا لحضورك ورزانتك ، ودمت للتنوير قلعة حصينة
عزيز باكوش / المغرب الاقصى

الأديب المبدع عزيز باكوش ...
تحية تمتد من قلب مصر يسري دفؤها حتى الرباط
لله در ردك .... والحق أستاذي الكريم أنك قد أهديتني هدية بالغة القيمة
وأخذت بيدي لتفصح لي عن سبب ذلك الشعور الدافئ والمحبة الصادقة لأهل المغرب الشقيق
تلك التي تزدهر أزهارها مع مطلع كل شمس منذ ذلك اليوم الذي تعرفت فيه على أخي وصنو روحي الدكتور فؤاد بو علي ...
ومنذ ساعتها وأنا أسائل نفسي ... لما هذه المحبة و المودة التي يغلفها كل احترام أكنها لأهل المغرب ....
هل هو لتواضعهم وطيب نفسهم؟؟؟
هل هو لدماثة وحسن أخلاقهم؟؟
هل هو لرقة شعورهم و جميل إبداعهم؟
هل هو لعقليتهم المتفتحة و كريم صبرهم؟
هل هو لبشاشتهم و إشراق إطلالتهم.؟؟؟؟
وهل وهل ....
ثم جاء ردك الكريم ليثبت أن أهل المغرب خاصة مبدعوها هم أهل لكل احترام وتقدير ومحبة لكل الأسباب السابقة وغيرها الكثير
تقبل تحياتي ومودتي واحترامي :fl: :fl: :fl:
حسام الدين مصطفى

عزيز باكوش
16/12/2007, 09:53 PM
الفاضل محمود عادل بادنجكي
معك في العمق ايها الرجل العميقة افكاره
معك في الجوهر سيدي

لنتواصل بمحبة
عزيز باكوش اقصى الغرب الاسلامي

عزيز باكوش
16/12/2007, 10:02 PM
العزيز حسام تحية عطرة
قرات رسالتك الى صديق الروح الدكتور فؤاد التي تقول فيها
"مشكلتي يا أخي الصديق أنني كنت أمر بما اصطلح إخواننا المبدعون على تسميته " أزمة المفكر"، وهي لعمري أشد إيلاماً من أي أزمة قد تعترض طريق المرء ... فيها وجدت نفسي كالذي يبحث عن ركن يختبئ فيه في حجرة الحياة المستديرة، فما وجدت الركن، وما تغيرت دائرة الحياة... هل رأيت كم أنا محظوظ!!!"

تاملت جوهرها فبدا لي ان المودة في اسمى معانيها تشد الروح رغم المسافات

مودتي لك جامحة اخي ولكتاباتك الراقية
عزيزباكوش يمجدك.

فؤاد بوعلي
17/12/2007, 03:11 PM
الأستاذ الفاضل عزيز
إبداع رائع وراقي يستلب القارئ ويجبره على القراءة حتى آخر نفس وهذا ينم عن قدرة هائلة في التناول القصصي للظواهر مهما اختلفنا في توصيفها
أستاذي الفاضل
وأنا أطالع القصة وجدت حديثا من حبيب الروح حسام الذي تجمعني معه قصة ود طويلة ونادرة في عالم الحاجة والتيه ... مالذي جمعنا وربطنا بهذا الود وهذه الأخوة؟ هل هو تقارب فكري أثثه التقارب بين الشعبين المصري والمغربي؟ ربما .... هل هو تقارب عقدي يوحد التوجهات ؟ ربما ... هل وهل وهل ..... الجواب في صفاء النية وإخلاص الود ... عندما التقينا أول مرة على فضاء النت كان التوافق في طرح الآراء هو الأساس ثم اتحدت أرواحنا لتؤسس لعلاقة فريدة في هذا النت وخارجه ... ولا أكتمكم سرا إذا قلت أن ما يعرفه عني حسام وما أعرفه عنه هو أكثر بكثير مما يعرفه أقرب المقربين ... لذلك هذه محبة صافية لا تنتهي بزوال مسببات نشأتها وتقوت في مراحل الأزمات حتى غدونا روحا واحدة تفرقت على جسدين ... وما يجمعنا أكبر من فضاء اشتركنا فيه أو انتماء وحدنا لمدة محددة ... وهذا هو الفرق :fl:
ودي وتحياتي
فؤاد

عزيز باكوش
20/12/2007, 12:27 PM
العزيزان حسام الدين مصطفى وفؤاد بوعلي
لكما معا تقدير في ارقى تجلياته
سرني جدا هذا التعاقد على صفاء الروح بين اقصى الغرب الاسلامي ومركزه
وددت لو تتفضلا بفسح المجال امام تسجيل اسمي ضمن بهائكما وصفائكما

انتظر الرد.

لكما كل الود ولواتا في ذكراها السادسة.
وللعرب والمسلمين في مشارق الارض ومغاربها بمناسبة عيد الاضحى المبارك

فؤاد بوعلي
20/12/2007, 01:26 PM
العزيزان حسام الدين مصطفى وفؤاد بوعلي
لكما معا تقدير في ارقى تجلياته
سرني جدا هذا التعاقد على صفاء الروح بين اقصى الغرب الاسلامي ومركزه
وددت لو تتفضلا بفسح المجال امام تسجيل اسمي ضمن بهائكما وصفائكما

انتظر الرد.

