المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السِّيَاسَةُ الأَمْرِيكِيَّةُ تِجَاهُ الوَطَنِ العَرَبِيّ ... دراسة



أحمد الريماوي
11/01/2008, 09:04 PM
السِّيَاسَةُ الأَمْرِيكِيَّةُ
تِجَاهُ الوَطَنِ العَرَبِيّ




إعداد
د. أحمد الريماوي



المقدمة

على مدى العقود الأربعة الماضية وحتى الآن، ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن بقاء مصالحها في منطقة الشرق الأوسط، مرتبط باستمرار الصراع العربي- الإسرائيلي، ولذلك انحازت الإدارةالأمريكية إلى إسرائيل في هذا الصراع، وظلّت هذه الرؤية سمة ثابتة للسياسة الخارجية الأمريكية، منذ نهاية التنافس الأمريكي – السوفياتي، بل إنها زادت في واقع الأمر مع نهاية هذا التنافس.

وقد سبب الصراع العربي- الإسرائيلي للولايات المتحدة توتراً كبيرا،ً فيما يتعلق بمصالحها الداخلية أوالخارجية، لا سيما أثناء الأزمات، حيث تنجم إشكاليات كبرى في مجال السياسة الخارجية، وفي الفترات التي خلت من أزمات، خفّت حِدّة التوتّر نظراً لصياغة السياسة الأمريكية حِيال الصراع العربي- الإسرائيلي. وقد أحدثت نهاية الحرب الباردة وحرب الخليج الثانية 1990 تغيرات في السياسة الأمريكية، في العديد من النواحي. فقد قامت الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب الباردة، الشروع في مصادرة نتائجها لصالحها، عبر تنصيب نفسها كزعيمة للعالم من أقصاه إلى أدناه، تقرر قواعد السلوك وصياغة العلاقات الدولية، منفردة في التأسيس لنظام عالمي وحيد القطبية، وكانت البداية أحداث كوسوفو وما أعقب ذك من احتلال أفغانستان والعراق، والباب مفتوح أمام حروب جديدة، وبالتالي إحداث هزّة قوية لكل القواعد القليلة للإستقرار الدولي، والشروع في انطلاق عصر جديد، يتّسم بإلغاء سيادة الدولة من أجل المصالح الكبيرة للأمن والسلام الدوليين.

محاولاً في هذا الدراسة الحديث عن العرب والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى، وبداية الصراع العربي- الأمريكي، ومراحل تطور السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، والاستراتيجية الدولية، وأمريكا ...والدور الجديد، ومطالبة أمريكا الأنظمة العربية بتبني الديمقراطية في بلادها، والتغيير المطلوب، والسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط والصراع العربي- الإسرائيلي، والسلام الأمريكي والشرق الأوسط، ومشروع الشرق الأوسط الكبير.

ومثلما أن الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة قد خلقت الفرصة لوجود أمريكي دائم في أوروبا وشمال شرق آسيا، فإن الحرب على ما أسمته الإرهاب، تقدم الفرصة اللازمة لزيادة القوة العسكرية والاقتصادية الأمريكية إلى أقصى حد في منطقة الشرق الأوسط، مما له دلالات عميقة على وجود حلفاء ومناوئين للولايات المتحدة

الأمريكية في المنطقة. وما طُرح للتوسع الكبير للسلام الأمريكي في الشرق الأوسط، إلاّ لأنها بذلك تحمي مصالحها التقليدية في المنطقة، وتكون قادرة على تعجيل مصالح جديدة لها. وعندما تطرح الإدارة الأمريكية هدفها في إحداث تغييرات في نظام الحكم في العراق، فإنها تطرح هدفاً أكثر جرأة يتمثل في إحداث تغييرات في المنطقة، باستخدام السلطة الأمريكية لإنشاء أنظمة حكم في منطقة الشرق الأوسط، كما فعلت في آسيا، أوروبا، وأمريكا اللاتينية.

وتهدف هذه الدراسة إلى إعطاء فكرة مختصرة عن السياسة الأمريكية تجاه الوطن العربي، بعد الحرب العالمية الثانية، واستكشاف كيف أن الحرب التي أعلنتها إدارة بوش بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001، سوف توسع إلى حد كبير جداً من النفوذ الأمريكي، وتواجدها في منطقة الشرق الأوسط، وهذا بدوره قد يقود إلى إعادة تشكيل المنطقة بما يتوافق مع الفكر الأمريكي الجديد القديم.

والله ولي التوفيق





العرب والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية
بعد الحرب العالمية الأولى

لقد توسّم العالم العربي خيراً بعد الحرب العالمية الأولى في النقطة الثانية عشرة من المباديء الأربعة عشر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية "ولسون"، التي تنصّ على انحصار الامبراطورية العثمانية، وفي المباديء العامة التي تشير إلى حرية تقرير المصير. وقد ترجم الرئيس الأمريكي هذه المباديء عملياً بإرسال بعثتين لتقصّي الحقائق في منطقتنا العربية. والوقوف على متطلّبات الجماهير وحقّها في تقرير مصيرها. وقد حذّر التقرير الذي أعدّته لجنة تقصّي الحقائق من مشروع الصهيونية، الذي يدعو إلى هجرة عدد غير محدد من اليهود إلى فلسطين، وجعلها دولة لهم. وأهم من ذلك كله أن قرار اللجنة قد أوصى بأن تبقى فلسطين جزءاً من سوريا(1).

وعندما علمت الحركة الصهيونية بمضمون التقرير،عمدت بواسطة علاقاتها الخاصة إلى طمسه، ومنع تداوله في مؤتمر السلام، ولم يظهر للعيان إلاّ في عام 1922. واستطاعت أن تصل إلى البيت الأبيض، وأن تؤثر على القرار في الإدارة الأمريكية إلى الحد الذي جعلها تستدعي وزير الخارجية البريطاني "آرثر بلفور"، الذي كان متردّدا في تأييد الحركة الصهيونية، وفي العشرين من شهر إبريل/نيسان لعام1917 وصل "بلفور" إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مهمة خاصة، حيث قابل فوراً القاضي "براندز" في اجتماع في البيت الأبيض، وقد ذكرت مسز "داغديل" مترجمة حياة "بلفور":"إن "بلفور" قال للورد "أوستاس برسي" العضو في بعثته أن "براندز" كان في بعض النواحي أبرز رجل اجتمع به في الولايات المتحدة الأمريكية"، ويظهر من مثل هذه الأقوال أن "بلفور" أخذ العهد على نفسه شخصيّاً أن يؤيّد الصهيونية، وأعرب عن رأيه هذا للدكتور "وايزمان" قبل ذلك، لكنه اليوم وزير خارجية بريطانيا، ويظهر أن مستر "براندز" ظل يكثر من تأكيده رغبة الصهيونيين الأمريكان في أن يرو في فلسطين إدارة بريطانية، وذلك خلال زيارة البعثة البريطانية، وقد عمل مستر "براندز" أكثر من الضغط لتأكيد فكرة جعل فلسطين تحت الحماية البريطانية، لكن أعظم مميزات المساعدة الأمريكية في ذلك الوقت، صدرت عن السياسة التي أعلنها الرئيس "ولسون" برفضه المعاهدات السرية، وإن إعلان "مباديء ولسون" بشأن المعاهدات العلنية المتفق عليها اضطر الدول الكبرى لوضع أوراقها على المائدة، وهكذا ذبلت تسويات "سايكس- بيكو" أو المعاهدة شبه الرسمية(2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) حسين كنعان،"مستقبل العلاقات العربية- الأمريكية"، دار الخيال للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، خريف 2005، ص19.
(2) أحمد الريماوي،"المسار التاريخي للنضال الوطني الفلسطيني "،منجزات إتحاد الكتاب الفلسطينيين في السعودية، ط1، الدمام،ص93.



وقد اعترف القادة الصهيونيون بدور الولايات المتحدة في إصدار وعد "بلفور"، حيث يشير "بن غوريون" أول رئيس وزراء لدولة إسرائيل، إلى دور اليهودية الأمريكية في استصدار هذا الوعد بقوله:"إن الولايات المتحدة الأمريكية لعبت دوراً حاسماً في الحرب العالمية الأولى وكان لليهودية الأمريكية دورها في صدور وعد "بلفور"(1).

وبعد وفاة الرئيس "ولسون" وعدم التقيد بِ"معاهدة فرساي"، انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من القيام بأي دور رسمي في المنطقة، ولكن الولايات المتحدة كانت قد عقدت اتفاقية مع بريطانيا تعطي لكليهما فرصاً متساوية في فلسطين. وإبان هذه الفترة أخذت الشركات الأمريكية تشمّ رائحة البترول في العراق، وأخذت طموحاتها الاقتصادية تتصاعد، وأدى التنافس الاقتصادي بين الطرفين إلى أن فسحت بريطانيا في المجال أمام إحدى شركات البترول الأمريكية للعمل في العراق، وأعطتها حصة 25% من نفط العراق. وبقي هذا التنافس بين أخذٍ وردٍّ إلى حين وضع "معاهدة لوزان"، ولكن هذه المعاهدة لم تحل العقد كلياًّ. ففي نهاية عام 1925 عرضت القضية على عصبة الأمم، وبقي الأمر كذلك حتى عام 1945، حيث انتهى التنافس في هذه المرحلة لصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وهي المرحلة العصيبة التي بدأت مع إنشاء إسرائيل دولةً ووطناً لليهود.
العرب والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية
بعد الحرب العالمية الثانية
لقد أفرزت الحرب العالمية الثانية دوراً جديداً ومباشِراً للولايات المتحدة الأمريكية في لعبة المصالح الداخلية والخارجية، فالمصالح هي التي تقف وراء السياسة الخارجية لهذه الدولة أو تلك. ولم يكن الوطن العربي ضمن أولويات الإدارة الأمريكية، لأن هاجسها كان يتمحور حول الاتحاد السوفياتي والدور الإمبريالي الجديد.
كان على الإدارة الأمريكية التي تملك نصف الثروة العالمية، أن تجد الوسائل الكفيلة التي تجعلهم يحافظون على ما يملكون، فوجدوا أن باب المباديء التي تقف في وجه الأيديولوجيا الشيوعية لم يفِ بالحاجة المطلوبة، لأن النهج النظري يجب أن يترجم عملياًّ بسياسة واقعية، تتمثل بتحرك على الأرض، يعمل على محاصرة المنبر الشيوعي بحزام استراتيجي من الدول المحيطة بجغرافية الاتحاد السوفياتي، مروراً بأوروبا الشرقية واليونان وتركيا وصولاً إلى إيران. سُميت هذه السياسة بِ"سياسة الاحتواء"(2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
(1) ناجي علّوش،"الحركة الوطنية الفلسطينية"، ص203.
(2) حسين كنعان، المصدر السابق، ص22.


لقد انتهج الرئيس "ترومان" هذه السياسة بناء على التوصيات والاقتراحات التي
أتت من معاونيه ومستشاريه في البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، وكان يردّد دائما قوله الشهير: "عندما تكون في السياسة عليك أن تفوز في الانتخابات"، وكان يقول لمساعديه ولأعضاء حزبه: "إذا كنتم لا تستطيعون تحمُّل الحرارة، فالأفضل أن تخرجوا من المطبخ". هذه الشخصية التي كانت تدور حول نفسها، كانت دائما تشغل نفسها في المطبخ الداخلي الانتخابي، ولم يكن الشرق من الأولويات. الأمر الذي دفع القوى الضاغطة (من اليهود وأنصارهم) أن يهتموا بإبراز موضوع الشرق الأوسط، كقضية مهمة من خلال إعلامهم ودعاياتهم(1).

لقد بدأوا أولاً بشعارات دينية تحرك عواطف الرأي العام المتدين من الأمريكيين، ونشطوا في إيصال البعد الإنساني لقضية اليهود، كما وعدت الحركة الصهيونية بأن تعطي أصوات اليهود للرئيس "ترومان" في حال مساعدته على تبني إنشاء الدولة العبرية على أرض فلسطين. مقابل ذلك كانت هناك الجبهة الأخرى الاستراتيجية والتي تضم نخبة كبيرة من السياسيين والإداريين الذين بدأوا يتحركون من منطلق المصالح الأمريكية الاستراتيجية، وبدأت لعبة شدّ الحبال بين هاتين المدرستين وبدأت رحى المعركة السياسية تدور حول الرئيس "ترومان" صاحب القرار الأخير، ترأس الحلف الاستراتيجي السيد "جيمس بيرنز"، فما كان من الرئيس "ترومان" إلاّ أن طلب منه الاستقالة من منصبه وتعيين الجنرال "جورج مارشال" وزيراً جديداً للخارجية، وقام بنقلة نوعية بحيث برر موقفه بوجهة نظر مختلفة عن "بيرنز"، وبحجة تنطلق من النواحي الأمنية لحماية دولة كإسرائيل في المنطقة.

لم تكن الخارجية وحدها معنية في هذا الموضوع. فقد كان للإدارة العسكرية دور أساسي. فقد عارض وزير الدفاع "جيمس فورستال" بعنف مطلق قيام دولة عبرية على أرض فلسطين بسبب الوضع الاستراتيجي للمنطقة، ناهيك عن الثروة البترولية فيها، فأقاله "ترومان" كما أقال من قبله وزير الخارجية "جيمس بيرنز". ففي عام 1949 دخل مستشفى "بيشدا" حيث أقدم على الانتحار برمي نفسه من النافذة. ويعتقد بعض العرب بأن الصهيونية كانت وراء هذا الانتحار الغامض(2).
أما في البيت الأبيض فقد كان مستشار الرئيس "ترومان"، الأدميرال "وليام ليدي" يحث الرئيس دائماً على عدم تبني مشروع الدولة الصهيونية للأسباب نفسها التي كانت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
(1) حسين كنعان، المصدر السابق، ص23-24.
(2) يقول السيد جميل بارودي بعد حرب 1967 في محافل هيئة الأمم وعلى شاشة التلفزيون الأمريكي بأن الحركة الصهيونية رمته من الطابق الخامس من المستشفى .



تطرحها وزارتا الخارجية والدفاع. فقد كان "جيمس ديوس" المسؤول عن شركة "أرامكو" يرى بأن التفكير بمثل هذا الأمر جريمة لا تغتفر قانونياًّ وأخلاقيًّا. وقد أيده في هذا الرأي العديد من المستشرقين والمبشرين ورجال الأعمال ناهيك عن الدور الذي لعبته الجامعة الأمريكية في بيروت، وقيامها بالحث على عدم الإقدام على هذا العمل.

كانت قضية الشرق الأوسط في موقع قلق فحاول الرئيس "ترومان" الإبتعاد عنه بقدر الإمكان، بسبب الأفكار المتضاربة المنتشرة بين أعضاء إدارته. لكن هنا نشطت الحركة الصهيونية وتمكنت من دفع بعض الأعضاء البارزين في وكالة الاستخبارات الأمريكية لتبني وجهة نظرها، معتمدة على المعلومات التي تكونت لديها، ألا وهي:
أولاً:أن العرب غير قادرين من ناحية الامكانيات العسكرية على محاربة إسرائيل.
ثانياً: إن الصراع العربي- العربي سوف يشل أي قدررة على المواجهة.
ثالثاً: إن إسرائيل تحظى بدعم بريطاني على الأرض.
رابعاً: يجب أن لا نخشى الادعاءات التي تقول بأننا إذا اعترفنا بإسرائيل فإن العرب سوف يرتمون في أحضان الاتحاد السوفياتي.
خامساً: من الضروري أن يكون لأمريكا امتداد في الشرق الأوسط من خلال إسرائيل.

لم تكن الصهيونية بعيدة عن البيت الأبيض، فقد كان "كلارك كليفورد" من أهم الشخصيات التي تحيط بالرئيس "ترومان" وتحضّه على التجاوب مع اليهود لخدمة معركته الانتخابية، وعندما أصبحت إسرائيل في قمة علاقاتها الجيدة مع الإدارة الأمريكية في عهد الرئيس "جونسون" سعت بكل ما لديها لدعم "كليفورد" كي يصبح وزيراً للدفاع في أعصب الحالات التي كان يمر بها الصراع العربي- الإسرائيلي. لم يتوقف هذا الرجل في يوم من الأيام عن التحيّز لإسرائيل فكان إسرائيليّاً أكثر من الإسرائيليين.

