المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صدام حسين.. هكذا تصنع النهايات فهل من مزيد؟



محمد هجرس
31/12/2007, 12:02 AM
http://www.myup4world.com/images/store23/f4052560e7.jpg
بقلم: محمد هجرس **
ماذا ننتظر من "قنبلة"؟
هل تأتي يوماً وتغرسُ في الحقولِ سنبلة؟
أم يجفُّ الماءُ ـ رغم الطوفان ـ حيث تكون الرؤيا:
"سآوي إلى جبلٍ يعصمني.. قال لا عاصم اليوم من أمر الله"
***
ودائما تصنع النهاياتَ بدايةٌ ما..
التاريخ حافلٌ بنماذج المأساة، التي لم تدفع وحدها ثمناً محددا.. كانت المأساة فادحة، مثلما كانت القائمة طويلة تسير على العذاب.
أسر حاكمة كثيرة مشت فوق الأشواك، ودفعت الثمن بالقتل أو الاغتيال..
كينيدي في الولايات المتحدة، غاندي في الهند، بوتو في باكستان.. وقبلها صدام حسين في العراق.
ربما كان العراق "حالة" عربية تستحق الشفقة..
حالة امتلأت بالهواء والبالونات والكلام عن "رفاق" مضغوا جيدا كل الشعارات ولما حان موعد "الهضم" بصقوا على كل شيء .. كان الانتفاخ وصل مداه فأقاموا حفلا على الهواء لكيفية الالتهام في أغرب عملية خداع في التاريخ الحديث.
صديق بُهر ذات يوم بالشعار الذي اعتلى مطار صدام الدولي ـ سابقا ـ الذي وطأه لأول مرة.. "أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة" فشكا للرئيس القائد ممارسات بعض من ضايقوه، ليحل بعدها أكثر زهوا بالأمة وأكثر فخرا بـ "المهيب الركن" وانتصارا له.. حتى سقط النظام كفقاعة وانزوى كل يبحث عما يعصمه من قوات "الاحتلال" واللجوء على الأرض بحثا عن قبو يستر الأسطورة!
.. وللأسف، لم يكن هناك مفر من بنادق رامسفيلد، ولا مخرج من فوق التراب إلا إلى تحت التراب، ولن يفعل أحد شيئا؟! فالجائزة بالملايين، ولن يلوم أحد شعباً يبحث عما يرده إلى الحياة ولو تعلق الأمر بـ "وشاية"..
كل ما في الأمر .. الاتصال بـ"صديق .. ليجلس بعدها الأخ جورج قرداحي على أحد نواصي بيروت مشرداً، فلم يعد هناك "من سيربح المليون" بل هناك من على استعداد لتقديم الملايين في أضخم مسابقة أمريكية فيما صواريخ "تاو" والفرقة 101 جاهزة للتحقق من صدق الإجابة!
***
صدام حسين..
هكذا تَصنعُ البداياتُ أو تُصنع..
جيلٌ من الدموعِ والحرائقِ التي اشتعلت في ردهات القلوب الكسيرة.
جيلٌ من المأساةِ التي تقف وحدها شاهدةً على تلك الحالة الفريدة من التراجيديا "الرئاسية" لنموذج من القهر والكبت والاستبداد.
جيلٌ يستحق أن نبكي ولا نبكي حينما يصبح السؤال غصةً مرّةً حينما نقطف جميعاً النتائجَ الخائبة..
الرجل "الطريد" يبقى طريدا..
يفقد الأتباع الواحد تلو الآخر، وليس هناك من يساعد إلا من خلف "حجاب" وسقطت أسطورة "بالروح .. بالدم" لتكون المأساة أكثر تراجيدية دون أن يفعل أحد شيئا.
ـ لا قصرَ ولا بذخَ ولا سيجاراً كوبياً، ولا مواعيد أخرى مع مجهول لم يتوقعه أبداً بهذه النهاية المرعبة.
ـ لا فدائيي صدام، ولا الذين اصطفوا بالآلاف يزوّرون ولاءهم خوفاً ورعباً، ولا أولئك الذين بدلوا جلودهم وانهالوا بالنعالِ على التمثالِ وكأنهم أخذوا رشوة!
عدي..
قصي..
ومصطفى.. نهاية لفيلم لم يكتمل بعد
وأخيراً.. صدام حسين
ـ لا موت بعد الموت، هناك ما هو أبشع!.
ففي مثل هذا اليوم منذ عام مضى.. كان الإعدام في ليلة باردة،
أصوات مرتعشة ووجوه مقنعة.. وهمهمات لا تصدق أن الحبل سيلتف حول رقبة عارية إلا من علامة حداد مؤقتة.
الأضحية يتقدم للمشنقة بعينين ثابتتين، وخطوات تصعد الدرج مستحضرةً كل التاريخ من أجل هذه اللحظة.. فلم يفوتها وقد أتت إليه.. "هيه.. هي هذي المرجلة".. لم يكن بحاجة لمن يكسب المليون، ولم يتصل بصديق، فما بقي لا يستحق أن يذكر أو يساوم عليه.
دقيقتان تساويان كل سنواته السبعين، وكأن يغسل كل الجرائم بشهادتين صارختين..
قالوا وقالوا وقالوا..
لكن تبقى شهادة غير مكتملة هي الشاهد الوحيد على القاتل والمقتول.
ويبقى العراق مجرد قبر كبير، لصدام، ولأبنائه ولضحاياه ولمريديه وأنصاره.
قبرُ ما زال بعد 4 أعوام من السقوط لا يشبع من الجثث :"هل من مزيد"!
فليرحمنا الله!
ــــــــــــ
** كاتب صحافي مصري
mediasoso@yahoo.com