لكما كل الود ولواتا في ذكراها السادسة.
وللعرب والمسلمين في مشارق الارض ومغاربها بمناسبة عيد الاضحى المبارك

الأخ العزيز عزيزباكوش
شكرا على إحساسك الجميل ومرحبا بك في عالم الود والإخاء ونحن في انتظارك للتواصل ويمكنك من الآن الاتصال بنا عبر الماسنجر
ودي وتحياتي

حسام الدين مصطفى
22/12/2007, 03:22 AM
أخي المبدع الأديب عزيزباكوش
سلام عطر ... وتحية صادقة ... ومحبة لا تحد .... وتهاني لا تعد
لك من الكل المودة ما لا يخضع لقياس
لك من وفاء الصدق ما يستغربه كثير من الناس
لك من صفاء المشاعر ما لا تدركه الحواس
لك جميل كل أخوة .. و رقيق كل إحساس
ولا تعجب فذلك لأمران ...
أولهما أن الأرواح الصافية تحمل دوماً رسائل واضحة .... ورسالتك كانت في وضوح البللور و روعة الماس
وثانيهما أن أخي فؤاد كان خير سفير لإخواننا في المغرب واستطاع أن يعقد مع قلبي عقد محبة وإخاء ومودة وصداقة مع كل المغاربة ....
عقد تآخي بالجملة
فلأجل أخي فؤاد وما تلمسته فيه من ألمعية الفكر و نقاء القلب و صادق الشعور صار عندي إيمان بأن كل أهل المغرب مثله وهذا ما أحمد الله عليه
أن أعطاني صديق لأجله أحببت كل أهل المغرب، وصرت أعشق الغروب ... وصار قلبي في "رباط" محبة أخوية إلى يوم الدين بإذن الله ...
فأهلاً بك أخ كريم شقيق وطن لأخ كريم
والآن صار الفؤاد حسام عزيز، وصار الحسام عزيز الفؤاد، وصار العزيز حسام الفؤاد...:fl: :fl: :fl:

حسام الدين مصطفى

أبويزيدأحمدالعزام
22/12/2007, 09:43 AM
الاديب عزيز باكوش..... نص رائع يجسد تناقضنا وما نحن فيه,,فالتكفير والفتاوي التي لادخل لها بالدين الاسلامي الحنيف اصبحت بالجملة واصبحت كلمة كافر سهلة جدا عند البعض,, لا اريد ان اعلق اكثر لان ماخطت يداك تلخيص كامل لهذه المعاناة والظاهرة المزعجة, هناك اناس يظنون ان اللحى والبقعة السوداء على الجبين((التي تزداد سواداكلما فركتها بالثوم!!))تبيح لهم اصدار الفتاوي والتكفير بشكل عشوائي.
تحية لك دمت مبدعا يا ابن تونس الخضراء.
أحمد العزام

ابراهيم اسعد
25/12/2007, 03:06 AM
إطلاق اللحية أو حلاقتها بالكامل هي مسألة مرتبطة بحرية الإنسان الشخصية ، تماما مثل حريته باختيار ملبسه ومأكله ومشربه ، ومن الخطأ أن تؤدلج هذه المسألة لأي سبب من الأسباب.
"سوق اللحى" برأيي نص قصصي ، تجاوز بتحليله سطح الشكلانية برغم عنوانه ، وذهب لنقد بعض المظاهر السلبية التي أبتليت بها المجتمعات الإسلامية المعاصرة.
تحية لك أستاذ عزيز، وتقدير كبير لإبداعك الصادق.

ابراهيم اسعد
25/12/2007, 03:06 AM
إطلاق اللحية أو حلاقتها بالكامل هي مسألة مرتبطة بحرية الإنسان الشخصية ، تماما مثل حريته باختيار ملبسه ومأكله ومشربه ، ومن الخطأ أن تؤدلج هذه المسألة لأي سبب من الأسباب.
"سوق اللحى" برأيي نص قصصي ، تجاوز بتحليله سطح الشكلانية برغم عنوانه ، وذهب لنقد بعض المظاهر السلبية التي أبتليت بها المجتمعات الإسلامية المعاصرة.
تحية لك أستاذ عزيز، وتقدير كبير لإبداعك الصادق.

عزيز باكوش
27/12/2007, 12:30 AM
"والآن صار الفؤاد حسام عزيز، وصار الحسام عزيز الفؤاد، وصار العزيز حسام الفؤاد."
الاحبة فؤاد وحسام
جهة القلب احتفظ بروحكما الصافية وتواصلكما الانساني النبيل
جهة القلب ...والذاكرة

مودتي جامحة ساتصل قريبا

عزيز باكوش
06/01/2008, 01:33 PM
الزميل ابراهيم اسعد
ملاحظاتك قيمة تنضاف
ومودتنا لابد لها ان تنمو وتتواصل
شكرا لبهائك
عزيز باكوش

عزيز باكوش
06/01/2008, 01:35 PM
الاخ الفاضل ابو هاجر احمد العزام
ملاحظاتك جهة القلب سيدي
والذاكرة ستحتفظلك بجميل الحضور والمرور
عزيز باكوش

ناجي عزيز
09/01/2008, 09:17 PM
أرى أن هذه الظاهرة التي يحاول القاص عزيز باكوش تعرية سلبياتها
هي ظاهرة منتشرة ومتغلغلة في معظم مجتمعاتنا العربية و تمثل الأزمة الفكرية
لدى هذه المجتمعات.

عزيز باكوش
11/01/2008, 02:12 PM
العزيز ناجي عزيز
سعيد بضمك الى قائمة الاحبة
اشاطرك ما تفضلت به
لنتواصل ايها البهي بانتظام

عزيز باكوش يمجدك