المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اصطاد العنكبوت الشمس: لنبدأ من جديد (17- 18)



الدكتور أسعد الدندشلي
15/01/2008, 03:06 AM
اصطاد العنكبوت الشمس: لنبدأ من جديد (17- 18)
نص مفتوح على خواطر وجدانية
...................
17- اصطادَ العنكبوتُ الشمسَ
بخيوطه...
صار عليها سلطانْ
أوقف عند الشرق خفّاش
يمسك نورها يمنعه من
الفلتانْ
استدعى من مملكته
ساسة وأباطرة ووجهاء القوم
من الأعيانْ
والحاشية كانت سماسرة
وحفنة مرابين وقوادين بغاء
جاء بهم من كل مكانْ
ولما صاروا جميعا إليه
في الديوانْ
هزّ بخيوطه الصولجانْ
قال:
افقأوا عيونَ الرعية وأبقوا
على الآذانْ
الشمسُ في جعبتي
والضوءُ في الغربال
لم تعد للعيون في الوجوه
حاجة في هذه
البلدانْ
اريدها رعية تصغي
تستهدي إلى قوتها
كما الجرذانْ
تتلمس الدرب
والجدرانْ
أوصوا عليهم أني
أريد نسلا كاملا من
العميانْ
دعوهم يشتهون الشمس
لا يدركون الضوء كما
الإيمانْ
اقطعوا الجلّنار من كل
روضِ وبستانْ
حتى لا يبقى أثر للرمانْ
واتركوا الأشجار
ستنتحر فيها الأغصانْ
لم يعد بعد اليوم للنوافذ
موضعا في البنيانْ
لن تكون هناك مساحة
للألوانْ
اريدكم جمعا من البشر،
لا نوعا من الإنسان!
والآن: أيها الغلمانْ
عودوا إلى بغيكم
نفطكم، وحروبكم
تسابقوا في ثرواتكم والزمان
عودوا يا غلماني
أرى أعدادكم يا حاشيتي
إلى ازدياد...
ستصيرون بعد عامين وأكثر
رعاة بلا قطعان!
ألا ترون ضاق بكم المكانْ!
وإني لأخشى منكم على جاهي
لِمَ لا!
والخبثُ فيكم بادٍ، وما تخفونه
في الصدور لا يوحي باطمئنانْ
ولا تنسوا أني العنكبوت سيدكم
وإن كنتم العفاريت فأنا الشيطانْ
سأترك حول عنق كل منكم خيطاً
أجرّه على وجهه إن اقتضى
لذلك الأمانْ!
ضجّجت منكم،
لوثتم إيواني والديوانْ
انتهى الإعلان!
انصرفوا الآن!
سلاماً لكم وسلاماً
على الأوطانْ!
18- فجّر فحولتك في مواخير
العهر وانطلقْ
هذا زمن الفوضى والعبث
الجنسي الطلقْ
تغلي في الدماء شهوات
آن لكبتها أن ينعتقْ
تهزنا الرغبات وكل هذه
الخيرات فعلام أنت
قلقْ!
ترقص من حولنا نهود
شامخات ثائرات
تكاد في أسرها تختنقْ
ارم عليها ما شئت
من أهواء قبل أن يزويها
الزمان وفيه تنسحقْ
أشعل النار في الحلمات
الناعسات، فبالنيران
وحدها الحياة
تختفقْ
ولىّ زمن الحياء
فاخدش كبرياءه، لا تكن
لأفكار بائدات أرقْ
تبحث عن واحدة!
عن امرأة تردّ الطرف
خجلاَ في حديث!!
ضلّ الحياء فينا وفيهم
هيهات هيهات!
يا صاحبي أفقْ!
عصرٌ تمطّى بغيّه
تباهياً قرِِقْ (8)
شفتاي! كم أملك
بعد من شفتيّ بعد
كل ذاك الغزل والوصال!
والبقايا منهما عالقات
على ثغور الفتيات
يسكبان على
المسامع أحلى الكلماتْ
ويطيب للنساء أن يغلقن في
اللقاء باب الحجراتْ
ويطيب للنساء أن يصرن
جمراتْ
يحرقن الهواء في الخلواتْ
أنفاسنا لهب، أجسادنا وقود
وثمراتْ
مضى الشباب لكن رائحة
النساء تبقى متمترسة في
الصدور خالداتْ
تنقرُ نظراتهن القلبَ
تُوقِظُ لظى الذكرياتْ
تلك تقهر السنين ترجعها
إلى الوراء عشرات
وأخرى تَمْسَحُ شيبَ الرأس في
انحناءة قدّ، ووقع خطواتْ
وواحدة تزفّ النهد
صلباً طرياً
إليَّ في حركاتْ
فيحيا ما مات مني، وانقضى
في لحظات
فأقْبِلُ على الدنيا كمن يمتلك
السمواتْ
أنا لا أرجو غفراناً، وهي ليست
من التائباتْ
أنا لا أبغي رجوعاً، وهي ليست
من الصائماتْ
أمضي في جنوني، وهي
من الهائماتْ
نتضوّر جوعاً في جسدينا
تأكلنا الرغباتْ
لم نعد لحماً وعظماً وكُريّاتْ
حمرِ وبيضِ
صرنا همهمةً في حَفْلِ شواء
وهمساتْ
لم نَعُدْ حبّات مطر بل أشياء
من سحاباتْ
لا نُرى على ضوء قنديل،
ليس لنا في المرايا انعكاساتْ !
صرنا تيهاً آخر من آدم وحواء
تنزوي أقدارنا في واحدة
من تلك الحلقاتْ
كم أنا آدم! كم أنت هي حواء!
كم وكم تتكرّر في جيناتنا
الحكاياتْ
كم ننساقُ للخطيئة، وكم نستحقٌّ
اللعناتْ!
.............(يتبع)