المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حالة من الصمت



خيري حمدان
19/01/2008, 06:42 PM
أحياناً أعيش حالة من الصمت .. ليست بقاتلة، ولكنّه التأمل ومراقبة الأفق الرماديّ. أكره الألوان الرمادية لأنّها ألوان غير مبالية. تذكّرني بالعدم وسلخ الذات عند حدود الحيرة.
أحياناً أقصد مياه البحر خلال الشتاء، إنّها لوحة تختلف عن صورة البحر الذي نعرفه خلال ليالي الصيف القمرية. البحر خلال الصيف يتحدّى، يفرض هيبته ويطعن ببرودته هدير الدمّ في الأوردة، لكنّه يبقى مخلصاً لطبيعته المتمرّدة. وكأنّه ماردٌ يشهد على موت حضارة وصعود أخرى.

وكأنّ الوطن هو الآخر يعيش في حالة من الصمت. قصيدة هنا ومقالة هناك، والدماء ما زالت تنزف عَطِرَة في زمن العربدة. شاهَدْتُ في المنام سوراً يلتفّ حول معصمك ويقتل فيك أيّ رغبة بالعودة. القُرى تغطّ في نومٍ عميق، والأصدقاء نسوا وتناسوا واجب التحيّة. قالوا بأنّ الضباب كثيف والشمس اختفت في زقاق السماء المكفهرّة.

حالة من الصمت تطبق في غرف النوم .. لقد سأموا تعاطي العشق وراحوا في غفوة لا تنتهي. وعند الظهر دعاها الى المطعم، لأنّ الصمت أصبح لا يطاق في إطار المنزل، وفي اليوم التالي طار الى إحدى العواصم الصاخبة، وتركها تتقلّب على شيش الشبابيك وخلف الأبواب الموصدة. أدارت إبرة المذياع كما اتفقّ، واصطادت أغنية مليئة بالحياة، لكنّ النواح والبكاء سرعان ما طغى على الأثير، لا رسائل تأتي ولا مكالمات؟.

حالة لا تطاق من ثرثرة الصمت المزعج، وبدأت تسمع أصواتاً مدويّة - خرير الدم المتخثّر في خلايا الذاكرة. شلالٌ من طفق العبرات ينحدر على حائط الوجه المتحجّر من كثرة التحديق، والأفق لا ينتهي وبحر اللامنش ما يزال يرتحل ما بين الشواطئ اللا متناهية. حزمت أمتعتها وصرخت في وجه الموظّف "أعطني تذكرة تنقلني الى الجحيم، لن أصمت بعد اليوم إلا في حضرة طبيب الأسنان؟".

غفران طحّان
19/01/2008, 07:09 PM
أخي العزيز خيري
لغتك متميّزة
والفكرة تطرح هنا بلون آخر يميّزها عن غيرها
ولكنني أظنّ هذا النص أقرب إلى الخاطرة
أو إلى أدب البوح منه إلى القصّة
هو رأي لست ملزماً بأخذه على محمل الجد
دمت تألقاً أخي العزيز
وإلى المزيد

خيري حمدان
20/01/2008, 10:31 PM
أشكرك على التفاعل مع هذا النصّ، وأجد بأنّ ملاحظتك في محلّها. ربّما سقط النصّ سهواً في زاوية القصّة القصيرة. فالنصّ حقيقة هو خاطرة كما ذكرت. شكراً لمرورك العَطِر.