من المهم أن نشير هنا إلى أن "ترومان" في منصب الرئاسة ركز على انعكاس سياسته الخارجية في الشرق الأوسط على السياسة الداخلية وسياسة الانتخابات، والثابت هو أن رئيس الجمهورية في الولايات المتحدة، يفتش دائماً عما يدور في إدارته من آراء وتوجهات، ويهتم بقاعدته الشعبية وحزبه. وفي ضوء الفهم النفسي لسلوك الرئيس يؤكد السيد "ديفيد نايلز" مساعد الرئيس "ترومان" لشؤون الأقليات أنه كان يعمل من ضمن فهمه لشخصية سيد البيت الأبيض فكان يشير إليه دوماً بقوة الحركة الصهيونية في الانتخابات. كان "نايلز" يتعاون وينسق مع اثنين من اليهود في الإدارة مقربين للرئيس وهما: الجنرال "جان هلدرينج" والقاضي"صموئيل روزمان" الذين كانا متعاطفين بشدة


مع الصهيونية وأحلامها في إنشاء الدولة العبرية، لذلك كانا يعملان لصالح الصهيونية وليس لصالح الإدارة الأمريكية، والواقع أن "ترومان" كان يحترم "وايزمان"، الذي كان يلجأ إلى الأسلوب النفسي لإيهام "ترومان" بأنه "لنكولن" العصر، وأن أعظم معجزة يمكن أن تسجل له في التاريخ هي خلق وطن قومي لليهود المشرّدين، فشكل "وايزمان" حلقة مهمة مقربة من "ترومان"، مؤلفة من "إبدي جاكسون" و"إليانور روزفيلت" والدكتور "رينولد نيبهور" بالإضافة إلى اللولب الصهيوني في الكونجرس "رابي ستيفنز".

عندما وجد "ترومان" بأن 80% من اليهود الأمريكيين يؤيدون قيام الدولة العبرية، بالإضافة إلى الكثير من أنصارهم، بدأ يتحول عن الرأي السائد ضد هذه الفكرة، في وزارتي الخارجية والدفاع قائلاً لهم:"هل تستطيعون أن تعطوني أصوات العرب في ولايتي كاليفورنيا ونيويورك؟" فأجابوه: بأن ليس للعرب أصوات في الولايات المتحدة ككل، فأجابهم:"بأن ما يهمني هو تلك الأصوات التي تؤمّن لي الفوز في الانتخابات". تعرّض "ترومان" لانتقاد شديد من وزير خارجية بريطانيا آنذاك السيد "إرنست بيفين"، الذي قال بأن الرئيس "ترومان" يريد الموافقة على هجرة أعداد كبيرة من اليهود إلى فلسطين، من أجل تخفيض عدد اليهود في نيويورك. كانت كلمة وزير الخارجية البريطاني صرخة في أذن "ترومان"، جعلته يوافق على طلب وزارة الخارجية بإرسال لجنة إلى فلسطين لتقصي الحقائق، ولكون بريطانيا معنية بهذا الأمر، اضطر "ترومان" أن ينسق معها بخصوص تشكيل اللجنة من ستة أعضاء من كل دولة، وعرفت هذه الهيئة بِ"لجنة ماريسن غريدي"، وقد وضعت تقريرها الذي أوصى بأن يكون للإدارة البريطانية في فلسطين سلطة ودور أكبر، وأن يخفف الدور اليهودي فيها، كما أوصت بوضع فلسطين تحت وصاية منظمة الأمم المتحدة، للمساهمة في إنشاء دولة عربية ودولة يهودية. ولكن هذا التقرير لم يرضِ الحركة الصهيونية، ولم يخدم في الوقت نفسه مصالح "ترومان" الانتخابية، ومع كل ذلك لم يثنِ هذا التقرير"ترومان" عن تمويل عمليات ترحيل اليهود من أوروبا إلى فلسطين.

*** *** ***

أحمد الريماوي
11/01/2008, 09:10 PM
لجنة التحقيق البريطانية- الأمريكية عام 1946:

طالب "ترومان" بريطانيا بإلغاء فكرة تحديد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والسماح فوراً لمائة ألف لاجيء يهودي بدخول فلسطين، واقترحت بريطانيا لجنة تحقيق مشتركة بريطانية- أمريكية، وقبلت الحكومة الأمريكية الإقتراح البريطاني، فأعلنت الحكومتان أسماء أعضاء لجنة التحقيق، وبدأت اللجنة تستمع لشهادات اليهود وأنصار العرب في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم جاءت إلى لندن فاستمعت إلى ممثلي العرب في هيئة الأمم المتحدة التي كانت تعقد اجتماعات حينئذٍ في لندن، ثم جاءت إلى الشرق العربي في شهر شباط/فبراير 1946، وصدر التقرير في 20أبريل/نيسان 1946، فكان نسفاً تاماً للكتاب الأبيض، وقد احتوى عشر توصيات أكثرها استجابة للمطالب اليهودية(1).

ساد هذا الوضع الإقليمي منطقة الشرق الأوسط، ومن خلال الاستراتيجيين في الإدارة الأمريكية، برزت نظرية الدور الأمريكي الجديد التي أولاها "ترومان" شديد اهتمامه، وكانت مهمة الاستراتيجيين فيما يخص موضوع الشرق الأوسط، مُناطة بالسيد "لافت" الذي كان يشغل آنذاك منصب نائب وزير الخارجية، والسيد "هندرسون" المسؤول عن القضايا السياسية في مكتب "دين راسك" ممثل الولايات المتحدة في منظمة الأمم المتحدة.

*** *** ***











ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) فاضل حسين،"تاريخ فلسطين السياسي تحت الإدارة البريطانية" بغداد،ص58-59.


ومن ناحية المنظور الداخلي كان "ترومان" يتمنى أن يكون قرار الأمم المتحدة متطابقاً مع تطلّعاته السياسية، وبعد المداولات مع مساعديه الكبار صرح "ترومان":(بأن الولايات المتحدة ليست في وارد الضغط على أية دولة من الدول، كي تصوت حسب قرارنا بما يخص موضوع التقسيم، تماشياً مع سياسة الرئيس "روزفلت" الذي كان قد شاء وطن يهودي في الشرق الأوسط). ويقول "ترومان" في مذكراته:(بأن قادة الصهيونية في الولايات المتحدة، كانوا يقترحون ويطالبون بالضغط على الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، كي يصوّتوا لمصلحة إسرائيل في الجمعية العمومية)(1).

تطابق قرار منظمة هيئة الأمم المتحدة مع تصور "ترومان" وحلحلة عقد الضغط الصهيوني الذي وصل إلى عائلة "ترومان" من خلال زوجته وابنته (2). ولكن هذا القرار شكل صدمة لوزارتي الخارجية والدفاع، وخاصة بعد أن كانت الخارجية قد تبنت وعلى لسان السفير "أوستين" في مجلس الأمن، قرار وصاية على أرض فلسطين، بحجة أن التقسيم لا يُفرض، ولكن "كليفورد" الذي كان على اتصال وثيق بالرئيس قد تبنى قرار التقسيم بدعم من الصهيونية.
وقد تبنت الجمعية العمومية للأمم المتحدة في جلستها المنعقدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947 مشروغ الغالبية للجنة تحقيق هيئة الأمم المتحدة، وأوصت بتقسيم فلسطين بموجب القرار 181، حيث صوت بجانب المشروع 33 وعارضه 13 مع امتناع 10 دول عن التصويت، وقد تم ذلك نتيجة تدخل الرئيس الأمريكي "ترومان" وضغطه على بعض الدول المحتاجة للعون الأمريكي(3).

في ظل هذه الأجواء قامت مجموعة صهيونية (وبعلم من الرئيس ترومان) بتهريب السلاح الأمريكي إلى اليهود في فلسطين(4). وفي الوقت نفسه كان الرئيس ترومان يكرر بأنه يسهر دائماً على دور الولايات المتحدة وتدارك الخطر الشيوعي لا سيما في
_________________________________
1)) Henry Truman June 1943, “Robert wagner Paper” George Town University, Washington, D.C. Quoted in John sentsinger, “Truman the Jewish votes and the creation of Israel”. (Stanford Hoover Institute Press 1947) P. 158.
(2) Robert H. Forrel Off the Record. “The Private Papers of Harry S. Truman” (New York, Harper and Row 1980) PP. 56 -66.
(3) أحمد الريماوي، المصدر السابق، ص227.
(4) Shlomo Shomin “The 1948 American Embargo of Arms to Palestine”. Political Science Quarterly 1949, (Fall 1979) (New York: Simon & Schuster 1970) P. 496. shlomo Shomin.





منطقة الشرق الأوسط، وأن الخارجية الأمريكية عارضت قرار الأمم المتحدة بإرسال قوات إلى المنطقة، وطرحت فكرة الوصاية. طلب الوصاية لم ينجح حتى على مدينة القدس، وعندما اجتمع العرب سراً مع "دين راسك" في نيويورك كان موقفهم معارضاً لكل شيء، وكان طلبهم بأن فلسطين عربية، وسوف تبقى عربية، وأنهم يطالبون الولايات المتحدة بعدم السماح لليهود بالهجرة إلى فلسطين، وبأن "اللوبي" الصهيوني هو الذي يحرض الإدارة الأمريكية على معاداة العرب، وبأن مصلحة أمريكا هي أن تكون مع حق العرب، وأن لا تتأثر بالهرطقة الصهيونية وتأثيرها على الانتخابات. وعندما علم "ترومان" بهذا الطرح صرح بأنه لا يتأثر إطلاقاً بالوضع الداخلي عندما تكون مصلحة الأمة في الميزان، وبأن مصلحة أمريكا فوق الجميع(1).

وفي أروقة البيت الأبيض كان "ترومان" قد أوعز إلى مكتبه الخاص، بأن لا يحدد موعداً لِ"وايزمان"، فكان هذا تهديداً قاسياً للحركة الصهيونية، ولكنها استطاعت أن تجعل "ترومان" يقبل باستقبال "وايزمان" بواسطة شريكه "تارومان"، في سوبر ماركت في، ميترودي،، فقال الرئيس أعطوه موعداً شرط أن لا يقول كلمة واحدة عن إسرائيل واليهود. وعندما أتى هذا الرجل إلى البيت الأبيض، بدأ يبكي ويجهش أمام الرئيس قائلاً له بأنه بعد ألفي سنة من التاريخ، فقد صحّت النبوءة بأنك أنت الرجل الذي خلقه الله ليحقق نبوءته ووعده لشعب إسرائيل، وعلى إثر ذلك عين "ترومان" وبتأثير إضافي من "كليفورد" سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل هو "ماك دونالد" الصديق الوفي لليهود، كما أن إسرائيل أرسلت سفيراً لها هو "إلياهو إينشتاين"(2).

إن أخطر ما حصل في هذه الفترة هو تغلغل الفكر الصهيوني في مدرسة العالم الحر، ليحول هذه المدرسة إلى خادم لدولة إسرائيل، ولم يحدث تغلغل الفكر الصهيوني من طريق الصدفة، فقد أدخلوا من خلال الفكر الغربي المفاهيم الغربية لحضارة العالم الحر، واقتنصوا قادة هذا الفكر من الدول الذين يعيشون فيها، كما من الشعوب، بتخطيط يؤكد أن إسرائيل هي امتداد للحضارة الغربية، ونبراس لمباديء النظام الحر.

تخلف العرب عن ولوج باب الحضارة الغربية، ولم يستطيعوا التعويض عن هذا التخلف بالشيوعية الإلحادية، ولم يعد أمام العرب سوى التوجه إلى الغرب المؤمن بدلاً من الشيوعية الملحدة، إلاّ أن تفاقم الأمور السياسية، والتحيّز الغربي المطلق لإسرائيل، جعل العرب يفتشون عن مخارج سياسية أخرى، ولكنهم لم يفلحوا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) حسين كنعان، المصدر السابق، ص38- 39.
(2) المصدر نفسه، ص39.


بداية الصراع العربي- الأمريكي
أقدم الرئيس "ترومان" تحت الضغط الإسرائيلي الذي أعطاه 75% من أصوات الناخبين اليهود على الاعتراف بدولة عِبرية على أرض فلسطين، وهذا القرار أرسى من الناحية العملية القاعدة لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط. وجد الرئيس "أيزنهاور" نفسه، عند استلامه السلطة، أمام المشكلة الكبرى التي ورثها عن سلفه في موضوع الشرق الأوسط، فأعطى "أيزنهاور" منطقة الشرق الأوسط مكانتها الاستراتيجية في السياسة الأمريكية، مع العلم أن الضغوط كانت تتوالى عليه من "اللوبي" اليهودي وأصدقاء إسرائيل، ولكنه صمد في هؤلاء، ففي سنة 1953 ألغى المساعدات المخصصة لدولة إسرائيل، وقيمتها 26 مليون دولار، وألغى الإعفاء الضريبي حتى تتوقف إسرائيل عن مشاريعها في جر مياه نهر الأردن، لأن ذلك يخالف "اتفاق الهدنة" الذي أجرته منظمة الأمم المتحدة سنة 1949، فتراجعت إسرائيل عن المشروع وانتصر "أيزنهاور".

إن الرئيس "أيزنهاور" كان يرى أولا أن الشيوعية هي خطر رئيسي فعلي على الحضارة الغربية، وكان يرى، ثانياً، وجوب الإسراع في تطوير السلاح العربي والضغط على "الكونجرس" لصرف الأموال لتقوية الجهاز العسكري في لعبة الحرب الباردة، وكان يرى، ثالثاً، أن الأحلاف العسكرية، وهي امتداد ل"نظرية مارشال" ضرورية لمحاصرة أي تقدم سوفياتي. وقد وجد بأن موضوع الشرق الأوسط يؤثر تأثيراً بالغاً على هذه المباديء الثلاثة. وأن سياسة الرئيس "أيزنهاور" لم تكن في الدرجة الأولى والأخيرة، إلاّ باتجاه كل ما يخدم المصالح الأمريكية. عندما كان يصل الأمر إلى الصراع العربي- الإسرائيلي كان "أيزنهاور" يجد مع وزير خارجيته "جون فوستر دلاس" بأن الطرفين على حق(1). وتحدث إلى الرأي العام حول الضغوط السياسية التي يمارسها أصدقاء إسرائيل من الداخل، وقال أنه طلب من مساعد وزير الخارجية السيد "بايرود" أن يطمئن إسرائيل بأنه لن يسمح بالإعتداء عليها (2).

وعندما وجدت الحركة الصهيونية بأن أيزنهاور أكبر من أن يضغط عليه، وجد وزير خارجيته "دالاس" بأنها فرصة لتعميق الصداقات العربية- الأمريكية، ومعالجة الصراع العربي- العربي، وتجميد عملية الصراع العربي- الإسرائيلي. ومن خلال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) Dwight D. Eisengower “Crusade in Europe” (Garden City, New york Doubleday 1948), P. 128.
(2) Donovan: Eisenhower “The Inside Story”> P. 67.


المعادلة الداخلية التي تخدم الرئيس وجد "دالاس" بأن اليهود وأنصارهم قد نشطوا في إيجاد المساعدات للدولة العبرية الغاشمة لاستيعاب المهجرين وتكريسها كدولة، وذلك بعد أن تقلصت عضوية اليهود في منظماتهم الصهيونية من 250،000 إلى 87,222 عام 1963 (1). كما عمدت الصهيونية إلى تأسيس "إيباك" AIPAC سنة 1956 لمساعدة إسرائيل.

