المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجزء الأول من الباب الثاني عشر من كتاب تلاش للأديب الباكستاني ممتاز مفتي



إبراهيم محمد إبراهيم
23/01/2008, 11:32 AM
الباب الثاني عشر
العداوة أم الخوف
الأمر المدهش أن التعصب المليء بالاحتقار ، والذي يكنه عامة الناس في الدول الغربية للإسلام لا يكنونه لأي دين آخر ، فالمسلمون في نظر الدول الغربية أمة همجية ، والإسلام دين انتشر بالسيف ، والمسلمون أصحاب سمعة سيئة بسبب تعدد الزوجات لديهم ، إذ أن المسلم – كما يعتقدون – يعتبر المرأة وسيلة للإشباع الجنسي فقط .
تعصب مليء بالاحتقار :
ألف الدكتور " عبد الغني فاروق " كتاباً بعنوان " لماذا أسلمنا " ، وأدرج فيه أقوال خمس وثمانين ممن أسلموا حديثاً ، وقد أجمعوا كلهم على أن هناك تعصباً مليئاً بالاحتقار ضد الإسلام في الدول الغربية ، لدرجة أن المثقفين من أهل تلك البلاد لا يقبلون مجرد الحصول على معلومات عن الإسلام ، وفيما يلي آراء بعض الغربيين الذين أسلموا حديثاً .
السيدة " فردي " من إنجلترا :
كانت السيدة " فردي " من بين العاملين في " كنيسة إنجلترا : CHURCH OF ENGLAND " . تقول :
" لم أكن أعرف شيئاً عن الإسلام حتى ذلك الوقت ، إلاّ أنني كنت أعرف من خلال قراءاتي في الصحف أن الإسلام يقول بالعبودية ، وأن تجارة الرقيق الكريهة لا تزال رائجة في الدول العربية ، وأن ظلماً سافراً يقع على المرأة هناك بسبب تعدد الزوجات ... وقد قرأت أيام كنت طالبة في المدرسة عن الحروب الصليبية ، وقيل لنا إن المسلمين من أسوأ سفاكي الدماء السفاحين " .
الدكتور " شيلدرك " :
وهو صحفي إنجليزي . كتب يقول :
" لقد قرأت كل ما تضمه المكتبات الإنجليزية عن أديان العالم ، وكانت تضم مجرد معلومات عن اليهودية والهندوسية والبوذية وغيرها من الديانات ، ولكنها كانت كلما ذكرت الإسلام صبّت عليه لعناتها ، و كالت له التهم . وخلاصة ما جاء في هذه الكتب أن الإسلام في ذاته ليس ديناً مستقلاً قائماً بذاته ، وإنما هو مجموعة من الأقوال مأخوذة عن الدين المسيحي ليس إلاّ ، ولو لم يكن الكتاب الغربيون خائفين من الإسلام ، ويتحينون الفرص لإهانته وإذلاله وسبّه لما قرأت عنه شيئاً " .
الأخت " أمينة " من أمريكا :
وكانت تقوم بتدريس الدين المسيحي في " مدارس الأحد " بأمريكا . كتبت تقول :
" كنت أكره المسلم بشدة ، وكنت أعتقد كما يعتقد عامة الأوروبيين أن الإسلام دين الجهل والبربرية ، وأن المسلمين أمة غير متحضرة ومشهورة بالعربدة وظلم المرأة ، أمة تحرق مخالفيها أحياءً ، هكذا يعتقد عامة الكتاب في أمريكا وأوروبا عن الإسلام " .
والحقيقة أن هذا الكلام كله ليس جديداً ، وقد طبع في شكل كتب ، لكن لاحظ ما يقال اليوم ، وهو ما نقله " جاويد جودهري " في مقاله في المجلة الأسبوعية " تصوير باكستان : صورة باكستان " الصادرة بتاريخ 13 سبتمبر نقـلاً عن جريدة " سنداي تايمز " اللندنية . قال :
" كنت أعتقد أن الإسلام بمثابة المصيدة التي توقع الشخص في فخّها ، وأنه يحرم كل رفاهيات الحياة ومباهجها ، كما يحرم الراحة والحرية ، أما المسلمون فهم أمة همجية جاهلة بربرية غير متحضرة ، فالمسلمون يشهرون سيوفهم لأتفه الأسباب ، ويقطعون رقاب الناس ، ويرجمون المحبين والعشاق ، ويجلدون من يشرب الخمر ، والرجل منهم يتزوج بأربع نساء يعيشون عنده كالجواري والإماء ، وغير ذلك ، ولهذا السبب كنت أتجنب الاختلاط بالمسلمين الذين يعيشون في لندن وضواحيها ، وذات يوم قدّر لي أن أقرأ كتاباً عن أديان العالم ، فشعرت أن المؤلف يتخلى تماماً عن حيدته كلما ذكر الإسلام ، ويلقي عليه بالتهم جزافاً ، في حين أنه ليس لديه دليل على ما يقول ، وقد دفعني هذا إلى دراسة الإسلام كنوع من الفضول وحب المعرفة ، واستمرت دراستي شهرين ، وفي الشهر الثالث أسلمت " .
