المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من حكم إدريس عليه السلام ومواعظه وآدابه



د. محمد عبدو
14/01/2008, 09:05 PM
(ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب) البقرة:268


من حكم إدريس عليه السلام ومواعظه وآدابه

قال عليه السلام: ( أول ما يجب على المرء الفاضل بطباعه، المحمود بسنخه، المرضي في عبادته، المرجو في عاقبته، تعظيم الله -سبحانه وتعالى- وشكره ومعرفته. ثم بعد ذلك فللناموس حق الطاعة والاعتراف بمنزلته، وللسلطان حق المناصحة والانقياد، ولنفسه عليه حق الاجتهاد والتأدب في فتح باب السعادة، ولخلصائه عليه حق التخلي لهم بالود والتسارع إليهم بالبذل، فإذا أحكم هذه الأسس لم يبق عليه إلا كف الأذى من العامة، وحسن المعاشرة بسهولة الخلق.

وقال: لن يستطيع أحد أن يشكر الله على نعمة بمثل الإنعام بها على خلقه.

وقال: من أراد البلوغ بالعلم وصالح العمل فليترك من يده أداة الجهل وسيئ العمل، كما أن الصانع الذي يعرف الصنائع كلها إذا أراد الخياطة أخذ آلاتها، وترك آلة النجارة، وإذا أراد الكتابة أخذ آلتها، وترك آلة الخياطة؛ فحب الدنيا وحب الآخرة لا يجتمعان في قلب واحد أبدا.


وقال: لا ترفعوا دعاءكم بالجهالة، ولا بالنيات المدخولة، ولا تعصوا الله ولا تتعدوا حدوده ونواميسه، ولا يجرين أحدكم معاملة أخيه على ما يكره أن يعامل بمثله، وأنفعوا وتحابوا وثابروا على الصوم والصلوة جماعة ببصائر صافية نفيسة، ونيات غير منقسمة ولا مشوبة، وتوادوا على طاعة الله والتقوى له، واتبعوا الخير واجتهدوا فيه، ولتكن تأدية فرائض الله عليكم بالتمام والكمال والخشوع والخضوع من غير عجب واستكبار، وإياكم والتفاخر، وعليكم بالتواضع لكيما تستكثروا أثمار الخير من أعمالكم).

فهذه طائفة من حكمه عليه السلام، وهي كما نلاحظ لا تختلف عما قاله رسول الله صلى الله عليه والسلام، اللهم إلا في الصياغة.

وللحديث بقية

د. محمد عبدو
14/01/2008, 09:33 PM
ومن حكم إدريس عليه السلام:

( ابتعدوا عن مخالطة الحوبة والفسقة ومتبعي الضلال ومقابيح الأفعال، ولا تحلفوا بالله كاذبين، ولا تهجموا على الله باليمين، واعلموا واستيقنوا أن تقوى الله - سبحانه - هي الحكمة الكبرى والنعمة العظمى والسبب الداعي إلى الخير، والفاتح لأبواب الفهم والعقل، وأن الله - سبحانه - لما أحب عباده وهب لهم العقل، وخص من بينهم أنبياءه بروح القدس، وكشف لهم سرائر الديانة وحقائق الحكمة لإنهاء الضلال، وتتبع الرشاد.

وقال: استشعروا الحكمة، واتبعوا الديانة، وعودوا أنفسكم الوقار والسكينة، وتحلوا بالآداب الحسنة الجميلة، وترووا في أموركم ولا تستعجلوا، ولا سيما في مجازاة المسيء، وأجعلوا الحياء ماء وجوهكم، والخيفة من الله - سبحانه - حشو جنوبكم، واحذروا عواقب الندامة، فبسلوك هذه السبل تصير النفس معتقة من رق الجهالة وعبودية الحداثة.

وقال: لا تكن أيها الإنسان كالصبي؛ إذا جاع ضغا (صاح وبكى)، ولا كالعبد إذا شبع طغى، ولا كالجاهل إذا ملك بغى.

وقال: اهربوا من المآكل الحبيثة، واجتنبوا المكاسب الدنية، فإنها وإن ملأت أكياسكم من المال، فإنها تفرغ قلوبكم من الإيمان.

وقال: عودوا أنفسكم إكرام الأخيار والأشرار، أما الأخيار فلأجل خيرتهم، وأما الأشرار فلاستكفاء شرهم.

وقال: لا تعجل الذنب بالعقوبة، واجعل بينهما للاعتذار طريقا).

