المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «يوم حزين للشعب الفلسطيني»



غالب ياسين
02/01/2008, 10:37 AM
«يوم حزين للشعب الفلسطيني» * ياسر الزعاترة



في الوقت الذي كانت فيه الشرطة الفلسطينية تسلّم جنديا إسرائيلياً وصديقتيه سالمين غانمين لسلطات دولتهم بعد أن دخلوا كنيسة المهد بأسلحتهم ضمن مجموعة من السياح ، كان رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية في رام الله ينعى الجنديين الإسرائيليين اللذين سقطا برصاص المقاومين قرب مدينة الخليل ، إذ قال في سياق لقائه مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريس في "هرتسيليا" ، لقد "آلمتنا وفاة الجنديين الإسرائيليين".

وبعد أن قدم عزاءه لعائلتي "الفقيدين" بشّر عموم الإسرائيليين بالقول "أريد أن أعلن أنه أصبح لدينا مشتبه بهم في المعتقل ، وفي هذا السياق لا يوجد فقط كلام ، بل أفعال أيضاً.

نحن نعمل بالتعاون مع أجهزة الأمن الإسرائيلية ، وسنعالج هذا الموضوع حتى نهايته".

في سياق الأفعال ، تمكنت السلطة من القبض على الشابين اللذين شاركا في الهجوم ، بينما أعلن وزير إعلامها أنهما ليسا من قوى المقاومة ، ملمحاً إلى خلفية إجرامية للعملية التي أن أعلنت سرايا القدس وكتائب القسام مسؤوليتهما المشتركة عنها ، واستشهد خلالها القسامي باسل النتشة ، فيما جرى تسليم سلاح الجنديين "الغنيمة" إلى السلطات الإسرائيلية. أما وزير الداخلية فكان يؤكد على حل جميع الفصائل المسلحة ، بما فيها كتائب شهداء الأقصى.

من المفيد القول إننا لم نسمع رئيس الوزراء يعزي الشعب الفلسطيني بشهدائه الذين اغتالتهم القوات الإسرائيلية خلال الأسابيع الأخيرة ، ولم نسمعه يعلق على عمليات الاختطاف اليومية في الضفة الغربية ، فضلاً عن المطالبة بالإفراج عن النواب والوزراء المعتقلين في السجون الإْسرائيلية.

هكذا نتابع ملهاة حقيقية في السياسة الفلسطينية ، فهنا ثمة قتل يومي وتوسيع للمستوطنات ، بينما يصر الطرف الفلسطيني على التنفيذ الكامل لالتزاماته بحسب البند الأول من خريطة الطريق. مع العلم أنه هدّد بوقف المفاوضات أو إبقائها أسيرة البحث في وقف الاستيطان ، لكنه ما لبث أن عاد عن رأيه مقابل وعد إسرائيلي بعدم بناء مستوطنات جديدة أو مصادرة أراض خارج الجدار (الجدار الذي يلتهم أكثر من نصف الضفة الغربية) ، الأمر الذي لا يشمل بالطبع توسيع المستوطنات القائمة ، كما هو حال مستوطنات شرقي القدس،،

الأسوأ أن هذا الذي يجري للفلسطينيين على يد الإْسرائيليين يتزامن مع حملة شرسة ما زالت تشن على حركة حماس ، وأخذت تشمل الجهاد ، وهي حملة تضيف إلى الاعتقالات مطاردة محمومة للمؤسسات الخيرية والاجتماعية ، ويبدو أن حماس أصبحت حركة محظورة بالكامل في الضفة الغربية.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد ، إذ تجري المشاركة شبه المعلنة في تكريس الحصار على غزة ، وهو حصار قتل العشرات من المرضى إلى الآن ، فيما يترك الناس نهب أوضاع بائسة على مختلف المستويات ، وقد وصل الحال حد التحريض الدائم لمصر والدولة العبرية على عدم فتح أية نافذة في جدار الحصار يمكن أن تطيل عمر حكومة حماس فيها.

وهنا قد يشير البعض إلى أحداث غزة أول أمس ، والتي كان معظم ضحاياها من حماس ، لكنها دليل على التداعيات المرة لاستمرار الأزمة بين الفصيلين الأكبر في الساحة الفلسطينية.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو إلى أين يقود هؤلاء الشعب الفلسطيني ، وما هو الأفق السياسي الذي يركضون خلفه؟ واقع الحال هو أنهم قوم لا خيار لهم سوى المفاوضات بصرف النظر عن النتيجة ، في حين يدرك العارفون أن مسلسل خريطة الطريق ليس له سوى أفق واحد هو الدولة المؤقتة ، سواء رفضوها أم قبلوها ، إذ ما قيمة رفضهم ما داموا لا يملكون غير المراهنة على العطف الدولي الذي جرّبه الفلسطينيون لعقود من دون نتيجة ذات قيمة.

الأسوأ أن الدولة العتيدة ضمن حدود الجدار لن تأتي من دون مسلسل طويل من دفع الاستحقاقات الأمنية المتمثلة في مطاردة قوى المقاومة بكل الوسائل ، فهل يمرر الفلسطينيون هذا المسار أم سيكون لهم رأي آخر فيه وفيمن يروجون له؟،


التاريخ : 02-01-2008