المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " آبه " /قصة قصيرة



نهاد عبد الستار رشيد
25/11/2006, 05:39 AM
قصة قصيرة

" آبه "

بقلم : نهاد عبد الستار رشيد

كانت الشمس قد تكبدت السماء حين خرجت من محطة قطار روما الطرفية ، منهك القوى . نزلت في بنسيون روزيتا القريب من المحطة ، وسرعان ما استسلمت لأغفاءة خفيفة ، ثم افقت على ضجيج صوت التلفاز .
نهضت وقررت الخروج .
لاحظت في المدخل فتاة جالسة على اريكة وتراقب فلما على الشاشة الصغيرة . حييتها ، وجلست على مقربة منها ,
ران الصمت لحظات ، ثم سألتني من دون ان ترفع نظرها عن الشاشة :
__ نزيل جديد ؟
 نعم .
 صيني ؟
 كلا ، ياباني . ادرس في جامعة ميلانو مع شقيقي " آبه " .
 لماذا انقطعت عن الدراسة ؟
 لم انقطع . جئت لأبحث عن شقيقي " آبة " .
 لم افهم قصدك .
 جاء شقيقي الى روما قبل اسبوعين لمراجعة السفارة اليابانية ، ولم يعد حتى الآن .
 هل ابلغت مراكز الشرطة او ادارات المستشفيات ؟
 سأتصل غدا بالسفارة واتحقق من الأمر ... هل انت ابنة " روزيتا " صاحبة البنسيون ؟
 كلا . انا " انتونيلا " . قدمت من نابولي لأبحث عن عمل .
 اترافقيني في الخروج ؟
 بكل سرور .
كانت سماء روما حينئذ قد اصطبغت بذهب الأصيل . تناولنا العشاء في ناد ليلي . رقصنا معا على الحان السامبا والفالس . وفجأة ، قرأت انتونيلا قائمة الحساب ، واعادتها على المائدة مع بعض الأوراق النقدية . همست في اذني بصوت مرتجف :
__ هناك من يترصدنا .
اسرعنا في مغادرة المكان .ركبنا سيارة اجرة وانطلقت بنا باتجاه شارع بربريني ، بناء على طلب " انتونيلا " التي انشأت تراقب حركة السير عبر زجاجة السيارة الخلفية .
اجتزنا ساحة " فينيتسيا " ، وكورسو اومبرتو ، قبل التوقف في شارع بربريني ... اقتادتني في زقاق ضيق ، كانت ارضيته مرصوفة بالآجر ، ويفضي الى شارع عريض محفوف بالأشجار .
وقفت ثمة شابتان جميلتان امام واجهة احدى المعارض المغلقة . توقفنا على مقربة منهما .شرعت " انتونيلا " تتهامس مع احداهما ، الا انها سرعان ما تركتها ، واندفعت ممسكة يد احد الزبائن ، باتجاه فندق " النصف ساعة " ، وهي تغني " انيما ميا " .
شعرت انتونيلا بالأطمئنان لنجاحها في تضليل المعقبين . ابلغتني برغبتها في زيارة صديقة لها من نابولي .
ارتقينا في سلالم مبنى قديم الى الطابق الثاني . دخلنا شقة " مولي " وكانت معها صبية من صقلية ، ترتدي ثوبا قرنفليا جميلا .
وهي تشير باصبعها نحوي ، قالت " انتونيلا " ، موجهة كلامها الى السيدة " مولي " :
--- انه صديق ياباني ، يدرس في ايطاليا .
__" هل ستمضيان هذه الليلة هنا ؟ " سألت"مولي " وهي تبتسم .
__" بالتأكيد ، " اجابت " انتونيلا " ، واخفت ضحكتها بيدها .
امرت " مولي " الصبية " ريتا " لمرافقتي الى غرفة في الداخل .
بينما كانت" ريتا " تمهد الفراش رحت اتأمل قوامها الغض بشغف ، وادقق النظر في كل حركة من حركاتها المغرية .
" ارجو ان لا اكون قد نزلت في غرفتك . " قلت ، وقد تهدج صوتي .
__ كلا أبدا . سوف انام على اريكة سريرية في المدخل ، وتنام " انتونيلا " ، كعهدها في السابق ، بجوار السيدة مولي .
ابتسمت ، وتمنت لي قضاء ليلة سعيدة .
حالما اضطجعت في الفراش ، غلبني الكرى على امري ، فاستسلمت للرقاد ، لكن مشاهد تلك الليلة الرهيبة ، لاحقتني في احلامي .
افقت بعد هجعة ، في سكون الليل . خرجت بحثا عن الحمام ، فانشأت اجيل الطرف قي ما حولي ، فوجدت " ريتا " تغط في نومها . اخذت طريقي متباطئا الى غرفة السيدة " مولي " ، وبقلب خافق ، رحت اختلس النظر من ثقب المفتاح الى سرير السيدة " مولي " ، فالفيتها نائمة بجوار " انتونيلا " ، الواحدة قبالة الأخرى .
عدت ، باطمئنان ، الى " ريتا " . دنوت منها . كانت الى جوارها منضدة ، وضعت عليها ثوبها القرنفلي وملابسها التحتية .
شعرت بلذة تسري في عروقي ، وانا اتأمل شعرها الكستنائي الناعم ، ووجهها الغض المستدير ، وانفها المدبب وعينيها المغمضتين . ولما لم يكن بوسعي الأصطبار اكثر من ذلك ، رفعت عنها الغطاء قليلا ، فتكشفت لي انوثتها الآخذة في النضوج . قلت في نفسي : " ها هي ذي قد اوشمت ، وبدأ ثديها ينتأ ، ويكتسب شكلا مستديرا . "
مددت يدي ، وراحت اصابعي المرتعدة تداعب حلمتها بلطف . ارتعش بدني ، وخارت قواي ، وسقط الغطاء من يدي ، فاجفلت " ريتا " ، وفتحت عينيها الناعستين ، فاوجس قلبي فزعا ، لكنها ما ان فطنت للأرتعاش الذي سرى في اوصالي حتى تشبثت يدها بيدي ، واستسلمت امام عنف عواطفي المكبوتة ، وهمست في اذني قائلة :
__ ليس ثمة ما يدعو الى الذعر !
اثلجت بكلماتها صدري ، وتلاشى اضطرابي ، لكني واصلت الأذعان لرغبتي المستعرة ، التي لم يكن بمقدوري كبح جماحها ، فثارت كوامن عاطفتي. وما كادت تمضي نصف ساعة حتى بدأ بركاني الناشط يقذف حممه ، وفاضت نزوتي الطائشة نشوة ، وشعرت بلذة غريبة تسري في كياني .
افقت من نومي فزعا على اصوات عجلات الترام، تقعقع عند المنعطفات ، وكان الضحى قد ارتفع ، وثمة ساعتان اثنتان تفصلانني عن انتهاء الدوام في السفارة . كنت على وشك ان اغادر الشقة قبل ان تلحق بي " انتونيلا " وتطلب مني ان ارافقها الى البنسيون .
انطلقنا بسرعة الى الشارع . ركبنا سيارة اجرة اقلتنا الى البنسيون .
ما ان ترجلنا من السيارة ، حتى كان بانتظارنا ثلاثة من رجال الشرطة . وضعوا الأصفاد في ايدينا ، واقتادونا الى مركز للشرطة .
اعترفت " انتونيلا " بانتمائها الى شبكة لتهريب المخدرات ، وتم اخلاء سبيلي .
قبل المغادرة ، شاهدت شقيقي " آبه " محتجزا بالتهمة ذاتها .
نهاد عبد الستار رشيد
روما / ايطاليا
e-mail : rnihad2006@yahoo.it