يتبع.

د. محمد عبدو
14/01/2008, 11:52 PM
ومن حكمه عليه السلام:

(زلة العالم ككسر السفينة تغرق ويغرق معها خلق كثير.

وقال: غضب الجاهل في قوله، وغضب العاقل في فعله.

وقال: الأدب صور العقل، فحسن عقلك في أدبك.

وقال: من جهل صورة الحكمة جهل صورة ذاته، ومن جهل صورة ذاته، كان بغير ذاته أجهل.

وقال: ما ينبغي للعاقل أن يطلب غيره، وطاعة نفسه ممتنعة عليه.

وقال: لا تمدح بكمال العقل من لا تكمل عفته، ولا بكمال العلم من لا يكمل عقله.

وقال: النصح بين الملأ تقريع.

وقال: إعادة الاعتذار تذكير بالذنب.

وقال: الجاهل صغير وإن كان شيخا، والعالم كبير وإن كان حدثا.

وقال: الجهل والحمق للنفس بمنزلة الجوع للبدن، لأن هذين خلاء النفس، وهذا خلاء البدن.

وسئل ما بال العلماء يأتون أبواب الأغنياء أكثر مما يأتي الأغنياء أبواب العلماء؟ قال: لمعرفة العلماء بفضل الغناء، وجهل الأغنياء بفضل العلم.

وقال: العلم بالخير والشر هو تمام العلم، وبتمام العلم يكون تمام الحكمة، وبتمام الحكمة سلامة العاقبة.

وقال: الناس اثنان: طالب لا يجد، وواجد لا يكتفي.

وقال: العاقل لا يدع عيوبه بفرح ما ظهر من محاسنه.

وقال: الدليل عل غزارة الجود السماحة عند العسرة، وعلى غريزة الورع الصدق عند السخط، وعلى غريزة الحلم العفو عند الغضب.

وقال: من أفضل الأعمال ثلاثة أشياء: أن تبدلوا العدو صديقا، والجاهل عالما، والفاجر برا.

وقال: ما أقل منفعة المعرفة مع غلبة الشهوة، وما أكثر منفعة المعرفة مع ملك النفس.

وقال: اجتنب مصاحبة الكذاب، فإنه مثل السراب يلمع ولا ينفع).

يتبع...

د. محمد عبدو
17/01/2008, 08:26 PM
الجزء الرابع والأخير

قال عليه السلام: (من مدحك بما ليس فيك فلا تأمنه أن يذمك بما ليس فيك.

وقال: من تكلم بما لا يعنيه فاته ما يعنيه.

وقال: خير الأصحاب من نسي ذنبك ولم يفزعك به.

وقال: اعط الحق من نفسك وإن لم تعطه منها كان الحاكم خصمك.

وقال: نعمة الجاهل كروضة في مزبلة.

وقال: رب كلام جوابه السكوت، ورب عمل الكف عنه أفضل، ورب خصومة الإعراض عنها أصوب.

وقال: أفضل خلق الله في هذا العالم الانسان، وأفضل الانسان العقل، وأفضل أمور العقل تدبير العقل صاحبه بالعدل، فكف نفسه عن الذنوب.

وقال: إذا كان الملك لا يقدر على قهر حواسه وغلبة شهواته، فكيف يقدر على ضبط خاصته، ولإذا لم يقدر على ضبط خاصته، فكيف يقدر على ضبط أعوانه، وإذا لم يقدر على ضبط أعوانه، فكيف يقدر على ضبط رعيته ومملكته، فسبيل الملك أن يبدأ بسلطانه على نفسه ليستقيم على غيره.

وقال: الدنيا تهين من كانت تكرمه، والأرض تأكل من كانت تطعمه.

وقال: لتلميذه: أفهمت ما قلت: قال: نعم. فقال: لا أرى عليك أثر الفهم. قال: وكيف ذلك؟ قال: لا أراك مسرورا، والدليل على الفهم السرور.

وقال: التزود من الخير وأنت مقبل، خير من أن تتزود وأنت مدبر.

وقال: لا يستطيع أحد أن يجد الخير والحكمة، إلا أن يخلص نفسه في المعاد، والإخلاص له منه، إلا أن تكون له ثلاثة أشياء: وزير، وولي، وصديق. فوزيره عقله، ووليه عفته، وصديقه عمله الصالح)

نفع الله الجميع.

لمن أراد الاطلاع فليرجع إلى كتاب محبوب القلوب لمحمد بن الشيخ علي الديلمي