المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبنت عم للزواج؟!



حسين نوح مشامع
22/12/2007, 05:05 PM
أبنت عم للزواج؟!
انتظر طويلا وهو ينظر إلى أبناء أخوته وهم يتزوجون، واحد بعد آخر. ينظر إليهم وهم يتسللون من بين يديه، كأنما يحاولون الهرب منه كجمل أجرب. دون أن يفكر أي منهم ولا من أبائهم، في أمر بقاء ابنته طوال الفترة الماضية دون زواج. فلقد أنهت دراستها وجلست في البيت، وزهرة شبابها تمضي وتذبل مع الأيام. كثمرة نضجت وحان قطافها، قبل أن تسقط من على أمها، ويصيبها العطب والتلف. فهاهي تنتظر العريس بفارغ الصبر. أليس من حقه عليهم أن يراعوا شعوره وشعور ابنته؟! فإنما هم كعين عذاري يروون البعيد ويتركون القريب عطشاناً يقتله الظمأ.

إذا كان سوء خلقه قد أبعد الناس عنه، على سبيل المثال، فهل تتحمل هي ذنب اقترفه أبوها؟! وهل تزر وازرة وزر أخرى؟! وإذا كان هو الملام لعدم تقدمه إلى أخوته في أمرها؟! فإنه لم يترك فرصة أو مناسبة، إلا وكلمهم وذكرهم بحقوق القرابة التي بينهم. ولم ينسى ذكر أمر ابنته، وجاهزيتها للزواج والاقتران بأي من أبنائهم. ولقد ذكر أن نفعت الذكرى!

إذا كان ذلك بسبب ابتعاده عن زيارة إخوته؟! فان ما جناه من مشاكل و مصاعب، بسبب تلك الزيارات لكثير! فانه لا يستطيع أن يحضر في تجمع عائلي أو اجتماعي، دون أن يبدي رأيه. مما جعله يبتعد مع الوقت ويخفف من الزيارات، اتقاء للخلافات تلك التي ظهرت بسبب اختلاف الآراء! فهم لا يحترمونه، ويخالفونه الرأي مخافة تأثير رأيه على نفسية بعض الحضور، أو لاعتقادهم بجنونه وعدم حكمته.

أم إذا كان بسبب الخوف من الأمراض الوراثية، التي تنتقل عن طريق الزواج من الأقارب؟! وهل في المنطقة شخص هذه الأيام يخلو من الأمراض، سواء منها الوراثي وغير الوراثي؟! وهلا ينظرون إلى أبناء المنطقة، وهل هم إلا أقارب، أما عن طريق الآباء، أو عن طريق ألأمهات؟! أو لا يعلمون إنما يصيبهم إلا ما كتب الله لهم؟!

لذا هل يعقل أن يترك الأبناء ليتزوجوا من غريبات ومن خارج بيت العائلة؟! وهلا يرشدوا إلى واجبهم اتجاه عوائلهم!؟ وهل يعقل ترك بنات العائلة الكثيرات، لمجرد أهواء الشباب ورغباتهم؟! كل ذلك لأسباب تافهة، أن الوقت قد تغير، والأفكار قد تبدلت، ولم يعد الأبناء يستمعون لأراء أهليهم. فهذه لم تكن عاداتنا وتقليدنا، التي تربينا ودرجنا عليها. فلقد كان الأهل يختارون الزوج والزوجة، وعلى الشاب والشابة القبول والانصياع دون مراجعة أو اعتراض. فهل خربت حياتهم، بسبب تلك الطريقة؟!

أو التمسك برأي الشريعة، الذي يلجئون إليه عندما يكون حكمها في جانبهم وفي صالحهم. أن لا يجب إجبار الشاب أو الشابة على الزواج ممن لا يرغبا به. فهل قلت نسبة الطلاق، على أثر إعطاء الحرية وإطلاقها؟! وهل يرضون هم أن يتزوج ابنه من غريبة ويترك بناتهم؟!

نفذ صبره ولم يعد يستطع تحمل الوضع برمته. فهاهو يرى ابنته تذبل، وشبابها يضيع منها يوماً بعد آخر، هو لا يستطيع التغيير أو عمل شيء حيالها! لم يعد يستطيع التأثير على أخوته وأبنائهم، ويكفيه من الذل ما ألحقه بنفسه، وهو يمرغ كرامته تحت أرجلهم! ولكن لا حياة لمن تنادي!

شيء غريب بالنسبة له، ولا يحتمله و لا يتقبله كواقع، ولا يرى من الواجب عليه التأقلم معه! لذا وجد نفسه مجبراً مرغماً ليقوم بعمل ما، ولو اعتبر غير منطقي، وغير معقول وغير مقبول اجتماعياً. كل ذلك ليضع حداً لتبدل إخوته وتغير أفكارهم، ويعيدهم إلى ما يحب هو ويرضى به. وينقذ ابنته من همها وغمها، ويضع حداً لمأساتها.

لذا أقدم على خطوة، كان يراها غير عقلانية وغير مقبولة في السابق. ولكن المضطر يركب الصعاب! فوافق على زواج ابنته، من شخص من خارج مجتمعه ومن خارج بلاده. لا يتوافق مع ابنته علمياً وفكرياً ومستوىً اجتماعياً، وحتى مختلفاً معها في العادات والتقاليد الاجتماعية.
بقلم: حسين نوح مشامع – محافظة القطيف - السعودية