المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توقعات نهاية العام ( مجرد وجهة نظر) 1-2



أسامه طلفاح
16/12/2007, 07:33 PM
مع بداية النهاية للعام 2007 ، تتضح صورة جديدة للأيام القليلة القادمة في الوسط العربي ، لا تختلف عن سابقتها من الصور المليئة بالدماء و الدمار و عدم الاستقرار ، و من المفروض حسب تداعيات العالم اليوم و خصوصاً منطقة الشرق الأوسط أن تظهر صوراً جديدة في عالمنا العربي و العالم الآخر ،

مبنية على أسس بالأصل ليست غريبة عنا و لكن بمقومات جديدة مليئة بالمفاجئات.

و قد تقودنا تلك الصور الكثيرة التي خرجت في العام 2007 إلى عدة أمور و أحداث جديدة سنشاهدها قريباً نتيجة مجريات ما يحدث في العالم اليوم و بالتحديد في الوسط العربي و المثلث العربي الأكثر أهمية على الساحتين العربية و الدولية ، فلسطين ، العراق و لبنان و ما يحدث هناك. و حسب توقعات كثيرة فإن ما طرأ في هذا العام من تغييرات و صور يشير إلى قرب ما يسمى " بداية النهاية" للكثير من الأمور قد تكون إحداها انهيار منظومة الديمقراطية و الحرية بشكل أوسع بعد إماطة اللثام عنها...

الأيام القليلة القادمة كفيلة باظهار موعد غير متوقع لنشوب "عالمية ثالثة" بكل معنى الكلمة ..

على الساحة العربية

كنت قد كتبت مقالاً مع بداية هذا العام معنون بـ " قراءة في الأحداث السياسية للعام 2007" و كانت الحلقة الأولى من هذا المقال تتحدث حول ما سيجري في فلسطين و لبنان من أحداث ، بنيت على أسس كثيرة من ضمنها مجريات الأحداث التي طرأت على الساحة الفلسطينية أو اللبنانية في العام 2006، و خصوصاً بعد حرب تموز.

و للأسف الشديد تحقق كل ما أوردته في مقالي من قراءة مستقبلية عمّا سيجري في كلٍ من فلسطين و لبنان، بل و كانت النتائج التي حدثت في كلٍ من البلدين أشد إفكاً و دماراً على الشارعين الفلسطيني و اللبناني.

فقد تم انتهاك حرمة الدم الفلسطيني من قبل الفصائل الفلسطينية نفسها التي تتنازع و تتقاتل على كرسي الحكم و المسؤولية التي بلا شك أن من يتنازع عليها الآن في فلسطين أبعد ما يكون عن المسؤولية و الوعي لمصلحة الشارع الفلسطيني و القضية الفلسطينية ، فقد وصل الأمر إلى قيام دولة "حماسستان" في غزة و دولة أخرى و هي "فتحستان" في رام الله ، ضمن إطارٍ من الحقد و الكراهية أدى لزلزلة الشارع الفلسطيني أكثر مما يقوم به العدو الإسرائيلي هناك.

أما في لبنان فقد كان و لا زال مفهوم " طخ الوطنيات" و القوميات متواجداً و بشكل أكبر مما كان عليه في السابق نتيجة سباق من يطلقوا على أنفسهم رجال الساسة في لبنان على كراسي زركشتها دماء اللبنانيين ، فلا زالت لبنان اليوم تعيش ضمن مفهوم اللادولة ، فكل ما يجري هناك لا يمتّ للقانون بصلة ، فوقع لبنان بحمامٍ من الدماء و الدمار المتتالي .

و لغاية اليوم لم يتفق أي تلك الأطراف في لبنان على أمرٍ واحد يقود إلى مصلحة و حماية لبنان و أهله من كل الأهوال المحيطة به ، فأصبحت تلك الأطراف عبارة عن عصابات تقاتل بعضها البعض على حساب لبنان و أهله.

