المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المبدع ابراهيم درغوثى



ابراهيم خليل ابراهيم
09/01/2008, 03:26 PM
http://www.arab-ewriters.com/writers/full/6195951320060625160437.jpg
من المبدعين الذين ساهموا فى اثراء العقل والفكر المبدع ( ابراهيم درغوثى ) ويسعدنى ان اقدم اليكم هذه السطور عنه :
ولد إبراهيم درغوثي في 21/12/1955 بقرية المحاسن (كريز سابقا) بولاية توزر بالجريد. (ويكتب لقبه الدرغوثي أيضا أو درغوث أحيانا). درس بكتّاب قريته. وزاول تعلّمه الابتدائي بها والثّانوي في مرحلته الأولى بالمعهد الثّانوي بتوزر ومرحلته الثّانية بدار المعلّمين بتونس ومنها أحرز شهادة ختم الدّروس الثّانويّة التّرشيحيّة (سنة 1975). فشهادة الكفاءة المهنيّة (سنة 1976).
عمل - إثر التّخرّج - معلّما بجهة قفصة، وتدرّج في الرّتبة إلى معلّم تطبيق فمعلم تطبيق أول . سافر إلى السّعوديّة سنة 1984 ودرّس بها مدّة سنتين ثمّ عاد إلى تونس واستأنف التّدريس بجهة قفصة ثمّ عيّن مدير مدرسة ابتدائيّة بأمّ العرائس بولاية قفصة. وما زال يعمل فيها في الخطّة نفسها وهو متزوّج وله أربعة أبناء ويقيم بأمّ العرائس.
انتسب إلى جمعيّات ثقافيّة جهويّة ووطنيّة منها اتّحاد الكتّاب التّونسيّين بصفته عضوا منذ 1990. ثمّ في فرعه بقفصة الذي ترأّسه . وأعدّ ندوات سنويّة عن القصّة القصيرة منذ أواسط التّسعينات ثمّ انتخب عضوا في هيئته المديرة بتونس منذ بداية الألفيّة الثّالثة وتولّى نيابة رئاسة الاتّحاد الوطني منذ دورة ديسمبر 2005 وتتواصل الدّورة 3 سنوات.
وقد شارك في ندوات وملتقيات أدبيّة في تونس والجزائر وليبيا ومصر وسوريا والعراق. ونالت روايته الأولى جائزة مجلّة "الناقد" في لندن ورواياته اللاّحقة جوائز في مستوى وطني.
نظم الشّعر في شبابه ثمّ كتب القصّة القصيرة والخاطرة والرّواية والمقالة الأدبيّة والدّراسة النّقديّة.
ونشر أعماله الأدبيّة ومقالاته في مجلاّت وصحف تونسية وعربيّة (منذ 1987) منها: "قصص" و"الحياة الثّقافيّة" و"المسار" و"لوتس" لسان اتّحاد أدباء إفريقيا وآسيا و"الآداب" بلبنان و"النّاقد" بلندن و"الصّباح" و"الصّدى" و"صباح الخير" و"الصّباح الأسبوعي" و"الصّحافة" و"الأنوار" و"الحرّيّة" و"الصّريح" و"الرّأي العام" و"الشّروق" و"أضواء" و"الجوهرة الفنّيّة" و"الملاحظ" و"اليوم السّابع" و"كتابات معاصرة" (اللّبنانيّة) و"الكاتب العربي" (مجلّة الاتّحاد العام للأدباء والكتّاب العرب) و"أخبار الأدب" (الصّحيفة المصريّة) و"عمّان" (الأردنيّة) و"الوفاق العربي"...
وقد ترجمت روايتاه "الدّراويش..." و"شبابيك..." إلى الفرنسيّة.
وفازت قصصه ورواياته بالجوائز التالية :
1/ قصة تفاح الجنة : جائزة الطاهر الحداد / 1989
2/ رواية الدراويش يعودون إلى المنفى : تنويه من جائزة الناقد اللندنية أجاز نشرها في دار رياض الريس / لندن –بيروت .
3/ رواية أسرار صاحب الستر : جائزة الكومار الذهبي / لجنة التحكيم / تونس 1999
4/ رواية وراء السراب قليلا : جائزة الكومار الذهبي / تونس 2002
5 رواية مجرد لعبة حظ : جائزة المدينة /تونس 2004 .
ـ مؤلّفاته:
______
له أربع مجموعات قصصيّة:
- "النّخل يموت واقفا": (قصص). صفاقس. دار صامد للنّشر. ط. 1. 1989. ط. 2. 2000.
