المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تحرير أم تدعير المراة العربية



مهند حبيب السماوي
22/01/2008, 02:03 PM
تحرير أم تدعير المراة العربية

مهند حبيب السماوي

من ينظر إلى الطريقة التي يتعامل بها دعاة تحرير المراة في الغرب عموماً و مقلديهم من العرب خصوصاً, ويتأمل أرائهم ويحاول قراءه مسكوتات خطابهم واليات تفكيرهم وما ورائيات نصوصهم , يتبين له بما لا يدع مجالاً للشك حجم التناقض الصارخ والتضاد الشاسع التي تزخر به هذي الدعاوى والخطابات التي تدعي الموضوعية وتزعم الحياد وتمارس التضليل بأسلوب مموه.
ففي الحقيقة هنالك فجوه كبيرة وهوة سحيقة بين أقوالهم المنمقة وممارساتهم السوقية, بين خطابهم الرسمي واجرائاتهم المبتذلة ,بين كتاباتهم الدبلوماسية وتطبيقاتهم الرعاعية, بين ما تقوله وما تعلنه وما تصرح به نصوصهم وبين ما يكبته وما لا يقوله ويخفيه روح النص الذي يمارسون به الحجب والتضليل المتقن إذا جاز لي هنا إن أستخدم مصطلحات المنهج التفكيكي المعاصر.
فما أصل شعار تحرير المراة وماهي جذوره؟
ما حقيقته وماهيته ؟
ما معناه ودلالته ؟
إنني اعتقد إن الاسئله التي تشتعل في هذه المقالة سوف لن تطفئها الاجوبة الاعتيادية مالم أمارس مسحاً اركيولوجياً للجانب الانتلجنسي( الفكري ) للموضوع من جهة أولى ,وللناحية الجسدية من جهة ثانية , وللبعد التاريخي للمسالة من الناحية الثالثة ,حيث إن إدراك ماهية المحاور الثلاثة المذكورة أنفاً يضعنا على عتبة فهم هذا المصطلح الذي أقاموا الدنيا وأقعدوها من كانوا _ولازالوا_ يتمشدقون به أناء أليل وإطراف النهار...
فمن الناحية الفكرية يرتبط خطاب تحرير المراة بالفضاء الفكري لمرحله مابعد الحداثة التي تمر بها المجتمعات الغربية.حيث تميزت الحداثة الغربية بخصوصيتها الزمانية والمكانية من ناحية أولى، وبطبيعة التيارات الفكرية والفنية التي تشتمل عليها، من ناحية ثانية، إذ تبدأ الحداثة_زمانياً_ في أواخر القرن التاسع عشر، وتبلغ ذروتها في الربع الأول من القرن العشرين، وتمتد مكانياً من روسيا إلى الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، ثم جاءت بعدها مرحله ما بعد الحداثة حيث ظهرت في هذه المرحلة في حضارة الغرب ستة تيارات مهمة في سياق تطور نظرياتهم الفلسفية والسوسيولوجيه والسايكولوجيه, وهي الماركسية الغربية الجديدة ومنهجيه العلوم ألاجتماعيه والبنيوية والتفكيكيه والتحليل السيكولوجي وأخيرا الخطاب النسائي أو حسب ما تسميه الكاتبة اليزابث غروس" النظريه نسائية ", حيث كان للميراث الغربي السابق لهذه المرحلة ضرباً من التعامل البربري مع النساء الذي لم يرى المرأة كإنسانة تشترك مع الرجل في صفات المنطق والعقل ويمكن أن تكتسب الفضائل التي يكتسبها الرجل بل رآها شيئا دون ذاك, ومن الطريف أن نقرأ في التاريخ انّه في عام 586م عقد في فرنسا مؤتمر للبحث في أنّ « المرأة إنسانة أم لا » ، وبعد مباحثات طويلة قرّر المؤتمرون أنّ المرأة إنسانة