أما في العراق ، فكان و لا زال الأمر أسوأ من كل التوقعات التي طرأت على ذهن الواحد منّا في حينٍ من الدهر، فما يحيط في العراق اليوم من أحداث يثير العجب و يدعو للوقوف إلى كل نقطة ، من حيثية الاقتتال الداخلي و الاحتلال الأمريكي ، و التواجد الإيراني و تقسيم العراق إلى أقاليم و تخبط الساسة في العراق ما بين أمريكا و إيران ، و الدور الذي تلعبه الأطراف الغربية في العراق مع عدم وجود أي دور عربي في العراق. و لا ننسى التوتر الكبير بين أمريكا و إيران حول ملف إيران النووي و غيرها من القضايا "الهوليودية" ، و الدور الذي تلعبه اسرائيل في هذا الأمر .

ما يحدث في الوسط العربي اليوم ليس جديداً على الساحة العربية من شتى انواع الدمار و الدماء و الذلّ و لكن يجدر الإشارة إلى أن هذه الامور ستقود الأمة العربية من خلال مجريات ما يحدث في العالم اليوم و خصوصا في منطقة الشرق الأوسط و حدة التوتر الكبيرة بين أمريكا و إيران إلى أبعد مما نتصور ، و الدور العربي الذي سنرغم عليه ، يقودنا إلى الكثير من التوقعات التي لم تخطر على بالِ أحدنا يوماً .

لأن المثلث المرسوم اليوم أطرافه أمريكا و إيران و العرب في تخبطهم و إدراكهم لحقيقة ما سيحدث بين أمريكا و إيران في حال إقدام أمريكا مثلاً على ضرب إيران و ما هي التبعات التي ستلحق العرب نتيجة هذا الأمر و نتيجة سياسة كل من أمريكا و إيران تجاه العرب و التهديدات التي تطلق في السر و العلن من قبل أطراف النزاع الأمرو إيراني ، فتعيش الامة العربية اليوم ضمن موقفٍ صعب للغاية نتيجة انقسام الجبهات و نتيجة التهديدات التي تطال الأمة العربية و خصوصاً الخليج العربي من أطراف النزاع الرئيسية.

تقودنا مؤشراتٌ كثيرة من خلال الأحداث و الأهوال التي كان مركزها الوسط العربي خلال الأعوام القليلة الماضية إلى قرب ساعة الصفر و قرب "بداية النهاية" للكثير من الأمور ، مع الأخذ بعين الاعتبار مكانة روسيا اليوم و عودتها الحادة على الساحة العالمية ، و غيرها من الدول التي بدورها ستعيد العالم من جديد إلى معسكرين ، تبدأ من خلالها بداية النهاية و ظهور امبراطورية جديدة قد تكون ليست بالحسبان تماماً.

يتبع...

أسامه طلفاح
16/12/2007, 07:36 PM
بعد سقوط بغداد في التاسع من نيسان للعام 2003 ، تبين للعالم التحالف " الأمرو إيراني " حول نظام صدام حسين ، بحيث كانت الحرب مشتركة بصرف النظر عن جنسية أو عرقية القوة العسكرية التي شنت الحرب على العراق في ذلك العام ،

فبدا للعيان أن هنالك تحالف " أمرو إيراني" مشترك ضد النظام السابق في العراق و كانت العملية - عملية مقايضة ، ليس إلا بين أمريكا و إيران و أطراف أخرى ، فقد جاء الدور الإيراني بدايةً مبهم و غير واضح و غير معلن بشأن تلك الحرب و لكن ما أن سقطت بغداد و تواجد الحرس الثوري الإيراني في بغداد بعد ذلك التاريخ ، اتضحت الصورة شيئاً فشيئاً .

لم يكن صدام حسين بشخصه مثلاً عائقاً في طريق تحقيق أمريكا و خلفها اسرائيل مبتغاها جراء احتلال العراق ، و لنا في تصريحات الكثير من المسؤولين الأمريكيين حول هذا الأمر مثالٌ واضح و صريح ، أن هدفهم لم يكن صدام حسين بتاتاً ، و لكنه كان شماعة و ذريعة بالنسبة للأمريكان و غيرهم جراء الاعتداء على بلد عربي مسلم عريق له مكانته الكبيرة في الساحتين العربية و الدولية من شتى النواحي و خصوصاً أن نظام صدام حسين كان و لو بالظاهر يهدد ما يسمى الكيان الصهيوني .

