غالب ياسين
09/01/2008, 04:31 PM
عندما يصل جورج بوش إلى منطقة الخليج تكون جعبته مليئة بنتائج زيارته لفلسطين وإسرائيل ، وهذا في الواقع ما يجعل زيارته ناجحة أو فاشلة . فهو يأتي للمنطقة بعد مؤتمر أنابوليس الشهير والذي جاء في بيان التفاهم المشترك أن على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي أن يصلا إلى إتفاق قبل نهاية عام 2008 ، أي قبل أن يغادر بوش البيت الأبيض .
هذا البيان جاء إضافة إلى مطلب أمريكي من إسرائيل بوقف توسيع المستعمرات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وعدم إقامة مستعمرات جديدة ،و بتخفيف الضغط على الفلسطينيين وإزالة حواجز تفتيش ، وذلك لخلق جو من الإرتياح يساعد على دفع مسيرة السلام قدما .
ويبدو أن بوش بنى تفاؤله هذا من عدد الدول العربية التي حضرت لقاء أنابوليس ، ومن الكلمة التي ألقاها ايهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل والتي قال في مطلعها أنه يمد يد السلام لكل دول المنطقة لا للفلسطينيين فقط .
ولكن الذي سيواجهه بوش لدى وصوله إلى إسرائيل هو العكس تماما : فبالإضافة إلى 300 وحدة سكنية التي قررت إسرائيل إقامتها في مستعمرة "هار حومه" فور عودة أولمرت من أنابوليس فإنها تستقبل الرئيس الأمريكي بمخطط إستعماري جديد يتضمن بناء 1000 وحدة سكنية جديدة على أراض تعبرها إسرائيل "أملاك غائبين" من الفلسطينيين . بالقرب من جبل أبو غنيم الواقع جنوب شرقي القدس .
وقد طلبت الإدارة الأمريكية رسميا من إسرائيل وقف عمليات البناء في المستعمرات ، إلا أن الأخيرة لم تصغ لذلك واستمرت العمليات كما أوضحنا أعلاه . وأحرج بوش ولكن يبدو أن لا حيلة بيديه سوى إصدار المزيد من التصريحات الرنانة ، على غرار مطالبته بتفكيك المستعمرات العشوائية التي يحاربها أولمرت نفسه ، ولا قيمة عملية لها، دون التطرق إلى وضع المستعمرات القائمة والتي يعتبرها المجتمع الدولي عثرة في وجه السلام .
كما أن الحواجز التي أقامتها إسرائيل بين المدن الفلسطينية لا تزال قائمة ، رغم مطالبة أمريكا بإزالة بعضها على الأقل . والهجومات الإسرائيلية على الفلسطينيين متكررة ، وقد بلغ عدد الشهداء من الفلسطينيين منذ إنتهاء مؤتمر أنابوليس وحتى كتابة هذه السطور 110 شهيداً .
وقبل مغادرته واشنطن قام بوش بنشاطات إعلامية مكثفة ، هدفها تحضير الأراض لزيارته فأقام مائدة مستديرة مع عدد من مراسلي الصحف العربية. وأجرى مقابلة مع تلفزيون العربية ومع تلفزيون الحرة ومع القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي . وكذلك مع عدد من وكالات الأنباء .
وكما خصص كلمته (يوم 5/1/2008) الأسبوعية لهذا الموضوع ، وكان ملخص ما أراد بوش إيصاله للرأي العام في أمريكا وفي المنطقة هو أن "مهمتي في منطقة الشرق الأوسط هي تشجيع السلام بين الفلسطينيين والإســرائــيـليين واحتواء التهديد الإيراني" . السبب في رأيه هو أن المنطقة "لها أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة لأمريكا". وكرر بوش في كلمته عن أمله في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والتي تعيش بسلام بجانب إسرائيل قبل إنتهاء ولايته في شهر كانون الثاني / يناير 2009 .