ولكنّها خُلقت لخدمة الرجال ... ونجد هناك عده أمثله لهذه الأمور , ففي القانون الإنجليزي القديم نجد أنّ « المرأة ملك للرجل » وهي « أحطّ طبيعياً من الرجل » كما ينسب هذا القول إلى أفلاطون، ولذلك كانت الأمثال في أوربا خير ما يعبر عن هذه النظرة الدونية للمراة فالمثال الفرنسي يقول:« المرأة الجيدة تعني الخادمة الجيدة » والأخر الروسي يوكد على إن: « الزوجة الجـيِّدة تكون سـيِّدة أكثر كلّما كانت أكثر عبودية للرجل » والثالث الألماني ينص على إن: « المرأة والمدفأة كلاهما يجب أن يتعبا في البيت » وإما الأسباني فانه يقول « المرأة بلا زوج مثل سفينة بلا سكّان » إلى غير هذه الأمثال المثيرة للجدل!!!
ولذلك نلاحظ أن الكاتبة جوديث ألين_ ونتيجة للمعطيات التي تراكمت لديها من ذلك التاريخ الغربي ألرعاعي في التعامل مع المراه_ تصف الخطاب الغربي بأنه خطاب مهيمن فيه يتسلط الرجل على المراة والغربي على اللاغربي ودعت إلى إظهار تهافت هذا الخطاب وألازمة التي يعيشها من اجل فتح المجال إمام خطاب جديد قادر على تجاوز الأخطاء التي وقع فيها سلفه. وقد تأثر كتّاب ودعاة تحرير المراة رجالاً ونساءاً بهذه الصرخات فظهرت لدينا نساء حاولن حمل نفس الهاجس والدعوة ,فهاهي نوال السعداوي ( مع ما نختلف فيه معها من امور جمة) توكد على إن المراة عقل وتفكير وليس موضع اشتهاء للرجال فقط والتحرير لديها لايقوم على الحرية الجنسية كما حدث في الغرب, وإنما يقوم على الانعتاق السياسي وهو جزء لايتجزأ من قضيه تحرير المجتمع ككل, كما تسعى كاتبه أخرى وهي فاطمة المرنيسي الى تخليص المراه_ كما تزعم_ من شتى أنواع الاستغلال الجنسي والجسدي الذي يمارس بصوره فاضحة في هذا العصر.
ومن الناحية الجسدية يسعى هذا الخطاب إذا ما فحصنا بنيته الحقيقية إلى تحرير جسد المراة واختزال الكينونة الانثوية إلى جسد فحسب طارحاً كل المعايير القيمية الأخرى جانباً وضارباً جميع المقاييس الاعتبارية الحقه عرض الحائط محاولين خلق ثقافة جسدية ورسم بناء اجتماعي موسس على صوره الجسد الأنثوي متجاهلاً حقيقة إن الجسد الأنثوي لا يجد أساسه في ذاته أبداً ,وإنما يجد تلك الذات في الروح التي يسعى الى البحث عنها في خارجه عبر امتدادها العمودي ولايتم ذلك مطلقاً عبر الجسد الذي يسيطر على الكيان الأنثوي الذي تحمله المراة كما نلاحظه مثلاً بصوره جلية في رواية سيمون دي بيفوار المراه المجربة(La femme rompue) حيث تقول الشخصية الرئيسية في الرواية بعد تردي حالها وبؤس أفعالها وابتذال تصرفاتها ونزولها إلى مستوى حيواني خالص تقول نادمة:(لقد أستسلمت لجسدي ).
وهذا يعني أنها قد أصبحت أسيرة شهواتها وسجينة أهوائها وحبيسة ماديتها ( بالمعنى الانطولوجي للكلمة ) خارقة حجب الثقافة والعقل والقيم فتكون آلة أو وسيلة بيد الرجل الباحث عن متعه الحسية فتفقد حينها وجه الهوية البشرية عموماً والصورة الانثوية خصوصاً, وترتهن المراة بالتالي إلى ذلك الجسد الخاضع لتقلبات الزمن مما ينتج عن ذلك إن تكون المراة وجود بلا معنى ... كيان بلا ماهية...فيتبين حينها المدى التي تبلغه المراة في عريها وصفاقتها و خوائها ... مما يعني ذلك سقوطها في هاوية الفوضى وبؤره اللاعقلانية وحضيض الانحطاط!!!