لكن الأمر مختلفٌ تماماً بالنسبة لإيران ، فقد كان صدام حسين لحينٍ من الدهر عائقاً كبيراً لتحقيق ما تريد الوصول له إيران بشأن عدة أمور ، و خصوصاً ما يسمى تصدير الثورة مع استغلال نسبة الشيعة في العراق و نسبة المواليين لإيران من أبناء العراق ، و لهذا الأمر أهداف باطنة كثيرة ، بلا شك أنها لا تخرج عن إطار الأطماع الاستعمارية في بلد بمكانة العراق ، ساهم و بشكل كبير جداً و حدّ من الهيمنة الفارسية عليه و على دول الخليج العربي و بعض الدول العربية من حيثية تصدير الثورة و تشكيل ما يسمى المثلث الشيعي.

فقد نهبت و سرقت أمريكا و عملائها في العراق آثار وأموال و نفط العراق و أعادته آلاف السنين للوراء ـ بالمقابل فُتح المجال للجانب الإيراني من حيثية ما يسمى تصدير الثورة و السيطرة على العراق من منحنى فكري باتباع طرق كثيرة ، من التهجير و القتل و التعذيب و التفجيرات التي بلا شك أن إيران و أمريكا شاركت بها بالتعاون مع عملاء كل منهما المباشرين و غير المباشرين ، لزلزلة العراق و جعله عبارة عن شلال من الدماء و جبال من الدمار ، و أُخذت هذه الأمور ذريعة لكلٍ من أمريكا و إيران للبقاء و السيطرة على العراق كل حسب اتفاقه.

لكن ما انفك الامر حتى اكتشفت أمريكا ماهية الدور الذي تلعبه إيران في العراق و تأثيرها على بعض الدول العربية الاخرى و خصوصاً ضد اسرائيل و " انقلاب السحر على الساحر"، و تناست الإدارة الأمريكية مبدأ " إيجاد عدو آخر قبل أن يوجد" ، بعد ما شُغلت بالحرب على العراق و حصاره منذ على ما يزيد عن ثلاثة عشر عاماً ، فكانت إيران في ذلك الوقت تعمل بشكل كبير للغاية على تمكين نفسها عسكرياً حتى أصبحت من الدول العظمى عسكريا التي يحسب لها ألف حساب ـ و كانت إيران قد كونت نفسها سياسياً و اتخذت من مبدأ سياسة "العصا و الجزرة "و" شد الحبل" مع اختيار المكان و الزمان المناسبين منبعاً لتسيير أمورها .

فقد كانت سياستها في السنوات القليلة الماضية سياسة ذكية للغاية ، أجادت من خلالها لعب عدة نظريات و ألعاب سياسية مباغتة ، مستفيدة من نظريات و خطط "شطرنجية" .

و كانت سياستها الفكرية هي الأقوى من بين كل السياسات ؛ و التي جاءت بنتائج سريعة تعتبر ايجابية مقارنة بسياسة أمريكا ، و بهذا سيطرت إيران بشكل أكبر على العراق من حيثيات كثيرة أكثر مما سيطرت أمريكا و حلفاءها على العراق من الحيثيات الأخرى المتنوعة.

جاء الاكتشاف الأمريكي لما يسمى " بالخطر الإيراني" في وقت متأخر نوعاً ما ، و أدركت الإدارة الامريكية و حلفاءها الخطر الإيراني الذي يواجه قواتها في الخليج العربي و منطقة الشرق الأوسط و بالأخص الخطر الذي يواجه اسرائيل من قبل إيران ، و خصوصاً بعد ما تبين التطور العسكري الإيراني بهذا الشكل ووجود البرنامج النووي الإيراني الذي أصبح بلا شك شغل و شاغل العالم و خصوصاً أمريكا و اسرائيل.

فحاولت أمريكا قدر الإمكان من خلال الدبلوماسية الأمريكية حلّ هذه المشكلة و لم تنجح بالوصول إلى أي نقطة مع الإدارة الإيرانية ، و حاولت بعدها من خلال جلسات مجلس الأمن و الضغط الدولي على إيران بإيعاز من الإدارة الأمريكية حول انهاء البرنامج النووي الإيراني و لم تنجح أي الأطراف بالوصول إلى نتيجة إيجابية حول هذا الامر.