يقول السيناتور "فولبرايت" في كتابه ثمن الامبراطورية “The Price of Empire”
بأن الرئيس "أيزنهاور" كان الرئيس الوحيد الذي وقف متحدياً الصهيونية، ولا سيما عندما خاطبهم بقوله: "إذا لم تنسحبوا فسوف نقطع عنكم المعونات كلها" (إثر الهجوم الثلاثي: البريطاني- الفرنسي- الإسرائيلي عام 1956 على مصر)، وكان يدرك بأن إسرائيل كانت تريد من هذا الغزو دفع الأردن لمشاركة المصريين في القتال، كي تضع يدها على الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وبغزوها مصر تضع يدها على غزة، تحت إطار المشروع المتدرج لإقامة إسرائيل الكبرى، مع العلم بأن إسرائيل قد حازت على اعتراف الحكومة الأمريكية، بدون أن تحدد الدولة الأمريكية حدود الدولة العِبرية، مما ألحق الضرر ليس بإدارة الرئيس "أيزنهاور" فقط، وإنما بالإدارات الأمريكية اللاحقة.

عندما طالب مساعد وزير الخارجية الأمريكية السيد "بايرود" سنة 1954 بإيقاف هجرة اليهود، والتعويض على الفلسطينيين، مقابل "معاهدة سلام" مع العرب، قامت قيامة إسرائيل ومؤيديها في الولايات المتحدة، وعندما خاطبهم السيناتور"فولبرايت" William Fulbright في جامعة تل أبيب بأن يقبلوا السلام مع العرب، وجهت إليه الإهانات وأوقفوه عن الكلام(2). ومهما يكن من أمر فإن الإدارة الأمريكية، وبعد وقف "الاعتداء الثلاثي" على مصر، بدأت تقوم بدورها كبديل للدول الاستعمارية السابقة، وأخذت تتعاطى مع الشرق الأوسط كمنطقة نفوذ، آخذة بعين الاعتبار دائماً تفوق إسرائيل العسكري وإمدادها بالمعونات المادية والعسكرية، فما كان من "عبد الناصر" إلاّ الانضمام إلى فكرة "عدم الانحياز"، ولكنه سرعان ما واجه مجابهة عنيفة من المعسكرين الشرقي والغربي.

وفي ضوء متغيرات ما بعد الحرب، بدأ المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، يبحث عن أبعاد مخطط جديد، يضمن بقاء سيطرته على الدول
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
(1) Emest Stock “Israel on the road to Sinai 1949 – 1956 “ (Ithaca: Cornell University Press, 1967), P. 142.
(2) حسين كنعان، المصدر السابق،ص50.





العربية, وبدأت ملامح مخطط السيطرة الغربية تتشكل وتتضح، وبقيام إسرائيل وانتهاء الحرب، أصبح واضحاً أن هذا المخطط يقوم على دعامتين أساسيتين(1):
الأولى: تثبيت وجود الكيان الإسرائيلي الجديد.
الثانية: ضمان خضوع الدول العربية للسيطرة الغربية من خلال سياسة الأحلاف.

إن فكرة "عدم الانحياز" تساعد الدول الصغيرة في الابتعاد عن لعبة الكبار، الذين وجدوا بأنها تضر بمصالحهم القومية، أما بالنسبة إلى العرب وخاصة الرئيس "جمال عبد الناصر"، فإن حركة "عدم الانحياز" كانت لكسب دول العالم الثالث، من أجل أن تضغط على الولايات المتحدة الأمريكية، وتصبح سياستها بما يخص القضايا العربية وخاصة قضية فلسطين والصراع العربي- الإسرائيلي.

وقد كان "دالاس" يشعر بأن الجماهير العربية، يمكن أن تتقبل الفكر الغربي الذي هو أقرب إلى معتقداتها الدينية من الشيوعية. وبعد قرار "أيزنهاور" بطلب الانسحاب ووقف "العدوان الثلاثي" على مصر، ظن "دالاس" بأن العرب، وبالتحديد "جمال عبد الناصر"، يمكن أن يتجاوبوا مع أمريكا، لكن صفقة الأسلحة التشيكية وتحول "عبد الناصر" إلى فكرة "عدم الانحياز" كانت من الأشياء التي أثارت القلق لدى وزير الخارجية الأمريكية، الذي وجد نفسه مُحرجاً أمام الكونجرس و"اللوبي" الصهيوني وخاصة السيناتور "جونسون" وقال:"أنه يثق بالرئيس "عبد الناصر" ويكرر لمساعديه دائماً، أنه أكبر شخصية في الشرق الأوسط يمكن الثقة بها والاعتماد عليها". وأضاف "دالاس" بأن ممثلي إسرائيل قد صرّحوا بأنه:"لا يمكن أن تنتظر إسرائيل حتى يكمل العرب استعدادهم للقضاء عليها"، وأنه شخصياً يجد نفسه محرجاً لأن إسرائيل تطالب بالحصول على " أسلحة وضمانات أمريكية". ولم يستطع "دالاس" أن يحافظ على صداقة مصر خوفاً من أن تتصدع العلاقات العربية- الأمريكية مع الدول العربية المناهضة لسياسة "عبد الناصر" لاسيما السعودية بعد العراق والأردن ولبنان. وما كان ليتطلّع إلى مكافأة إسرائيل على عدوانها لأسباب عدة أهمها:

أولاً: تجنب تقوية الراديكالية العربية وبالتالي تقوية البقاء الناصري.
ثانياً: تجنب دفع العرب إلى أحضان الشيوعية. فلكي يحافظ على مكانة أمريكا مع الدول المتعاملة معها وفي حلفها كان عليه أن يجابه عبد الناصر، وخاصة بعد إخفاق صفقة بناء سد أسوان واستيراد الأسلحة التشيكية والسوفياتية. ففي اجتماع عقد برئاسة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) مذكرات محمود رياض، القاهرة، دار المستقبل العربي، ص48.




"دالاس"مع كبار مستشاريه، قال "دالاس":"توجد خشية من أن يأخذ "عبد الناصر" جميع الدول العربية، وخاصة بعد خطوة الوحدة مع سوريا، وبأن الولايات المتحدة ربما تخسر لا العالم العربي فحسب، إنما الإسلامي ودول العالم الثالث. وبعد انقلاب "عبد الكريم قاسم" في العراق، ظهرت الهواجس العر اقية بخصوص الكويت، فصرح الرئيس "أيزنهاور":"لقد أعطيت أوامري إلى الجنرال "توينغ"Twing لمنع أية دولة صديقة من الدخول إلى الكويت، وقد بدأ "أيزنهاور" ينظر إلى خلق استراتيجية أمريكية على مستوى الصراع والمتغيرات التي تواجهه في الشرق الأوسط. وكان ومعه "دالاس" يعتقدان بأن وجود إسرائيل في المنطقة يشكل عقبة حقيقية في وجه بناء استراتيجية معينة في المنطقة في وجه تحسين العلاقات العربية- الأمريكية. ويقول إنه علينا إما أن نتكيف مع العقلية العربية أو نعمل على تغييرها. وعلينا أيضاً أن نتفهم موضوع القومية العربية.

إن نظرية "أيزنهاور" القائلة بالتكيف مع الواقع العربي والهواجس القومية التي حفّزها "جمال عبد الناصر"، إنما كانت مبنية على مصالح الشركات الكبرى ومصالحها في المنطقة، يقول "أنور السادات" في مذكراته بأن ما فعله الرئيس "جمال عبد الناصر" بالتحالف مع موسكو، جعل أمريكا تطرح اتفاقية "الأمن المتبادل" و "اتفاقية رأس المال" لضمان استراتيجيتها في المنطقة، وهنا يجب الإقرار بأن السياسة الأمريكية ليست لوجه الله ولا لحق تقرير المصير ولا لنصرة الشعوب الصغيرة(1).

كانت نظرية التكيف الأمريكية تهدف إلى كسب مصر، ودورها في العالم العربي في عملية تنموية بتشييد السد العالي، ولكن الإدارة الأمريكية كانت قد ربطت هذه العملية بعامل سياسي رئيسي، وهو الاعتراف بدولة إسرائيل، ولكن "عبد الناصر" قال لمبعوث "أيزنهاور" السيد "أندرسون":"إن قضية فلسطين ليست قضية مصرية، وإنما قضية عربية ولا تستطيع مصر أن تنفرد بنفسها بهكذا أمر، ولكني أقبل بأن أسعى لدى الأطراف العربية المعنية للقبول بمبدأ التقسيم، الصادر عن منظمة الأمم المتحدة في سنة 1948 والوصول إلى تسوية مع إسرائيل"(2).




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) أنور السادات،"يا ولدي هذا عمك جمال... مذكرات أنور السادات"، بيروت، مكتبة الوفاق،1971،ص100.
(2) محمد حسنين هيكل،"صراع امبراطوريات وكفاح ثورات" في جريدة الرأي الأردنية، 5/10/1986.



لقد استبشر العرب خيراً بانتخاب "جون كينيدي" رئيساً، ظنّاً منهم بأنه سوف يعود إلى مباديء "ولسون" وسياسة "أيزنهاور"، ولكن المنيّة أخذته باكراً. وكانت الجالية اليهودية قلقة جداً وغير مطمئنة إلى دوره، وقد اتهموه بأنه إذا تكلم عن إسرائيل لا يساندها إلا بالأقوال، وأن النّهج الذي اتبعه في مخاطبته العرب، كان على لسان نائب وزير الخارجية السيد "شستر بولز" Chester Bowels بأن الحالة في الشرق الأوسط تبقى غير مستقرة(1).

عرف عن "كينيدي" أنه كان يتبع أسلوب تنظيم الأمور بنفسه، وقد قام بكتابة رسائل عدة إلى الرؤساء والملوك العرب بنفسه(2). وكان التركيز دائماً على الرئيس "عبد الناصر"، فكانت أول مبادرة له، أنه عيّن السيد "جان بادو" الذي كان رئيساً للجامعة الأمريكية في القاهرة سفيراً للولايات المتحدة الأمريكية، وكان "بادو" مقتنعاً مع "عبد الناصر" بأن حق اللاجيء الفلسطيني مرتبط بحق إقامة وطن له، وقد عمل على تعزيز الثقة بين الرئيسين، ولكن القدر شاء مشيئته وتولى الرئاسة "ليندن جونسون" المنحاز إلى إسرائيل، مما شجع إسرائيل بشن الحرب سنة 1967 على العرب، وقد تمخض عن كل ذلك قرار هيئة الأمم المتحدة 242 الذي لا نزال نعاني الكثير، حول تنفيذ بنوده بسبب التّعنّت الإسرائيلي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
Kenneth P.O,Donnell and David F. Powers”Johnny,we hardly Knew ye”. (New York 1970), 307(1)
(2) Exchange of Letters between President Kennedy and President Nasser (Middle East Affairs Nov.13, 1962) “A letter to King Hussein of 11 May 1961” (New York Times June, 1961).

أحمد الريماوي
11/01/2008, 09:14 PM
مراحل تطور سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الوطن العربي
منذ مطلع العقد الثالث من القرن العشرين، بدأ الاهتمام العالمي بالسياسة الخارجية الأمريكية، وقد تركز الاهتمام العربي بهذه السياسة بعد عام 1967، بسبب الأحداث التي رافقت ذلك التاريخ، وما بعده، وخاصة إنشاء دولة إسرائيل عام 1948. يجعل النظام الرئاسي الأمريكي السياسة الخارجية أمراً منوطاً برئيس الجمهورية وحده. وإن التطور البارز الذي حصل في الدبلوماسية الأمريكية كان في عهد الرئيس "نيكسون"، لكن فضيحة "ووترجيت" التي طغت على حركته، جعلت من مستشاره للأمن القومي "هنري كيسنجر" مدعوماً ب"اللوبي" الصهيوني يربح المعركة ضد وزير الخارجية "رودجرز"، وأصبح "هنري كيسنجر" سيد الدبلوماسية بلا منازع.

أما بالنسبة إلى الرئيس "رونالد ريغن"، فقد ترك الأمر في الشأن الخارجي إلى وزير خارجيته "جورج شولتز"، الذي جعل على رأس أولوياته الانحياز المطلق لإسرائيل، معتمداً في ذلك على الخلفية العقلية للرئيس "ريغن"، الذي كان يخضع للأساطير التّلمودية. ويمكن القول أيضاً إن ولاية الرئيس "بوش" الأب كانت مفترق طرق، حيث أنه ومع وزير خارجيته "جيمس بيكر" حاولا وضع أسس للسلام في منطقة الشرق الأوسط، بالضغط على الأطراف كافة بما في ذلك إسرائيل. أما الرئيس"كلينتون" فقد اتبع النمط الذي كان درج عليه الرئيس "كينيدي"، وقد عيّن مستشارين اثنين معنيين مباشرة بالشرق الأوسط، وهما اليهوديان "روس" و"انديك"، تاركاً بذلك القرارات الحساسة منحازة للمفهوم الاسرائيلي.

أما الرئيس الحالي "جورج دبليو بوش" فقد وقع فريسة اليمين المتطرف من قادة المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية، الذين يرون ليس فقط بتماهي المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، بل هم أكثر تشدداً من قادة اليمين المتطرف في إسرائيل، أصحاب نظرية الصهيونية المتجددة، ومن هنا جاء الدور الأمريكي إزاء عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية، لا يتعدى "إدارة الأزمة"، بدلاً من أن يرتكز على إيجاد الحلول، رغم ما تبلور من رؤية الرئيس "بوش" التي تم تضمينها خطة "خارطة الطريق" والتي تحمل أربعة عشر تحفظاً إسرائيلياً حظيت بالتقدير الأمريكي.

إن الشعار الذي تبنته الولايات المتحدة الأمريكية من القديس "يوحنا"، الذي يقول بأن الحقيقة تجعلك حراً “The Truth shall make you free” لم ير النور، وهذه الحقيقة هي التي يبحث عنها المواطن العربي في الإدارة والكونجريس الأمريكي.


منتظراً موت "إيباك" المنظمة الصهيونية القوية النفوذ، كي يحصل العرب على حقوقهم، ويتحرر أسياد القرار في الولايات المتحدة الأمريكية من النفوذ والابتزاز الصهيونيين. فعندما نسمع من الرئيس "كلينتون" بعد سقوط "بيريس" يقول:"إن علاقة أمريكا هي مع الدولة الإسرائيلية"، نتساءل: ما الذي دفع الرئيس كي يقول هذا الكلام؟ هل هي الملفات التي بحوزة "إيباك" عنه وعن حزبه؟ أم هي الأغراض الانتخابية ودور الجالية اليهودية؟. عندما وصلت أسهم الرئيس "جورج بوش" الأب إلى فوق الثمانين في المئة في الاستفتاء العام في البلاد، خافت الصهيونية من دوره في الولاية الثانية، فعملت على إسقاطه، لأنه لم يحظ على أصوات الأكثرية الصامتة، التي يضللها الإعلام الذي تسيطر على قسم كبير منه المنظمات اليهودية، كما قامت بالتجربة ذاتها مع ابنه "جورج بوش" الذي فاق دعمه لإسرائيل أكثر من دعم إسرائيل لنفسها.

وإذا كنا ننظر إلى لعبة الداخل الأمريكي، وتأثير هذه اللعبة على وضعنا العربي، فيجب أن لا نغفل عن طرح الحقيقة المرة لهذه اللعبة في عالمنا العربي المشرذم، الذي تهافتت بعض دوله على تأسيس علاقات حميمة مع الدولة العِبرية. كما يجب أن لانُخفي عن شعبنا العربي أبعاد لعبة الصراع العربي- العربي ولا حالة الانحطاط التي نمر بها.

لقد أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية، كما كانت في عهد "ترومان" و"أيزنهاور" زعيمة العالم الحر، لقد تحقق الحلم بدون الترسانة العسكرية، وترك الأمر للرئيس "جورج بوش" وإدارته أو من يأتي بعده، لوضع أسس جديدة لهرميّة نظام دولي جديد، تقوده الولايات المتحدة (روما العصر) مبني على الاستقرار والسلام والتعاون الدولي، فالقول الثابت منذ فجر التاريخ هو بأن بعد كل حرب عالمية جديدة ينشأ نظام دولي جديد، تقوده الدول المنتصرة، وعلى البقية التكيف والتأثير على الدولة المنتصرة (الولايات المتحدة).