- "الخبز الـمرّ": (قصص). صفاقس. دار صامد للنّشر 1990. صادرت الرّقابة هذه المجموعة القصصيّة بعد صدورها سنة 1990.
- "رجل محترم جدّا": (قصص). تونس. دار سحر للنّشر 1995.
- "كأسك... يا مطر": (قصص). تونس. دار سحر للنّشر 1997.
من أقاصيصه المنشورة متفرّقة قبل جمعها (نشرها منذ 1987 ونشر أغلبها سنة 1988):
*"ذراع الصّيد". "الصّدى". العدد 143. في 17/10/1987.
*"النّخل يموت واقفا". "الصّباح". في 20/01/1988.
*"زهور بين الأنقاض". "صباح الخير". في 25/02/1988.
*"رزق اللّه". "الصّدى". في 13/02/1988.
* "شمس فوق كفّ عزيز". "الصّدى". في 05/03/1988.
* "جدّي". "الصّباح". في 12/03/1988.
* "السّيف والجلاّد". "صباح الخير". في 31/03/1988.
* "الكلاب". "صباح الخير". في 21/04/1988.
*"كوابيس: 3 قصص قصيرة جدّا". "قصص". العدد 80. أفريل - جوان 1988. (51 وما بعدها)..
* "مبروكة". "الصّباح". في 08/05/1988.
* "أيّام للفرح ... أيّام للحزن". "صباح الخير". في 02/06/1988.
* "أحلام المدينة". "صباح الخير". في 23/06/1988.
* "الخاتم". "الصّباح". في 12/07/1988.
*"حكايات القلب الجريح". "قصص". العدد المزدوج 81/82‌. جويلية - ديسمبر ‍1988. (63 وما بعدها).
*"تذكرة سفر". "الصّدى". في 26/12/1988.
*"القطط تسرق الأرانب ليلا". "قصص". العدد 86. أكتوبر - ديسمبر 1989. (94 وما بعدها).
*"تاكسي". "الحياة الثّقافيّة". العدد 106. جوان 1999. (108-110).
* "الـمغنّي". "الحياة الثّقافيّة". العدد 134. أفريل 2002. (92-96).
*"عربة الدّرجة الممتازة". "الأدب العربي في تونس". ضمن ملف نشر في مجلّة "الكاتب العربي" الاتّحاد العام للأدباء والكتّاب العرب. دمشق. سورية. العدد 59/60. حزيران 2003. (263-266).
*"المجنون". "الحياة الثّقافيّة". العدد 167. سبتمبر 2005. (105-108).
وللمؤلّف ستّ روايات:
- "الدّراويش يعودون إلى المنفى": (رواية ). ط. 1. لندن. دار رياض الريّس للنّشر 1992. ثمّ ط. 2. تونس. دار سحر للنّشر 1998. ثمّ ط. 3. تونس. الوكالة المتوسّطيّة للصّحافة 2006.
- "القيامة... الآن": (رواية). ط. 1. سوريا. دار الحوار للنّشر 1994. ثمّ ط. 2. تونس. دار سحر للنّشر 1999.
- "شبابيك منتصف اللّيل": (رواية). ط. 1. تونس. دار سحر للنّشر 1996. ثمّ ط. 2. سوسة. دار المعارف للنّشر 2004. (لم تجز الرّقابة هذه الطّبعة حتّى أفريل 2006).
- "أسرار صاحب السّتر". صفاقس. دار صامد للنّشر 2002.
- "وراء السّراب... قليلا": (رواية). ط. 1. سليانة. دار الإتحاف للنّشر 2002. ثمّ ط. 2. مصر. مركز الحضارة العربيّة 2005.
- "مجرّدة ضربة حظّ": (رواية). ط. 1. الحمّامات. منشورات المدينة 2005.
وقد ترجم أحمد الرمادي روايته "الدّراويش..." إلى الفرنسيّة. تونس - مرسيليا . دار أسود على أبيض 1999.
وترجمت فتحيّة حيزم العبيدي روايته "شبابيك..." إلى الفرنسيّة. تونس - مرسيليا. دار أسود على أبيض 1999.
وترجمت إلى الإنجليزية أقصوصته "تفّاح الجنّة" ضمن أنطولوجيا القصّة العربيّة. من إعداد الجامعة الأمريكيّة. القاهرة 2000.
وقد ترجم المؤلّف أقاصيص منها:
__________
* "ثلاث قصص من الأدب الصّيني الحديث".
_ اقصوصة ( دم الحبيب ) للكاتب ( ابراهيم حليل ابراهيم ) مصر ... ونشرت فى العديد من المنتديات والصحف والمجلات الالكترونية .