فبدت حدة التوتر " الأمرو إيرانية" تزداد بشكل ملحوظ للعالم و خصوصاً حول العراق و أمنه و دور إيران الآن في زعزعة أمن العراق و دعمها للمنظمات التي تطلق عليها الإدارة الأمريكية "إرهابية" و التي تشكل خطر كبير على الابن المدلل لأمريكا ألا و هي اسرائيل.

و مع كل الضغوطات الأمريكية و الدولية على إيران للعدول عن برنامجها النووي ، لم تصغي إيران لأي من تلك الأصوات ، و بدأت كل من الدولتين إيران و أمريكا تلعب لعبة سياسية واحدة كل منها تجاه الأخرى ، و لا بد لنا من الإشارة هنا إلى الدور الذي تلعبه الدول الغربية بدعمها للموقف الأمريكي ، و الدور الذي تلعبه روسيا باطنياً و الصين بشأن موقفها الذي يعتبر محايداً حول الشأن الإيراني.

فبدأت التهديدات بازدياد مستمر من قبل الإدارة الأمريكية المتخبطة كثيرا في العراق و أفغانستان على إيران ، و التي بلا شك إن صحت تلك التهديدات و أصبحت حقيقة ملموسة لن تكون أمريكا الطرف الوحيد في حربها ضد إيران .

هذا و يلعب الاتحاد السوفيتي بقيادة " فلامدير بوتين" الرئيس الروسي دوراً كبيراً بالشأن العالمي اليوم ، الأمر الذي لم تأخذه بعض الأطراف على محمل الجد من ماهية عودة روسيا إلى الساحة الدولية اليوم و بقوة بعد ما ظن البعض أن ما يسمى " العدو الشيوعي الأحمر" الذي كان يشكل خطراً على أمريكا في السيطرة على العالم قد انهار تماماً و لا يقوى على الوقوف من جديد و خصوصاً بهذه السرعه.

و كلنا يعي تماماً أن أمريكا و روسياً طرفا صراع و معسكرين منفصلين تماماً ، بينهما توتر كبير و خوف من الآخر ، و بهذا من المعلوم أن روسيا تقف بجانب الصف الإيراني و كذلك الامر بالنسبة لبعض الدول الأخرى التي ستكون مفاجأة جديدة على الساحة الدولية من حيث القوة العكسرية و التي يظنها البعض أنها " أحادية الضغط" .

إيران اليوم على أهبة الاستعداد للمواجهة القادمة التي حذر منها الكثيرون ، حيث أنها تقف في واجهة المعسكر الآخر المعادي لأمريكا و حلفاءها ، و خصوصاً بعد الكم الهائل من التصريحات التي أدلى بها المسؤولين الأمريكيين و أولهم الرئيس بوش ، و بعد التهديدات التي كانت و لا زالت تخرج كل يومٍ من الإدارة الأمريكية و القوة الأخرى المسيطرة في العالم بشأن إيران .

مقدمة و صورة بسيطة يتضح لنا من خلالها عدة تأملات على حافة النهاية (قد) تنذر بعالمية ثالثة ، ستكون أمتنا العربية حاضنتها بلا شك ، متخبطين كالعادة بين "حانا و مانا" ، و يبقى السؤال قائماً : هل سيسقط التمثال و المثال و يبقى الكابوس؟!!.

هذا ما ستجيبنا به الأيام القليلة القادمة ...

يتبع ..

أحمد المدهون
01/01/2013, 12:16 PM
المقال منشور في (واتا) منذ عام 2007 ، وجدته في ركن (مواضيع قيد التبويب).
وفيه قراءة وتحليل واستشراف يدعو للتأمل، وخاصة فيما يتعلق بالتغيرات التي حصلت وما زالت في العالم العربي.

أنقله إلى المكان الأنسب، لعلّه يحظى بقراءة ومناقشة من المهتمين.

أشكر صاحب المقال الأستاذ أسامه طلفاح، وأرجو أن يكون بخير، ونأمل عودته القريبة.

تحياتي.