وهذه " ماريا " واحدة من بين مائة وخمسين ألفاً من أوروبا وأمريكا وأستراليا والشرق الأقصى أسلموا خلال السنوات القلائل الماضية ، وقد كشفت " سنداي تايمز " اللندنية في عددها الحالي عن هذا الموضوع . تقول الصحيفة إن عشرين ألف بريطانياً أسلموا في السنوات القليلة الماضية .
في غفلة من الزمن :
ولا ذنب لعامة الأمريكيين والأوروبيين في ما لديهم من معلومات وأفكار تحتقر الإسلام ، فقد تم توجيههم على مدى سنوات عديدة من خلال خطة منظمة متواصلة من الإشاعات والادعاءات الكاذبة ، والحقيقة أن عامة الأوروبيين والأمريكان مخلصون ، وليسوا متعصبين ، ولا يتسمون بضيق الأفق . الحقيقة أن كل هذا عبارة عن مؤامرة منظمة مدبرة ضد الإسلام ، فهناك عشرات الجمعيات السرية في أوروبا تعمل بجدية على تشويه الإسلام بنشر ادعاءات كاذبة عنه ، وهذه الادعاءات الكاذبة تجدها بين السطور أحياناً ، وأحياناً أخرى تجدها واضحة صريحة سافرة ، والمحرك وراء هذه الجمعيات هم أحبار اليهود وحاخاماتهم .
والسبب في نجـاح هذه الادعاءات الكاذبة هو أن أهل الغرب لا يعرفون شيئاً عن الإسلام ، وسلوكيات المسلمين السـود هنـاك أسـاسها احتقار البيض لهم . ألّف العلامة العربي " جلال العالم " كتاباً بعنوان " الإسلام ومؤامرات الأوروبيين ضد الإسلام " .
المؤامرات الأوروبية :
وقد قـام القاضي " أبو سلمـان محمـد كفـايت الله " مدير إدارة " نداء الفرقان " بترجمة هذا الكتاب (1) ونشره ، وأنا هنا أقدم إليكم بعض الاقتباسات من هذا الكتاب يتضح منها ما تكنه شعوب أوروبا للإسلام .
السيد آئي يوجين روستو :
وكان نائباً لوزير الخارجية الأمريكي ، وفي نفس الوقت رئيساً لقسم التخطيط ، وظل حتى عام 1967م مستشاراً خاصاً للرئيس الأمريكي " جونسون " . يقول في أحد تصريحاته :
" الحقيقة أن أمريكا لا تستطيع أن تتخذ موقفاً غير معاد للإسلام ، ولا تستطيع أمريكا أن تتبنى اتجاهاً لا يتسم بالحميمية فيما يتعلق بالغرب والدولة الصهيونية " إسرائيل " ، إذ أن كل خططنا تعتمد على الإبقاء على حالة الحرب الصليبية بين المسلمين والأوروبيين بأية صورة من الصور " .
لقد هاجم الجنرال " اللنبي " بيت المقدس في الحرب العالمية الأولى واستولى عليه ، واحتفلت أمريكا وأوروبا كلها بهذا النصر ، وأكد وزير الخارجية البريطاني وقتها السيد " لويس جورج " أن هذه هي الحملة الثامنة للحروب الصليبية،وأثنى ثناءاً كبيراً على الجنرال " اللنبي " ورفاقه .
الجنرال الفرنسي " غورو " :
وعندما وصل هذا الجنرال إلى " الشام " وفتـح " دمشق " ، ركل قبر المجاهد المسلم " صلاح الدين الأيوبي " قائلاً : يا صلاح الدين ، انهض وانظر ، لقد انتقمنا لهزائمنا ، وعدنا إلى بلادك فاتحين .