كل هذا كلام جميل ولكنه لن يجدي نفعا إذا لم يقم بوش بوضع ضغط حقيقي على إسرائيل .فقد برهنت تل - أبيب منذ إنتهاء لقاء أنابوليس (وقبل ذلك أيضا) أنها غير مهتمة لا بمواقف بوش ولا بمواقف كوندوليزا رايس ، ولا بالرأي العام العالمي ، ولا بما تعهدت به هي في ذلك اللقاء ، وبلا شك ضربت عرض الحائط بمواقف الدول العربية التي حضرت هذا اللقاء . إذن ستكون زيارة بوش لإسرائيل والأراضي الفلسطينية فاشلة إلا إذا وضع ضغط حقيقي على تل - أبيب ، وهو أمر غير وارد ، ومزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني لا يزيد الأمور إلا تعقيداً .
إذن ماذا سيحمل بوش في جعبته لدول الخليج ؟ لقد قالت الدول العربية أن أي تقدم على أي جبهة تبدأ بالتقدم على الجبهه الفلسطينية. ويعرف بوش أن التلويح بالتهديد الإيراني لن يجدي نفعا بعد أن أعلنت هذه الدول أنها ليست بحالة عداء مع إيران ، ورفضت الرسالة التي حملها لمؤتمر الدول الخليجية في البحرين في شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي ، روبرت غيتس ، وزير الدفاع الأمريكي عندما قال في كلمته أن الخطر على دول الخليج يأتي بسبب المشاريع النووية الإيرانية ، وردت عليه قائلة أن الخطر المحدق بها يأتي من إمتلاك إسرائيل الأسلحة النووية .
يريد بوش أن تكون رحلته هذه مقدمة إيجابية لتحرك يعطيه بعض الرصيد يخرج به من البيت الأبيض ، بعد أن فقد كل رصيده المحلي والدولي . ويعطي الحزب الجمهوري الذي يخوض معركة إنتخابية طاحنة لبقاء السيطرة على البيت الأبيض . ولكن يبدو أن إسرائيل لن تسمح له بذلك .
د. فوزي الأسمر
كاتب ومحلل سياسي - واشنطن
fasmar1@aol.com
1/9/2008
هذا البيان جاء إضافة إلى مطلب أمريكي من إسرائيل بوقف توسيع المستعمرات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، وعدم إقامة مستعمرات جديدة ،و بتخفيف الضغط على الفلسطينيين وإزالة حواجز تفتيش ، وذلك لخلق جو من الإرتياح يساعد على دفع مسيرة السلام قدما .
ويبدو أن بوش بنى تفاؤله هذا من عدد الدول العربية التي حضرت لقاء أنابوليس ، ومن الكلمة التي ألقاها ايهود أولمرت رئيس وزراء إسرائيل والتي قال في مطلعها أنه يمد يد السلام لكل دول المنطقة لا للفلسطينيين فقط .
ولكن الذي سيواجهه بوش لدى وصوله إلى إسرائيل هو العكس تماما : فبالإضافة إلى 300 وحدة سكنية التي قررت إسرائيل إقامتها في مستعمرة "هار حومه" فور عودة أولمرت من أنابوليس فإنها تستقبل الرئيس الأمريكي بمخطط إستعماري جديد يتضمن بناء 1000 وحدة سكنية جديدة على أراض تعبرها إسرائيل "أملاك غائبين" من الفلسطينيين . بالقرب من جبل أبو غنيم الواقع جنوب شرقي القدس .
وقد طلبت الإدارة الأمريكية رسميا من إسرائيل وقف عمليات البناء في المستعمرات ، إلا أن الأخيرة لم تصغ لذلك واستمرت العمليات كما أوضحنا أعلاه . وأحرج بوش ولكن يبدو أن لا حيلة بيديه سوى إصدار المزيد من التصريحات الرنانة ، على غرار مطالبته بتفكيك المستعمرات العشوائية التي يحاربها أولمرت نفسه ، ولا قيمة عملية لها، دون التطرق إلى وضع المستعمرات القائمة والتي يعتبرها المجتمع الدولي عثرة في وجه السلام .