ومن الناحية التاريخية فان هذه المسالة يمكن إن نَرجع بها إلى الإغريق الذين كانوا يمارسون عباده ألهه عارية يقومون بتصويرها ونحتها على هذا الشكل المنافي للذوق, والموصوف في مسرحيه "عابدات باخوس" للكاتب اليوناني يوربيديوس, بل أننا عندما نستقرئ الواقع في الجاهلية قبل الإسلام نلاحظ إن النساء اللواتي ياتين الى الحج يخلعن ملابسهن بصورة مثيرة للاشمئزاز بحيث لا يمكن إن تقبله الحضارة المعاصرة التي تسامت على الموقف الإغريقي والجاهلي , حيث إن معيار التقدم إذا ما قيست به ظاهرة التحرير الجسدي فان الموقف المعاصر سوف يدينها على أعتبارها أقرب لعصور التخلف والتقهقر والارتكاس منها الى حضارتنا ألمعاصره الالكترونية التي لا يمكن ان يقبل ذوقها القيمي العري الجسدي.
ولذلك فاني أعتقد أن قضية تحرير المراة يجب أن لاتؤخذ من خطابات ونصوص وكتابات هولاء المتخرصين(وانأ اعي ما أقول)...وإنما توخذ من ممارساتهم على أرض الواقع وما تخفيه سطورهم من دلالات وما تستبعده تصريحاتهم من إشارات . فالحرية الكاملة التي يطالبون بها اشد فضاعة من العبودية كما يقول الفليسوف جورج لوكاش, وذلك لما تجره من عبودية وأبتذال وأتباع لنزوات لن تقود المراه إلا الى الهاوية.
واذا ما كانت منظمات ودعاة تحرير المراة صادقه في دعواها التي تنادي بها بشأن تحرير المرأه, فلماذا لايستنكروا ويدينوا ما تفعله بعض النساء في الفضائيات الخليجية الغنائية من أبتذال وصفاقة وتعري منافي لكل الأذواق الفنية والجمالية والدينية التي يمكن إن تحكم على العمل الفني ؟
ولماذا لا تنتقد منظمات حقوق المراة والمطبلون معها ما تقوم به المراة نفسها التي تتحول من كيان عقلاني الى جسد لاعقلاني ومن ذات محترمة الى شي تافه ومن أنثى نفيسة إلى عهر رخيص ؟
وكيف تَسكت منظمات حقوق المرأه على هذا العري العلني في الفضائيات التي تزداد على نحو سرطاني في الجسد الأعلامي العربي ؟
فإذا كانت دعوتهم صادقة في دعواها التي تطال بها والتي تتعلق بتحرير المرأه وفك أسرها من قيود واغلال المجتمع, فليحاربوا المرأه التي تَسجن المرأة في صورة جسدية تُحركها الغرائز الجنسية.....وبالتالي تُقهقر مسيره المراة وترتد بصورتها الراقية الى عصور التخلف ألسابقة , وترتكس بالبنية الانثوية التي تخترق صميم وجوهر الوجود الإنساني الى حالة عرضية هامشية في حياة المجتمع المعاصر, وتمارس التشييئ الجسدي على كيان يُعد الجسد جزءاً منه يتعشق مع الروح والعقل والقيّم في سبيل تشكيل البنية والكيان والوجود الأنثوي الذي عليه أن لاينسى أبداً تشخيص "هانس كاستروف" لحبيبته "كلوديا شوسا" في رواية "الحبل السري" لتوماس مور, حينما قال لها:( أنا رأيت صورتك الشخصية الخارجية لكني كثيراً أفضل صورتك الداخلية).