ذات مرة صرح وفد برلماني فرنسي أن علينا أن ننهي معركتنا في " المغرب " ، فقال وزير الخارجية الفرنسي وقتئذ : إن هذه المعركة لا تدور رحاها بين المغرب وفرنسا ، وإنما بين الهلال والصليب .
السيد تشرشل ثانية :
يقول : لقد كان تحرير بيت المقدس من قبضة المسلمين بمثابة الحلم المشترك بيننا نحن المسيحيين واليهود ، كان هدفاً عظيماً لنا ... واليوم لا يمكن بأي حال من الأحوال إعادة بيت المقدس إلى المسلمين ثانية مهما كان الثمن . وهتف الصهاينة يومئذ : " اليوم انتقمنا ليوم خيبر ، وهرب دين محمد مذعوراً " .
سادتي ، إن الحروب لا تتوقف بين الشعوب والدول ، ومع ذلك يكون هناك الصلح ، وتعود العلاقات بين الدول المتحاربة إلى طبيعتها ثانية ، لكن سلوك اليهود والمسيحيين تجاه المسلمين ظل دائماً انتقامياً ، إذ أن جروح الهزائم التي منوا بها من المسلمين في الحروب الصليبية لا تزال تنزف حتى اليوم .
واليـوم هناك عشرات الجمعيات والمنظمات التي تعمل جاهدة على تشويه صورة المسلمين ، وقد تحدث عنها العلامة " جلال العالم " في كتابه سابق الذكر ، وحاول من خلال ما كتب أن يثبت أن الشعوب الأوروبية تمتلئ كراهية وعداوة للإسلام .
عداوة أم خوف :
ولست أتفق مع المؤلف المحترم في هذا الموضوع ، فأنا أرى أنهم لا يكنون عداوة للمسلمين ، وإنما تخشى عقولهم الإسلام وتخافه . إنهم يعتقدون أن الإسلام بمثابة السيف المسلط على رؤوسهم ، يشعرون أنه لو تعرف عامة الأوروبيين على المبادئ الإسلامية فإنهم سيتخلّون عن المسيحية والصهيونية (2) ، ولهذا فإنهم ينشرون معلومات خاطئة عن الإسلام .
على أية حال يبدو بوضوح من أقوال هؤلاء أنهم يعترفون بعظمة الإسلام ، وفي نفس الوقت يخافونه ، على سبيل المثال يقول " لورانس براون " :
" إن الشيء الذي يمثل خطراً حقيقياً علينا ، خطراً على وجودنا ، خطراً على حضارتنا وثقافتنا هو الإسلام فقط ، لأن الإسلام يمتلك القدرة على التقدم والانتشار وتسخير قلوب العامة وعقولهم ، وجذب الآخرين إليه " .
وقد حـذّر السيد " هانوتو " وزير خارجية فرنسا الأسبق الناس في أحد تصريحاته فقال :
" لا يوجد مكان على ظهر الأرض وصل إليه الإسلام ولم يؤثر في قلوب أهله ، إذ أن للإسلام جاذبية كبرى " .
الجن المغرم بالجهاد :
وقال مفكر غربي آخر هو السيد " ألبير شادور " :
" يا أبناء وطني ، اسمعوا لما أقوله لكم جيداً ، لقد استيقظ المسلم ونهض ، والآن يصيح قائلاً : أنا موجود . وهو فعلاً لم يمت أبداً " .
وقال " أشيا بومان " :
" لقد حافظ المسلم على وجوده ، وهو يتقدم إلى الأمام وينتشر ، وعليكم أن تحذروه ، فبداخله قوة الجهاد " .
وصرح مسئول بوزارة خارجية فرنسا عام 1952م قائلاً :
" احذروا المسـلم ، إنه يستطيع أن يؤسس عالماً جديداً ، يستطيع أن يصنع مستقبلاً باهراً ، لقد حاولنا نحن الفرنسيين أثناء احتلالنا للجزائر قدر جهدنا ، لكننا لم نستطع أن نسلب المسلم شخصيته ، فالمسلم " جنّ " أحكمنا نحن الأوروبيين وثاقه في الوقت الراهن ، وإن لم ننجح تماماً فيما نهدف إليه ، ولم نتمكن من التحكم فيه ، فإنه سوف يستولي على أوروبا كلها " .
