المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رسائل الأشجان .. / 8 / إديني بقرش لب ..!



حسن سلامة
09/01/2008, 01:09 PM
رسائل الأشجان لأبي علي الغلبان ..

الرسالة الثامنة : إديني بقرش لب ..!


كان عند أسرة الغلبان مذياع قديم ( يساوي هذه الأيام آلاف الدولارات ) عبارة عن صندوق خشبي في وسطه دائرة كبيرة هي عبارة عن سماعة مغطاة بقماش خاص ، وبجانبها مصباح صغير ، مستطيل ، أخضر جميل ، يضيئ حين تشغل الزر ، وتوجد تحته مساحة زجاجية مستطيلة كبيرة عليها أرقام كثيرة ومؤشر عامودي يتحرك يمينا وشمالا بين الأرقام ، مربوط بخيط متين مشدود إلى مفتاح الموجات .. المذياع من نوع فيليبس ، ممتاز جدا جدا كما كان يراه الغلبان ، بيجيب لك صوت العرب وعبد الناصر وأم كلثوم كل خميس ، وال (بي بي سي ) وصوت الشقيري في صوت فلسطين ، لكنه كان مستاء من حجم البطارية التي تشغل الراديو ، لونها أحمر ، بطارية ( أم بسين ) كانوا يقولون في الدعاية أنها تعيش العمر بعمرين ..
الراديو ، كما يقول الغلبان ، كان يجيب كلام حلو ، وكلام تشجيعي ، بصوت أحمد سعيد وتعليق محمد عروق ، وأغاني على الكيف .. حياة كانت ( أبهه ) عل رأي أخواننا المصريين ..!
قال : كانت هناك ذاكرة نبيلة ، تختلف كثيرا عن ذاكرة البلاستيك المنتشرة هذه الأيام ..
ذاكرة عمومية ، تشمل الصغار والكبار ، كان أ طفال زمان ، وشباب زمان ، ورجال زمان ، يرددون أناشيد وأغاني محترمة ، في البيت والمدرسة والشارع ، في المقهى ، عند الحلاق ، في المخبز ..
المذياع كان يبث لنا :
دع سمائي فسمائي محرقة
دع قنالي فمياهي مغرقة
وأيضا :
يا بلاد العرب جددي عهد النبي
وأيضا :
يا ظلام السجن خيم إننا نهوى الظلاما
ليس بعد الليل إلا فجر مجد يتسامى
... و / الله أكبر فوق كيد المعتدي ..
والله للمظلوم خير مؤيد
أنا باليقين وبالسلاح سأفتدي
وطني ونور الحق يسطع في يدي

وقال : من الأغاني السائدة في ذلك الوقت ( يا طير يا طاير ، خد البشاير ، من مصر وانزل ، على الجزاير ..) وكذلك ( وطني حبيبي ، وطني الأكبر ، يوم ورا يوم ، أمجاده بتكبر ..).
وكان طلاب المدارس ينشدون للجزائر : ( قسما بالساحقات الماحقات ، والجبال الشاهقات الراسخات ، نحن خضناها حياة أو ممات ، وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر ..) .
ولمصيبة فلسطين يرددون ( فلسطين نادت فلبوا الندا ، إلى الحرب هيا أسود الفدا ...!!!! )
ولمصر والسودان ( عاشت مصر حرة والسودان ، دامت أرض واد للأمان ، اعملوا تنولوا . اهتفوا وقولوا ، السودان لمصر ، ومصر للسودان ..)

قال الغلبان : صحيح أن كل جيل يطرب لجيله ، لكن للأسف هناك من يحاول دائما مسح الذاكرة النبيلة ..
قلت : كيف ..؟
قال : شهدنا الكثير من توافه القول والفعل منذ ثلاثة عقود ، نظرا لتراكم المصائب والانفتاح المشبوه على تفاهات الغير ..
سمعنا ( السح الدح امبو ، الواد طالع ل أبوه .. ( هو يعني حيطلع لصاحب أبوه ..؟!)
وسمعنا : طل علي الحليوه من سطوح البيت .. قلت القمر في السما إيه دخله التواليت ..!وأيضا : صنعوا الأستيك من البلاستيك .. يا حنين عالوسط يا أستيك ..!
وسمعنا :
( إديني بقرش لب .. أتسلى عشان بحب / إديني بقرش تاني .. وحياة والدك سوداني )
ومن عندي قال الغلبان : أقدم لهم عناوين أغاني :
( يا مخصخص يا حلو .. يابو جفن مكحلو )
( يا شرق أوسطيه يا ميه ميه)
( الزوج من حق الزوجه .. والبيت كمان يا عينيه )..