مهند حبيب السماوي
22/01/2008, 02:03 PM
تحرير أم تدعير المراة العربية

مهند حبيب السماوي

من ينظر إلى الطريقة التي يتعامل بها دعاة تحرير المراة في الغرب عموماً و مقلديهم من العرب خصوصاً, ويتأمل أرائهم ويحاول قراءه مسكوتات خطابهم واليات تفكيرهم وما ورائيات نصوصهم , يتبين له بما لا يدع مجالاً للشك حجم التناقض الصارخ والتضاد الشاسع التي تزخر به هذي الدعاوى والخطابات التي تدعي الموضوعية وتزعم الحياد وتمارس التضليل بأسلوب مموه.
ففي الحقيقة هنالك فجوه كبيرة وهوة سحيقة بين أقوالهم المنمقة وممارساتهم السوقية, بين خطابهم الرسمي واجرائاتهم المبتذلة ,بين كتاباتهم الدبلوماسية وتطبيقاتهم الرعاعية, بين ما تقوله وما تعلنه وما تصرح به نصوصهم وبين ما يكبته وما لا يقوله ويخفيه روح النص الذي يمارسون به الحجب والتضليل المتقن إذا جاز لي هنا إن أستخدم مصطلحات المنهج التفكيكي المعاصر.
فما أصل شعار تحرير المراة وماهي جذوره؟
ما حقيقته وماهيته ؟
ما معناه ودلالته ؟
إنني اعتقد إن الاسئله التي تشتعل في هذه المقالة سوف لن تطفئها الاجوبة الاعتيادية مالم أمارس مسحاً اركيولوجياً للجانب الانتلجنسي( الفكري ) للموضوع من جهة أولى ,وللناحية الجسدية من جهة ثانية , وللبعد التاريخي للمسالة من الناحية الثالثة ,حيث إن إدراك ماهية المحاور الثلاثة المذكورة أنفاً يضعنا على عتبة فهم هذا المصطلح الذي أقاموا الدنيا وأقعدوها من كانوا _ولازالوا_ يتمشدقون به أناء أليل وإطراف النهار...
فمن الناحية الفكرية يرتبط خطاب تحرير المراة بالفضاء الفكري لمرحله مابعد الحداثة التي تمر بها المجتمعات الغربية.حيث تميزت الحداثة الغربية بخصوصيتها الزمانية والمكانية من ناحية أولى، وبطبيعة التيارات الفكرية والفنية التي تشتمل عليها، من ناحية ثانية، إذ تبدأ الحداثة_زمانياً_ في أواخر القرن التاسع عشر، وتبلغ ذروتها في الربع الأول من القرن العشرين، وتمتد مكانياً من روسيا إلى الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية، ثم جاءت بعدها مرحله ما بعد الحداثة حيث ظهرت في هذه المرحلة في حضارة الغرب ستة تيارات مهمة في سياق تطور نظرياتهم الفلسفية والسوسيولوجيه والسايكولوجيه, وهي الماركسية الغربية الجديدة ومنهجيه العلوم ألاجتماعيه والبنيوية والتفكيكيه والتحليل السيكولوجي وأخيرا الخطاب النسائي أو حسب ما تسميه الكاتبة اليزابث غروس" النظريه نسائية ", حيث كان للميراث الغربي السابق لهذه المرحلة ضرباً من التعامل البربري مع النساء الذي لم يرى المرأة كإنسانة تشترك مع الرجل في صفات المنطق والعقل ويمكن أن تكتسب الفضائل التي يكتسبها الرجل بل رآها شيئا دون ذاك, ومن الطريف أن نقرأ في التاريخ انّه في عام 586م عقد في فرنسا مؤتمر للبحث في أنّ « المرأة إنسانة أم لا » ، وبعد مباحثات طويلة قرّر المؤتمرون أنّ المرأة إنسانة ولكنّها خُلقت لخدمة الرجال ... ونجد هناك عده أمثله لهذه الأمور , ففي القانون الإنجليزي القديم نجد أنّ « المرأة ملك للرجل » وهي « أحطّ طبيعياً من الرجل » كما ينسب هذا القول إلى أفلاطون، ولذلك كانت الأمثال في أوربا خير ما يعبر عن هذه النظرة الدونية للمراة فالمثال الفرنسي يقول:« المرأة الجيدة تعني الخادمة الجيدة » والأخر الروسي يوكد على إن: « الزوجة الجـيِّدة تكون سـيِّدة أكثر كلّما كانت أكثر عبودية للرجل » والثالث الألماني ينص على إن: « المرأة والمدفأة كلاهما يجب أن يتعبا في البيت » وإما الأسباني فانه يقول « المرأة بلا زوج مثل سفينة بلا سكّان » إلى غير هذه الأمثال المثيرة للجدل!!!
ولذلك نلاحظ أن الكاتبة جوديث ألين_ ونتيجة للمعطيات التي تراكمت لديها من ذلك التاريخ الغربي ألرعاعي في التعامل مع المراه_ تصف الخطاب الغربي بأنه خطاب مهيمن فيه يتسلط الرجل على المراة والغربي على اللاغربي ودعت إلى إظهار تهافت هذا الخطاب وألازمة التي يعيشها من اجل فتح المجال إمام خطاب جديد قادر على تجاوز الأخطاء التي وقع فيها سلفه. وقد تأثر كتّاب ودعاة تحرير المراة رجالاً ونساءاً بهذه الصرخات فظهرت لدينا نساء حاولن حمل نفس الهاجس والدعوة ,فهاهي نوال السعداوي ( مع ما نختلف فيه معها من امور جمة) توكد على إن المراة عقل وتفكير وليس موضع اشتهاء للرجال فقط والتحرير لديها لايقوم على الحرية الجنسية كما حدث في الغرب, وإنما يقوم على الانعتاق السياسي وهو جزء لايتجزأ من قضيه تحرير المجتمع ككل, كما تسعى كاتبه أخرى وهي فاطمة المرنيسي الى تخليص المراه_ كما تزعم_ من شتى أنواع الاستغلال الجنسي والجسدي الذي يمارس بصوره فاضحة في هذا العصر.