كما أن الحواجز التي أقامتها إسرائيل بين المدن الفلسطينية لا تزال قائمة ، رغم مطالبة أمريكا بإزالة بعضها على الأقل . والهجومات الإسرائيلية على الفلسطينيين متكررة ، وقد بلغ عدد الشهداء من الفلسطينيين منذ إنتهاء مؤتمر أنابوليس وحتى كتابة هذه السطور 110 شهيداً .
وقبل مغادرته واشنطن قام بوش بنشاطات إعلامية مكثفة ، هدفها تحضير الأراض لزيارته فأقام مائدة مستديرة مع عدد من مراسلي الصحف العربية. وأجرى مقابلة مع تلفزيون العربية ومع تلفزيون الحرة ومع القناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي . وكذلك مع عدد من وكالات الأنباء .
وكما خصص كلمته (يوم 5/1/2008) الأسبوعية لهذا الموضوع ، وكان ملخص ما أراد بوش إيصاله للرأي العام في أمريكا وفي المنطقة هو أن "مهمتي في منطقة الشرق الأوسط هي تشجيع السلام بين الفلسطينيين والإســرائــيـليين واحتواء التهديد الإيراني" . السبب في رأيه هو أن المنطقة "لها أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة لأمريكا". وكرر بوش في كلمته عن أمله في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والتي تعيش بسلام بجانب إسرائيل قبل إنتهاء ولايته في شهر كانون الثاني / يناير 2009 .
كل هذا كلام جميل ولكنه لن يجدي نفعا إذا لم يقم بوش بوضع ضغط حقيقي على إسرائيل .فقد برهنت تل - أبيب منذ إنتهاء لقاء أنابوليس (وقبل ذلك أيضا) أنها غير مهتمة لا بمواقف بوش ولا بمواقف كوندوليزا رايس ، ولا بالرأي العام العالمي ، ولا بما تعهدت به هي في ذلك اللقاء ، وبلا شك ضربت عرض الحائط بمواقف الدول العربية التي حضرت هذا اللقاء . إذن ستكون زيارة بوش لإسرائيل والأراضي الفلسطينية فاشلة إلا إذا وضع ضغط حقيقي على تل - أبيب ، وهو أمر غير وارد ، ومزيد من الضغط على الجانب الفلسطيني لا يزيد الأمور إلا تعقيداً .
إذن ماذا سيحمل بوش في جعبته لدول الخليج ؟ لقد قالت الدول العربية أن أي تقدم على أي جبهة تبدأ بالتقدم على الجبهه الفلسطينية. ويعرف بوش أن التلويح بالتهديد الإيراني لن يجدي نفعا بعد أن أعلنت هذه الدول أنها ليست بحالة عداء مع إيران ، ورفضت الرسالة التي حملها لمؤتمر الدول الخليجية في البحرين في شهر كانون الأول / ديسمبر الماضي ، روبرت غيتس ، وزير الدفاع الأمريكي عندما قال في كلمته أن الخطر على دول الخليج يأتي بسبب المشاريع النووية الإيرانية ، وردت عليه قائلة أن الخطر المحدق بها يأتي من إمتلاك إسرائيل الأسلحة النووية .
يريد بوش أن تكون رحلته هذه مقدمة إيجابية لتحرك يعطيه بعض الرصيد يخرج به من البيت الأبيض ، بعد أن فقد كل رصيده المحلي والدولي . ويعطي الحزب الجمهوري الذي يخوض معركة إنتخابية طاحنة لبقاء السيطرة على البيت الأبيض . ولكن يبدو أن إسرائيل لن تسمح له بذلك .
د. فوزي الأسمر
كاتب ومحلل سياسي - واشنطن
fasmar1@aol.com
1/9/2008