_ خاطرة ( طيفك ) للكاتب ( ابراهيم خليل ابراهيم ) ونشرت فى العديد من المنتديات والاصدارات
_ خاطرة ( وانت بعيد ) للكاتب ( ابراهيم خليل ابراهيم ) ونشرت فى العديد من المنتديات والاصدارات
وله أشعار منشورة متفرّقة في الصّحف لم يجمعها المؤلّف في كتاب.
وله قصائد نظمها وغنّتها فرقتا "أولاد المناجم" و"الأرض" في الثّمانينات والتّسعينات من القرن العشرين.
وله مقالات ودراسات منها:
* "سيدي مرزوق وليّ من إفريقيا السّوداء".
* "الرّواية الجديدة وتجديد تقنيات السّرد". "الملاحظ".
* "الأدب التّونسي في برامج التّعليم الأساسي بين الحضور والغياب".
* "العولمة والثّقافة".
* "عن رياضة النّخبة ونوبل للآداب".
* "مكتبة الأسرة أو القراءة للجميع".
* "الجوائز الأدبيّة والثّقافة".
* "المؤسّسة الأروبيّة للثّقافة وذاكرة المتوسّط".
* "قراءة في تفاصيل يوميّات الحصار: "آه بيروت" نموذجا".
* ""قنديل باب المدينة" لعبد القادر بن الحاج نصر، أو الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون".
* "عن الثّقب الأسود ومجلّة الآداب".
* "في قلب الظّلام". "
* "بين إبراهيم سعدي وإبراهيم درغوثي".
* "المؤتمر الحادي والعشرون الاتّحاد العامّ للأدباء والكتّاب العرب".
* "جولة في أروقة معرض الكتاب بالكرم (دورة 2004)
* "الزّمن الجريدي من خلال "الدّقلة في عراجينها" [للبشير خريّف]
* "حرير الرّوح" لسلوى الفندري بين حرير الكلام ووخز الكلام".
* "نافذة على الشّعر الصّيني الحديث: الشّاعر "دونغ هونغ" أنموذجا" (تعريب).
* مقال "في التّبادل الثّقافي بين المغرب والمشرق العربيّين. (ركن من هنا نبدأ).
من أعماله المؤلّف المخطوطة والـمعدّة للنّشر:
_____________
ـ منازل الكلام: (مجموعة قصصيّة).
ـ وراء السّراب... قليلا. ج. 2: (رواية).
ـ وراء السّراب... قليلا. ج. 3: (رواية).
عائلة الرشيد : (رواية).
شهادة إبراهيم درغوثي:
__________
قال المؤلّف متحدّثا عن تجربته في الكتابة ضمن إحدى شهاداته [سنة 1998]: "بما أنّني مغرم بالذّهاب بعيدا في كلّ شيء فقد شدّني [في عهد الشّباب أي بين 1975 و1985] الفكر الماركسيّ حدّ الجنون. وتطبيقا لأفكار معلّمي "جدانوف" كتبت أشعارا كثيرة تمجّد ثورات العالم وتتغنّى بسواعد العمّال والفلاحين... ولكنّني لم أكن راضيا كلّ الرّضا عن تلك الأشعار، فقد كنت أحسّ أنّ القصيد كان أضيق من أن يسَع كلّ ما رُمتُ تبليغه، إلى أن كان شهر أوت من سنة 1987، في تلك السّنة كتبت قصّتي القصيرة الأولى... وبما أنّني كنت أملك مخزونا يكاد لا ينضب من القصص، كانت الجرائد تنشر نصوصي في كلّ أسبوع تقريبا. وبعد سنة من نشر نصّي الأوّل في الجرائد نشرت مجموعتي القصصيّة الأولى "النّخل يموت واقفا"، وهي قصص احتفيت فيها بالطّفولة وأعدت كتابة ما اختزنته ذاكرتي من حكايات الأجداد، مع الاهتمام بواقع أعجب من العجب في قرى مناجم الفوسفاط بولاية قفصة.