في هذه المرحلة العصيبة فرض على العرب أن يتخذوا موقفاً من الكيان الصهيوني (إسرائيل) في بلادهم، فحاربوا عدة مرات. ولكنهم كانوا يصطدمون دائما بالمواقف الأمريكية حيال إسرائيل... فلا غنى لأكثرية أنظمتهم عن أمريكا ولا غنى لأمريكا عن بترول العرب.

*** *** ***




أمريكا والدور الجديد

أفرزت الحرب العالمية الأولى نظاماً دولياًّ مفكك الأوصال بتحالفاته، البعض منها علني، والبعض الآخر سِرّي، أما الحرب العالمية الثانية، فقد انبثق عنها نظام القطبين: الولايات المتحدة الأمريكية متزعمة العالم الرأسمالي، والاتحاد السوفياتي وحلفائه متزعمين الأيديولوجيا الشيوعية، وعلى ضوء هذه المعادلة، انبثقت "نظرية التفاهم السلوكي"Behavioral Understanding وعلى أسس من الخوف والرعب تمت "اتفاقيات منع انتشار الأسلحة المدمرة" Non- Proliferation Treaty و"حرب النجوم".

نظام القطب الواحد:
بعد حرب عالمية ثالثة لم تحصل كأخواتها من الحروب بمعناها العسكري، بل حصلت بمفاهيم أيديولوجية واقتصادية واجتماعية، انتصرت بها الليبرالية الأمريكية على الشيوعية الدولية، فأصبحت أمريكا القوة العظمى في العالم، وحولها قوى إقليمية أخرى، لا تستطيع أن تتحرك دون التنسيق والاتفاق معها للقيام بأي عمل على مستوى دولي وإقليمي.

إن طبيعة الصراعات الإقليمية وتركيبة الأنظمة في معظم الدول، تساعد أمريكا على تأمين مصالحها بالشكل الذي تريد، ففي الوطن العربي زرعت إسرائيل كغُدّة سرطانية من خلالها تعمل أمريكا على تأمين مصالحها والسيطرة على الثروة العربية وخاصة البترولية منها. واستطاعت أن تخلط الأوراق وأن تساهم في تأجيج الصراعات بين الدول لتأمين مصلحتها القومية، فقد أمنت لنفسها في الشرق الأوسط إسرائيل كقاعدة ثابتة بسبب الولاء والانتماء لها.

تركيبة النظام الأمريكي ودور القوى الضاغطة و"إسرائيل":

يتكيف السياسي والمرشح الانتخابي في سياسته وبرنامجه الانتخابي مع مصالح القوى الرئيسية الضاغطة في الولايات المتحدة. وينعكس نجاح السياسي وبرنامجه بقدر تقبله وفهمه لمصالح هذه القوى الضاغطة، حتى لو كانت على حساب الوطن وأمنه. إن النفوذ الذي يمارس على الإدارة الأمريكية من قبل القوى الضاغطة الصهيونية في واشنطن، يرتكز على منظمة "إيباك" (AIPAC) (اللجنة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة) التي تعمل وتنسق مع أكثر من مئة لجنة من لجان قوى الضغط المحلية والفدرالية.إن "اللوبي" اليهودي يؤثر على الشخصيات السياسية والاقتصادية البارزة في المجتمع الأمريكي كما في مجلس الشيوخ والنواب وكذلك مع الأكاديميين

ويسيطر على دور النشر ووسائل الإعلام، ويصدر نشرات عدة أهمها Near East Report (تقرير الشرق الأدنى)(1). إن عدد اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية يبلغ 5,2% من السكان، بينما الذين من أصل عربي يبلغ عددهم حوالي 5%، ولكن اليهود منتظمون في "إيباك" وتبلغ نسبة مشاركتهم في الانتخابات حوالي 90%، بينما المعدل الوطني العام هو 50%، بينما العرب في أمريكا يناهض بعضهم البعض.

يقول عضو مجلس الأمن القومي السابق "وليام كوانت" أن 70% من أعضاء الكونجريس يؤيدون المنظمة اليهودية في أمريكا "إيباك"، لأن هذه المنظمة تملك قدرات مالية وسياسية ضخمة في الداخل الأمريكي، وتستطيع التأثير على مجرى الانتخابات. وتشكل قوة ضاغطة لدى المحافظين الجدد، إن هؤلاء يلتقون مع طروحات "هانتنغتون"، ويرون بأن جوهر المشكلة بالنسبة للغرب ليس الأصولية الإسلامية، بل يرون بأن الإسلام نفسه هو العدو، ويتمادى "جيري فالويل" و"روبرت مواري"، ويدعوان إلى تدمير الأماكن المقدسة الإسلامية المقدسة، ليبررا لإسرائيل العودة إلى القراءة التوراتية بعد الحادي عشر من سبتمبر، ودك هياكل المسجد الأقصى(2).

ومن الجدير بالذكر هو أنه، بعد حرب 1967، قامت الجالية اليهودية بتقديم تبرعات سخية للمجهود الحربي الإسرائيلي، وقد بلغت نسبة الحسم الضريبي Income Tax Deduction في تلك السنة إلى خمسمائة مليون دولار، وكانت الدولة الأمريكية قد دفعت كمساعدات 2,7 بليون دولار، وحوالي ملياري دولار من تبرعات الشركات والأفراد، ومليار دولار من بيع سندات الخزينة الإسرائيلية، وفي سنة 1985 قدمت أمريكا مساعدات بمبلغ 800 مليون دولار، وفي السنة نفسها أبلغت إسرائيل وزير الخارجية الأمريكية السيد "شولتز" بأنها بحاجة إلى 12 مليار دولار، كما طالبت بخطة مارشال إسرائيلية بقيمة 30 مليار دولار. وفي سنة 1985 قامت إدارة الرئيس "ريغن" بتقديم مساعدات بقيمة 4,5 بليون دولار. ولما طالب "كيسنجر" إسرائيل بالانسحاب من سيناء مقابل ترضية قيمتها 7,93 بليون دولار، انتقدته ال"إيباك" وحصلت على المبلغ دون أن تنسحب، وأن المساعدة التي قدمتها إدارة "كارتر" و"ريغن" إلى تل أبيب هي كالتالي:
سنة 1977 حصلت على 7,42 بليون دولار، وفي سنة 1978 7,91 بليون دولار، وفي سنة 1979 مبلغ 7,90 بليون دولار، وفي سنة 1980 مبلغ 7,86 بليون دولار، وفي سنة 1981 مبلغ 7,64 بليون دولار، وفي سنة 1982 مبلغ 8,06 بليون دولار، وفي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
(1) حسين كنعان، المصدر السابق، ص112.
(2) المصدر نفسه، ص114.




سنة 1983 مبلغ 7 بليون دولار(1).

إن الرئيس "ريغن" كان قد طالب بمساعدة فورية مالية إلى إسرائيل بقيمة 785 مليون دولار، ولكن الكونجريس تخطى هذا الرقم، وأقر مساعدة بقيمة790 مليون دولار، وكان التصويت بالإجماع. إن هذه الأرقام قد تضاعفت مع السنين، وخاصة في سنوات "بوش" الأبن، وفي الذكرى الأولى لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، قدم الرئيس "بوش" مبلغاً إضافياً إلى إسرائيل بمبلغ مائتي مليون دولار.

بسبب هجرة اليهود الروس إلى إسرائيل، وقد بلغ عددهم المائة وخمسون ألف شخص سنة 1990، طلبت الوكالة اليهودية المساعدة من مجلس الاتحادات اليهودية في أمريكا مبلغ 900 مليون دولار، ويجب أن تدفع الجالية حوالي 1000 دولار لكل لاجيء روسي من أجل الخدمات الاجتماعية، وهذا نوع من الضريبة على اليهود. وهذا يدلنا على أن التشريعات الأمريكية سمحت لمنظمة يهودية وطنية أمريكية بفرض ضريبة على الجاليات اليهودية الأمريكية، واتخاذ قرارات باسمها، وهذه الجمعيات الاتحادية استطاعت أن تجمع بليون دولار لصالح إسرائيل(2).

لا بد من أن يتثقف المجتمع الأمريكي بالشؤون الخارجية، ويستوعب ما يحصل من قبل الحركات الصهيونية، كما لا بد من أن يستيقظ العرب، ويساهموا في تماسك ونشاط أكثر، بالتضامن مع المسلمين والأقليات في إيجاد قوى ضاغطة في وجه القوة اليهودية، مع العلم بأن العرب ُسيّسون في الولايات المتحدة كما اليهود، وبدؤوا يمارسمون حقهم الانتخابي بكثافة، وحسب استطلاع "مؤسسة الزغبي" حول الانتخابات سنة 2000، فإن 56% مع العرب الأمريكيين كانوا لبنانيين، وإن 14% كانوا سوريين، و12% كانوا مصريين، و8,5% كانوا فلسطينيين، و66% من الذين شاركوا ولدوا في الولايات المتحدة الأمريكية(3). وإن هذه النسبة بازدياد، ونجد أن العرب حاضرون في الحياة السياسية الأمريكية، وغير حاضرون وينقصهم الكثير من التنظيم، ولكن مع مرور الوقت سوف يتحولون إلى قوة ضاغطة تخدم المصالح العربية المحقة.


-----------------------------------------------------------------------------
(1) See: Edward Tivan “The Lobby” A Touchstone Book 1987 Chapter 9
(2) ج.ج. غولد برغ، "قوة اليهود في الولايات المتحدة الأمريكية"، تعريب: صبحي الطويل، دار لبنان للطباعة والنشر الفصل 13.
(3) مؤسسة زغبي، في شهر آب 2004.





فإذا شاء العرب خوض معركة سياسية في أمريكا، فلا بد لهم من خوضها بالشروط الأمريكية. وليس أمامنا من مجال متاح إلاّ العمل بمفاهيم التحرك في الداخل الأمريكي، من مثل تشكيل منظمات عربية تدعمها الدول العربية، تتصدّى للمنظمات اليهودية (إيباك).

وسبق لجميع الرؤساء الأمريكيين منذ عهد "ترومان"، أن تعاطوا مع موضوع الشرق الأوسط مباشرة، وكانت لهم آراءهم وتوجهاتهم. ولكن الرئيس "كلينتون" في ولايته الأولى، عمد إلى نمط جديد من التعامل مع قضية الشرق الأوسط، فوضع الملف بأيدي اليهود الأمريكيين وأنصارهم، وترك لهم البتّ في حيثياته، مما أدى إلى نشأة تيارين متصارعين: تيار يتوق إلى إنجاز السلام، والتيار الآخر يقرع طبول الحرب. وهذا يعني أن سياسة "كلينتون" الشرق أوسطية ليست رهينة "اللوبي" الإسرائيلي بالمطلق.

وعند تسلم "جورج بوش" الإبن السلطة أخذ ينظر إلى قضية الشرق الأوسط من خلال مدرسة المحافظين الجدد، وفي الواقع فإن الحرب على العراق هي الخطوة الأولى لسياسة المحافظين الجدد في الشرق الأوسط، كما شهدت على ذلك تقاريرهم طوال فترة التسعينيات وإرادتهم الصلبة في المساهمة بأمن إسرائيل الإقليمي، عن طريق إضعاف أعدائها كسوريا والعراق، وتدريجاً على حساب حلفاء كالأردن(1).

إن المشكلة التي تهدد الاستقرار العالمي هي عقلية هذه الفئة من المستشارين عند الرئيس "بوش"، التي صوّرت له بأن الصراع لم يعد محور الشيوعية والعالم الحر، بل بين محور الديمقرارطية والإرهاب. يقول الكاتب الكبير "نورمان مايلر" في كتابه:"لِمَ نخوض الحرب؟"، بمعاينة واضحة لهذا التطور في السلطة الأمريكية. ففي الثلاثينيات (من القرن العشرين) كان يكفي أن يحصل الإنسان على لقمة عيشه ليكون محترماً. أما في التسعينيات فقد طفت مواهب الجشع واستبداد القوة والغطرسة والسيطرة على وسائل الإعلام، وعند هذا الواقع يمكن القول بأن الثراء الذي تراكم قد ولد الحاجة الماسة للتحول من الديمقراطية إلى الإمبراطورية، التي تضمن الأرباح المكدسة سريعاً... وقول بعض المحافظين الجدد ما هَمّ إذا خسرنا العالم "لربما نبقى الوحيدين هنا" (2). أصبح يترسخ أكثر فأكثر. وهنا التفريق في الريادة وفي الدور، فإما أن تكون أمريكا رائدة وقائدة في العالم أو أن تكون، كما يشاء لها المحافظون الجدد، إمبراطورية شبيهة بروما وسبارتا في التاريخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
(1) أريك رولان,"عالم بوش السري"، دار الخيال، 2003، ص202.
(2) أريك لوران، المصدر نفسه، ص222.




مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية الأنظمة العربية
بتبني الديمقراطية في بلادها

إن أي نظام دولي هو نتيجة حرب يتربع فيها على قمة النظام المنتصرون. يقول "ديفيد إستون" إنه بعد الحرب العالمية الثانية تعرفنا على ما يسمى نظام القطبين "الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفياتي". ومن خلال نظام القطبين خرجت الأنظمة العربية مهشّمة في مواجهة دولة صهيونية نشأت على الأرض العربية بالقوة، وكان معظمهم مع الفكر اليساري، لا محبة باليسار إنما إيماناً منهم بأن الولايات المتحدة اليمينية تساند الدولة العِبرية ضد العرب والشيوعية وضد قضاياهم. وفي الوقت نفسه كان المعسكران الأمريكي والسوفياتي يروجان لأيديولوجياتهما. ويرى الدكتور "ريمون آرون" أن الحضارة الغربية تستمد وجودها ودورها من الأخلاق “Ethics” اليهودية المسيحية، وإذا مُسّت هذه الحضارة بسوء من قبل الشيوعية، فإن العالم سيشهد نهايته قبل أن يحصل ذلك. وكان العرب في هذه المرحلة في حالة صراع فكري عقيم، يدور كله حول القضية المركزية في فلسطين. في الوقت الذي قام فيه الجبّارَين على تقسيم العالم الثالث بينهما، ولا يسمح لأي تكتُّل ثالث بأن ينشأ.

إن سياسة الجبّارَين وضعت بعض العالم العربي في وجه بعضه الآخر: السعودية في اليمن في وجه "عبد الناصر"، وسوريا مع الفلسطينيين ضد الأردن، وأصبح في كل مجتمعات هذه الدول خلافات فكرية، وفي هذه الفترة دخلت إسرائيل اللعبة الدولية من الباب الأمريكي الواسع، وأخذت تروّج الأفكار التي تدّعي بأن الحضارة الغربية ترتكز على خلفية يهودية مسيحية، واستطاعت أيضاً من خلال المذهب البروتستانتي دمج التوراة بالإنجيل، ليصبحا معاً ما يسمى "الكتاب المقدس". وعندما شعر العرب في تبني الغرب للمشروع الصهيوني، حاولوا تأسيس جبهة "عدم الانحياز" للوقوف مع القضية الفلسطينية في "هيئة الأمم" وفي المحافل الدولية، ولكن هذا التوجه لم يلاقي تجاوباً من كلا الجبارَين. فقد كان "حلف وارسو" للدول الشيوعية يقابله "حلف الناتو"، أما الشرق الأوسط فقد كان بنظر موسكو وواشنطن منطقة تفاهم لا تصادم.

إن دور إسرائيل في المنطقة ومن ورائها الولايات المتحدة، هو منع أي تقارب عربي أو وحدة عربية. ففي سنة 1961 أُلغيت الوحدة المصرية السورية وكان منطق الأمريكيين يومها، بأن هذه الوحدة كانت فاشلة منذ قيامها، وأنها وُجدت لتحارب إسرائيل. ويقول "أحمد بهاء الدين" في أخبار اليوم(1): هل هناك أحد يعتقد أنه يستطيع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
(1) أخبار اليوم، أيار 1962.


التفريق بين دمشق والشام، وما بين الشام والقاهرة، وبأن الذين يفرقون هم أعداء الوحدة؟.

