المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قانا غصن زيتون: لنبدأ من جديد (21)



الدكتور أسعد الدندشلي
17/01/2008, 05:06 AM
قانا غصن زيتون: لنبدأ من جديد (21)

نص مفتوح على خواطر وجدانية

.................................

21- "قانا" غصن زيتونْ...

وسعف نخيلْ!

ووجه طفولة تربّع على

سحابة لاتميلْ...

"قانا" محفل صبية وبنات

لعبوا وضحكوا، وربما

مسّهم بعض الخوف قبل

السفر الطويلْ!

على أرجوحة الورد الحمراء

بين عيون العصافيرْ

لا يكفون عن الغناء،

طالما نيسان عنّا لا يفِيلْ

وتراتيل فراشات تموز

تخفق قادمة تستعجل

الرحيلْ

تاركة قلوبا على الأرض

لذكراها خير كفيلْ

قانا...قانا!

أضيفي لمعجزة الماء

كيف صار خمرا بين

يدي "يسوع" يسيلْ!

واحدة أخرى:

كيف أضلع الأطفال

تصير واحة تين

وزيتون وسعف نخيل!

وكيف شقائق النعمان

لعصارة أجسادهم سريرًا

عرائسيًا تصيرْ!

ونشيدا سرمديًا في ثنايا

الريح ورئتي الأثيرْ

قانا...قانا كوني وعدًا

فوق كل الوعودْ!

امتشقي حيواتنا، فثراك

خلودْ

لسنا قبيلة بائدة،

لسنا "ثمودْ"!

"زينب" من وهن الجراح

ترفع عن وجهها الصغير

ضفيرتها،

تمسح بعض الدماء، عن

شفتيها وتبتسم،

تخبرنا على صغر عمرها

تخبرنا من علياء فضائها:

أن القبائل أحجمت عن

قدومها إلينا والعشائرْ

يقولون أننا مارقون

وأننا في "لبنان" رهطٌ يغامرْ!

وتمضي في ابتسامتها

تخبرنا:

"عزّة" في الواحات تائهةٌ

لاصحبةٌ من مروءة لديها،

ولم تجد فيها خليلْ!

و"أسماء" لا مضرب للشهامة

في تلك الديار تجدُ، ولا من

وتدٍ هادٍ ولا سبيلْ!

و"ابن كلثوم" أضناه البحث

في تلك الصحارى الواسعات

عن رضّعٍ فطامٍٍ كانت في

سالف الأزمان رقابُ الدهر

لها تنثني وتشيرْ!

يا أمّةٌ لم تمت بعد خيولهم

ولا الصهيلْ

لكن قادتهم أخصوا النساء

خشية من فرسان قد تلدُ،

وتخالف ما تعاهدوا عليه

سرًا في هذا المسيرْ!

فيا للهوان ويالتعاسة

المصيرْ!

أضمرت أرحامُ الإناث

في بلاط ساستهم،

فلم تعدْ على مدى الأجيال

سوى لأشباه الرجال

تتناسلْ

شحبت سحنةُ المواليد

واصفرّتْ ألوانُها

وصفارُ الوجوه ملعونةٌ،

إن خلت منها العللْ

يا أمّةٌ بات الخِزْيُ من قادتها

خَجِلْ

والعزُّ يصرخ

بوجهها يجاهرْ:

أنت غريبة عني، وعنك

و-الله- إلى حينٍ مرتحلْ

تغلي بعض البقايا من دماء

في جسومهم

تحت ثياب موشّاةٍ

مطرّزةٍ لا لأرضٍ تُستباحُ

أولأطفالٍ قد قُتِلُوْا

وإنما على من يخالفهم رأيًا

أومن خطابٍ في غير رَكْبِهم

يُرْتَجَلْ

أيقظي القِدْرَ ياأمُّ!

أشعلي النار في الشعابْ

أضيئي الهضابْ

أنت في حفل القرابين

لا تطبقي الجفن!

أعشابك تخصب، والصخور

حبلى هذا المساء!

لا تطبقي الجفن على سوادْ

وترانيم الصبية، من حولنا

كلما غفت من تعب اللعب

تُعادْ

لا تشقّي الثوب عن الصدر

لا تكشفي الرأس، لا تنثري

التراب في ذهول وانقيادْ

قاتل أطفالنا ياأمُّ! إلى حتفه

يُقادْ

تحت كلّ غصن شجيرةٍ،

في المنعطف، أينما كان!

في عقر داره، يُصادْ!

أبعدي الخوف عن عينيك

والسّهادْ!

لا تجزعي! قد دنا موعد

الحصادْ!

أشعلي النار، دعي الشموع

في رفيف أنوارها،

تحمل صغار القرابين

إلى الفؤادْ

تفرك عيوننا، تمسح الدمع

تُباكينا من غير حدادْ

آه يا جنوبيةَ الوجهِ،

يا عامليّةَ القلبِ،

يا حليّ الرَّبِ، يا روعة

من تعطي جسمًا وروحًا

من جسمها، دون أن تسألَ

كيف إليها هذا المأخوذُ

منها يُعادْ!
...............(يتبع)