المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل كان كريستوفر كولومبوس وراء انتشار مرض الزهري؟ ...



الصادق عبدالسيد
17/01/2008, 12:33 AM
هل كان كريستوفر كولومبوس وراء انتشار مرض الزهري؟


الغد : (ا ف ب) باريس - قدمت دراسة تحليلية نشرت في مجلة "المكتبة العامة للعلوم" (بلوس) الاميركية الالكترونية حججا علمية تدعم الفرضية التي تقول ان كريستوفر كولومبوس كان وراء انتشار مرض الزهري لأنه حمل من العالم الجديد بكتيريا مشابهة له تحولت إلى جرثومة ناقلة للمرض في اوروبا.

وسجلت أولى حالات الزهري أو السفلس الذي ينتقل عن طريق العلاقات الجنسية في1495 بين مرتزقة تحت قيادة فرنسية لدى دخولهم مرفأ نابولي الإيطالي. ومن هناك انتشر المرض إلى أوروبا وبات يعرف باسم مرض نابولي في إيطاليا وألمانيا وبريطانيا أو المرض الأسباني في أسكتلندا والبرتغال ومناطق أخرى من أوروبا. وكان كولومبوس عاد من أول رحلة إلى العالم الجديد في1493.

ويعتقد بعض المؤرخين أن المرتزقة كانوا بين البحارة الذين أخذهم كولومبوس معه وأنهم التقطوا المرض من معاشرة نساء هناك. لكن لم يتم إثبات ذلك بينما يعتبر خبراء آخرون أن السفلس نشأ في أوروبا وأن رجال كولومبوس نقلوه معهم إلى الأميركيتين. لكن الدراسة الجديدة التي تستند إلى علم تطور السلالات العرقية باستخدام الهندسة الوراثية تقدم بعض الأساس العلمي للإتهامات التي وجهها الفيلسوف الفرنسي فولتير وغيره إلى كولومبوس.ودرس فريق ترأسته كريستين هاربر من جامعة ايموري في اتلانتا 26 نوعا من البكتيريا اللولبية موزعة على مناطق جغرافية مختلفة مستخدما للمرة الأولى الهندسة الوراثية الجزيئية لتعقب أصل مرض السفلس.

وتسبب البكتيريا اللولبية السفلس وثلاثة أمراض أخرى مشابهة. وتبين لهم أن السفلس هو العنصر الذي شهد التطور الأحدث في عائلة البكتيريا اللولبية. ومن الناحية الوراثية، يعتبر السفلس قريبا جدا من مرض يعرف باسم داء اليوز أو المرض العليقي المنتشر على نطاق واسع فقط في أميركا الجنوبية وهو مثل السفلس يصيب الجلد والعظم والمفاصل. لكن اليوز أقل خطورة من السفلس ولا ينتقل من خلال العلاقات الجنسية.

ويعاني اليوم أكثر من نصف مليون شخص من هذا المرض الذي لا ينتقل عن طريق الجنس ومعظمهم من الأطفال في المناطق الإستوائية والمدارية الحارة والرطبة. وينتقل اليوز عبر الجلد والفم. وتقوم فرضية هاربر على أن رجال كولومبوس أصيبوا بجرثومة اليوز. ومع إنتقالها تكيفت الجرثومة مع الطقس البارد والجاف في أوروبا وأصبحت في ما بعد الجرثومة المسببة للسفلس وبقيت على حالها منذ ذلك الحين.

وقال الباحثون أنه عندما يتم الجمع بين هذه المعلومات الوراثية والأدلة العديدة الموثقة على مدى التاريخ "تكتسب فرضية قيام كولومبوس بنقل السفلس مزيدا من القوة". ويقول الفريق أن ما يدعم هذه الحجة كذلك هو عدم العثور على التقرحات التي يسببها السفلس على البقايا البشرية العائدة إلى ما قبل حقبة كولومبوس في أوروبا وشمال أفريقيا.

ويترك مرض السفلس أو مرض الزهري المنتقل جنسيا والذي تسببه البكتيريا اللولبية "تريبونيما باليدوم" دائما علامات على عظام ضحاياه.

وتفيد الدراسة الجديدة أن هذه البكتيريا ظهرت في الأساس في العالم القديم على شكل مرض لا ينتقل عن طريق الجنس ثم انتشرت إلى الشرق الأوسط وشرق أوروبا. ثم وبعد أن تحولت إلى مرض اليوز أو الداء العليقي إنتقلت إلى العالم الجديد.وعاد الداء إلى أوروبا مع المستكشفين الأوروبيين ثم عاد بشكله الأكثر ضراوة مجددا إلى الأميركيتين وانتشر إلى كافة أنحاء العالم.

نشرت الدراسة في المجلة العلمية الالكترونية "المكتبة العامة للعلوم" (بابليك لايبريري اوف ساينس) في قسم الأمراض الإستوائية. وفي رواية فولتير "كانديد" الساخرة تشرح الشخصية الرئيسية بانغلوس كيف إنتقل السفلس إلى أوروبا ولماذا تم تبرير كل المعاناة الناجمة عنه. ويقول "لو ان كولومبوس لم يلتقط على جزيرة في أميركا هذا المرض الذي يسمم منبع الإنجاب.. لما حصلنا على الشوكولاته".

وفي الكتاب، يفقد بانغلوس نفسه عينا وأذنا بسبب المرض. ولو أنه عاش بعد قرنين من ذلك لكان تعافى بسهولة من خلال تناوله مضاد البنسلين الحيوي. ويلاحظ عالم البيولوجيا جورج ارميلاغوس الذي شارك في إعداد الدراسة أن السفلس هو "أول مثال بارز للعولمة التي تشكل عاملا مهما في تطور الأمراض".