وواصلت على نفس الوتيرة، فكانت مجموعتي القصصيّة الثّانية "الخبز المرّ" التي واصلت فيها الكتابة على الطريقة "الجدانوفيّة" [نسبة إلى جدانوف المذكور أعلاه]. كتبت قصصا تمجّد كفاح الإنسان من أجل حياة أفضل، انتصرتُ فيها للفقراء والمهمّشين على أعداء الإنسانيّة بمختلف أشكالهم. ثمّ جاءت بداية التّسعينات وسقوط المنظومة الاشتراكيّة وحرب الخليج الثّانية وتغيّر العالم. وفي هذا الخضمّ المتلاطم الأمواج تغيّرت أمور كثيرة. فما كان، إلى عهد قريب، ثابتا، تزعزع، وما كان لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه صار موضع شكّ. وهكذا انتقلت من الكتابة على هدي الواقعيّة الاشتراكيّة إلى طرق أخرى تداخَلَ فيها فنّ القول عندي وامتزجت الأجناس الأدبيّة امتزاجا عجيبا. وصار همّي الأوّل قول الحقيقة وملامسة الممنوعات التي سكت عنها غيري".
[وأضاف]: "أنا متّهم ضمنيّا بقول الحقيقة كلّها حين حاولت في كتاباتي فضح النّفس البشريّة وتركها عارية على خشبة المسرح أمام جمهور حاولت شدّه إلى قولي بشتّى الطّرق".
[وقال أيضا]: "لقد اقتربت في روايتي "شبابيك منتصف اللّيل" كما في رواياتي وأعمالي القصصيّة الأخرى من التّراث القصصيّ العربيّ دون أن أقع في فخّ التّقليد. إذ كان همّي الاستفادة منه لإعادة إنتاجه من جديد في نصوص حديثة. لذلك استعملت كثيرا في قصصي ورواياتي التّضمين والتّناصّ فتجاورت عندي الحكايات القديمة مع الشّعر الحديث، والخرافات والأساطير مع نصوص الكتّاب المحدثين عربا وأعاجم".
من أقوال النّقّاد والدّارسين:
______
قال فتحي شبيل في خاتمة قراءته مجموعة المؤلّف القصصيّة الأولى "النخل يموت واقفا" [1989]: "الكتابة عنده استفزاز ورفض يقتضي التّحرّر من كوابيس الظّلم وجحيم الجور ويقتضي أيضا أن يكون لنا ما نتوكّأ عليه لإبلاغ ما نريد.
إنّ إبراهيم درغوثي من خلال هذه المجموعة واقعيّ النّزعة، ممجّد للإنسان المكافح من أجل الغد المشرق [...].
لقد خطَّ لنا حكايات عن أناس نعرفهم جميعا لأنّهم "نحن"... في لغتنا اليوميّة وحياتنا الدّائبة وحلوقنا الجافّة وراء لقمة العيش... إنّهم "نحن"... المتكوّمون على جمر رمال الصّحاري، الحالمون بالمال وراء الحدود وبمواطن الشّغل... إنّهم "نحن" وظلال الفرحة ما زالت باهتة فوق شفاهنا... إنّهم "نحن" الذين نعاني من الحضارة، والحضارة أمّنا الكسولة [كذا] التي لم تعد قادرة حتّى على طبخ الطّعام!.. "نحن" الذين نترنّح في الشّوارع الصّغيرة الملآنة [كذا] حفرا وبالوعات ثمّ لا نملك إلاّ أن نحسّ بدوار شديد باحثين عن شبّاك الفنّ الذي سيحمينا من العواصف والأنواء... ويحمينا من أن نموت واقفين... أو أن نموت نمشي...".
وقال حسن بن عبد الله في خاتمة قراءاته رواية "الدّراويش يعودون إلى المنفى [1992]: "رغم التّقسيم الذي اعتمده الكاتب إبراهيم الدّرغوثي في حبكه هذا العمل الرّوائيّ الأوّل فإنّ السّرد كان مسترسلا ومتماسكا بحيث تخرج من الباب لتجد نفسك مجبرا للدّخول إلى الباب الذي يليه. وقد التزم إلى حدّ كبير الكتابة بأسلوبه القصصيّ الذي تسيطر عليه عادة التأزّم النّفسيّ والعوامل الباطنيّة الأليمة، مستعملا لغة بسيطة في متناول كلّ قارئ، بعيدا عن الصّياغة التّقريريّة للأحداث". [...].
[وأضاف]: "وقد وفّق إلى حدّ كبير في ترويض أفكاره وزرعها حسب المشاهد الدّراميّة ووزّعها على الشّخصيّات التي توزّعت هنا وهناك، بالإضافة إلى إضفاء هالة من الشّعر ومن الكتابة الرّاقية للتّعبير عن المواقف بالاعتماد على أصوات أخرى... أصوات نابعة من كيان الكاتب".
