المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السفسطة الخلاقة



حسين راشد
17/01/2008, 04:04 AM
السفسطة الخلاقة
http://rashed99.jeeran.com/%D9%85%D8%B5%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A 9.gifبفكر : حسين راشد
دائماً ما تجد هذا اللفظ يدور في حديث المثقفين .. وحين يجد أحدهم أنه لا يعرف أن يرد على سائلة فيتهم الآخر ( بالسفسطائي) ..
ومن العلم بالشيء يجب أن يعرف المتلقي أن ( السفسطة) هي المغالطة والاستدلال على الشيء بغير حقيقته .
. وهناك جماعة السفسطائيون وأصلهم فرقة يونانية قديمة عارضها سقراط وكشف عن مغالطتها ..
أي أن السفسطائي هو ما يتكلم بغير علم يقين ولكنه إلى حد ما يستطيع أن يستميل نحوه البعض بلسانه الإعلاني وخطبه الجذابة .. وبالطبع هؤلاء الذين يميلون لهم ( جهلة بالشيء) لأن لو لديهم العلم به ما استمالوا للمغالطة .. ولدينا التشبيه العربي الذي يقول ( خلط الحابل بالنابل) وهي كناية عن اضطراب الأمور ,فالحابل هو الصائد بالحبال والنابل هو الصائد بالنبال فحين يختلط الحابل بالنابل أي لا يعرف هذا من ذاك ..
ونعود للسفسطة والسفسطائيين ..
تجد أغلبهم يرفع شعارات المساواة و العدالة .. وما إلي ذلك .. و أن مفهومة عن هذه المصطلحات مغاير تمام التغيير عن أصولها الواقعية الفكرية والعقائدية..
وقد أتت الأطروحة الأفلاطونية لتدحض الفكر السفسطائي، علما بأن أفلاطون لا يؤمن بالمفهوم الديموقراطي للعدالة. إلا أن أفلاطون أكد ، بصريح العبارة، أن العبيد واهمون حينما يعتقدون في المساواة، لأن العدالة لا يمكنها أن تكون كذلك أبدا لأن الناس خلقوا غير متساوين بطبعهم (أسطورة المعادن). ومن ثم، فإن العدالة تتجسد عمليا في المجتمع إذا انصرف كل واحد إلى ما هو مؤهل له بطبعه. فيجب أن يكون التقسيم الطبقي للمجتمع، متطابقا مع تقسيم قوى النفس (القوة الشهوانية، والقوة الغضبية، والقوة العاقلة). والحكمة تقتضي أن تخضع القوتان الشهوانية و الغضبية إلى القوة العاقلة، لتصل القوة الشهوانية إلى فضيلتها التي تتجلى في العفة والاعتدال ؛ وتسمو القوة الغضبية إلى فضيلتها التي تتمثل في الشجاعة.