كان "عبد الناصر" يملك مفاتيح الحرب والسلام، وكان يعتقد بأن التّحالف مع الاتحاد السوفياتي، يعطيه القوة التي يمكن أن يحارب بها إسرائيل. وظن بأن "حرب السويس" في سنة 1956 كانت بسبب الضغط السوفياتي، ولم يدرك بأن الولايات المتحدة الأمريكية، هي التي أجبرت القوى المعتدية على الانسحاب، وهذا ما أكده "محمد حسنين هيكل" في مذكراته عن "عبد الناصر" عندما قال:"إن شعور الأخير كان يدل على أن التحالف مع موسكو لم يكن متيناً". ويعترف "هيكل" بأن "عبد الناصر" أصبح أكثر تفهماً لواقعية النظام الدولي بعد حرب 1967، وبأن إسرائيل هي مشروع استعماري متقدم للإمبرالية العالمية والتي تمثلها اليوم الولايات المتحدة الأمريكية، لخدمة المصالح الغربية، وحماية الأنظمة التي تدور في الفلك الأمريكي. وإذا كانت حالة النزاع ثابتة لا مكان للتفاهم حولها بين الجبارَين، فالنتيجة تدل على أن أحد النظامين يجب أن ينتصر على الآخر، ولكن نظام الجبّارَين يترك اللعبة تدور ضمن حدود معينة لا تؤدي إلى التّصادم مباشرة.

*** *** ***

أحمد الريماوي
11/01/2008, 09:17 PM
سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الوطن العربي
والصراع العربي - الإسرائيلي

بدايةً، لا يمكن فهم أبعاد حرب الخليج فهماُ تاماً بعيداً عن انعكاسات الصراع العربي - الإسرائيلي على تلك الأزمة، وقد تمثلت تلك الانعكاسات فيما يلي:
أولاً: إضافةً إلى أن منطقة الخليج ذات أهمية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة، هناك اعتقاد سائد، وهو: أن قوة العراق كانت تشكل تهديداً للمصالح الأمريكية، ويقوم هذا الاعتقاد أيضاً على أن تهديد العراق ومنحاه العدواني اتصل اتصالاً وثيقاً بتهديده لإسرائيل.
ثانياً: إن تقدير العراق الذي صوّر له إمكانية أن يغزو جارة له ويفلت من العقاب، كان وثيق الصِّلة بالأزمة السياسية في المفاوضات العربية- الإسرائيلية، ولم يضع العراق في اعتباره الردَّ الأمريكي المحتمل.
ثالثاً: كان توقيت أكتوبر 1990 لقرار الولايات المتحدة بتصعيد الانتشار العسكري، والإسراع بحسم الأمر في العراق، يرجع في المقام الأول إلى التَّوتُّر المتأصل في الموقف الأمريكي، فيما يتعلق بالصراع العربي - الإسرائيلي بين الاعتبارات الداخلية والدولية.

تأثير حرب الخليج :
إن الأزمة الحادّة التي عانت منها السياسة الأمريكية، بسبب الصراع العربي - الإسرائيلي، قد أدّت إلى التّصميم عقب حرب الخليج لحسم هذا الصراع، ولم يكن لدى الدول العربية خيار عسكري جاد إزاء إسرائيل، ونتيجة لذلك كان على تلك الدول أن ترضى بدفعة أمريكية متواضعة لعملية السلام لسببين:
الأول: أن هذه الدول كانت تريد أن تحتفظ بعلاقات طيبة مع الولايات المتحدة الأمريكية، كي تحمي نفسها من القوة الإسرائيلية.
الثاني: ساعدت الدفعة الأمريكية للسلام بين العرب وإسرائيل بعد نهاية الحرب مباشرةً على الحد من ردِّ الفعل العربي على تلك الحرب إلى حدٍّ كبير.

حكومة بوش وعراق ما بعد الحرب:

رأت الحكومة الأمريكية في الحفاظ على مصالحها القومية، مسألة أهم من الديمقراطية، وأسهم في زيادة تناقض أمريكا حيال موضوع الديمقراطية في الشرق الأوسط، حاجتها إلى دعم الحلفاء العرب، الذين كان أغلبهم يعارض جهود أمريكا لإحداث إصلاح سياسي، ومُعارض للطريقة التي تعاملت بها أمريكا مع أزمة الخليج. فقد كانت دول مثل الأردن واليمن والجزائر وتونس نفسها، أكثر استجابة للرأي العام فيها،


وقد انتقدت هذه الدول دور الولايات المتحدة أكثر من الحكومات العربية الأخرى.

ينطبق الشيء نفسه، على تنامي قوة الجماعات الإسلامية، التي أصبحت في مقدمة أولئك الذين يعارضون الدور الأمريكي، ولذلك ازداد الخوف منها، وكان البعض يرى أن هذا يمثل طريقة لتبرير ظهور الحركات النشطة للتحرك السياسي في الشرق الأوسط، وأدى هذا التوتر إلى الشّلل الذي تميّزت به السياسة الأمريكية في هذا الشأن، حيث التزمت الولايات المتحدة جانب الصمت حيال القمع الذي تعرضت له الجماعات الإسلامية.

السياسة الأمريكية تجاه العالم العربي في ظل حكومة "كلينتون"

على مَرّ التاريخ، تصدّى رؤساء أمريكا على مضض لموضوعات السياسية الخارجية المعقدة، مثل قضايا الوطن العربي، لا سيما خلال العام الأول من حكم كل منهم، إن لم تكن الصراعات هي التي تفرض نفسها على جداول أعمالهم، ولم يتوقع أن يحيد الرئيس "كلينتون" عن هذا النّهج التاريخي، كأن يتجنّب مثلاً عملية السلام التي كانت قد بدأت بالفعل. إذ أكّد الواقع المشاهد أن الولايات المتحدة لم تكن لتعرض مصالحها للخطر، فبقاء القوات الأمريكية في الخليج ، وكون العراق لم يعد باستطاعته أن يشكل تهديداً، يؤكد أن المصالح النفطية محمية، ولم يعد هناك خوف من الاتحاد السوفياتي.

كانت هناك عدة أسباب وراء دعم الحكومة الأمريكية لاتفاقات السلام بين العرب وإسرائيل، أبرزها أن الكثيرين من مؤيدي "كلنتون" والمهتمين بإسرائيل، فهموا أن الموقف الإستراتيجي الذي كانت تواجهه إسرائيل كان يعني أن الوقت مناسب لعقد صفقة سياسية، وهناك سبب آخر جعل حكومة "كلينتون" تسعى بقوة لحسم الصراع العر بي – الإسرائيلي، ألا وهو الأزمة التي خلقتها المواجهة الناجمة عن ترحيل إسرائيل لبعض الفلسطينيين، بعد حصار "كنيسة المَهد" في بيت لحم من قبل القوات الإسرائيلية، مما مثل تحدّياً للسياسة الخارجية الأمريكية في الأسابيع الأولى لرئاسة "كلينتون"، ونتيجة لذلك، فقد بذلت حكومة "كلينتون" جهوداً دبلوماسية، تحاشياً لوقوع أزمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بإرسال وزير الخارجية "وارين كريستوفر" إلى الشرق الأوسط في أول مهمّة خارجيّة له، وفي أواخر عام 1993، كان "كريستوفر" قد زار تلك المنطقة أكثر من أي منطقة أخرى في العالم(1).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) شبلي تلحمي، محاضرة:"السياسة الأمريكية والصراع العربي- الإسرائيلي"، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، 1997، ط1، ص12.



ورغم هذه الجهود الدبلوماسية، فإن الانفراج الذي تحقّق في المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية، قد حدث دون مشاركة نشطة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، والحقيقة أنه بعد توقيع "إعلان المباديء" في البيت الأبيض بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ذكر الرئيس "كلينتون" أن امتناع الولايات المتحدة عن انتقاد إسرائيل في ربيع عام 1993، بعد العمليات الإسرائيلية الكبيرة في لبنان، هو أحد الأسباب التي دعت الفلسطينيين في النهاية، لفهم عدم قدرة الولايات المتحدة على الضغط على إسرائيل، وبالتالي كان عليهم أن يتوصلوا إلى اتفاق ثنائي مع الحكومة الإسرائيلية.

تأثرت سياسة حكومة "كلينتون" ببعض الموضوعات الأخرى في الشرق الأوسط، مثل الإصلاح السياسي الداخلي، وسياستها نحو الخليج، والصراع العربي - الإسرائيلي. ولا يمكن فهم سياسة "الاحتواء المزدوج" التي اتبعتها حكومة "كلينتون" ضد العراق وإيران، دون الإشارة إلى قلق الولايات المتحدة على أمن إسرائيل، وإذا علمنا أن انتهاء التنافس السوفياتي لم يُحِدْ من أهمية الصراع العربي- الإسرائيلي في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وجب علينا أن نقيّم الانعكاسات المحتملة للسلام العربي - الإسرائيلي على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وأن نقيّم أسباب الإلتزام الأمريكي تجاه إسرائيل(1).

الأسباب الداخلية لإلتزام الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إسرائيل:
أجرى الدكتور "شبلي تلحمي" دراسة تقوم على افتراض أن الرأي العام الأمريكي في الصراع العربي -الإسرائيلي ليس وثيق الصلة عادة بتكوين السياسة الأمريكية في هذا الشأن، فالرأي العام تكون له أهميته في القضايا التي تشغله، والتي لها تبعات على السياسة، فالأمريكيين الذين لا يولون قضية ما أهمية كبيرة، من المحتمل ألاّ يدلوا بأصواتهم، وألاّ يساهموا في الحملات الانتخابية.

ومن ناحية أخرى نجد أن الاهتمام بالقضية التي تهم الرأي العام، يعتمد عادة على الالتزام بفرض قائم على عوامل مثل: العِرقية والأيديولوجية والدّين..إلخ. وبالتالي فهو أقل اعتماداً على الأحداث المتغيّرة. إلاّ أنه يعتمد بالضرورة عليها مثلما يعتمد على الرأي العام. وأظهرت النتائج الأولية لاستطلاع آخر أجراه الدكتور "شبلي التلحمي"، وجود علاقة قوية بين أعضاء الكونجرس الذين يضعون الصراع العربي- الإسرائيلي في مكان متقدم من أولوياتهم، وأولئك الأعضاء الذين يرغبون في عضوية لجان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) شبلي تلحمي، المصدر السابق، ص14.

الكونجرس ذات الصلة بالسياسة المتعلقة بالصراع، وأولئك الأعضاء الذين يحضرون جلسات اللجان عند مناقشة هذا الصراع. وتكشف المؤشرات غير المباشرة أن جماعات الرأي العام تتكون في معظمها من المسيحيين الإنجيليين والأمريكيين اليهود، وأن آراء هاتين الجماعتين قد تأثرت كثيراً باستمرار الصراع بين إسرائيل والدول العربية

أحمد الريماوي
11/01/2008, 09:19 PM
رؤية الولايات المتحدة الأمريكية "خارطة الطريق":

إن أهم ما ورد في خطاب الرئيس الأمريكي "جورج دبليو بوش" في 25 حزيران/يونيو 2002 هو: "رؤيتي لدولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن، وليس هناك من سبيل إلى تحقيق هذا السلام، حتى تكافح كل الأطراف الإرهاب، وإننا نستطيع التغلب على الظلام بنور الأمل، السلام يتطلب قيادة فلسطينية جديدة ومختلفة، حتى يمكن أن تولد دولة فلسطين".... كما ورد قوله:

"ينبغي أن يكون للبرلمان الفلسطيني السلطة الكاملة لمجلس تشريعي، .... وسوف تعمل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول العربية مع الزعماء الفلسطينيين، لإنشاء إطار دستوري وديمقراطية فاعلة للشعب الفلسطيني... ولا بد أن تكون للنظام الأمني خطوط واضحة للسلطة وقابلية المساءلة،... وإذا اعتنق الفلسطينيون الديمقراطية، وتصدوا للفساد ورفضوا الإرهاب بثبات فإن بوسعهم الاعتماد على الدعم الأمريكي، لقيام دولة فلسطينية مؤقتة....".

لقد وافقت القيادة الفلسطينية على هذه الرؤية الأمريكية "خارطة الطريق"، إلاّ أن حكومة الكيان الصهيوني اشترطت أربعة عشر تعديلاً، حتى يتسنى لها الموافقة عليها، وبهذا تكون قد أجهضتها ثم أجهزت عليها بخطة شارون الوهمية للإنسحاب من غزة "مشروع الفصل الأحادي الجانب".

الاستخبارات الأمريكية بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001: سدّ الثغرات

أدت الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة الأمريكية، والشعور المتراكم بوجود أزمة قومية، وفشل التحذير بإمكانية حدوث هجمات إرهابية، وما تبع ذلك من قرار إدارة "جورج بوش" بشن حرب على تنظيم القاعدة وطالبان عام 2001، والعراق عام 2003، إلى خلق بيئة جديدة تماماً، لمراجعة أداء الاستخبارات الأمريكية، ونقاط قوتها وضعفها، والعديد من الأفكار حول كيفية: إصلاح مجموعة الهيئات والوكالات



والمكاتب التي تشكلها، أو تغييرها(1). وقد عرّف مدير الاستخبارات المركزية في الاجتماع السنوي لتقديم التهديد العالمي(2) بإصرار ما اسماه مفهوم الإرهاب، ونشاطات الشيخ "أسامة بن لادن"، باعتبارها التهديد الأكثر خطورة على الولايات المتحدة الأمريكية، وأكثرها استهدافاً مباشراً لها، كما حذّر مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية، "جورج تينيت" دائماً من الخطر المتنامي لما أسماه الإرهاب الإسلامي، ووضع على رأس الأولويات تمويل فرقة مكلفة بالقبض على الشيخ "أسامة بن لادن" في مركز مكافحة الإرهاب وتجهيزها.

لقد أصبح موضوع الاستخبارات والحرب على العراق أكثر حدّةً منذ أن انتهت "الحرب الرئيسة" في نيسان/ إبريل 2003 ، ولم يتم العثور على أسلحة دمار شامل. وقد انبثق منها جدل متجدّد بشأن كون الحرب مسوّغة أولاً، إذ كانت الاستخبارات، مجرّد مطيّة ركبها الجدل، أو "عاملاً خارجيّاً" للمعارضين السياسيين لقرار الرئيس بشنّ الحرب. كانت أسلحة الدّمار الشامل سبباً رئيسً في الجدل الدولي والقومي حول الحرب، وكانت أكثر الأسباب الرسمية لشن هذه الحرب، برغم أن أحد كبار المسؤولين كشف عن أن أسلحة الدمار الشامل كانت مجرد وسيلة "بيروقراطية"، ولم تكن السبب الوحيد أو الأساسي لشن الحرب(3). وهناك تقارير موثوق بها وذات مصداقية لمحللين كانوا يشعرون بضغوط يمارسها عليهم "مهندسون" في وكالات الاستخبارات بهدف دفع التحليلات بشأن العراق في اتجاهات بعينها(4).

لقد كانت هناك برامج للعمل مع اللاجئين السياسيين العراقيين المهاجرين الذين كانت إسهاماتهم تشكل مصدراً مهمّاً ومستمراً للجدل، لأن الجماعات المحفّزة سياسيّاً تعتبر أكثر ميلاً إلى المبالغة فيما تعرفه، وفي الإعتقاد بأن النظام العراقي سوف يسهل بسهولة أكبر من أي حالة مماثلة. بهذه العقلية استمروا في خداعهم وأكاذيبهم واحتوائهم لضعفاء النفوس والمعارضين لتحقيق أهدافهم باحتلال العراق تكتيكاً لاستراتيجية عليا لاحتواء المنطقة العربية بأكملها من أجل مصالحها السياسية والاقتصادية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إيلين ليبسون،"الاستخبارات الأمريكية بعد الحادي عشر من سبتمبر: سدّ الثغرات"، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أبو ظبي، ط1 ، 2005ص3.
(2) تعود نصوص تصريحاته إلى عام 1995، وهي متاحة على موقع: www.via.gov
(3) صرح نائب وزير الدفاع بول وولفوفيتز لمجلة فانتي فيير، قائلاً:"لأسباب لها علاقة كبيرة بالبيروقراطية الحكومية الأمريكية، اتفقنا على موضوع واحد يمكن لأي شخص أن يتفق عليه وهو أسلحة الدمار الشامل باعتبارها سبباً محوريّاً". (مقتبس من صحيفة يو أس توداي، 30 أيار/مايو 2003).
(4) إيلين ليبسون، المصدر السابق، ص29.