وقال عمرحفيظ متحدّثا عن "الدّراويش يعودون إلى المنفى" [1992]:"هي رواية إبراهيم الدّرغوثي الأولى. وإنّنا نعتبر كتابتها مغامرة بالنّسبة للمؤلّف. والوجه الأهمّ في المغامرة أنّه قد تحوّل من كتابة القصّة القصيرة بمواصفاتها المتداولة والمتعارف عليها باعتبارها نصّا يقوم على التّكثيف والتّركيز إلى الرّواية باعتبارها نصّا يحتمل توسيع العالم المصوّر والمتخيّل، وباعتبارها كذلك نصّا لا شكل له، لأنّه قادر على احتواء كلّ الأشكال وتذويبها وإعادة صياغتها وتركيبها. ولذلك اعتبرنا تحوّل الدّرغوثي من تلك إلى هذه مغامرة، بل هي مغامرة متواصلة لأنّ الرّجل ما فتئ يكتب في الجنسيْن باقتدار لافت... شأن من حرص على تجويد نصّه وتنويع مراجعه وارتياد آفاق جديدة في الكتابة".
(وقال عمر حفيظ متحدّثا عن تجربة المؤلّف: "إنّ الكتابة السّرديّة عند الدرغوثي ذات خصائص متعدّدة منها الجمع بين الواقع المعيش والأسطوري والعجيب والغريب والمحاورة بين الأزمنة على نحو يفاجئ ويربك".
[وأضاف]: "إنّ إبراهيم الدّرغوثي وهو يكتب يريد أن يخرجنا من أنفاقنا وأن ينزع عنّا نفاقنا وكبرياءنا الكاذب، إنّنا نعيش الواقع متفاعلا متحرّكا بما فيه من قيم وضيعة تحطّ من إنسانيّة الإنسان، ولكنّنا حين تتحوّل إلى الورق نبحث عن النّقاء والنّضارة"..
وقال الهاشمي بلوزة إثر قراءته "الدّراويش يعودون إلى المنفى" [1992] ما ملخّصه: "إنّ الدرغوثي من أولئك الذين توصّلوا إلى كشف سرّ الكتابة المختزلة ذات الإيحاءات المتعدّدة، الموغلة في التّراث من جهة والمشيرة إلى حاضرنا المعاصر بكامل تأزّماته دون الإحساس باهتزازاته، وهو ينتقل بك عبر الدّهور والأحقاب من أعمق أعماق الأسطورة والأمكنة المتباعدة ليشير لك بعصا سحريّة إلى النّقاط السّاخنة والعليلة في حاضرنا المعيش بكامل سخافاته وآلامه".
وقال جان فونتان [سنة 1999] متحدّثا عن أعمال المؤلّف: "يتّسم إنتاجه بانتظام متواصل غير مألوف، ذلك أنّه نشر سبعة مؤلّفات تخييليّة خلال سبع سنوات.
وفي "الخبز المرّ" [1990] يتعلّق الأمر بصياغة أدبيّة قصصيّة للانتفاضة التي رافقت ارتفاع ثمن الخبز سنة 1984، وبظاهرتي الفساد والرّشوة في بلدان الخليج التي دفع التّونسيّون إلى الهجرة إليها لأسباب اقتصاديّة. ونجد [في المجموعة] أيضا إشارات قاسية لعدد من مظاهر الانحراف والشّذوذ في مجتمع اليوم".
[وأضاف فونتان]: "في "الدّراويش يعودون إلى المنفى" [1992] وضع المؤلّف مباشرة قضيّة السّارد. وقد شعر المؤلّف أيضا بالحاجة إلى تبرير مشروع كتابته الأدبيّة. أضف إلى ذلك أنّه نهَل من الموروث التّاريخيّ والأسطوريّ العربيّ أيضا ليغذّي نثره.
وتظهر الرّواية في شكل تضمينات أو استطرادات. وأشير بسرعة إلى وجود فصل كامل يتكوّن من مجموعة مقتطعات من الزّخارف [والكرامات] منسوبة إلى الأولياء الشّعبيّين.
ويجد القارئ نفسه من خلال الرّواية مبحرا في فضاء عجيب. إذ الإطار الحقيقيّ الحاضر في الحكاية يقتصر على وجود فرنسيّ لعلّه مخبر في إحدى الواحات بالجنوب التّونسيّ. أقام فيها وتساءل عن جميع مظاهر الحياة الاجتماعيّة المحلّيّة هناك.