ولكن السفسطائيون لا ينظرون لعلم المنطق ولكنهم يصنعون منطقاً خاصاً بهم يخدم أهدافهم .. ليتحقق لهم ما يسعون إليه .. وبلا أدنى شك أن من يعرف الحوار ولغته أي كان فهو صاحب توجه .. وعلينا أن نعرف إلى ماذا يريد بنا المتحاور أن يأخذنا نحوه ..
فهل يريد السفسطائيون الجدد .. الذهاب بالعقول إلى المتاهة التي كانت قبل إرساء قواعد للفكر ..
وهل يبحث السفسطائيون الجدد عن فوضى خلاقة كالتي تبحث عنها الإدارة الأمريكية الفاشلة .. وهل هناك علاقة بين هذا وذاك ؟
وإذا كنا نتحدث عن السفسطائيين فكان علينا أن نعرف آرائهم منذ نشأة هذه الحركة الذهنية .. و ما كان يرد عليهم من فلاسفة عصرهم ..
فكان أهم ما يتناولونه هي تقريباً نفس ما زج به على السطح الآن .. وهي مسائل العدالة والمساواة .. والعدل ..
كان السفسطائيون من أوائل من عالجوا إشكالية العدالة ؛ وقد كانت قناعاتهم الفلسفية تقوم على اعتبارات ترتبط بالشك المذهبي ، فكانوا يعتبرون الفرد مقياس كل شيء. وعلى هذا الأساس اعتقد السفسطائيون أن العدالة غير موجودة أو على الأرجح، إنها مفهوم غامض وقيمة لا يؤمن بها إلا الضعفاء. وكان جلوكون يعتمد ـ في شرحه للموقف السفسطائي ـ على أسطورة جيجيس Gygès ذلك الراعي البسيط الذي اكتشف أن تحريك خاتم في إصبعه يخفيه عن أنظار الناس، فجعله ذلك يتنكر لمبادئه الأولى حول العدالة.
أما ما اختلف مع أفلاطون وهو أرسطو حين قال أن العدالة تتمثل نظريا في الوسط الذهبي (لا إفراط ولا تفريط) الذي يستطيع وحده أن يضمن الفضيلة. وعلى هذا تتأسس العدالة العملية، التي تتجلى بالخصوص في توزيع الثروات بين الأفراد بطريقة رياضية تناسبية (بمعنى أن العدالة تقتضي أن يتقاسم الأفراد بينهم بطريقة عادلة الصالح والطالح)، كما تتجلى في سن قوانين قمينة بضمان الأمن والسكينة والإنصاف لسكان المدينة وتقوم العلاقات بين أفراد المجتمع على صداقة حقيقية ومثالية.

وبين هذا وذاك .. وإلى أن تقوم الساعة .. سنجد السفسطة والسفسطائيون ينتشرون حين وجد الفكر ..

وهذا من شأنه تشتيت العامة .. و ما بين ما هو مألوف وما هو مستحدث .. أو حديث .. فالمستحدث هو شيء قديم يتم تحديثه .. أما الحديث فهو مالا قديم له .. أو أساس ..
وأعتقد أن الفكر الإنساني وعالم الناسوت كله .. تقع خلفيات علمه وفكره إلى العلم الأكبر علم اللاهوت .. أو العلم الإلهي .. الذي ( علم الإنسان ما لم يعلم)
فإذا توافق الفكر الإنساني مع الثوابت الإيمانية .. فهذا العلم سيكون علم ناضج يصل ويترسخ ويتعمق في داخل الإنسان .. إما إذا كان .. نبت لا جذور له .. فهذا يعد من السفسطة .. في حالة إذا مس الحقائق وغالطها ..
وإذا كان لنا أن نقول أن أساس ما كان ينطق عن ( السفسطة) قديما كان يعني ( الحكمة) فلنا أن نسترشد بجزء من أجزاء حكمتهم حين كان سقراط يحاور أحد السفسطائيين:-
ومن المعروف أ السفسطائي قديماً كان يجيد فن الدعاية والخطابة .. ويمتلك اللسان الفصيح .. والأسلوب الذي يجذب له المعجبين .. وهذه الحادثة الحوارية بين سقراط و اثنان من السفسطائيين هما أوثيديموس وشقيقة اللذان يسألها سقراط في المحاورة المعروفة باسم الأول منهما عن مهنتهما الحالية الآن سقراط كان يعرف أنهما كانا يعلمان فن الحرب ) فيقولان له : ‘ هي تعليم الفضيلة’ .
وهنا نتوقف ونتأمل الفكر السفسطائي الحديث .
و سفسطة الإدارة الأمريكية .. وتوابعها .. في نشر الديمقراطية .. واستخدام آلة الحرب لنشر ( الفضيلة) فإذا سألت أي شخص الآن .. هل بوش سياسياً أم عسكرياً .. لا أعتقد أنك ستجد أجابه .. هل هو علماني أم ديني .. فلن تجد إجابة
لأن السفسطة وخلط الحابل بالنابل هما (حكمة هذا العصر)
فهل نتدارك الأمر ..
وهل لنا أن نوجد الحكماء في عصر أصبح الحكيم فيه ( سفسطائي)
ولنا في الحكمة والكلمة أحاديث إن شاء الله
حسين راشد