المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الف ليله و ليله من اليابان



محمد الطواب
22/12/2007, 01:08 PM
اجمع الكثيرون من دارسى وقارئى التراث الادبى اليابانى على ان سيرة الامير (غينجى ) هى اروع ما كتب فى تاريخ الادب اليابانى فى عصر النبلاء فى القرون الوسطى
و سيرة الامير غينجى و نكتبها بالغين حتى تنطق بنطقها الصحيح (g)ولا تنطق خطأ (j )وهذه الروايه او السيره تتغلغل مادتها الروائيه فى دهاليز مجتمع النبلاء فى تلك العصور وكعادة الاعمال الادبيه الكبيره فهى تعكس افراح و اتراح كل الشخصيات ومشاعر و احاسيس و تقاليد كل الشخصيات التى وردت بها و تعتبر هذه السيره هى انضج ما كتب فى فن السيره فى اليابان وهى الارقى فنيا فى الشكل و الاسلوب و الصياغه من الاعمال الاخرى التى تعرضت لسير شخصيات اخرى فى اليابان مثل (تاكيه تورى مونوجاتارى) او سيرة الحطاب و كذلك انضج من قصة او سيرة الاميره (أوتسوبو) و قد اتفق النقاد والادباء وسائر المهتمين بالادب اليابانى على ان مؤلفة هذه السيره الطويله جدا و المتشابكه و المتفرعه الاحداث و الكثيرة فى شخصيتها و شخوصها هى السيده (موراساكى شيكي بو) و هى كما يقال كانت تعمل وصيفه بالقصر الامبراطورى انذاك و قد كانت احدى بنات والى مقاطعتى (ايتشى غو ) و (ايتشى زين) و قد كانت وصيفه خاصه بالاميره (ايتشى جوه) ويقال انها كتبت هذه السيره و انتهت منها اثناء خدمتها بالقصر الامبراطورى فيما بين عامى ( 978 م) و( 1014م) و لكن هذه التواريخ ليست مؤكده بشكل قاطع .. و تلاحظ ان هناك تشابه بين اسم المؤلفه و وبين
( موراساكى نو أويه) التى كانت احدى زوجات الامير( غينجى) الشرعيات فى السيره فأخذت منها اسمها الاول ولكن باقى التسميه يرجع الى ان و الدها كان يعمل فى منصب رفيع فى القصر الامبراطورى يسمى باليابانيه ( شيكى بو نوجوه) فلذلك سميت بالليدى ( موراساكى شيكى بو) و هو بالطبع ليس اسمها الحقيقى ..

تدور احداث هذه السيره او الروايه الطويله جدا او الملحمه فى 54 فصلا ولكل فصل عنوان
وقد قسمها النقاد الى 3 اجزاء ينتهى الجزء الاول منها بعد الفصل الثالث و الثلاثون و الجزء الثانى بعد ثمانية فصول اما الجزء الثالث فينتهى بعد الـ 13 فصلا الباقيه .

و للقارئ اقول انا لست بصدد التعريف بشخصيه عربيده منحله و مستهتره لتمجيدها لا قدر الله و لكن الامانه العلميه تحتم على كلما اتيحت لى الفرصه بأن ا قدم تعريف
مبسط للادب اليابانى القديم و اشهر ما كتب فيه وكانت سيرة الامير(غينجى) هى الاشهر و الاضخم و الانضج من ناحية الشكل و المضمون فى العصور الوسطى عصور النبلاء .. تماما مثلما نتعرض فى دراستنا الى الف ليله و ليله كعمل ادبى ضخم بغض النظر عما يحتويه من اشارات و تلميحات و تصريحات و احداث تصل فى بعض الاحيان الى حد الفجاجه الغير مقبوله اخلاقيا او دينيا. ....و للاسف ما يصل الى يد القارئ العربى عن الادب اليابانى لازال قليلا جدا و معظمه ليس مترجما عن اليابانيه مباشره و لكنه فى معظم الاحيان يكون مترجما عن الانجليزيه بواسطة بعض الكتاب الاجانب و خاصة ترجمات الكاتب ( دونالد كين) الذى ترجم الكثير من الاعمال اليابانيه وقام بعض العرب و المصريين بترجمتها الى العربيه مما قد يبعدنا قليلا عن روح الادب اليابانى نتيجه للترجمه غير المباشره و التى تترجم الى الانجليزيه اولا ثم بعد من الانجليزيه
الى العربيه