ومن الناحية الجسدية يسعى هذا الخطاب إذا ما فحصنا بنيته الحقيقية إلى تحرير جسد المراة واختزال الكينونة الانثوية إلى جسد فحسب طارحاً كل المعايير القيمية الأخرى جانباً وضارباً جميع المقاييس الاعتبارية الحقه عرض الحائط محاولين خلق ثقافة جسدية ورسم بناء اجتماعي موسس على صوره الجسد الأنثوي متجاهلاً حقيقة إن الجسد الأنثوي لا يجد أساسه في ذاته أبداً ,وإنما يجد تلك الذات في الروح التي يسعى الى البحث عنها في خارجه عبر امتدادها العمودي ولايتم ذلك مطلقاً عبر الجسد الذي يسيطر على الكيان الأنثوي الذي تحمله المراة كما نلاحظه مثلاً بصوره جلية في رواية سيمون دي بيفوار المراه المجربة(La femme rompue) حيث تقول الشخصية الرئيسية في الرواية بعد تردي حالها وبؤس أفعالها وابتذال تصرفاتها ونزولها إلى مستوى حيواني خالص تقول نادمة:(لقد أستسلمت لجسدي ).
وهذا يعني أنها قد أصبحت أسيرة شهواتها وسجينة أهوائها وحبيسة ماديتها ( بالمعنى الانطولوجي للكلمة ) خارقة حجب الثقافة والعقل والقيم فتكون آلة أو وسيلة بيد الرجل الباحث عن متعه الحسية فتفقد حينها وجه الهوية البشرية عموماً والصورة الانثوية خصوصاً, وترتهن المراة بالتالي إلى ذلك الجسد الخاضع لتقلبات الزمن مما ينتج عن ذلك إن تكون المراة وجود بلا معنى ... كيان بلا ماهية...فيتبين حينها المدى التي تبلغه المراة في عريها وصفاقتها و خوائها ... مما يعني ذلك سقوطها في هاوية الفوضى وبؤره اللاعقلانية وحضيض الانحطاط!!!
ومن الناحية التاريخية فان هذه المسالة يمكن إن نَرجع بها إلى الإغريق الذين كانوا يمارسون عباده ألهه عارية يقومون بتصويرها ونحتها على هذا الشكل المنافي للذوق, والموصوف في مسرحيه "عابدات باخوس" للكاتب اليوناني يوربيديوس, بل أننا عندما نستقرئ الواقع في الجاهلية قبل الإسلام نلاحظ إن النساء اللواتي ياتين الى الحج يخلعن ملابسهن بصورة مثيرة للاشمئزاز بحيث لا يمكن إن تقبله الحضارة المعاصرة التي تسامت على الموقف الإغريقي والجاهلي , حيث إن معيار التقدم إذا ما قيست به ظاهرة التحرير الجسدي فان الموقف المعاصر سوف يدينها على أعتبارها أقرب لعصور التخلف والتقهقر والارتكاس منها الى حضارتنا ألمعاصره الالكترونية التي لا يمكن ان يقبل ذوقها القيمي العري الجسدي.
ولذلك فاني أعتقد أن قضية تحرير المراة يجب أن لاتؤخذ من خطابات ونصوص وكتابات هولاء المتخرصين(وانأ اعي ما أقول)...وإنما توخذ من ممارساتهم على أرض الواقع وما تخفيه سطورهم من دلالات وما تستبعده تصريحاتهم من إشارات . فالحرية الكاملة التي يطالبون بها اشد فضاعة من العبودية كما يقول الفليسوف جورج لوكاش, وذلك لما تجره من عبودية وأبتذال وأتباع لنزوات لن تقود المراه إلا الى الهاوية.
واذا ما كانت منظمات ودعاة تحرير المراة صادقه في دعواها التي تنادي بها بشأن تحرير المرأه, فلماذا لايستنكروا ويدينوا ما تفعله بعض النساء في الفضائيات الخليجية الغنائية من أبتذال وصفاقة وتعري منافي لكل الأذواق الفنية والجمالية والدينية التي يمكن إن تحكم على العمل الفني ؟
ولماذا لا تنتقد منظمات حقوق المراة والمطبلون معها ما تقوم به المراة نفسها التي تتحول من كيان عقلاني الى جسد لاعقلاني ومن ذات محترمة الى شي تافه ومن أنثى نفيسة إلى عهر رخيص ؟
وكيف تَسكت منظمات حقوق المرأه على هذا العري العلني في الفضائيات التي تزداد على نحو سرطاني في الجسد الأعلامي العربي ؟
فإذا كانت دعوتهم صادقة في دعواها التي تطال بها والتي تتعلق بتحرير المرأه وفك أسرها من قيود واغلال المجتمع, فليحاربوا المرأه التي تَسجن المرأة في صورة جسدية تُحركها الغرائز الجنسية.....وبالتالي تُقهقر مسيره المراة وترتد بصورتها الراقية الى عصور التخلف ألسابقة , وترتكس بالبنية الانثوية التي تخترق صميم وجوهر الوجود الإنساني الى حالة عرضية هامشية في حياة المجتمع المعاصر, وتمارس التشييئ الجسدي على كيان يُعد الجسد جزءاً منه يتعشق مع الروح والعقل والقيّم في سبيل تشكيل البنية والكيان والوجود الأنثوي الذي عليه أن لاينسى أبداً تشخيص "هانس كاستروف" لحبيبته "كلوديا شوسا" في رواية "الحبل السري" لتوماس مور, حينما قال لها:( أنا رأيت صورتك الشخصية الخارجية لكني كثيراً أفضل صورتك الداخلية).