اشرف الخريبي
01/12/2006, 10:11 PM
كنت اتوقع انك مبدع جدا
ولكن ان تكون محترف للغناء بالقصة فهذه مفاجأة لى
اسعدنى هذا العمل وما شعرت به من غربة رغم اهتمامه بالحدث
تحية قاهرية مصرية لك ايها البارع فى روما

اشرف

نهاد عبد الستار رشيد
02/12/2006, 04:41 PM
الأستاذ الغالي اشرف الخريبي
شكرا لك يا صديقي الوفي على اطرائك البديع .
َضمن برنامجي للعام القادم اعداد كتاب باللغة الأيطالية عن القصة العربية الحديثة مستشهدا ببعض النصوص . وسوف اتناول ايضا بعض القصص التي نشرت في منتدى القصة ، في هذا الصرح الفكري .
اتمنى لك مزيدا من التألق
نهاد عبد الستار رشيد
مترجم وقاص وصحفي مستقل
e-mail : rnihad2006@yahoo.it

اشرف الخريبي
03/12/2006, 02:32 PM
الأستاذ الغالي اشرف الخريبي
شكرا لك يا صديقي الوفي على اطرائك البديع .
َضمن برنامجي للعام القادم اعداد كتاب باللغة الأيطالية عن القصة العربية الحديثة مستشهدا ببعض النصوص . وسوف اتناول ايضا بعض القصص التي نشرت في منتدى القصة ، في هذا الصرح الفكري .
اتمنى لك مزيدا من التألق
نهاد عبد الستار رشيد
مترجم وقاص وصحفي مستقل
e-mail : rnihad2006@yahoo.it

أنتظر كتابك ونصوصك بفارغ الصبر
وبالفعل لامنتدى القصة ملىء بنصوص كثيرة متميزة
محبتى لمجهودك المثمر

اشرف