ثم جاءنا الطشت ، وبسبوسه بس ، وأشخاص يغنون لا نعرف جنسهم .
والآن في عصر الحرية السكسية ، كما قال حرفيا ، نسمع بوس الواوا ، والحنطور يا محنطر ، والتفاحة والرمانه ، ونرى الرعاشات والهزازات ، والتي تعرض نفسها للدفيعه ..!
وآخرتها يقولون حقوق ومساواة للمرأة بعد ما عملوا منها سلعة رخيصة ، إلا من رحم ربي ..
قال :
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .. ونسأل الله أن يقينا شر القادم الأعظم ..!

قلت : ( فرفطت روحي منك ) .. وهل هناك أعظم مما نحن فيه يا مولانا ..؟!
قال : سأخبرك لاحقا .. بيني وبينك ، ومن يرغب من الزبائن ..!!

حسن سلامة
h_salama_51@yahoo.com

لطفي منصور
09/01/2008, 01:30 PM
لله درّك يا حسن عندما تجعل من البساطة متعة وفكرا متعانقين ....
لقد استمتعت بهذا العرض الجمالي الناقد الهادف
هذا الأسلوب الساخر مما يجري من تجاوزات وانزلاق إلى الهاوية ...
ربّما يردع بعضا إن لم نقل كثيرا ممن يلهثون وراءه ....
سواء أكانوا صانعين له ومنتجين .... أو مشاهدين ومشجعين ...
ومع هذا وذاك استمتعت مع نصك او قل ( أسلوبك ) أيّما استمتاع ...
وأعجبت بنباهة ترصد مجريات وأحداثا مختلفة المواضيع ... تناولتها بعين شفافة وأسلوب ممتع ... تجوّلت معك واستمتعت بصور ما زالت عالقة في ذهني ...وبخاصّة تلك الدّقة الوصفية للمذياع والبطارية ...
ذكّرني ذلك بماض جميل فيه الأصالة والقناعة والرضا ....
يا عزيزي إنك تمتطي صهوة البساطة فتشمخ بها محلّقا .. فنركض وراءك طالبين المزيد ...

دمت متألقا

لطفـــــــــــــــــــــــي منصــــــــــــــــــــــــــــور

حسن سلامة
10/02/2008, 11:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أيها النبيل / لطفي منصور ..

والله يا أخي ، إن ثوب الأمة ممزق وما بقي فيه مكان لرقعة ..
هنا ، من وجع الروح نكتب عن تلك الأيام والذائقة ..
زمان ، كان الناس يذهبون إلى حفلات المطربين بالملابس الرسمية والوقار .. أما اليوم ، فيذهبون بالزلط ، فلا تفرق بين ذكر أو أنثى ..
ترى ، هل هؤلاء هم الذين سيحملون أمانة الأمة ..؟؟

يا حسرة على العباد

حسن سلامة
10/02/2008, 11:44 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أيها النبيل / لطفي منصور ..

والله يا أخي ، إن ثوب الأمة ممزق وما بقي فيه مكان لرقعة ..
هنا ، من وجع الروح نكتب عن تلك الأيام والذائقة ..
زمان ، كان الناس يذهبون إلى حفلات المطربين بالملابس الرسمية والوقار .. أما اليوم ، فيذهبون بالزلط ، فلا تفرق بين ذكر أو أنثى ..
ترى ، هل هؤلاء هم الذين سيحملون أمانة الأمة ..؟؟

يا حسرة على العباد

حسن سلامة
26/11/2010, 11:07 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

...
وقبل أن يخبرني ،
صعدت الروح لبارئها ،
وباعتباري الوريث الشرعي والوحيد ، ترك لي كومة من الأوراق ، فيها الكثير الكثير ..
يرحمه الله ،
وعدته بالكتابة حين تسمح ظروف القراء ..
..