ملخص السيره
القارئ لهذه السيره يدرك للوهله الاولى ان الاسماء التى وردت بها ليست حقيقيه و لكنها ترمز الى اشخاص حقيقين و احداث حدثت بالفعل فى البلاط الامبراطورى حتى
عام 1014م
و قد يعتقد القارئ انه بصدد سيرة (بلاى بوى ) او( دون جوان) او شخصيه عربيده مستهتره بوهيميه لا يهمها سوى علاقاتها النسائيه وكل همها هو الايقاع بأكبر عدد من ضحاياه من النساء لان القارئ سيجد ان هذا الامير كانت له علاقات نسائيه بأكثر من ثلاثين سيده فى القصر الامبراطورى فى الزمان و المكان نفسيهما ولكن من خلال هذه العلاقات المتعدده و التقاء الشخصيات به و التقائه بهم يتضح لنا و يتكشف لنا الكثير مما فى مكنونات هذه الشخصيه العربيده المستهتره من نبل و فروسيه و صفات كثيره حسنه الى جانب الكشف عن الكثير من مكنونات سيدات القصر الامبراطورى وما يدور فى هذه القصور فى تلك الاونه من احداث . و ملخص السيره هو ما سنعرضه فى هذه السطور

تبدء السيره بمولد الامير( هيكارو غينجى) بطل حكايتنا لابيه الامبراطور (تسوبوه) وامه وصيفة القصر التى كانت من اصل متواضع و ليست من النبيلات فكونها ام الامير لا يرفع من شانها و لكن وليدها هو فقط من يحوذ شرف النبلاء و يصبح اميرا و قد توفيت امه عندما تجاوز الامير عامه الثالث .. و كعادة اليابانيون انذاك و بعد ان بلغ الامير عمه الثانى عشر اقيمت له مراسم البلوغ و تم تزويجه من ابنة وزير الميسره و هى الاميره (أأوى نو أويه) التى كانت تكبره بـ 4 سنوات و لكن الامير لم يفتن بها ووقع فى غرام زوجة ابيه الاميره (فوجى تسوبوه ) و التى كانت تشبه امه وربما يكون هذا من اسباب تعلقه بها و ااندفاعه اليها ووقد وقع فى المحظور معها وفعل معها خطيئته الاولى ثم تركها وانتقل الى أمراة اخرى عندما وصل الى الثامنة عشر وهى صبيه فى عامها العاشر وهى الاميره (موراساكى نو أويه ) و التى التقى بها مصادفة فى منطقة جبال (كيتاياما) بضواحى (كيوتو) و هى ابنةاخت الاميره (فوجى تسوبوه) و يهيم بها ويأخذها معه الى القصر ليقوم بتربيتها و رعايتها وبعد ان توفيت زوجته الشرعيه (أأوى نو أويه) تزوج من (موراساكى)بعد ان وصلت الى سن البلوغ ..واثناء زواجه من هذه الاميره الصغيره تعددت علاقاته النسائيه بالكثيرات و منهن الاميره (اوبوروه زوكى بو)ابنة وزير الميمنه و لكنه بعد افتضح امر علاقته السريه بها و خوفه على نفسه هرب الى منطقة سوما النائيه على ساحل البحر غرب (كيوتو) و هناك فى مقاطعة ( أكاشى ) تزوج من الاميره (اكاشى) ابنة والى مقاطعة (هاريما) الاسبق و انجب منها ابنته الاميره (اكاشى نوهيميه غيمي) و لما بلغ سن الثامنه و العشرون وفى خريف هذا العام صدر العفو عنه من اخيه الامبراطور (سوازكو)فعاد مرة اخرى الى العاصمه مع حاشيته ثم يتقاعد اخيه الامبراطور و يتولى من بعده الامبراطور الصغير (رىزى)مقاليد الحكم و هو هذا الذى كان فى الواقع ابنه الذى ولد سفاحا من الاميره (فوجى تسوبوه ) زوجة ابيه الذى كان قد وقع فى الخطيئة معها .. و اخذ الامير غينجى يرتقى الى اعلى المناصب حتى وصل الى منصب وزير الوزراء وقام ببناء قصر كبير فى العاصمه اسماه قصر ( روكو جوه نو أين) وخصص لكل واحدة من زوجاته و عشيقاته جناحا خاصا بها وقام بتبنى اميره صغيره تدعى (تاما كازورا) و هى ابنة عشيقته التى وافتها المنيه (يوونماأو)و فى نفس الوقت هى ابنة صديقه و شقيق زوجته الراحله ( أأوى نو أويه) و لم تسلم هذه الصغيره ايضا من محاولاته لاخضاعها