والانطباع العامّ من المجموع كلّه أنّ الأمر يتعلّق بالأحرى بمجموعة أقاصيص. فليس النّفس وتماسك الرّواية حاضرين في المؤلّف
[وقال متحدّثا عن رواية "شبابيك منتصف اللّيل" [1996]: "يتدخّل ثلاثة أعمام للسّارد ويتعلّق الأمر هنا بقضيّة القسوة في معاملة الحيوانات ومعاشرتها [؟] Zoophilie وبالمعتقدات والأساطير المحلّيّة والجنّ الذي يفرّ من دواميس مناجم الفوسفاط في بداية عهد الاستعمار [الفرنسيّ] وبمصائر مأسويّة تجاذبها الجنس والورع الشّعبيّ والتّطوّر الاجتماعيّ نتيجة النّهضة الاقتصاديّة في البلاد].
وقال فرج الحوار متحدّثا عن المؤلّف وخصائص أعماله الأدبيّة ومسارها: "والدّرغوثي في اعتباري مثال للكاتب القلق (ولا معنى للكتابة إذا هي صدرت عن الاطمئنان والسّكينة والدّعة) وهو عكس الكاتب الذي يتوهّم أنّه نبيّ أو داعية. والدّرغوثي من طينة القلقين لأنّه لا يستقرّ أبدا على نهج ولا يكنّ ولاءً لمدرسة دون أخرى، وهو ولاء كثيرا ما يتحوّل عند غيره إلى تقديس وعبادة. فلا غرابة إذن أن نراه يتحوّل من الواقعيّة في أشدّ مظاهرها التزاما ـ كما نلمس ذلك في مجموعتيه "الخبز المرّ" و"النّخل يموت واقفا" ـ إلى الواقعيّة السّحريّة أو العجائبيّة كما يعبّر عنها البعض.
ومع هذا التّحوّل برزت لدى الدّرغوثي ظاهرة توظيف التّراث، وهي من السمات التي لم تخلّ منها نصوصه الأولى، ولكنّها بلغت في تجاربه اللاّحقة ـ والرّوائيّة منها على وجه الخصوص ـ أبهى تجلّياتها، فاكتسبت بذلك أبعادا لم تكن لها في النّصوص السّابقة.
والدّرغوثي لا يهجّن من مسيرته ما انقضى منها انتصارا لحاضرها، ولا يفاضل بين نصوصه، فكلّها تعبّر عن هموم حقيقيّة وأصيلة لديه، وإن بدت في الظّاهر مختلفة".
وقال محمّد النّاصر العجيمي متحدّثا عن طريقة المؤلّف في الكتابة: "تعتمد الكتابة القصصيّة عند إبراهيم الدّرغوثي القصّ بصيغة المتكلّم إجمالا مجارية بذلك نمط القصّ التّقليديّ ومحقّقة في الظّاهر أحد الشّروط الواجب توفّرها... وهكذا ينتصب عون التّلفّظ في الكتابة المعنيّة فاعلا بالقول، واثقا بنفسه، مظهرا امتلاكه سلطة معرفيّة... لا يدّخر وسعا في استنفار قيم الصّدق والأمانة فيما ينقل، فيعمد إلى توثيق الأحداث المنقولة، مستدلاّ على صحّتها بالإحالة على مصادرها وإسنادها إلى أصحابها المنقول عنهم مشافهة أو عن طريق القراءة المباشرة، ويتّفق في حالات أخرى أن يؤكّد اطّلاعه العينيّ عليها ومعايشته لها أو انخراطه فيها ومشاركته بدور فاعل في تجربتها& [...] ويبدي موقفه من بعض الأحداث التّاريخيّة... ولا يتردّد في الطّعن في بعض المصادر.
لكن ما أن تطمئنّ إلى ذلك وتتوفّر عندنا قناعة بأنّ الكتابة تجري مجرى السّنن المعهودة في رواية الأخبار، وفي وصل العلاقة بين عون البثّ والمتلقّي وفق عقد ائتماني يضمن اتّصال البلاغ في مستوى القطب التّلفّظيّ ويتحقّق بمقتضاه التّماسك، حتّى تطرأ عوامل تشويش تنسف مصداقيّة البثّ وتلغي اتّساقه".
وقال النّاصر التّومي في سياق حديثه عن حضور التّراث في نماذج قصصيّة تونسيّة: "... كان إبراهيم الدّرغوثي تعامل مع التّراث بتاريخه وأساطيره وحكاياته، وإن كان هروبه واضحا من الواقعيّة لاصطلائه بنارها. وهو يلتجئ إلى التّورية بالنّهل من سحر الماضي البعيد مستوحيا من التّاريخ روايته "أسرار صاحب السّتر" [1998] التي كان بطلها أبو العبّاس الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان. ورغم أنّ الدّرغوثي قد حافظ على ما جاء في بعض كتب التّاريخ من وقائع رغم ما وقع تهويله من طرف الرّواة إلاّ أنّه حاول أن يجعل من تلك الشّخصيّة مسخا آخر غير الذي وصلتنا عنه أخبار السّلف.".