"الشرق الأوسط الكبير" فكرة صهيونية تبنّتها
الولايات المتحدة الأمريكية

بروز مصطلح الشرق الأوسط:
كتب "تيودور هرتسل" مؤسس الصهيونية عام 1897، يقول:"يجب قيام كومنويلث شرق أوسطي، يكون لدولة اليهود فيه شأن قيادي فاعل، ودور اقتصادي قائد، وتكون المركز لجلب الاستثمارات والبحث العلمي والخبرة الفنية"(1).

وأبرز ضابط البحرية البريطانية "إلفرد ماهان" مصطلح الشرق الأوسط في مقال كتبه في الأول من أيلول/سبتمبر عام 1902 في لندن، ثم استخدمه "فالتاين شيرول" مراسل التايمز اللندنية في تشرين الأول/أكتوبر عام 1902 و 1903. وقد بدأت الصهيونية تعمّم هذا المصطلح- مصطلح الشرق الأوسط- بديلاً للوطن الواحد والشعب الواحد والأمة الواحدة(2).

ظهر في لندن عام 1909 كتاب بعنوان:"مشاكل الشرق الأوسط" لمؤلفه "هاملتون"، وضح فيه أهمية المنطقة العربية لأوروبا والعالم، وطالب بضرورة السيطرة عليها. واقترح الإرهابي "فلاديمير جابوتنسكي" عام 1922 مشروعاً لإقامة "سوق شرق أوسطية". وحددت الحركة الصهيونية عام 1942 أهدافها التوسعية وسيطرتها الاقتصاية على الوطن العربي في "مؤتمر بلتمور" الصهيوني، على الشكل التالي:(إقامة قيادة يهودية للشرق الأوسط بأكمله في ميداني التنمية والسيطرة الاقتصادية)، ووضع الصهاينة دراسات ومذكرات حول "الشرق الأوسط" في عامي 1941 و 1942، وأنجزوا مشروعاً صهيونياً للشرق الأوسط لمواجهة الكتاب الأبيض لحكومة الانتداب البريطاني في فلسطين، ويتضمن المشروع العمل على قيام تعاون سياسي واقتصادي يمنع التصادم بين العرب واليهود ويدمج فلسطين وبقية بلدان المشرق العربي(3).


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إنعام رعد،"الصهيونية الشرق أوسطية والخطة المعاكسة"، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت 1997، ص62، نقلاً عن مذكرات هرتسل، ص456.
(2) غازي حسين،"الشرق الأوسط الكبير بين الصهيونية العالمية والامبريالية الأمريكية"، منشورات إتحاد الكتاب العرب،دمشق 2005م، ص10.
(3) غازي حسين، المصدر نفسه، ص12.






غرس يهود بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية فكرة "الشرق أوسطية" في صلب السياستين الأمريكية والبريطانية، خلال الحرب العالمية الثانية، وقد طرحت فكرة التعاون الاقتصادي بين بلدان منطقة الشرق الأوسط لأول مرة في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1943، وذلك في اجتماع عقد بين ممثلين من وزارتي الخارجية الأمريكية والبريطانية في لندن، للتباحث في تسوية وضع الشرق الأوسط بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لضمان مصالح البلدين في المنطقة والهيمنة عليها(1).

ظهرت "الشرق أوسطية" كفكرة إسرائيلية لأول مرة في وثيقة أصدرها "إتحاد إيهود" في الثامن والعشرين من مارس/آذار عام 1948، وتضمنت "إلتصاق فلسطين في اتحاد شرق أوسطي"، ووقعها عن اللجنة التنفيذية للإتحاد المذكور: "يهودا ماغنس"، "مارتن بوبر"، "ديفيد سيناتور"، "جيرت وليلم" و"إيزل مولهو"(2).

إقترح "بن غوريون"، أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني على الرئيس الأمريكي "إيزنهاور" بتاريخ 24 يوليو/تموز 1958 في رسالة وجهها إليه "إقامة سد منيع ضد المد الناصري" (أي التيار القومي) وللوقوف أمام التوسع السوفياتي(3).

لقد فشلت المساعي الأمريكية والبريطانية خلال القرن العشرين في إخضاع البلدان العربية للهيمنة الامبريالية. إن الفكر القومي العربي بما يتضمن عن مفهوم العروبة، والأمة العربية، والوحدة العربية، أقدم بكثير من مفهوم الشرق أوسطية المستورد.

أحمد الريماوي
11/01/2008, 09:22 PM
التخطيط الإسرائيلي للشرق الأوسط

خططت "الجمعية الإسرائيلية" إقامة "سوق شرق أوسطية" على غرار السوق الأوروبية المشتركة وبالتنسيق والتعاون معها، وطرح "حزب العمل" الإسرائيلي في نهاية الستينيات إقامة "إتحاد إسرائيلي- فلسطيني أردني" على غرار "اتحاد بنيلوكس"، ووضع "جاد يعقوبي" وزير المواصلات في حكومة "إسحق رابين" عام 1975 مخططاً سريّاً للتعاون الإقليمي في مجال المواصلات بين إسرائيل والأردن ومصر، ويتضمن المخطط آنذاك التعاون بين مطاري "إيلات" و"العقبة" وإقامة مطار جديد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
(1) غازي حسين، المصدر السابق، ص12.
(2) جريدة الأهالي الأردنية في 6إبريل/نيسان 1995.
(3) محمد حسنين هيكل،"الانفجار" مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة 1990، الملاحق: نص رسالة بن غوريون إلى الرئيس الأمريكي دوايت إيزنهاور في 24 يوليو/تموز 1958.

مشترك في مرحلة لاحقة في الأردن، لإسرائيل والأردن وإقامة محطة مشتركة وبرج مراقبة واحد. وتضمن "مشروع يعقوبي" ربط الأردن بميناء حيفا بواسطة سكة حديد قطار الغور، وإيجاد اتصال برّي بين الأردن وميناء "أسدود"، وتطوير خطوط حديدية بين إسرائيل والدول العربية المجاورة، وتحويل إسرائيل في نطاق التعاون الإقليمي إلى جسر برّي بين مصر ولبنان.

ووضع "يعقوب ميريدور"، وزير الاقتصاد في حكومة "مناحيم بيغن" بعد شهر واحد من زيارة "السادات" للقدس عام 1977، مشروعاً للتعاون الاقتصادي في الشرق الأوسط وتوطين الفلسطينيين في البلاد العربية. تبنت بعض الأوساط الأمريكية "مشروع ميريدور"، وتقدم "فرامك شريش"، عضو مجلس الشيوخ باقتراح إلى مجلس العلاقات الخارجية والأمن في الكونجريس، طالب فيه رئيس الولايات المتحدة بلورة مشروع (مارشال جديد للشرق الأوسط) يؤدي إلى تعاون اقتصادي كامل في الشرق الأوسط(1).

اقترح "شمعون بيريز" خلال زيارته للولايات المتحدة في بداية نيسان 1986، اعتماد "مشروع مارشال" للشرق الأوسط، على غرار "مشروع مارشال" لأوروبا الغربية، بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك لدمج إسرائيل في المنطقة(2).

إن الشرق الأوسط مصطلح صهيوني- استعماري- أوروبي النشأة والأصل، ولخدمة الأغراض الصهيونية والإمبريالية، وهو يمزّق وحدة الوطن العربي الجغرافية والبشرية، وبالتالي يعرقل الوحدة العربية، ويقضي على إمكانية تبلور النظام العربي. وهو يستثني بعض الدول العربية، ويضم إليه بعض دول الجوار غير العربية، كالحبشة وقبرص والباكستان وأفغانستان، ويرمي إلى دمج إسرائيل، وإعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة، وإعادة تشكيلها من شعوب وقوميات وأديان وحضارات مختلفة،لخدمة المصالح الإمبريالية والصهيونية العالمية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
(1) غازي حسين، المصدر السابق، ص16.
(2) المصدر نفسه، ص16.


المساعي الأمريكية لإقامة "النظام الشرق الأوسطي"

ظهرت إبان الحرب العالمية الثانية أهمية ما يسمى بمنطقة الشرق الأوسط، لذلك أخذت الدول الاستعمارية الثلاث: بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، بالتعاون مع الصهيونية العالمية وبعض المسؤولين العرب لإخراج النظام الإقليمي الشرق أوسطي إلى حيّز الوجود.

وقامت الولايات المتحدة بالدور الأساس لإرساء معالمه، بالتنسيق مع بريطانيا وفرنسا، فوسّعت الولايات المتحدة مبدأ "ترومان" عام 1949، ليشمل بموجب "النقطة الرابعة" فيه تقديم المساعدات الزراعية والمادية إلى بعض دول المنطقة. واشتركت في توقيع "البيان الثلاثي" في 25 آذار/مارس 1950، الذي يتضمن تعهُّد الدول الاستعمارية الثلاث المحافظة على أمن الكيان الصهيوني، وإقامة العلاقات بينه وبين بعض الدول العربية، وحاولت الإدارة الأمريكية أن تقيم قيادة جماعية لمنطقة الشرق الأوسط من فرنسا وبريطانيا وتركيا ومصر(1). وحاولت بعد قيام ثورة 23 تموز/يوليو 1952 في مصر، إقامة "الحلف الإسلامي"، على أساس ديني من بعض الدول العربية وبعض دول الجوار المسلمة.

وعلى أثر تأميم مصر لقناة السويس أشعلت إسرائيل "حرب السويس" العدوانية بالاشتراك مع بريطانيا وفرنسا عام 1956. وأعلن الرئيس الأمريكي "دوايت أيزنهاور" ما عرف بِ"مبدأ أيزنهاور" "نظرية الفراغ" عام 1957، للحلول محل بريطانيا وفرنسا. ونجحت الولايات المتحدة الأمريكية بإخراج مصر من دائرة الصراع العربي- الإسرائيلي بتوقيع "أنور السادات" لِ"اتفاقيتي كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية". ووضعت "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية" بعد توقيع الاتفاقيتن مخططاًُ للشرق الأوسط تحت عنوان:"التعاون الإقليمي في الشرق الأوسط".

تولي الولايات المتحدة الأمريكية اهتماماً كبيراً للمنطقة العربية لخدمة مصالحها والمحافظة على تفوق إسرائيل، لذا اقترح البروفيسور الأمريكي "روبرت تاكر" أنه:"لمنع أمريكا من أن تنزف حتى الموت من جراء نفط الشرق الأوسط، عليها فرض السيطرة الأمريكية الفعلية على المنطقة".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
(1) غازي حسين، المصدر السابق، ص 24.

ودعا الجنرال "الكسندر هيج"، وزير الخارجية الأمريكية خلال زيارته لعدة بلدان شرق أوسطية في نيسان/إبريل 1981، إلى إنشاء حزام أمني في المنطقة، يضم عدداً من الدول من باكستان إلى مصر، وتحدّث عن مخطط للشرق الأوسط أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، عن الحاجة إلى جمع تركيا وباكستان وإسرائيل وعدد من الدول العربية في حلف مشترك (1).

لقد أدت أزمة الكويت في عام 1990 باجتياحها من قِبل القوات العراقية، إلى تعزيز الوجود العسكري الأمريكي الدائم، وزادت من تأثير السياسة الأمريكية في دول الخليج، وشملت نتائجها السلبية الجامعة العربية، وانتعش نمو وتطور التعاون الإقليمي مع الكيان الصهيوني، وأخذت المخططات الإسرائيلية والأمريكية تتحقق بعد حرب الخليج الثانية، بانعقاد "مؤتمر مدريد" في 30 تشرين أول/أكتوبر 1991، وبدء المفاوضات الثنائية والمتعددة الأطراف.

وضعت مجموعة الدراسات الاستراتيجية في "معهد واشنطن للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط" تقريراً تحت عنوان:"مواصلة البحث عن السلام" جاء فيه:"نهاية الحرب الباردة أوجدت فرصة واحدة للسير في اتجاه إقامة تسوية سلمية شاملة بين العرب وإسرائيل، والمصالح الأمريكية لا تزال مرتبطة بشكل حيوي بتلك المنطقة المضطربة"، والاتفاقيات العربية- الإسرائيلية، يمكن أن تساعد على حماية تلك المصالح وتوسيعها"(2).

ووضع البروفيسور الأمريكي "برنارد لويس" مخططاً للشرق الأوسط نشرته مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية “Foreign Affairs” في خريف 1992 تحت عنوان:"إعادة النظر في الشرق الأوسط"، إنطلق فيه من التخلي الرسمي عن حلم القومية العربية، ورسم شرق أوسط جديد تصل حدوده الجغرافية إلى الجمهوريات الإسلامية المستقلة حديثاً.

وتبنّت الولايات المتحدة الأمريكية الموقف الإسرائيلي من النظام الإقليمي الجديد و"السوق الشرق أوسطية"، وصدر في حزيران 1993 تقرير "مجموعة هارفارد" الإسرائيلية- الفلسطينية- الأردنية تحت عنوان:"ضمان السلام في الشرق الأوسط،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) جريدة القبس الكويتية في 23/1/1985.
(2) مجلة الحرية، العدد 482 في 20/12/1992، ص8-11.




مشروع حول اقتصاد الفترة الانتقالية". وينطلق التقرير من التركيز على العلاقات الاقتصادية بين سلطة الحكم الذاتي (المفترضة) وبين إسرائيل والأردن، وإقامة منطقة حُرّة بين الأطراف، ومشروعات إقليمية لدمج الاقتصادات الثلاثة.

وقد تبنى الرئيس الأمريكي "بوش" الأب في خطبته الافتتاحية في "مؤتمر مدريد"، المخطط الإسرائيلي للتسوية والمفهوم الإسرائيلي للسلام، وأجبرت الولايات المتحدة الأمريكية الدول العربية على الدخول في المفاوضات المتعددة الأطراف، وعقد القمم والمؤتمرات الاقتصادية، وإلغاء المقاطعة العربية من الدرجة الثالثة. فالولايات المتحدة واليهودية العالمية تعملان على دمج المنطقة العربية في الكيان الصهيوني، وليس دمج الكيان الصهيوني بالمنطقة العربية. ويمكن القول أنه لا يوجد سياسة أمريكية تجاه البلدان العربية، وإنما سياسة إسرائيلية تتبناها الولايات المتحدة الأمريكية.

مخاطر نظام "الشرق الأوسط الكبير"
عملت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي والكيان الصهيوني على تسخير مؤتمر مدريد الذي عقد في 30 تشرين الأول/أكتوبر 1991 لصياغة وبلورة النظام الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط، وحاولت إضعاف الموقف التفاوضي لسوريا ولبنان للبدء في المفاوضات المتعددة الأطراف التي عقدت في موسكو في 28 كانون الثاني/يناير 1992، واستجاب الطرف الفلسطيني وانفرد بتوقيع "اتفاق أوسلو" في 13أيلول/سبتمبر 1993، وانفرد الأردن أيضاً بتوقيع "إعلان المباديء" في 25 تموز/يوليو 1994، و"معاهدة وادي عربة" في 26 تشرين الأول/أكتوبر 1994. وألغى مجلس التعاون الخليجي في 30 أيلول/سبتمبر 1994 المقاطعة من الدرجتين الثانية والثالثة مع الكيان الصهيوني.

