المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لنبدأ من جديد- (5- 6 )- نيويورك!



الدكتور أسعد الدندشلي
10/01/2008, 06:59 AM
لنبدأ من جديد- (5- 6 )- نيويورك

نص مفتوح على خواطر وجدانية
……………….
5- "نيويورك" تتلألأ
"نيويورك" لا تتبسّمُ فيها
الوجوهْ...
لا تعرفُ كيف تأكلُ الملحَ
أو تُسْكِنُهُ الجرْحَ
تنثرُ الخبزَ أو ترميهْ
تشعرُ أو لا تشعرْ
إن كان ذاك ذمّا أم مدحا
بيتي! أنت بيتي!
ذاكرتي الأخرى
خليطُ الفرحِ
والأوجاع،
بنتان وصبيّ
يَحْبونَ في الأضلع
والصدرِ
آثارُ خطاهم في
القلب في فسحة عيني
يطفون على دمعٍ
مشتاقٍ...
بيتي الآن : بعضٌ
ممّا أسمّيه بيتي:
غرفتي وبقايا
من رائحةِ القهوة
والتبغِ...
وأقلامٌ وبعضُ الصحفِ
تحتجُّ على خوفي:
فلنخرجْ من مترٍ أو مترين
من تحتٍ ...
نحو السطحِِ!
الغرباءُ تحت الأرضِ
في عنق الرّحْمِ
ما أوسع فيك هذا الرحم!
أمَّ الأجناسِ أنتِ!
عرس الومضاتِ!
ثغرَ الأنوار!
مهدَ الأضواء!
لن يقوى خطبٌ،
لن يعبرَ من خصرك
عفريتُ الأرزاءْ
لن تعصفَ فيك
سوءُ الأنواءْ
لن تصبحي عاقرْ
وستبقين الأملَ
الثائرْ:
للإنسان المقهور
العاثرْ
يجتازُ الأصقاعَ
مكلومَ الظهر (1 )
مقطوعَ السّاق،
مبتورَ الفكّ،
مسحوقَ الرأس،
منهوكَ العين،
والفكرْ...
يَلِدُ فيك مخلوقاً آخرْ
يمتلكُ بعداً آخرْ
وجهاً، عقلاً، قدماً
وأصابعَ وبصرْ
يمضي في صحبة"هدسون"(2)
ويباركُ خطاهْ
يفترشُ ضفّةَ نهرهْ
يستشعرُ دفءَ موقدهْ
تنخطفُ روحُه في
"منهاتن"
خفقةَ عشقٍ من قلب
ولهانْ
تفيضُ أفكاراً وسجالاْ
ينغمرُ فيئاً وظلالاْ
يسري في جسمها
كالشريانْ ...
ينثني جنوباً وشمالاْ
يخطر غرباً شرقاً
"منهاتن" تنبسطُ جذلاْ
أرجوحةَ أضواءٍ
وفرحْ
ينحني " قزحٌ"
في مرتعِهِ
يُقوّسُ صُلَبُهْ
من طُوْلِ سَجْدَتِهِ
يسألُ في تيهٍ
أيّا ألوانها من
ألوانهِْ
"ألباني" تُهامِسُها
بستانَ ضوءٍ
بلون البرتقالْ
ينتشي فيه الظفرُ،
يتأنسنُ "التمثالْ"
والمكانْ...
فأحْتَسي في "بروكلينْ"
وجهَ "جبرانْ" (3)
و"نعيمةْ" والكثيرينْ...
و"عريضة" يحكي القصصَ
عن رفاق الدرب الأوّلينْ
أطحنُ آجرّها الأحمرَ
أقتاتُ منها ثقافات
السنينْ
بخوراً أوقظهُ في
أمسيات التائهينْ...
فأصيرُ شكلاً من "جُرَيْسِيّاتٍ" (4)
تحيا بقلبينِ بلونينِ
وبالنغمِ الحزينْ
جسدي بقعةُ حبرٍ ترَمرَمُ (5)
سطراً من أنفاسِ "إيما" (6)
وعلى جناح غيمةٍ
يطيرُ ندى
فوق ساحل الخليج
حبّةَ مطرٍ وتميمةٍ
أصيرْ
لجراحات القلبِ العابرِ
والحلمِ الطّاهرِ:
حقلُ الألوانِ
عشُّ الألحانِ
سرُّ الأزمانِ
في قلبي الطائرْ...

6- جسدي يُصْلَبُ في
البرجينِ
عينٌ مني تبقى والأخرى
يفقؤُها الحزنُ
تَنْوَئِدُ في الرَّدْمِ!
أغرقُ في سيلِ التّهمِ
وأصيرُ عنواناً للقهرِ
نصّاً مكتوباً أو شتماً مرئياً
في الجهرِ
الخَفَرُ كثرٌ والأعينُ صَوْبي
وحصارٌ من آذانٍ، من قضبانٍ
والجاني حرٌّ!
ليطولَ أسري وليحيا
السجّانُ!
ليموتَ الحبُّ في الإنسانِ...
تنكسِرُ أجنحةُ الفراشاتِ
تنفطرُ بعضُ الألوانِ...
تنشطرُ الأسماءُ، تترمّلُ
في العزلة أزهار وشجيراتِ!
تشهقُ روحي:
كيفَ لكِ أن تبقي!
دونَ قَوْسٍ الأقواسِ
دون فراشاتِ الألوانِ
دون تلك الأجناسِ!
وجهُكِ أبيضٌ أبيضْ
أشتهي الصّبحَ فيكِ
ولسعَ الريحْ،
أشتهي بردَكِ
والثلجَ الذبيحْ
وكوبَ القهوةِ قبضتي
يستبيحْ
أرنو في عينيكِ
لوجوهٍ ونقوشٍ
من مختلفِ
الأرضِ تصيحْ
تعبرُ من قلبكِ
إلى قلبي
تضجُّ فينا وتستريحْ
من دونكِ أصيرُ
بيدرَ قشٍّ
منثوراً في الريحْ
عصفوراً سقطَ عنه
الرِّيشْ ...
كهلاً فقد مَثْواهُ
كيفَ يعيشْ!!
.......(يتبع)