[وأضاف]: "وتعامل الدّرغوثي في مجموعته القصصيّة "رجل محترم جدّا" [1995] مع التّراث الشّعبيّ بشكل مغاير، فقد جعل من بعض الرّموز للحكي القديم بهارات، يضعها كيفما شاء للقطع مع الرّتابة السّرديّة ويحيل الذّهن إلى مرجعيّات قديمة".
وقال عمر حفيظ في سياق حديثه عن الرّمزيّة محلّلا أقصوصة "رجل محترم جدّا" لإبراهيم درغوثي خاصّة: "إنّنا نعتقد أنّها تستجيب دون غيرها لقراءة تنتهي إلى الإقناع بأنّها قصّة رمزيّة رغم إسرافها في الإحالة على الواقع المعيش أحداثا وأزمنة وأمكنة"
[وأضاف]: "إنّنا إزاء ترميز للمكان يجعل المتلقّي أميل إلى اعتبار السّرد في القصّة لا يحكي سيرة هذا الرّجل المحترم جدّا وإنّما يحكي سيرة حلم جماعي أو حلم جيل على الأقلّ، أراد أن يعبر من عالم الامبرلياليّة بما فيه من خسارات وعذابات إلى عالم آخر يراه أفضل من الأوّل. لكنّ العبور لم يتحقّق، فقد تفرّقت المظاهرة في شارع فرنسا، وكم من أحلام بدّدها الغرب الامبرليالي بعد أن أتلف أصحابها في إنشائها عقولهم ووجدانهم.
وإذا جاز لنا أن نقدر أنّ ضياع الحلم يورث القلق والتّوتّر فهل يجوز أن نقول إنّ القصّة موسومة هي أيضا بالقلق والتّوتّر من خلال المراوحة المنتظمة والمتواترة بين زمني الماضي والحاضر؟
إنّ قصّة "رجل محترم جدّا" نصّ جامع لشتات من الأحداث والأزمنة والصّور بواسطة خيط ناظم يشدّ هذه المكوّنات إلى بعضها [بعضا] ويؤسّس للسّخرية ممّا حدث وما يحدث ومن الذّات والآخرين، ذاك الخيط النّاظم هو تلك اللاّزمة التي تكرّرت في النّصّ 15 مرّة، وتكرارها لم يكن من قبيل الصّدفة أو الاتّفاق وإنّما هو مقصود أنشأه الدّرغوثي عن وعي بوظائفه في النّصّ "وأنا رجل محترم جدّا".
وقال أحمد السّماوي [سنة 2002] في سياق حديثه عن "التّطريس" [أي التّناصّ] لدى المؤلّف: "كان هدف مجموعة من الرّوائيّين العرب ومن بينهم إبراهيم الدرغوثي الإسهام في تأسيس شكل للكتابة السّرديّة يحيي أجناسا سرديّة وأدبيّة تراثيّة ويخلّص الرّواية العربيّة من الأنموذج الغربي"
واستنتج: "كانت كتابات إبراهيم الدرغوثي ضاربة بسهم في الحداثة وبآخر في التّراث"
[وقال أحمد السّماوي في خاتمة دراسته مظاهر من التّطريس في أعمال درغوثي الرّوائيّة والقصصيّة ومنها العبارة المكرّرة واعتبرها النّاقد نصيّة ذاتيّة]: "والتّطريس إذ يتّخذ النّصّيّة الذّاتية هذه يدلّ على أنّ الكاتب، وهو يجمّع متناصّاته من هنا وهناك، بمثابة الـمرمّق الذي يحسن وضع القطع المتناثرة، الواحدة إلى جوار الأخرى، من أجل حصوله على نصّ أوفى هو نصّه النّاسخ.
وهكذا كان درغوثي في رواياته وأقاصيصه، فهو لا يترك جنسا سرديّا إلاّ استوعبه، غير مبال بحجم ولا بقاعدة، ولكنّه يصوغ هذا الجنس الأدبيّ أو ذاك بكيفيّة وبمقدار؛ ممّا يدلّ على أنّ شعريّة الأقصوصة تتحقّق لا فقط بإيجازها وتكثيفها وإيقاعها، بل أيضا بقدرتها على هضم الأجناس الأدبيّة المختلفة ضمن جنسها هي المحدود. فإذا هي استعارة تمثيليّة تارة، وحكاية وسيرة وترجمة تارة أخرى. وإذا هي محاكاة ساخرة تحرّف ما هو أخلاقيّ لتنقله إلى السّياسيّ، أو ما هو خبر بالمفهوم الأجناسيّ إلى ما هو خبر بالمفهوم الإعلاميّ.
