المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وضع إكليل على ضريح الديمقراطية الفلسطينية



غالب ياسين
29/12/2007, 11:18 AM
د. عصام شاور

كاتب فلسطيني




12/28/2007














زيارة بوش ووضع إكليل على ضريح الديمقراطية الفلسطينية


في الثامن من يناير 2008 ، أي بعد أقل من أسبوعين ، سيبدأ الرئيس الأمريكي بوش جولته للمنطقة حيث ستشمل المملكة العربية السعودية ودولاً خليجية أخرى إضافة إلى مصر والضفة الغربية ، كما أن بوش وللمرة الأولى سيزور الدولة العبرية بصفته الرئاسية حيث سبق وزارها بصفته حاكماً لولاية تكساس .

بوش تأخر كثيراً في زيارته للدولة العبرية رغم تعلقه بها ودعمه الشديد لها ، ولكن ما منعه في سنوات حكمة السبع السابقة من زيارة الكيان الإسرائيلي هو وجود الراحل ياسر عرفات على رأس السلطة الفلسطينية ووجود حماس ، وبما أن بوش يعتبر نفسه راعياً محايداً لعملية السلام فقد فضل عدم زيارة الكيان الإسرائيلي أحد طرفي الصراع دون الآخر . وقد أوضح بوش في خطاب له سنة 2002 أن رئيس السلطة الفلسطينية - ياسر عرفات - كما المجلس التشريعي حينها لا يمكن التعاطي معهما لأنه لا سلطة شرعية لهما حيث السلطة الفلسطينية تدعم الإرهاب ويسيطر عليها فئة قليلة فاسدة - حسب تعبيره - وان الفلسطينيين إن أرادوا دولة فعليهم انتخاب قيادة جديدة للرئاسة وللمجلس التشريعي بطريقة ديمقراطية وعليهم إعادة ترتيب مؤسساتهم وخاصة الأمنية منها وحينها ستكون الدولة من نصيبهم ، ففعل الفلسطينيون ما طلبه بوش بعد اغتيال الراحل ياسر عرفات فجاء الرئيس أبو مازن وجاءت حماس بطريقة ديمقراطية لا مثيل لها ، وتبخرت وعود بوش وضرب الحصار على الشعب الفلسطيني .

في زيارة له إلى أفغانستان قال بوش إن من أهداف زيارته هو دعم الديمقراطية الناشئة هناك ، وأنا اعتقد أنه جاء إلى هنا ومن ضمن أهدافه هو وضع إكليل من الزهور على ضريح ديمقراطيتنا التي اغتالتها أمريكا بالتعاون مع المجتمع الغربي وإسرائيل بعد أن كان الجميع يطالبنا بها ، ولا اعتقد أن بوش سيكون شجاعاً بما يكفي ليضع إكليلاً آخر على ضريح الراحل ياسر عرفات ، الرئيس السابق لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي يعتبرونها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني والرئيس الراحل هو من وقع اتفاقية السلام في البيت الأبيض ومع ذلك فقد صدرت إيماءات القتل من البيت الأبيض ، وبذلك يكون البيت الأبيض هو المتسبب الرئيسي في اغتيال الرئيس والشرعية والديمقراطية.

سيأتي بوش إلى رام الله ولا اعلم هل بإمكانه تحقيق آمال المفاوض الفلسطيني أم لا ؟؟ ، يأملون من بوش منع الاستيطان الإسرائيلي أو بتعبير أدق تجميده ، كما يأملون في إزالة الحواجز المتناثرة في الضفة الغربية إضافة إلى السعي لتطبيق المرحلة الأولى من خطة خارطة الطريق ومع ذلك فإنني آمل أن ينقلوا رغبتنا في تجميد أو بالأحرى وقف تزايد عدد ضحايا الحصار العربي - الإسرائيلي الذي بلغ حتى كتابة هذه السطور 52 شهيداً ، آمل أن ينقلوا رغبتنا في فك الحصار العاجل عن قطاع غزة ووقف الهجمات الإرهابية الإسرائيلية على القطاع .

زيارة بوش تأتي لإبقاء القضية الفلسطينية على رأس الاهتمامات الدولية ولدعم النتائج التي تمخض عنها مؤتمر انابوليس ، ورغم أن قضيتنا على سلم الأولويات الدولية ، ورغم صراخ المفاوض الفلسطيني ضد الاستيطان ، إلا أن المجتمع الدولي يفهم خارطة الطريق كما تفهمها إسرائيل ، فاستمرار الاستيطان لا يخالف مؤتمر أنابوليس على الإطلاق ، فبنود خارطة الطريق تشير بوضوح بأن الجانب الفلسطيني عليه القضاء على الإرهاب ثم يتم الانتقال إلى التزام الجانب الإسرائيلي بوقف الاستيطان ، ثم إن تعهد بوش لشارون ينص على المحافظة على الكتل الاستيطانية الكبرى ومن ضمنها المستوطنات في منطقة القدس ، وإلا فليعلن بوش أن تعهده لشارون قد تم شطبه ، ومن يقول أن المبادرة العربية هي أساس المفاوضات فليثبت لنا كيف ، وهل ورد ذلك في مؤتمر انابوليس في خطاب بوش أو اولمرت أو في البيان الختامي؟.

إن إسرائيل لا تريد سلاماً مع الفلسطينيين وخصوصاً في 2008 ، فالميزانية التي يسعون إلى تخصيصها للاستيطان لا تدل على نوايا سلام على أساس المبادرة العربية ، كما أن خطة القبة الحديدية لحماية المستوطنات من صواريخ المقاومة تثبت أنه لا نية لإسرائيل في وقف اعتداءاتها على الشعب الفلسطيني ، فالخطة تفيد بأنه بعد سنتين ستكون هناك دفاعات إسرائيلية مضادة لصواريخ المقاومة وان تكلفتها عالية وفاعليتها ليست مضمونة ، ولو كان هناك نية لإقامة دولة فلسطينية لتريثوا قليلاً حتى لا يضيعوا أموالهم وجهودهم في وسائل غير فعالة وخاصة أنه بعد سنتين ستكون المقاومة قد قطعت شوطاً طويلاً في تطوير صواريخها حيث لن تكون خطط اليوم صالحة لما بعد سنتين على أقل تقدير .

ربما يأتي بوش ولكنه سيذهب وستأتي 2008 وستذهب ولكن ستظل المستوطنات والحواجز ولن نرى دولة فلسطينية على طريقة بوش واولمرت ، وعلينا أن نعلم علم اليقين أن أول خطوة على طريق الدولة الفلسطينية هي وحدة الصف والهدف ، وكلما تأخرنا في القيام بتلك الخطوة كلما تأخر قيام الدولة الفلسطينية ، وكل خسارة حتى ذلك الحين تكون من صنع أيدينا بالدرجة الأولى.