و اقامه علاقه معها و لكن سارت بها الامور الى ان تزوجت على غير رغبتها او رغبته فقد تزوجت من الامير (ذو اللحيه السوداء ) و فى هذه الاثناء كان ابنه الامير الشاب (يوو غيرى) من زوجته الراحله (أأوى نو أويه) قد تم زواجه من الاميره (كوموى نو كارى ) بعد قصة حب طويله . اما الاميره الصغيره ( أكاشى نو هيميه) فقد صارت زوجه من زوجات الامبراطور دون ان تعرف انه ابن شقيقها الذى ولد سفاحا من ابيها . وفى احد فصول الخريف و عندما بلغ الامير غينجى عامه التاسع و الثلاثين حصل الامير على شرف استضافة الامبراطور المتقاعد (سوازكو) و اخيه الاصغر الامبراطور (رىزى) فى قصره المنيف و بهذا اصبح الامير غينجى فى اوج سلطته و عظمته بين رجال الدوله و عندما اعتزل الامبراطور (سوازكو) الحياه و اتجه الى حياة الزهد و التنسك ارسل ابنته الصغرى (أوننا سان نوميا) الى اخيه غينجى لحفظها عنده على ان تصير زوجة شرعية له عند بلوغها و عندما وصل الامير غينجى الى سن الاربعين تم زواجه منها و كان حفل العرس الذى تحدث عنها النبلاء و الامراء لايام طوال مما جعل الغيره تدب فى قلب زوجته الاميره (موراساكى نو أويه ) و بعد عدة سنوات تولى الامبراطور (طووغو ) الامبراطوريه ( وهو حفيد غينجى وزوج ابنته فى نفس الوقت) فصارت الاميره (اكاشى نوهيميه) بذلك زوجة الامبراطور .. ولما بلغ الامير غينجى عامه السابع و الاربعين توفت زوجته المحبوبه (موراساكى نو أويه)و اثناء انشغاله بها اثناء مرضها وقعت زوجته الشابه (أوننا سان نوميه) فى الخطيئه مع الامير (كاشى و اغى) و الذى كان مولعا بها منذ فترة طويله و حملت منه سفاحا و ادرك الامير غينجى امر هذه الخيانه فعانى الكثير وتذكر خطيئته هو شخصيا مع زوجة ابيه و عاش بقية عمره يعانى من عقدة الذنب و عاش فى الرعب من الفضيحه ..
و بعدان وضعت الاميره مولوها سفاحا و اطلق عليه اسم الامير(كا أورو) حلقت شعرها وزهدت الدنيا كلها ورحلت لتعيش فى الجبل لتكفر عن خطيئتها ..اما العشيق الذى هو فى الحقيقه ابن الامير غينجى وهو لا يعرف ذلك و كأنه قد جاء ليقتص من الامير غينجى الذى وقع فى الخطيئه مع زوجة ابيه ..ليقع فى الخطيئه مع زوجته و لكنه هذه المره لم يكن يعرف انها زوجة ابيه مثلما كان يعرف الامير غينجى نفسه حينما وقع فى الخطيئة مع زوجه ابيه و كأن السيره تؤكد لنا انه كما تدين تدان ...ولما بلغ الامير غينجى سن الخمسين ماتت الاميره (موراساكى ) فقرر ان يعتزل الحياه و الناس و ترك بعد ان توفى ابنه الامير (كاأورو) الذى نشأ على على عكس ابيه وباقى سكان القصر فقد كان حسن الخلق و السلوك
و لكنه بعد ان علم ما حدث من امه و خيانتها لابيه اصابه اكتئاب شديد دفعه هو الاخر الى الاتجاه لاعتزال الدنيا وذهب ليعيش فى مقاطعة اوجى على نهر (اوجى كاوا) او على نهر اوجى لان كاوا تعنى باليابانيه نهر و لا يجوز ان نقول على نهر نهر اوجى و لكنه لم يستمر على اخلاقه الطيبه طويلا فقد تحول هو الاخر الى زير نساء كابيه الى ان تورط فى علاقه سريه مع امرأه تدعى (أوكى بونيه) التى وقعت هى ايضا فى علاقه اثمه مع غريمه (نيئوأو نوميا) الى ان حاولت هى وضع حدا لهذه العلاقه و خشت من الفضيحه و حاولت الانتحار فى نهر اوجى و لكن لان لازال لها من العمر بقيه فقد انقذها يعض الرهبان فذهبت معهم و حلقت راسها و اعتزلت الدنيا و مافيها و حاول الامير استعادتها مره اخرى الا انها ابت ذلك وفضلت البقاء فى معبد بوذا لتكفر عن ذنوبها ..

