المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : زْزْزْزْزْزْزْزْ...



التجاني بولعوالي
13/01/2008, 06:19 PM
زْزْزْزْزْزْزْزْ...

بقلم/التجاني بولعوالي
كاتب مغربي مقيم بهولندا
http://www.tijaniboulaouali.nl

حط جسده المنهوك في شرود.. جر المقعد الخشبي موقعا صدى ناشزا.. استلقى في استرخاء وهو يهتز كالأرجوحة، تارة نحو الأمام وأخرى نحو الخلف.. استنشق ذرات الفراغ في نشوة.. ثم راح يبعثر شعر رأسه الملولب.. ويمدد خصلاته الملتوية نحو جبهته، التي انتثرت عبر مسحتها حبات العرق الخفيفة.. ويتحسس بأنامله ذقنه الذي توزع عليه زغب كثيف..
***

بعث جفنيه الذابلين من قلة النوم أو من كثرته! نحو الشرفة المطلة على الزقاق.. انتابه شعور غريب.. فاشتهى رصد شكل الليل، وهو يرين عبر أرجاء الكون.. ومشاهدة سحر النجوم، وهي ترمش في حبور لامتناه..
***

لكن أزيز بعوضة هائمة.. قطع خيط خياله.. فغاب الليل.. وانهوت النجوم.. لوح بكفه حوله لإبعاد البعوضة.. التي طارت وهي تئز.. تبع حركتها وهي تحلق نحو الفوق.. وعندما استقرت على الجدار، قام من مكانه في خفوت.. وهو يكبت كل حركة أو صدى قد يحدثه بالكرسي، أو بنعله الجلدي الأصفر.. توجه نحو مستقرها في فضول ممزوج بالسخط على هذه الحشرة المزعجة، التي قد تنغص عليه هذه الليلة لذة النوم..
***

امتدت يده اليمنى النحيفة نحوها، لم تلذ بالفرار كما كان يتوقع.. لم تبق في مكانها.. بل جنحت نحوه فورا، حطت على مرفقه الأيمن، فأطبق أنملتيه عليها، محاولا تفادي أذاها، أو طيرانها المباغت والسريع..
***

حدق في مقلتيها الصغيرتين، فصغى لأنين يعلو من تحت جناحيها، اللذين يهتزان، وعندما هم بأن يلفظ أو يتنهد، ندت عنها استغاثة مرة:
زْزْزْزْزْزْزْزْ...

التجاني بولعوالي
13/01/2008, 06:19 PM
زْزْزْزْزْزْزْزْ...

بقلم/التجاني بولعوالي
كاتب مغربي مقيم بهولندا
http://www.tijaniboulaouali.nl

حط جسده المنهوك في شرود.. جر المقعد الخشبي موقعا صدى ناشزا.. استلقى في استرخاء وهو يهتز كالأرجوحة، تارة نحو الأمام وأخرى نحو الخلف.. استنشق ذرات الفراغ في نشوة.. ثم راح يبعثر شعر رأسه الملولب.. ويمدد خصلاته الملتوية نحو جبهته، التي انتثرت عبر مسحتها حبات العرق الخفيفة.. ويتحسس بأنامله ذقنه الذي توزع عليه زغب كثيف..
***

بعث جفنيه الذابلين من قلة النوم أو من كثرته! نحو الشرفة المطلة على الزقاق.. انتابه شعور غريب.. فاشتهى رصد شكل الليل، وهو يرين عبر أرجاء الكون.. ومشاهدة سحر النجوم، وهي ترمش في حبور لامتناه..
***

لكن أزيز بعوضة هائمة.. قطع خيط خياله.. فغاب الليل.. وانهوت النجوم.. لوح بكفه حوله لإبعاد البعوضة.. التي طارت وهي تئز.. تبع حركتها وهي تحلق نحو الفوق.. وعندما استقرت على الجدار، قام من مكانه في خفوت.. وهو يكبت كل حركة أو صدى قد يحدثه بالكرسي، أو بنعله الجلدي الأصفر.. توجه نحو مستقرها في فضول ممزوج بالسخط على هذه الحشرة المزعجة، التي قد تنغص عليه هذه الليلة لذة النوم..
***

امتدت يده اليمنى النحيفة نحوها، لم تلذ بالفرار كما كان يتوقع.. لم تبق في مكانها.. بل جنحت نحوه فورا، حطت على مرفقه الأيمن، فأطبق أنملتيه عليها، محاولا تفادي أذاها، أو طيرانها المباغت والسريع..
***

حدق في مقلتيها الصغيرتين، فصغى لأنين يعلو من تحت جناحيها، اللذين يهتزان، وعندما هم بأن يلفظ أو يتنهد، ندت عنها استغاثة مرة:
زْزْزْزْزْزْزْزْ...

الحاج بونيف
18/01/2008, 05:46 PM
أخي الفاضل/ التيجاني بولعوالي
تحية طيبة
أقصوصة تنم عن تمكن من السرد وآلياته.. لغة جميلة وأسلوب أنيق..
البعوضة هذه الحشرة الصغيرة التي تنغص عنا في ليالي الصيف حين تستهوينا السهرات تارة بلسعاتها وطورا بأزيزها الذي يصم الآذان.
فكرة بسيطة من الأدب الساخر، ولا أدري إن كانت فيها رمزية..؟ فأنا نظرت إليها ببعدها ومعناها الحقيقيين.
كل الود والتقدير.:fl:

شوقي بن حاج
18/01/2008, 06:27 PM
الأستاذ / التيجاني....

ذكرتني قصتك بقصة للقاص : فيصل الزوايدي من تونس بعنوان بعوضة المدينة...

بما فيها من عبثية ...تيحلنا للشعور الإنساني حول الرحمة والحنان المتجذران في الإنسان وكذا الرفق بالحيوان كغشارة نهائية للنص....

لك خالص الود .......

التجاني بولعوالي
21/01/2008, 02:27 PM
الأخوان الفاضلان شوقي والحاج
أشكر لكما قراءتكما للقصة، وما ملاحظاتكما إلا دليل
على الذائقة المتميز التي تتمتعان بها،
احترامي الكبير
التجاني بولعوالي