وهكذا تفلح الأقصوصة، بالتّحايل، في الإيفاء بشروط الجنس الأدبيّ وبشروط التّطريس في آن معًا، وإن كانت أكثر ميلا لتمثّل النّصوص المصادر فيها إلى الالتزام بقواعد الجنس الأدبيّ لأنّها غير معنيّة أصلا بها، فخطابها الأدبيّ أكثر قُدرة على التّطاول على الجنس من غيرها من الأجناس الأخرى، وخاصّة منها الرّواية التي يدعوها جنسها إلى أن تنفتح على النّصوص والفنون جميعها"
وقالت نظيرة الكنز في سياق قراءتها مجموعة المؤلّف "رجل محترم جدّا" [1995]: "أسّس إبراهيم الدّرغوثي تضاريسه الخاصّة، إذ تحتضن خطوط الطّول في مشروعه الـقصصيّ الـيـوميّ الـواقعيّ والاجتمـاعيّ والنّفسـيّ، أمّا دوائر العرض فإنّها في حركة لا متناهية مفتوحة على الدّين والأسطورة والتّاريخ. وباختصار شديد تُعبّر معظم المشاهد المقدّمة عن عنف المكبوت وسلطة المكتوب. وقد أعطى القاصّ البعد الإنسانيّ في صورة مكثّفة".
وختمت قائلة :"تحتاج هذه القصّة [رجل محترم جدّا] من القارئ الدّخول في فهم الأسطورة والتّاريخ والفكر، وأن يتفاعل مع التّراث الشّعبيّ. ورغم ارتباطها بالهمّ الجماعي، إلاّ أنّ التّوظيف القصصيّ المميّز جعل للّغة سلطتها ومشروعيّتها وقدرتها على التّوحّد في الأنا الجمعيّ، رغم أنّها "أنا" مفردة. هكذا هي لغة الدّرغوثي مفردة لصيغة جمع، ترفض التّشرنق داخل الأشياء، وتسعى دوما لأن تكون عنيفة وعارية وهادئة في الآن نفسه. فالمواضيع التي تناولها تبدو للجميع محضورات أو ممنوعات لكنّها نصّيّا تحوّلت إلى ممكنات تسمح لأيّ منّا من أن يحوّل مكبوته إلى مكتوب، فالمكبوت في هذه القصّة (المرأة/السّياسة) أضحى مكتوبا جليّا فاضحا
"عنف المكبوت وسلطة المكتوب" قراءة في قصص إبراهيم الدّرغوثي "رجل محترم جدّا".
وقال محمّد نجيب العمامي في سياق حديثه عن تجزئة الأقصوصة إلى فقرات في مجال التّجريب من خلال نماذج قصصيّة تونسيّة إحداها للدّرغوثي: "قد تكون التّجزئة خلافا للمتوقّع أداة من أدوات الوضوح في الأقصوصة. ففي "وقائع من حياة رجل قال: لا..." حكاية تقليديّة البنية (هدوء فاضطراب فهدوء). وما كانت هذه البنية لتمسّ [القارئ] لو قرّر القاصّ الاستغناء عن العنونة الفرعيّة، ولكنّه لم يفعل لأنّه لو فعل لغيّب بعض أهمّ مقاصد السّرد المعنويّة. فالأقصوصة تحبّب& إلى رجل من عامّة النّاس استطاع أن يقول "لا" في عهد صارت فيه "اللا" مصدرا لكلّ بلاء، وهو رجل اختلف النّاس كثيرا في اسمه. وقد استغل القصّاص تعدّد أسماء الرّجل ليجعل كلاّ منها عنوانا لواقعةٍ وليُكسب الاسم كلّ مرّة دلالة تكشف ملمحًا من ملامح صاحبه".
وقال محمّد الباردي: "تسعى قصص إبراهيم الدّرغوثي من خلال هذه المجموعة "الخبز المرّ" [1990] إلى تشخيص هذا الكيان المستقلّ، ولكن أيّ شكل من أشكال التّشخيص اختارت؟ إنّه تشخيص النّموذجيّ من الأحداث والشّخصيّات والمكان والزّمان. فالسّارد ينتقي من واقع الحياة أكثر الأحداث اختزالا لحياة النّاس وأكثرها إثارة وأغزرها دلالة".