المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أدع لي في قبرك يا أبي!



مرعي أبازيد
24/12/2007, 03:27 AM
السنوات تمر
كأنها الثواني
ثقيلة كالتراب فوق قبرك
متَّ واقفاً يا أبي
كأنك اخترت زمان رحيلك
لم تنحن أبداً
كابرت على جراحك،
عاماً بعد عام،
وعلى وجهك أوسمة الطهر.
دُفنت حياً
في زنزانة منفردة بلا نوافذ
كأنك في الأسر!
أزورك دائماً
أزورك في سري وفي علني
أكلمك ....
أسمع كلماتك ... لحناً.....
ينهمر فوق رأسي كالمطر البارد
يخفف حرارة وجعي المنسي،
يعيد لي معطفي
الذي أفقده دائماً بلا وعي
فتصيبني القشعريرة
حتى في فصل الصيف.
تحاصرني ذكراك يا ساكن القبر!
أعود إلى البيت
أجدك قلقاً .....
تنتظرني في أعماق الليل،
أخطو نحوك
تفاجئني الذكرى
وشاحاً أسود
يلتف حول عنقي،
كم خريفاً وربيعاً؟
كم صيفاً وشتاءً؟
مضى!
وأنا أنظر
إلى الأعشاب
التي مزقتها الرياح فوق قبرك
على ثرى الحزن!
يا أبي .....
أَنساني الزمان دروسي
علِّمني، وانفض عني كومة الركام
نادني ..... إني أسمعك ....
وأنت راقد في الأفق
قل لي كلاماً جميلاً
يعيد لي ذاكرتي الملبدة
بالغيوم، وأصداء العواصف.
مازلت أقرع أجراس الحداد
أرسم ألواناً قاتمة
فهل للوجع الأبدي دواء؟
فهل للشقاء نهاية؟
مرة أخرى
نواح العواصف يلهب ليلي
يوقظ الأشباح
لترقص على جبيني
يدخلني في فراغ الأحلام
كأن القدر يقف لي بالمرصاد
يذكرني بلحظات الجنون،
والنسيان مستحيل.
آه ..... آه يا أبتِ
لو تحزم حقائبك وتعود
لتساعدني على قطف وردة
لأغرسها على وجه القمر المظلم،
إني أعرف
أنك رحلت إلى شاطئ اللاعودة
لكنك رحلت دونما استئذان،
إنك رحلت ....
فإذا لا تستطيع العودة
فلا أطلب منك سوى ،
الدعاء لي في قبرك يا أبي

مرعي ابازيد، 11 ايلول، سبتمبر 2002