وقد صرح بعض مشاهير أوروبا وأمريكا بهذا الأمر بصورة واضحة ، على سبيل المثال قال السيد " جلدستون " رئيس وزراء بريطانيا المعروف في تصريح له :
" طالما ظل القرآن يحكم عقول وقلوب المسلمين فإننا لن نستطيع التحكم في المشرق الإسلامي ، وعلى فرض المستحيل أننا استطعنا ذلك فلن نتمكن من الإبقاء عليه لفترة طويلة " .
وفي احتفال بمرور مائة عام على الاحتلال الفرنسي للجزائر صرح حاكم فرنسا في خطبته وبكل وضوح قائلاً :
" إننا لا نستطيع أن نبقي سيطرتنا على الجزائر طالما ظل الجزائريون يقرأون القرآن ويتكلمون العربية ، ولهذا يجب علينا أن نمحو القرآن من عقولهم وقلوبهم " .
ولا يقتصر الخوف من الإسلام على المسيحية والصهيونية فقط ، فالشيوعية هي الأخرى شعرت تماماً أن الإسلام هو أكبر عقبة في طريقها . كان الحزب الاشتراكي في " أوزبكستان " يصدر صحيفة " كينريل " ، وفي إفتتاحية عددها الصادر بتاريخ 22 مايو 1952م كتب رئيس التحرير يقول دون مواربة : " لا يمكن للشيوعية أن تثبت أقدامها ، ليس في أوزبكستان فقط ، وإنما في العالم كله ، دون القضاء على الإسلام " .
دين ثوري :
وذات مرة صرح " خروشوف " رئيس وزراء " الاتحاد السوفييتي " السابق في أحد لقاءاته بوفد من الثوريين الجزائريين قائلاً : " سيظل الإسلام يحافظ على ثوريته ، لأن الإسلام دين الشعوب والأمم الثائرة ، وهو الآن يواجه المشاكل التي يلقاها على أيدي العقلية الأوروبية الصليبية الغازية " .
وصرح " بن جوريون " رئيس وزراء إسرائيل الأسبق قائلاً : " إنني أستشعر وبشدة هذا الخطر ، ومن منا لا يستشعر الخطر من أن يظهر بين عشية وضحاها " محمد " جديد في العالم العربي أو الإسلامي " .
ولا يزال الخوف من الإسلام والقرآن و " محمد " صلى الله عليه وسلم يسيطر على قلوب أهل الغرب ، وهذا ليس بالأمر الجديد ، فالباطل دائماً يخاف من الحق .
ماو تسي تونج (3) :
ذات يوم كان " قدرت الله شهاب " في حـالة معنويـة مرتفعـة ، قال : لقد كان " ماو تسي تونج " رجلاً عظيماً بالفعل . سألته : كيف عرفت هذا ؟!. قال : لقد التقيته ذات مرة ، فقد قمت بزيـارة رسميـة للصين ، وهناك طلبت من المسئولين أن يدبروا لي لقاءً مع السيد " ماو تسي تونج " إن أمكن ، فسألوني عن الهدف من وراء هذا اللقـاء ، قلت : أبداً ، لا شيء ، ليس لي غرض بعينه من وراء هذا اللقاء ، إنني أعتبره رجلاً عظيماً وأحترمه ، وأريد أن أقابله كرجل عادي محب له .
يقول " قدرت الله شهاب " : كنت أعتقد أن " ماو " يقيم في قصر ملكي ، لكنهم اصطحبوني إلى منطقة سكنية عادية ، حيث كان يقيم بمنزل متواضع في حارة متواضعة ، وسعد كثيراً بلقائي ، وكان أول سؤال وجهه لي هو : هل لك هدف معين من وراء لقائي . قلت : كلا يا سيدي ، ليس لي هدف معين من وراء ذلك ، إنني من المحبين لك ، وحضرت لأعبر لكم عن هذا الحب . وزادت سعادته بكلامي هذا ، ثم تحدث معي في صراحة ، وكانت في حديثه براءة كبراءة الأطفال .
هوامش
1 - إلى اللغة الأردية .
2 - هكذا في الأصل ، وربما قصد اليهودية .
3 - الزعيم الصيني المعروف ومؤسس الصين الحديثة .