عزيزى القارئ هذه كانت محاوله متواضعه للتعريف باهم الاعمال الادبيه فى تاريخ الادب اليابانى قاطبة و هى سيره الامير غينجى او (الف ليله و ليله ) الادب اليابانى كما يفضل ان يسميها الدكتور احمد فتحى الاستاذ بقسم اللغه اليابانيه بجامعة القاهرة و هو استاذى و زميل دراستى الذى لولا جهوده طيلة العشرون سنة الماضيه و التى قدم فيها الكثير من الترجمات للاعمال الادبيه من اليابانيه الى العربية و العكس ما كنا لنعرف شيئا عن هذا العمل الادبى الضخم الذى جاءت ترجمته فى حوالى 661 صفحه من القطع المتوسط و مع ذلك لضخامة هذا العمل الادبى فيؤكد الدكتور احمد فتحى بانه قد ترجم النسخه المختصره للسيره حيث ان السيره الاصليه بلغتها الكلاسيكيه الاصليه يفوق حجمها اضعاف اضعاف هذا العدد من الصفحات بالاضافه الى صعوبة ترجمة هذه النصوص فى صيغتها الكلاسيكيه القديمه و التى تصعب على اليابانين انفسهم ترجمتها الى اللغه الحديثه الابسط منها كثيرا ومعنى ذلك كما يؤكد د. احمد فتحى انه قد قام بترجمة النسخه المختصره و التى ترجمها من اليابانيه الى اليابانيه اولا الاديبه المعاصره (سيطو أوتشى جاكوطشوه) ( Jakucho Setouchi) ويأمل د. احمد فتحى ان يرى يوما ما من بين تلاميذه من يستطيع ان يقوم بترجمة النسخه الاصليه الكلاسيكيه الضخمه و التى قد تحتاج لااكثر من عشرة اعوام لترجمتها الى العربيه . ولسيره الامير غينجى كبير الاثر فى الادب اليابانى الحديث و من هؤلاء الذين تاثروا بهذه السيره و خاصه فى وصف الطبيعه و الشخوص الاديب اليابانى العالمى الحائز على نوبل عام 1968 (كاوا باتا ياسونارى ) صاحب روايتى ( الف طائر كركى ) ورواية (صوت الجبل ) و غيرهما .

فى النهايه نشكر للدكتور احمد فتحى جهوده المخلصه فى الترجمه سواء اكانت الادبيه منها او ترجماته التى خصصها لخدمه الاسلام و المسلمين حيث انه يعكف الان على ترجمة العديد من الكتب الدينيه الاسلاميه الى اليابانيه بالشكل و الاسلوب الذى يتناسب و مخاطبة المجتمع اليابانى ونفسية القارئ اليابانى و ذلك لخدمة الدين الاسلامى ..... وفقه الله لما فيه خير الاسلام و المسلمين ...