وقامت مراكز البحث ودوائر صنع القرار في الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، بوضع المخططات لإخراج النظام الإقليمي الجديد إلى حيز الواقع. وتهدف جميع المخططات إلى تأمين هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على النفط العربي، وفرض الهيمنة الصهيونية على البلدان العربية، وما التعاون الإقتصادي الإقليمي في الشرق الأوسط الكبير إلاّ واجهة لتحقيق هذه الهيمنة، فالشرق الأوسط الكبير فكرة صهيونية المنشأ، إسرائيلية التخطيط والتنظيم، ولمصلحة إسرائيل ويهود العالم أولاً، والولايات المتحدة الأمريكية ثانياً، والدول الأوروبية ثالثاً، وعلى حساب الوطن والمواطن العربي، وقد تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية وسوّقتها للدول الأوروبية، وحملت الدول العربية على الموافقة عليها والانخراط فيها.
*** *** ***


دور اليهود في الحرب العدوانية على العراق
لرسم خريطة جديدة للشرق الأوسط

احتلال العراق مصلحة أمريكية وإسرائيلية
يشكل "اللوبي" الصهيوني قوة أساسية في الولايات المتحدة الأمريكية، ويقوم بصنع القرار الأمريكي المتعلق بقضايا الشرق الأوسط الكبير، وبشكل خاص الصراع العربي- الصهيوني وقضية فلسطين، وتعتبر منظمة "أيباك"، (المنظمة الأمريكية الإسرائيلية للعلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية)، من أقوى مجموعات الضغط تأثيراً على أعضاء الكونجريس، وتأتي منظمة "أبناء العهد" "بناي بريث" من أقوى المنظمات اليهودية تأثيراً بعد "أيباك".

تحركت مراكز البحث اليهودية في الولايات المتحدة وإسرائيل منذ عام 1979، لإقناع الرؤساء ووزارة الدفاع والمخابرات المركزية، بوجوب إسقاط النظام في العراق عن طريق الحرب، بسبب موقفه من قضية فلسطين. وبلور "ديفيد ويرمسير" من معهد الدراسات الاستراتيجية والسياسية المتقدمة "إن من يسيطر على العراق يتحكم استراتيجياًّ في الهلال الخصيب وبالتالي الجزيرة العربية"(1).

وكشف "ديك تشيني"، نائب الرئيس الأمريكي خلال زيارته لمنطقة الشرق الأوسط في آذار/ مارس 2002 عن مصلحة إسرائيل في تغيير النظام العراقي وقال:"إن الهجوم الأمريكي على العراق هو أولاً وأخيراً من أجل إسرائيل".

"ويذكر "ديفيد ويرميسي" أن "شمعون بيريس"، وفي اجتماع مع بعض المسؤولين الأمريكيين في ديسمبر/كانون أول من عام 1995، قد اقترح على الأمريكيين تشكيل "حلف ناتو" شرق أوسطياًّ يضم إسرائيل وتركيا وبغداد بعد إسقاط نظام العراقي، وبعض الدول العربية الصغيرة"(2).

تبنى التيار المحافظ والرئيس "بوش" التصور الاستراتيجي الصهيوني الإسرائيلي من الناحية الاستراتيجية لمستقبل المنطقة، وينادي التقرير بإحياء التكتلات والتحالفات القبلية والعشائرية لتستطيع إسرائيل الهيمنة على المنطقة، وتتضمن المصلحة المشتركة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة السياسة الدولية، العدد 150، تشرين الأول/أكتوبر 2002، ص112.
(2) مجلة السياسة الدولية، المصدر نفسه، ص112.


الأمريكية والصهيونية للحرب على العراق أبعاداً استراتيجية واقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية، ويأتي البعد الاقتصادي في مقدمتها. فالحرب العدوانية أدّت إلى الهيمنة الأمريكية على نفط العراق، وحققت إسرائيل هدفاً استراتيجياًّ بالقضاء على الجيش العراقي، ونجح يهود الولايات المتحدة الأمريكية، بوضع المقاومة الفلسطينية واللبنانية ضد الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي على قائمة الإرهاب.

وشن يهود الولايات المتحدة و"ريتشارد بيرل"، رئيس مجلس الدفاع في البنتاغون حملة شعواء على المملكة العربية السعودية، وكان "بيرل" وراء نشر تقرير "مؤسسة راند" في 10 تموز/يوليو 2002، الذي يطالب: "باحتلال مناطق النفط في السعودية وتجميد أرصدتها في الولايات المتحدة لتشويه السعودية وتسخير التقرير لخدمة إسرائيل، وممارسة أقصى أنواع الضغوط عليها، ويحدد التقرير أن الهدف الاستراتيجي هو مصر والسعودية وسورية التي تشكل محور النظام الإقليمي العربي"(1).

ودفع تبني إدارة "بوش" للإستراتيجية الصهيونية بالمفكر الأمريكي"جون أكنبري" إلى القول:(إن سياسة "بوش" لن تهدد مصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فقط، بل ستزيد من العداوة لها في العالم وتؤدي إلى عزلتها دوليّاً)(2)، لأن مشروع الشرق الأوسط الكبير نوع من الوصاية على المنطقة، ويهدف إلى الهيمنة عليها، واستغلال ثرواتها النفطية، ولا يهدف إلى الإصلاح، بل احتواء المنطقة عبر عملية الدمج بين التكنولوجيا الإسرائيلية والمال العربي، لتصبح إسرائيل المركز للنظام الإقليمي الجديد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
(1) غازي حسين، المصدر السابق، ص66.
(2) مجلة السياسة الدولية، العدد 150، 2002، ص67.

أحمد الريماوي
11/01/2008, 09:23 PM
دور بعض الشخصيات اليهودية في سياسة الإدارة الأمريكية
المعادية للعرب والمسلمين

لعب "ديك تشيني"، نائب الرئيس، و"رامسفيلد" وزير الدفاع نائبه "ولفوويتس"، ومجلس سياسة الدفاع الذي شكله "رامسفيلد" في آب/أغسطس 2001، دوراً أساسياًّ في الحرب على العراق، وكان جميع الأعضاء اليهود فيه يضغطون من أجل شن الحرب على العراق، مما دفع بالمفكر الإسرائيلي "يوري أفنيري" بوصف إدارة "بوش" واليهود فيها "بالشارونيين الصغار"(1).

عين الرئيس "بوش" اليهودي المتطرف "آليوت أبرمس" مسؤولاً في مجلس الأمن القومي الأمريكي عن شؤون الشرق الأوسط، وبالتالي أصبح يقرر الموقف الأمريكي من الإسلام ومن الحكومات في المنطقة، رافضاً توجيه الانتقادات لتهويد إسرائيل لمدينة القدس العربية، ووصل تطرف "أبرمس" حدّاً انتقد فيه بعض الأصوات اليهودية لدعوتها إلى استئناف المحادثات مع السلطة الفلسطينية بعد اندلاع انتفاضة الأقصى.

ويقيم علاقات وثيقة بين اليهود الأمريكيين وبين المسيحيين الإنجيليين الذين يؤمنون بتدمير المسجد الأقصى وإعادة بناء هيكل سليمان المزعوم على أنقاضه، وتهويد القدس وفلسطين وهيمنة إسرائيل على المنطقة، وكان من أكثر المتحمّسين بشن الحرب العدوانية على العراق، ولعب دوراً خفيّاً في إعادة صياغة "خريطة الطريق" طبقاً للمذكرة التي أعدتها "أيباك" أي "اللوبي" الصهيوني. ونصح "كونداليسارايس" بتقليل المشاركة الدولية في جهود السلام، وترأس في عام 2001 وفداً أمريكيّاً زار بعض بلدان المنطقة. ووضع تقريراً للرئيس "بوش" حول الحريات الدينية وهاجم فيه مصر والسعودية.
وقام "دوغلاس فايت"، مساعد وزير الحرب الأمريكي بتصنيف طبيعة الصراع في المنطقة واضعاً العرب في خانة "قوى الشر المطلق" بمواجهة إسرائيل "قوى الخير المطلق"، وحث دائماً الحكومة الأمريكية على اتباع سياسة معادية للعرب، ولهذا الصهيوني مكتب محاماة "مكتب فايت وتسل"، ويعمل على بيع الأسلحة الإسرائيلية للقوات الأمريكية، وأغرق الصحافة الأمريكية بمقالاته المعادية للعرب والإسلام، وطالب إدارة الرئيس "كارتر" بعدم تسليم الضفة الغربية للعرب، واقترح على إدارة "بوش" الأب عام 1991 سحب شعار "الأرض مقابل السلام"، واعتبر "إتفاق أوسلو" تنازلاً إسرائيليّاً من جانب واحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مجلة السياسة الدولية، المصدرالسابق، ص67.


ووجه رسالة مشتركة مع الصهيوني "ريتشارد بيرل" عام 1996 إلى "نتن ياهو"، رئيس الوزراء الإسرائيلي، يؤكد الإصرار على حق إسرائيل في الأراضي المحتلة، ويرفض "مقولة الأرض مقابل السلام"، والسعي لتعزيز طاقات إسرائيل العسكرية.

اليهود في الإدارة الأمريكية:

• اليهودي "ديفيد فروم" مبتكر عبارة " دول محور الشر"، كاتب خطابات الرئيس "بوش" في الشؤون الإقتصادية.
• "الحاخام زاكهايم" مساعد وزير الدفاع (مراقب نفقات)، عينه "بوش" في 4 أيار 2001 لخبرته في مسألة نشر الصواريخ البالستية والسياسة الداخلية في إسرائيل.
• "ادوارد لتوك": عضو في مجموعة البحث الأمنية في وزارة الدفاع الأمريكية.
• "لويس ليبي": مدير مكتب نائب الرئيس الأمريكي.
• "هنري كيسنجر": وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، وهو الآن واحد من مستشاري وزارة الحرب، وعضو في مجلس سياسة الدفاع الذي يترأسه الصهيوني "ريتشارد بيرل".
• "روبرت ساتلف": يعمل مستشاراً لمجلس الأمن القومي وكان المدير التنفيذي لمجموعة التفكير في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
• "كنث أدلمن": أحد المستشارين في وزارة الحرب الأمريكية، وعضو في مجلس الدفاع برئاسة بيرل.
• "آري فلايشر": ناطق رسمي باسم البيت الأبيض.
• "جون بولتين": نائب رئيس الموظفين في البيت الأبيض.
• "كيمن ميلمان": مدير السياسة في البيت الأبيض.
• "جاي ليفكو ويتز": نائب مساعد الرئيس.
• "براد بلايكمان": مدير الترتيبات في البيت الأبيض.
• "آدم غولدمان": مسؤول التواصل مع الجالية اليهودية لدى البيت الأبيض.
• "كريس غير ستين": نائب مساعد وزير للشؤون الأسرية.
• "مارك وينبيرغ": مساعد وزير الإسكان للشؤون العامة.
• "مايكل تشيرتف": رئيس القسم الجنائي في وزارة العدل.
• "دانيال كيرتزر": سفير واشنطن لدى إسرائيل.
• "جون كور نبلوم": سفير واشنطن لدى ألمانيا.
• "ستيوارت بيرنشتاين": سفير واشنطن لدى هولندا.
• "نانسي برينكير": سفير واشنطن لدى هولندا.
• "فرانك لافين": سفير واشنطن لدى سنغافورا.
• "رون وايزر": سفير واشنطن لدى سلوفاكيا.
• "ميل سامبلير": سفير واشنطن لدى إيطاليا.
• "مارلاتن سلفر شتاين": سفير واشنطن لدى الأرغواي.
• "آلان بلينكين": سفير واشنطن لدى بلجيكا.
• "ميلين لفتسكي": سفير واشنطن لدى البرازيل.
بلغت السيطرة اليهودية مداها في البيت الأبيض، ووزارة الحرب والخارجية ومجلس الأمن القومي، وفي وزارتي المالية والعدل. ويعمل اليهود لصالح إسرائيل بالدرجة الأولى، ويستغلون إمكانيات الولايات المتحدة العسكرية، والمالية والسياسية لخدمة إسرائيل ومحاربة العرب والإسلام. ويعملون على استنزاف الطاقات الأمريكية، بغية السيطرة على الوطن العربي، وبقية البلدان الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط الكبير، لتحقيق الحلم الصهيوني القديم بالسيطرة على العالم.

قراءة في "مشروع الشرق الأوسط الكبير":

جاء "مشروع الشرق الأوسط الكبير" الذي طرحته الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أقل من شهر من انعقاد القمة العربية في تونس للتأثير في قراراتها، وينطلق المشروع الأمريكي من ركيزتين:
الأولى: إن التدهور الكبير في الأوضاع العربية يتطلب البدء في الإصلاح.
الثانية: إن هذه الأوضاع تشكل الأرضية الخصبة لبروز التطرف والإرهاب الدولي.

وتنادي المبادرة بضرورة البدء بالتغيير والإصلاح، وحدّدت الإصلاح بثلاثة أهداف رئيسة: الديمقراطية والمعرفة وحرية المرأة. وتضمنت الوسائل لتحقيق ذلك.
وانطلاقاً من الأهمية القصوى للنفط العربي للإقتصاد الأمريكي، واستغلال الرئيس "بوش" لأحداث أيلول/سبتمبر، وتبنيه للموقف الصهيوني من قضية فلسطين وإلإسلام، قررت إدارة "بوش" أن لا بد من تغيير الثقافة العربية- الإسلامية الرافضة للإحتلالين الأمريكي والإسرائيلي. خرج المشروع من دراسة وضعها المستشاران اليهوديان في إدارة الرئيس "بوش" وهما "ريتشارد بيرل" و "ودوغلاس فايت" تحت عنوان: "استراتيجية جديدة تضمن أمن إسرائيل".

تدعو الدراسة إلى التخلي عن "اتفاق أوسلو" بسبب عجز السلطة الفلسطينية عن تنفيذ تعهداتها، وتطالب باحترام حقوق اليهود في دولة إسرائيل الكبرى، وتشير الدراسة إلى أهمية ربط المصالح الأمريكية والإسرائيلية للمنطقة بالاستراتيجية الأمريكية الشاملة. إن المشروع هو في الأساس تخطيط صهيوني طرحه "شمعون

بيرس" بعد توقيع "اتفاق أوسلو" في كتابه: "نظام الشرق الأوسط الجديد" لإقامة "إسرائيل العظمى". وبالتالي جاء المشروع بتخطيط وضغوط خارجية، ليقفز عن جذور الاحتلال الإسرائيلي والدعم الأمريكي لها، وليقفز عن الصراع العربي- الصهيوني، وليعمل على تحطيم منظومة القيم والأخلاق والمفاهيم التي تكرست خلال آلاف السنين.

لقد أوضح الرئيس "بوش" الهدف من مشروعه في خطاب ألقاه في 9 أيار/مايو 2003 قائلاً:"إننا نؤيد تقدم الحرية في الشرق الأوسط لأنها مبدأ مؤسس، ولأنها تخدم مصلحتنا القومية"، ووصل تدخّله الفَظّ في الشؤون الداخلية والتعليمية للدول العربية حدّاً قال فيه:"سنوفّر الموارد اللازمة من أجل ترجمة كتب القراءة للمراحل التعليمية المبكرة إلى اللغة العربية"، وطالب في خطابه المذكور من الدول العربية، محاربة الإرهاب بكل أشكاله.

إن المشروع خطة أمريكية لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وعلى حساب الشعوب والبلدان العربية. ويتلخّص جوهره في أن الولايات المتحدة بمساعدة دول الاتحاد الأوروبي وقوة إسرائيل العسكرية، ستعلّم الشعوب والبلدان في المنطقة كيف يصبحون مجتمعات ديمقراطية وعصرية على الطريقة الغربية، بتركهم هويتهم القومية وعقيدتهم الإسلامية، ونبذ كراهيتهم لإسرائيل الإرهابية والاستعمارية والعنصرية، والقبول باغتصابها للأرض والحقوق والثروات، وبهيمنتها على كامل المنطقة.
ينص المشروع على "أن أولويات الإصلاح هذه السبيل إلى تنمية المنطقة". وتجاهلوا أن تنمية المنطقة تبدأ أولاً وقبل كل شيء بالإنسحاب الإسرائيلي والأمريكي منها. ويمضي المشروع، ويقول:"أن الديمقراطية والحرية ضروريتان". ويتناول المشروع الصحف وبرامج التلفزة العربية ويقول:"إن الصحف العربية التي يتم تداولها تميل إلى أن تكون ذات نوعية رديئة"، إن المشروع يريد من الصحافة والتلفزة العربية أن تسير حسب ما تخطط له الصحافة الأمريكية، وتخضع "للوبي" اليهودي والنفوذ الصهيوني.