إيمان عبد العظيم
22/01/2008, 05:20 PM
الأستاذ \مهند حبيب السماوي

تحية إحترام و تقدير على هذه المقالة

جزاك الله عنها كل خير

دعاة حقوق المرأة من الشرق أو الغرب ، في حقيقة الأمر ،

دعوة ليس لها أساس من النيّة الخالصة في نظري ، لأسباب كثيرة

أولها : من يتحدث عن الحرية للمرأة ، يبدأ أولا و أخيرا بالمظهر ،

ملابس المرأة ما تعرضه و ما تكشفه ، ما تستره و ما تغطيه !

كأن كل الحقوق و الواجبات ، الظروف و الملابسات تدور في هذا الإطار

فقط جسد المرأة ، لا أعرف لماذا لا يدعون بجدية عن

هذا التحرير عندما تبدأ المرأة في محاولة التفكير و الوعي

الإدراك و الفهم لكل ما يدور حولها ، تفتح عقلها لإبداء الأراء

المختلفة حول مجريات القضايا التي تشغل الرأي العام أو الخاص!

عندها ينسحب البساط من تحت أقدام المرأة ليحصرها في

دورها الطبيعي الفسيولوجي ( الحبيبة ،الزوجة ، الأم)

فيفندوا كل الأحاجي و المعطيات لهذه الطبيعة التي شرفها بها المولى

لكنه لم يضعها في هذا الإطار دون أيّ فرصة لنموها روحيا و ذهنيا !

أعتقد أن أكثر الأديان إحتراما للمرأة هو الإسلام ، فقد أعطاها حق التفاعل

مع المجتمع منذ بداياته الأولى ، حق إبداء الرأي و الأخذ بهذا الرأي في

مناسبات كثيرة ، حق خدمة المجتمع و الدفاع عن الإسلام ،

بل و الدفاع عن الرسول الكريم كما حدث في غزوة أحد
( لا أذكر اسم الصحابية الجليلة التي قـُطعت ذراعاها

فداءا لرسولنا الكريم ، دفاعا عنه عندما وجده الكفار وحيدا

و ظن المسلمون أنه قتل كما
أشيع ذلك في صفوف الجيش الإسلامي)

يكفينا فخرا أن نصف الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن السلوك الإجتماعي

مأخوذة عن السيدة عائشة رضي الله عنها و أرضاها ، أول من وقفت بجانب

سيد الأنام كانت زوجته السيدة خديجة المرأة الرصينة التي ساندت الإسلام

عندما كان في بداياته الأولى بكل ما تملك من مال ، جهد، تضحية !

الأن عندما تريد المرأة خلع الحجاب ، تعتبر رائدة فهي

تريد التحرر من قيود التخلّف، عندما تعريّ جسدها

و تترك نفسها فريسة لنظرات و غواية الآثمين و القوادين،

تصبح قائدة لمسيرة تقدم المرأة و إعطاءها حق الإبداع و حرية الفكر!

عندما تلتزم و تحاول أن تنأى بنفسها عن السقوط المـُبتذل في براثن عبودية

الجسد و ما يترتب عليه من إذلال لعقلها و كيانها الروحي و شخصيتها المستقلة،

تصبح خاضعة لقوانين التسلّط العقائدي و الإرهاب الديني و التطرّف الفكري!

سبحان الله