إن الرئيس "بوش" يحاول من خلال ما يسميه بالإصلاح الديمقراطي والإقتصادي في المشروع، تصفية القضية الفلسطينية لصالح إسرائيل، وإنجاح المشروع الصهيوني في المنطقة، وأمركة وصهينة البلدان العربية والإسلامية، والقضاء على النظام العربي، ولكنه سيمضي حتماً إلى الفشل لأنه يتعارض مع التاريخ والجغرافية ويخالف طبيعة المنطقة وهويتها.


الموقف العربي الرسمي من "مشروع الشرق الأوسط الكبير":

لقد أحدث المشروع الأمريكي ردود فعل متباينة، تعكس في الوقت نفسه التخبُّط والارتباك والاستفراد العربي في مواجهته. حيث واجهت مصر المشروع بلغة ترضي الولايات المتحدة وبعض الجهات الداخلية، وأكدت أنها تقبل بالإصلاح من الخارج بشروط منها:"أن يأخذ بالاعتبار خصوصيات كل بلد على حدة".

وأعلنت السعودية رفضها للمشروع، ورفض أي محاولة لفرض الإصلاح من الخارج، وتطالب السعودية من الولايات المتحدة معالجة الصراع العربي- الإسرائيلي، وقضية فلسطين قبل طرح المبادرة. وطالب رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ "صباح الأحمد الجابر" بضرورة تفهم المطالب الداعية للإصلاح. وأكد وزير خارجية قطر الشيخ "حمد بن جاسم " ضرورة أن تقوم الدول العربية بدراسة المبادرة الأمريكية قبل إعلان رفضها لتلك المبادرة". ودعا رئيس الوزراء البحريني الشيخ "خليفة بن سلمان" إلى:" ضرورة التفاعل بين الولايات المتحدة وبين الدول العربية بخصوص مبادرة الإصلاح".

واعتبر لبنان أن المشروع يؤدي إلى انعكاسات خطيرة على المنطقة، وقال الرئيس السوري الراحل "حافظ الأسد":"موضوع الشرق أوسطية، ليس موضوعاً اقتصاديّاً، بل إنه موضوع اقتصادي وسياسي وهدفه الأساسي هوشطب شيء إسمه العرب، شطب شيء اسمه العروبة، شطب المشاعر العربية، شطب الهوية القومية".

وأعلنت الجامعة العربية رفضها للمشروع، حيث أعلن الأمين العام "عمرو موسى" أن المشروع ناقص وغير متوازن، ويمثل خطراً على المنطقة وعلى استقرارها. وأدى طرح الموضوع إلى انقسام الدول العربية حول الموقف منه وظهرت أربعة مواقف:

المجموعة الأولى: رفضت المشروع لأنها لم تشارك في صياغته،وجاء من الخارج.
المجموعة الثانية: أيدت المشروع وطالبت بفتح حوار بناء مع الولايات المتحدة.
المجموعة الثالثة: نادت بالتريّث وإجراء الاتصالات مع الولايات المتحدة.
المجموعة الرابعة: تحفظت على المشروع وطالبت بإيضاحات وتفسيرات.

يستغل المشروع الاحتلال الأمريكي للعراق، والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، كي تعلِّم إدارة "بوش" شعوب وحكومات المنطقة كيف يصبحون مجتمعات


ديمقراطية وعصرية على الطريقة الغربية، كما ذُكر سابقاً، بتركهم هويتهم القومية وعقيدتهم الدينية، والتخلي عن كراهية إسرائيل والصهيونية. فهل من المعقول أن الرئيس "بوش"، الذي اشعل حرباً على العروبة والإسلام، ودمر العراق وأفغانستان، ويدعم تدمير القوات الإسرائيلية لمدن وقرى ومخيمات الفلسطينيين، أن يعمل على نشر الديمقراطية في بلدان المنطقة؟.

أحمد الريماوي
11/01/2008, 09:25 PM
التعديل الأمريكي على "مشروع الشرق الأوسط الكبير":

جاءت رؤية الرئيس "بوش" في المشروع مغايرة للرؤية الأمريكية السابقة، إذ تبنى تماماً الموقف الإسرائيلي، ودفعت الشكوك والاعتراضات العربية إلى إجراء تعديلات على المشروع، لأنه لايشير إلى الصراع في المنطقة. وأعلن الجنرال "كولن باول" بأنه يتفق مع وجهة نظر القاهرة والرياض من حيث أن الإصلاحات المنشودة لا يمكن أن تفرض من الخارج. واقترح "بريجنسكي"، مستشار الأمن القومي السابق ثلاثة شروط لإنجاح المشروع الأمريكي وهي:

أولاً: أن يتم تطويره مع الدول العربية، لا أن تقدم لهم صيغة أمريكية.
ثانياً: الاعتراف بأنه بدون توفر الكرامة السياسية فلا يمكن إقامة الديمقراطية.
ثالثاً: أن تضع الولايات المتحدة الأمريكية أسس مضمون تسوية سلمية (عادلة) في منطقة الشرق الأوسط، وتشرع في تنفيذها.

وطالب "جوزيف سيسكو"، الوكيل الأسبق لوزارة الخارجية الأمريكية، ضرورة التشاور مع الدول العربية حول برامج الإصلاح، وظهر جليّاً أن الإدارة الأمريكية على استعداد للمناورة وإظهار بعض المرونة لإنجاح المشروع وذلك:-

أولاً: للتخفيف من إجراء النظم العربية أمام شعوبها، بقبول المشروع الأمريكي للإصلاح من الخارج.
ثانياً: أخذ بعض التحفظات الأوروبية بعين الاعتبار بخصوص طبيعة الأوضاع في بلدان المنطقة.
ثالثاً: الحيلولة دون إفشال المشروع خلال الحملة الانتخابية للرئيس "بوش".
وطرح "مارك غروسمان"، معاون وزير الخارجية الأمريكي في آذار 2004 خلال جولته في بعض بلدان المنطقة الأفكار التالية:
• أمريكا لن تفرض الإصلاح من الخارج.
• أمريكا تعترف بخصوصية كل بلد.


• أمريكا تريد أن تدعم جهود الإصلاح النابعة من المنطقة.
• أمريكا لا تريد الإصلاح بديلاً عن التسوية، ولكنها تعتبر أنه لايتوجب انتظار إتمام التسوية.
• أمريكا ترى أن الإصلاح سيستغرق وقتاً طويلاً.
• أمريكا ترى أن الإصلاح كفيل بمكافحة الإرهاب والتطرف.
• سيكون ل"حلف شمال الأطلسي" دور (لا إصلاح بدون أمن)، ولشركاء الولايات المتحدة دور.
وأعرب "غروسمان" عن قناعته أن القمة العربية في تونس ستصدر بياناً تقول فيه إنها تؤيد الإصلاح في الشرق الأوسط. وبالفعل أكدت المبادرة التونسية للقمة "الالتزام بمواصلة الإصلاح الشامل في جميع البلدان العربية"، وانعقد في عشية التحضير لقمة تونس من 12-14 آذار/مارس 2004 اجتماع في مكتبة الاسكندرية، افتتحه الرئيس "حسني مبارك"، وبحث قضايا الإصلاح العربي.

وجاء المشروع الأمريكي وتعديلاته كنتيجة للحرب الأمريكية على العراق، وتعميم الهزيمة على جميع الدول العربية لابتزاز المواقف من الدول التي تعارض المشاريع والمخططات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، التي تهدف إلى تمزيق العرب والمسلمين، وفرض الهيمنتين الأمريكية والإسرائيلية على المنطقة.

إن الرئيس "بوش" يربط بين حربه العالمية على الإرهاب والوضع في المنطقة، لذلك أدخل تعديلاً على الصيغة الأصلية للمبادرة، وأضاف إليها "وجوب بذل الجهود لحل نزاع الشرق الأوسط"، لكسب الجانب العربي لإنجاح المبادرة.

"منتدى دافوس" في البحر الميت و"مشروع الشرق الأوسط الكبير":

بتاريخ 15 أيار/مايو 2004، وعلى مدار ثلاثة أيام وللمرة الثانية خلال أقل من عام، انعقد "منتدى دافوس" الاقتصادي العالمي في البحر الميت بالأردن، وشارك فيه حوالي 1200 شخصية من 51 دولة، بينهم ستة رؤساء دول و40 وزيراً وحوالي 500 من رجال العمال. انعقد المؤتمر بعد احتلال العراق تحت عنوان:"شراكة من أجل التغيير والسلام والتنمية"، ويعتبر أحد الأدوات الأساسية للإمبريالية الأمريكية لتعميم العولمة وفرض التطبيع بين العرب وإسرائيل(1).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جريدة الدستور الأردنية، في 16/5/2004.

ترأس الملك "عبد الله الثاني" في اليوم الثاني لفعاليات المنتدى الجلسة التي جمعت وزراء الخارجية العرب ورؤساء الوفود العربية المشاركين في أعمال المنتدى بوزير الخارجية الأمريكي "كولن باول"، شدّد الوزير الأمريكي على أن الولايات المتحدة مصمّمة على موقفها حيال قضايا الحل النهائي للنزاع الفلسطيني-
الإسرائيلي، وأعرب الوزراء العرب أهمية الإسراع في نقل السيادة إلى العراقيين، وأعربوا عن ارتياحهم لتمسّك الولايات المتحدة بموقفها حيال قضية فلسطين، وعدم التدخُّل في قضايا الوضع النهائي، وإيمانها بحلِّ الدولتين(1).

وجاء في كلمة الملك الأردني في الجلسة الختامية:"إن التحدّي الحقيقي الذي أعددنا أنفسنا لمواجهته في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي، هو حشد التصميم والإرادة لحل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والإيمان بقدرتنا على حلّ هذه المشكلة. علينا تحقيق العدالة للفلسطينيين، ومنح الأمن للإسرائيليين، وعلينا العمل من أجل التغيير"(2).

لقد شكل انعقاد "منتدى دافوس" في البحر الميت، محاولة لتطوير التعاون الإقليمي، والإسهام في عملية التسوية الأمريكية، والسعي لتحقيق مشروع الشرق الأوسط الكبير، لتمكين الولايات المتحدة الأمريكية من نهب النفط العربي، وتقويض الاقتصادات الوطنية، وأمركة المنطقة وصهينتها على حساب هويتها العربية- الإسلامية الأصيلة.











ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الدستور في 16/5/2004.
(2) المصدر السابق نفسه.


المراجع العر بية

1- أحمد الريماوي،"المسار التاريخي للنضال الوطني الفلسطيني"، منجزات إتحاد الكتاب الفلسطينيين بالسعودية،ط1، 2006.
2- أنور السادات،"ياولدي هذا عمك جمال...مذكرات أنور السادات، بيروت، مكتبة الآفاق، 1971.
3- جريدة القبس الكويتية، في 23/ 1/985.
4- جريدة الدستور الأردنية، في 16/5/2004.
5- جريدة الأهالي الأردنية، 6 إبريل/نيسان 1995.
6- حسين كنعان،"مستقبل العلاقات العربية – الأمريكية"، دار الخيال للطباعة والنشر والتوزيع، ط2 خريف 2005.
7- ناجي علوش،"الحركة الوطنية الفلسطينية".
8- فاضل حسين،"تاريخ فلسطين السياسي تحت الإدارة البريطانية"، بغداد.
9- محمود رياض،"مذكرات محمود رياض"، القاهرة، دار المستقبل العربي.
10- محمد حسنين هيكل،"صراع امبراطوريات وكفاح ثورات"، في جريدة الرأي الأردنية، 5/10/1956.
11- محمد حسنين هيكل،"الانفجار"، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة 1990.
12- مجلة الحرية، العدد 482 في 20/12/ 1992.
13- مجلة السياسة الدولية، اعدد 150، تشرين أول/أكتوبر 2002.
14- الملاحق، نص رسالة بن غوريون إلى الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في 24 يوليو/تموز 1958.

*** *** ***











المراجع الأجنبية

(1)Henry Truman June 1943, “Robert Wagner Paper” George Town University, Washington, D.C.
(2) Robert H. Forrel off the Record. “The Private Papers of Harry S. Truman (new York, Harber and Row 1980)
(3) Shlomo Shomin “1948 American Embargo of Arms to Palestine”. Political Science Quarterly 1949, (Fall 1979) New York. Simon & Schuster 1970, Shlomo Shomin

(4) Dwight D. Eisengower “Crusade in Europe “Garden City, New York Double day 1948.
(5) Donovan: Eisenhower “The Inside Story” P.67
(6) Emest Stock “Israel on the road to Sinai 1949- 1956” (Ithaca: Connell University Press, 1967)>
(7) Kenneth P.O. Donnel and Davide. F. Powers “Johaung. We hardly Knew ye”.( New York 1970), 307
(8) Exchange of letters between President Kennedy and President Nasser (Midle East Affairs Nov. 13, 1962) A letter to King Hussein of 11 May 1961” (New York Times June, 1961).
(9) Edward Tivan “The Lobby” A Tou chstone Book 1987 Chapter 9.

*** *** ***
الفهرس

المقدمة 6
العرب والسياسة الخارجية للولايات المتحدة
بعد الحرب العالمية الأولى 8
العرب والسياسة الخارجية للولايات المتحدة
الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية 9
بداية الصراع العربي- الأمريكي 16
مراحل تطور سياسة الولايات المتحدة
الأمريكية في الوطن العربي 21
أمريكا والدور الجديد 23
- نظام القطب الواحد 23
- تركيبة النظام الأمريكي ودور
القوى الضاغطة وإسرائيل 23
مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية الأنظمة
العربية تبني الديمقراطية في بلادها 27
سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في الوطن العربي
والصراع العربي- الإسرائيلي 29
- تأثير حرب الخليج 29
- حكومة بوش وعراق ما بعد الحرب 29
- السياسة الأمريكية تجاه العالم العربي
في ظل حكومة "كلينتون" 30
- الأسباب الداخلية لالتزام الولايات
المتحدة الأمريكية تجاه إسرائيل 31
- رؤية الولايات المتحدة الأمريكية "خارطة الطريق" 32
- الاستخبارات الأمريكية بعد الحادي عشر من سبتمبر
2001 – سد الثغرات 32
الشرق الأوسط الكبير فكرة صهيونية
تبنتها الولايات المتحدة الأمريكية 34
- بروز مصطلح الشرق الأوسط 34
- التخطيط الإسرائيلي للشرق الأوسط 35




- المساعي الأمريكية لإقامة (النظام الشرق أوسطي) 37
- مخاطر نظام الشرق الأوسط الكبير 39
دور اليهود في الحرب العدوانية على العراق
لرسم خريطة الشرق جديدة للشرق الأوسط 40
- احتلال العراق مصلحة أمريكية وإسرائيلية 40
- دور بعض الشخصيات اليهودية في السياسة
والإدارة الأمريكية المعادية للعرب والمسلمين 42
- اليهود في الإدارة الأمريكية 43
- قراءة في مشروع الشرق الأوسط الكبير 44
- الموقف العربي الرسمي من
"مشروع الشرق الأوسط الكبير" 46
التعديل الأمريكي على
"مشروع الشرق الأوسط الكبير" 47
- منتدى دافوس في البحر الميت و
"مشروع الشرق الأوسط الكبير" 48
المراجع العربية 50
المراجع الأجنبية والمترجمة 51

محمد إسماعيل بطرش
09/02/2008, 04:33 PM
شكرا على هذه الدراسة المستفيضة التي يمكنها تنبيه السادرين من الشعوب العربية لحقيقة المخاطر التي تحيق بوجودهم و تطالبهم بالانتباه لما يقوم به حكامهم من أعمال قد تخرجهم كشعوب عن دائرة الحدث. و على الشعوب العربية الاستعداد للمقاومة الواعية لكل ما يبعدهم عن ميدان قتال الأعداء من اليهود الداخليين و الخارجيين بحيث يكون كل مواطن خفير. ليس لليهود مكان في بلادنا و لن تعدم البلاد قادة كنبوخذ نصر و صلاح الدين مهما طال الزمان أو قصر.